خاتمة مستدرك الوسائل - ج ١

الشيخ حسين النوري الطبرسي [ المحدّث النوري ]

خاتمة مستدرك الوسائل - ج ١

المؤلف:

الشيخ حسين النوري الطبرسي [ المحدّث النوري ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : رجال الحديث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-85-X
ISBN الدورة:
964-5503-84-1

الصفحات: ٣٩٤

وهو يرويه (١) عن الشيخ المعظم ، والمفخر المكرّم ، جلال الدّين محمد بن عبد الله القائني ، وهو يروي عن تاج الدين إبراهيم بن قصاع الطبسي الكيلكي ، وهو يروي عن شيخه الكامل مولانا تاج الدين علي تركه الكرماني ، وهو عن شيخه غياث الدين هبة الله بن يوسف ، عن جدّه صدر الدين إبراهيم بن محمد بن مؤيد الحموي ، عن ابن العساكر ، عن أبي (٢) الروح الصوفي الهروي ، عن زاهر بن طاهر ، قال : أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد السكاكي ، قال : أخبرنا أبو القاسم حبيب ، قال : أخبرنا محمد بن عبد الله بن محمّد النيسابوري ، قال : أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي ـ بالبصرة ـ قال : حدّثنا أبي ، قال : حدّثني عليّ بن موسى الرضا عليهما‌السلام ـ سنة أربع وتسعين ومائة (٣).

قلت : قد عثرنا (٤) على هذه النسخة ـ بحمد الله تعالى ـ وفيها ما ليس في مسند الشيخ الطبرسي قدس‌سره ، وفي أوّلها : هذا إسنادنا في رواية هذه الصحيفة ، المنسوبة إلى حضرة الرضا عليه‌السلام ، أخبرني الشيخ. إلى آخره.

ويأتي في الفائدة الثالثة ، في ذكر مشايخ عماد الدين الطبري سند آخر إليها ، ذكره في كتابه بشارة المصطفى.

__________________

(١) نسخة بدل : يروي.

(٢) نسخة بدل : ابن.

(٣) رياض العلماء ٤ : ٣٥٠.

(٤) هنا حاشية لآغا بزرك على نسخته هي : رأيت تلك النسخة عند صدر الدين بن الشيخ أحمد الناهضي. كتب شيخنا النوري على ظهرها بخطه : ان هذا الاسناد غير طريق الطبرسي ، وتاريخ كتابتها سنة خمس وتسعمائة سنة ٩٠٥.

وفي النجف عند السيد محمّد مفتي الشيعة نسخة بهذا السند كتبها إبراهيم بن حسن الكوهزري بخطه النسخ الجيد تاريخها ١٠٤٤ لعله من آذربيجان مثل كوهكمري.

٢٢١

ولنذكر طريق الطبرسي قدس‌سره ، فإنّ شيخنا الحرّ أهمل ذكرها ، وكان عليه أن يذكرها ، ففي نسخته : أخبرنا الشيخ الإمام العالم الراشد ، أمين الدين ، ثقة الإسلام ، أمين الرؤساء ، أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي ـ أطال الله بقاءه ، في يوم الخميس غرة شهر الله الأصمّ رجب ، سنة تسع وعشرين وخمسمائة ـ قال : أخبرنا الشيخ الإمام ، السعيد الزاهد ، أبو الفتح عبد الله بن عبد الكريم بن هوازن القشيري ـ أدام الله عزّه ، قراءة عليه ، داخل القبّة التي فيها قبر الرضا عليه‌السلام ، غرّة شهر الله المبارك ، سنة إحدى وخمسمائة ـ قال : حدّثني الشيخ الجليل العالم ، أبو الحسن عليّ بن محمد الحاتمي الزوزني ـ قراءة عليه ، سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة ـ قال : أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن محمد بن هارون الزوزني ـ بها ـ قال : أخبرني الشيخ أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد ـ حفدة العباس بن حمزة النيشابوري سنة سبع وفي نسخة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة ـ قال : حدّثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد. إلى آخر ما تقدم.

ولا يخفى أنّ من راجع كتب الصدوق ، سيّما عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ، وأمالي المفيد ، وترجمة عبد الله ، وأبيه أحمد الطائي ، وغيرها ، علم أنّ هذه الصحيفة المباركة من الأصول المشهورة ، المتداولة بين الأصحاب.

ثم لنذكر ما ذكره النجاشي تبرّكا ، ففيه الكفاية ، قال : أحمد بن عامر بن سليمان بن صالح بن وهب بن عامر ـ وهو الذي قتل مع الحسين بن علي عليهما‌السلام بكربلاء ـ ابن حسّان بن شريح بن سعد بن حارثة بن لام بن عمرو ابن طريف بن عمرو بن تمامة بن ذهل بن جذعان بن سعد بن قطرة بن طيّ ، ويكنّى أحمد بن عامر أبا الجعد. قال عبد الله ابنه ـ فيما أجازنا الحسن بن أحمد ابن إبراهيم ، حدّثنا أبي ، قال : حدّثنا عبد الله قال ـ : ولد أبي سنة سبع وخمسين ومائة ، ولقي الرضا عليه‌السلام سنة أربع وسبعين ومائة ، ومات الرضا عليه‌السلام بطوس ، سنة اثنتين ومائتين ، يوم الثلاثاء ، لثمان عشر خلون من جمادى

٢٢٢

الاولى ، وشاهدت أبا الحسن ، وأبا محمد عليهما‌السلام ، وكان أبي مؤذّنهما ، ومات عليّ بن محمد عليهما‌السلام سنة أربع وأربعين ومائتين ، ومات الحسن عليه‌السلام سنة ستّين ومائتين ، يوم الجمعة لثلاث عشرة خلت من المحرّم ، وصلّى عليه المعتمد أبو عيسى بن المتوكّل.

دفع إليّ هذه النسخة ـ نسخة عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي ـ أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى الجندي شيخنا رحمه‌الله ـ قرأتها عليه ـ حدّثكم أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن عامر ، قال : حدّثنا أبي ، قال : حدّثنا الرضا عليّ بن موسى عليهما‌السلام ، والنسخة حسنة (١) ، انتهى.

وساق النسب في ترجمة ابنه عبد الله ، وزاد بعد قوله حسّان : المقتول بصفّين مع أمير المؤمنين عليه‌السلام (٢).

__________________

(١) رجال النجاشي ١٠٠ / ٢٥٠.

(٢) رجال النجاشي ٢٢٩ / ٦٠٦.

٢٢٣

٤٢ ـ الرسالة الذهبية :

ويعرف بالذهبيّة ، وكتاب طبّ الرضا عليه‌السلام.

قال في البحار : هو من الكتب المعروفة.

وذكر الشيخ منتجب الدين في الفهرست : إنّ السيد فضل الله بن عليّ الراوندي كتب عليه شرحا ، سمّاه ترجمة العلوي للطبّ الرضوي (١).

وقال ابن شهرآشوب في المعالم ، في ترجمة محمد بن الحسن بن جمهور العمي : له الملاحم والفتن ، الواحدة ، الرسالة المذهّبة عن الرضا صلوات الله عليه في الطبّ (٢).

وقال في المجلّد الرابع عشر من البحار : وجدت بخطّ الشيخ الأجلّ الأفضل ، العلاّمة الكامل في فنون العلوم والأدب ، مروّج الملّة والمذهب ، نور الدين عليّ بن عبد العالي الكركي ـ جزاه الله سبحانه عن الإيمان وعن أهله الجزاء السنيّ ـ ما هذا لفظه : الرسالة الذهبيّة في الطبّ ، التي بعث بها الإمام عليّ بن موسى الرضا عليهما‌السلام الى المأمون العباسي ، في حفظ صحّة المزاج ، وتدبيره بالأغذية والأشربة والأدوية ، قال إمام الأنام ، غرّة وجه الإسلام ، مظهر الغموض بالرؤية اللامعة ، كاشف الرموز بالجفر والجامعة ، أقضى من قضى بعد جدّه المصطفى ، وأغزا من غزا بعد أبيه عليّ المرتضى ، إمام الجنّ والإنس ، أبو الحسن عليّ بن موسى الرضا صلوات الله عليه ، وعلى آبائه النجباء النقباء ، الكرام الأتقياء : اعلم يا أمير المؤمنين. إلى آخره.

ووجدت في تأليف بعض الأفاضل بهذين السندين : قال موسى بن عليّ ابن جابر السلامي : أخبرني الشيخ الأجلّ ، العالم الأوحد ، سديد الدين يحيى

__________________

(١) فهرست منتخب الدين : ١٤٤ / ٣٣٤.

(٢) معالم العلماء ١٠٣ / ٦٨٩ ، بحار الأنوار ١ : ٣٠.

٢٢٤

ابن محمد بن عليان الخازن ـ أدام الله توفيقه ـ قال : أخبرني أبو محمد الحسن بن محمد بن جمهور.

وقال هارون بن موسى التلعكبري ـ رضي‌الله‌عنه ـ : حدّثنا محمد بن هشام بن سهل ـ رحمه‌الله ـ قال : حدّثنا الحسن بن محمد بن جمهور ، قال : حدّثني أبي ـ وكان عالما بأبي الحسن علي بن موسى الرضا عليهما‌السلام خاصّة به ، ملازما لخدمته ، وكان معه حين حمل من المدينة ، إلى أن سار إلى خراسان ، واستشهد عليه‌السلام بطوس ، وهو ابن تسع وأربعين سنة ـ قال : وكان المأمون في نيشابور ، وفي مجلسه سيّدي أبو الحسن الرضا عليه‌السلام ، وجماعة من المتطبّبين والفلاسفة ، مثل يوحنّا بن ماسويه ، وجبرئيل بن بختيشوع ، وصالح ابن سلهمة (١) الهندي ، وغيرهم من منتحلي العلوم ، وذوي البحث والنظر.

فجرى ذكر الطبّ وما فيه صلاح الأجسام وقوامها ، فأغرق المأمون ومن بحضرته في الكلام ، وتغلغلوا في علم ذلك ، وكيف ركّب الله تعالى هذا الجسد ، وجميع ما فيه من هذه الأشياء المتضادّة من الطبائع الأربع ، ومضارّ الأغذية ومنافعها ، وما يلحق الأجسام من مضارّها من العلل.

قال : وأبو الحسن عليه‌السلام ساكت لا يتكلّم في شيء من ذلك ، فقال له المأمون : ما تقول يا أبا الحسن في هذا الأمر الذي نحن فيه هذا اليوم ، والذي لا بدّ منه من معرفة هذه الأشياء ، والأغذية النافع منها والضارّ ، وتدبير الجسد؟.

فقال أبو الحسن عليه‌السلام : « عندي من ذلك ما جرّبته ، وعرفت صحّته بالاختبار ومرور الأيّام ، مع ما وقفني (٢) عليه من مضى من السلف ، ممّا لا يسع الإنسان جهله ، ولا يعذر في تركه ، فأنا أجمع ذلك مع ما يقاربه مما يحتاج

__________________

(١) نسخة بدل : ملهمة.

(٢) التوقيف : الاطلاع ، يقال وقفته على ذنبه : أي أطلعته عليه ، ويقال : وقفته على الكلمة توقيفا أي بينتها. ( لسان العرب ٩ : ٣٦١ )

٢٢٥

الى معرفته ».

قال : وعاجل المأمون الخروج إلى بلخ ، وتخلّف عنه أبو الحسن عليه‌السلام ، وكتب ـ اليه عليه‌السلام ـ المأمون كتابا يتنجزّه ما كان ذكره ، مما يحتاج الى معرفته من جهته ، على ما سمعه منه ، وجرّبه من الأطعمة والأشربة ، وأخذ الأدوية ، والفصد والحجامة ، والسواك ، والحمّام ، والنورة ، والتدبير في ذلك ، فكتب اليه الرضا عليه‌السلام كتابا ، نسخته :

« بسم الله الرحمن الرحيم ، اعتصمت بالله ، أمّا بعد فإنّه وصل إليّ كتاب أمير المؤمنين ، فيما أمرني من توقيفه على ما يحتاج إليه ، ممّا جرّبته وسمعته ، في الأطعمة والأشربة ، وأخذ الأدوية ، والفصد ، والحجامة ، والحمّام ، والنورة ، والباه ، وغير ذلك ممّا يدبّر استقامة أمر الجسد ، وقد فسّرت له ما يحتاج إليه ، وشرحت له ما يعمل عليه ، من تدبير مطعمه ومشربه ، وأخذه الدواء ، وفصده ، وحجامته ، وباهه ، وغير ذلك ، ممّا يحتاج إليه من سياسة جسمه ، وبالله التوفيق. اعلم أنّ الله عزّ وجلّ لم يبتل الجسد بداء حتى جعل له دواء. إلى آخره ».

أقول : وذكر الشيخ أبو جعفر الطوسي ـ قدّس الله روحه القدسي ـ في الفهرست ، في ترجمة محمد بن الحسن بن جمهور العمي البصري ، له كتب منها كتاب الملاحم ، وكتاب الواحدة ، وكتاب صاحب الزمان عليه‌السلام ، وله الرسالة المذهبّة عن الرضا عليه‌السلام ، أخبرنا برواياته كلّها ـ إلاّ ما كان فيها من غلوّ أو تخليط ـ جماعة ، عن محمد بن عليّ بن الحسين ، عن أبيه ، عن سعد ابن عبد الله عن أحمد بن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن جمهور.

ورواها محمد بن عليّ بن الحسين ، عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن الحسن بن متيل ، عن محمد بن أحمد العلوي ، عن العمركي بن عليّ ، عن محمد بن جمهور (١).

__________________

(١) الفهرست : ١٤٦ / ٦١٥.

٢٢٦

وذكر النجاشي أيضا طريقه إليه هكذا : أخبرنا محمد بن عليّ الكاتب ، عن محمد بن عبد الله ، عن عليّ بن الحسين الهذلي ، قال : لقيت الحسن بن محمد بن جمهور ، فقال لي : حدّثني أبي محمد بن جمهور وهو ابن مائة وعشر سنين.

وأخبرنا ابن شاذان ، عن أحمد بن محمد بن يحيى ، عن سعد ، عن أحمد ابن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن جمهور ، بجميع كتبه (١).

ثمّ نقل ما تقدّم عن المعالم ، وفهرست ابن بابويه ، وقال : فظهر أنّ هذه الرسالة كانت من المشهورات بين علمائنا ، ولهم إليها طرق وأسانيد ، انتهى ما في البحار (٢).

قلت : الرسالة كما ذكره من المشهورات ، وكفى في ذلك شرح السيّد الراوندي عليها ، وتصريح المحقّق الثاني بأنّها منه عليه‌السلام. وأمّا تضعيف النجاشي ، وابن الغضائري ، والعلاّمة ، وابن طاوس ، تبعا لهما لمحمد بن جمهور ، فيمكن تضعيفه ولو بوجه لا يضرّ باعتبارها ، وذلك من وجوه :

الأوّل : ما ذكره النجاشي في ترجمة ابنه ، قال : الحسن بن محمد بن جمهور العمي ، أبو محمد ، بصريّ ثقة في نفسه ، ينسب إلى بني العم من تميم ، يروي عن الضعفاء ، ويعتمد على المراسيل ، ذكر أصحابنا ذلك وقالوا : كان أوثق من أبيه وأصلح (٣).

الثاني : إنّه يروي عن جعفر بن بشير ، كما في الفهرست في ترجمة أبان بن عثمان (٤) ، وقد قال النجاشي في حقّه : وكان يعرف بقفّة (٥) العلم ، لأنّه كان

__________________

(١) رجال النجاشي : ٣٣٨ / ٩٠١.

(٢) البحار ٦٢ : ٣٠٦ ـ ٣٠٩.

(٣) رجال النجاشي : ٦٢ / ١٤٤.

(٤) الفهرست : ١٩ / ٥٢.

(٥) القفّه : وعاء من خوص شبه الزبيل ( لسان العرب ٩ : ٢٨٧ )

٢٢٧

كثير العلم ، ثقة روى عن الثقات ، ورووا عنه (١).

الثالث : رواية الأجلاّء عنه ، منهم الثقة الجليل شيخ أصحابنا العمركي ابن عليّ كما تقدّم ، والثقة الصدوق يعقوب بن يزيد كما في الكافي ، في باب فضل الخبز من كتاب الأطعمة (٢) ، وابنه الصالح الثقة الحسن (٣) ، وشيخ الكليني عليّ ابن محمد (٤) ، في مواضع عديدة.

الرابع : إكثار الكليني قدس‌سره في الرواية عنه (٥) ، في كتابه الذي عهد فيه ما عهد.

الخامس : اعتماد الصدوق عليه ، في طريقه الى ميمون بن مهران ، كما يظهر من مشيخة الفقيه (٦).

السادس : إنّ له كتاب صاحب الزمان عليه‌السلام ، وكتاب خروج القائم عليه‌السلام ، قال في التعليقة : فما ندري ما معنى الغلوّ الذي يرمونه به وهو في محلّه ، فإنّ الغالي ـ الذي مرق عن الدين ، ويكفّر صاحبه ـ لا يعتقد له عليه‌السلام الإمامة ، والبقاء ، والخروج (٧).

السابع : ما يظهر من الشيخ من الاعتماد على رواياته ، الخالية عن الغلوّ والتخليط ، وهذه الرسالة منها ، مضافا إلى اعتماد السيّد الراوندي مع قرب عهده عليها ، إذ لولاه لما تصدّى لشرحها ، ولعلّه وقف على طرق اخرى لم نعثر عليها.

ومن الغريب بعد ذلك ، ما ذكره شيخنا الحرّ رحمه‌الله في آخر الأمل ،

__________________

(١) رجال النجاشي : ١١٩ / ٣٠٤.

(٢) الكافي ٦ : ٣٠٤ حديث ١٣.

(٣) الكافي ٢ : ٤١٦ / ٩.

(٤) الكافي ٢ : ٤٤٩ / ٤.

(٥) كثيرة ، انظرها في معجم رجال الحديث ١٥ : ١٧٧ رقم ١٠٤١٢ و ٣٦٥.

(٦) الفقيه : ٩٣ ( المشيخة )

(٧) تعليقة الوحيد :. ، وهذه العبارة ذكرت في منتهى المقال : ٢٧١.

٢٢٨

قال : وعندنا أيضا كتب لا نعرف صاحبها.

كتاب إلزام النواصب بإمامة عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام.

الفقه الرضوي لا يعرف جامعه وروايته.

الطبّ الرضوي كذلك (١).

وقال في كتاب الهداية : الثاني ، ما لم يثبت عندنا كونه معتمدا ، فلذلك لم ننقل عنه ، فمن ذلك كتاب الفقه الرضوي ، كتاب طبّ الرضا عليه‌السلام (٢) ، انتهى.

وقد عرفت أنّ الشيخ صرّح في الفهرست بأنّه لمحمد بن جمهور (٣).

وذكر هو في ترجمة السيد فضل الله أنّ له شرحا عليه. فعدم نقله عنه ، إن كان للجهالة كما يظهر من الأمل ، فرافعها ما في الفهرست ، ومعالم العلماء ، وإن كان لضعف الراوي ، فهو مع بعده عن مذاقه ، ومخالفته لطريقته ، لا يجتمع مع تصريحه في الهداية قبيل هذا ، بأنّ توحيد المفضّل من الكتب المعتمدة ، وكذا الرسالة الإهليلجيّة فلاحظ ، فإنّهما أسوأ حالا في هذا المقام منه ، فما دعاه إلى التفريق ، ثمّ التقديم هذا. ورأيت للسيّد الجليل ، والعالم النبيل السيّد عبد الله الشبّر شرحا على هذه الرسالة الشريفة (٤).

__________________

(١) أمل الأمل ٢ : ٣٦٤.

(٢) هداية الأمة : مخطوط.

(٣) الفهرست : ١٤٦ / ٦١٥.

(٤) راجع الذريعة ١٣ : ٣٦٤.

٢٢٩

٤٣ ـ فقه الرضا عليه‌السلام :

وقف عليه الأصحاب في عصر المجلسيّين ، واختلفوا في صحّته ، واعتباره ، وحجّيته غاية الاختلاف ، وصار معركة لآراء الناظرين ، وإنكار المتبحّرين النقّادين : فبين من صحّحه وجعله حجّة ، ومن عدّه من الضعاف المفتقرة إلى جابر ذي قوة ، وثالث أخرجه من صنوف الأخبار ، وأدرجه في مؤلّفات أصحابنا الأخيار.

ولهم في تحقيق الحقّ كلمات في رسائل منفردة ، وغير منفردة ، ونحن نلخّص ما ذكروه ، ونذكر ما عندنا ممّا يؤيّده أو يشينه ، فنقول للأصحاب : فيه أقوال :

الأوّل : القول بالحجيّة والاعتماد.

ذهب إليه العلامة المجلسي ، ووالده المعظم قدس‌سرهما.

قال الأوّل في البحار : كتاب فقه الرضا عليه‌السلام ، أخبرني به السيد الفاضل ، المحدّث القاضي ، أمير حسين ـ طاب ثراه ـ بعد ما ورد أصفهان ، قال : قد اتّفق في بعض سني مجاورة بيت الله الحرام ، أن أتاني جماعة من أهل قم حاجّين ، وكان معهم كتاب قديم يوافق تأريخ عصر الرضا عليه‌السلام ، وسمعت الوالد رحمه‌الله أنّه قال : سمعت السيّد يقول : كان عليه خطّه صلوات الله عليه ، وكان عليه إجازات جماعة كثيرة من الفضلاء ، وقال السيّد : حصل لي العلم بتلك القرائن أنّه تأليف الإمام عليه‌السلام ، فأخذت الكتاب ، وكتبته وصحّحته ، فأخذ والدي ـ قدّس الله روحه ـ هذا الكتاب من السيّد ، واستنسخه وصحّحه ، وأكثر عباراته موافق لما يذكره الصدوق أبو جعفر محمد بن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه من غير مستند ، وما يذكره والده في رسالته إليه ، وكثير من الأحكام التي ذكرها أصحابنا ولا يعلم مستندها

٢٣٠

مذكورة فيه ، كما ستعرف في أبواب العبادات ، انتهى (١).

وقال الثاني ـ كما في فوائد العلاّمة الطباطبائي ، ومفاتيح الأصول ـ : من فضل الله علينا أنّه كان السيّد الفاضل ، الثقة المحدّث ، القاضي أمير حسين ـ رحمه‌الله ـ مجاورا عند بيت الله الحرام سنين كثيرة ، وبعد ذلك جاء الى هذا البلد ـ يعني أصفهان ـ ولمّا تشرّفت بخدمته وزيارته ، قال : إنّي جئتكم بهدية نفيسة ، وهي الفقه الرضوي ، قال : لمّا كنت في مكّة المعظّمة ، جاءني جماعة من أهل قم مع كتاب قديم ، كتب في زمان أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا عليه‌السلام ، وكان في مواضع منه بخطّه صلوات الله وسلامه عليه ، وكان على ذلك إجازات جماعة كثيرة من الفضلاء ، بحيث حصل لي العلم العادي بأنّه تأليفه عليه‌السلام ، فاستنسخت منه وقابلته مع النسخة.

ثم أعطاني الكتاب ، واستنسخت منه نسخة أخذها بعض الفضلاء ليكتب عليها ، ونسيت الآخذ ، ثمّ جاءني [ بها ] بعد إتمام الشرح العربي على الفقيه ، المسمّى بروضة المتّقين ، وقليل من الشرح الفارسي.

ثمّ لما تفكّرت فيه ظهر لي أنّ هذا الكتاب كان عند الصدوق وأبيه ، وكلّ ما ذكره عليّ بن بابويه ، في رسالته إلى ابنه ، فهو عبارته إلا نادرا ، وكلّ ما ذكره الصدوق في هذا الكتاب بدون السند ، فهو أيضا عبارته ، فرأيت أن أذكر في مواضعه أنّه منه ، لتندفع اعتراضات الأصحاب وشبهاتهم ، والظاهر أنّ هذا الكتاب كان موجودا عند المفيد أيضا ، وكان معلوما عندهم أنّه من تأليفه عليه‌السلام ولذا قال الصدوق : ما افتي به ، وأحكم بصحّته. والحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة على محمد وآله الأقدمين ، انتهى (٢).

وقال في شرحه الفارسي على الفقيه ، في مسألة الحدث الأصغر في أثناء

__________________

(١) بحار الأنوار ١ : ١١.

(٢) فوائد السيد بحر العلوم : ١٤٧ ، ومفاتيح الأصول : ٣٥١.

٢٣١

غسل الجنابة ، بعد ذكر ما نقل الصدوق من رسالة أبيه إليه ، فيها ما ترجمته : الظاهر أنّ عليّ بن بابويه أخذ هذه العبارات ، وسائر عباراته في رسالته إلى ولده من كتاب الفقه الرضوي ، بل أكثر عبارات الصدوق التي يفتي بمضمونها ، ولم يسندها إلى الرواية كأنها من هذا الكتاب ، وهذا الكتاب ظهر في قم ، وهو عندنا.

والثقة العدل القاضي أمير حسين ـ طاب ثراه ـ استنسخ هذا الكتاب قبل هذا بنحو من عشر سنين ، وكان في عدّة مواضع منه خطّ الإمام الرضا عليه‌السلام ، وإنّي أشرت إليه ، ورسمت صورة خطه عليه‌السلام على ما رسمه القاضي.

ومن موافقة الكتاب لكتاب الفقيه ، يحصل الظنّ القويّ بأنّ عليّ بن بابويه ، ومحمد بن عليّ كانا عالمين بأنّ هذا الكتاب تصنيف الامام عليه‌السلام ، وقد جعله الصدوق حجّة بينه وبين ربّه.

ولمّا وقع لي السهو عنه ، لم يتّفق لي من ملاحظته الى هذا الموضع ، وسأنقل منه من هنا إلى آخر الكتاب.

وقال أيضا في كتاب الحجّ ، من الشرح المذكور ، في شرح رواية إسحاق ابن عمّار ، فيمن ذكر في أثناء السعي أنّه ترك بعض الطواف : إنّ المشهور بين الأصحاب صحّة الطواف والسعي ، إذا كان المنسيّ من الطواف أقلّ من النّصف ، وهو موافق لما في الفقه الرضوي ، والمظنون أنّ الصدوق كان على يقين من كونه من تأليف الإمام أبي الحسن الرضا عليه‌السلام ، وإنّه كان يعمل به ، وإنّ القدماء منهم كان عندهم ذلك ، ومنهم من كان يعتمد على فتاوى الصدوق المأخوذة منه ، لجلالة قدره عندهم.

ثمّ حكى عن شيخين فاضلين ، صالحين ثقتين ، أنّهما قالا : إنّ هذه النسخة قد اتي بها من قم إلى مكّة المشرّفة ، وعليها خطوط العلماء ، وإجازاتهم ،

٢٣٢

وخطّ الإمام عليه‌السلام في عدّة مواضع ، قال : والقاضي أمير حسين قد أخذ من تلك النسخة ، وأتى بها إلى بلدنا ، وإنّي استنسخت. نسخته من كتابه.

والعمدة في الاعتماد على هذا الكتاب : مطابقة فتاوى عليّ بن بابويه في رسالته ، وفتاوى ولده الصدوق لما فيه من دون تغيير ، أو تغيير يسير في بعض المواضع ، ومن هذا الكتاب تبيّن عذر قدماء الأصحاب فيما أفتوا به.

والسيد الأجلّ بحر العلوم والنهي العلاّمة الطباطبائي عقد لتحقيق حاله ، وقرائن اعتباره فائدة في آخر فوائده (١).

والعالم الفقيه النبيه ، محمد بن الحسن المعروف بالفاضل الهندي ـ جعله بحر العلوم ، ثالث المجلسيّين في الاعتماد عليه ـ قال : فقد سلكه في كتابه كشف اللّثام في شرح قواعد الأحكام في جملة الاخبار ، وعدّه رواية عن الرضا عليه‌السلام ، وعلى ذلك جرى جماعة من مشايخنا الأعلام ـ عطّر الله مراقدهم انتهى (٢).

وكذا نسبه إليه المولى النراقي في العوائد (٣).

ولكنّ بعض السادة من العلماء المعاصرين ـ أيّده الله ـ جعله من المتوقّفين ، قال : وثالثها : التوقّف في أمره ، كما يستفاد من الشيخ الفقيه الأوحد ، بهاء الدين محمد الأصفهاني ـ الشهير بالفاضل الهندي ـ حيث يعبّر عن رواياته بقوله : وروي عن الرضا عليه‌السلام ، أو في رواية عن الرضا عليه‌السلام ، من غير ان يعتمد عليها ، أو يركن إليها ، وظاهره في المناهج السويّة أيضا ذلك (٤).

وفيه ما لا يخفى.

والشيخ المحدّث المحقّق البحراني : قال المولى الجليل النراقي في

__________________

(١) وهي الفائدة : ٤٥.

(٢) فوائد السيد بحر العلوم : ١٤٥.

(٣) عوائد الأيام : ٢٥٠.

(٤) رسالة الخوانساري في تحقيق حال فقه الرضا عليه‌السلام : ٤.

٢٣٣

العوائد ، في مقام ذكر من عدّه حجّة بنفسه : ومنهم شيخنا يوسف البحراني صاحب الحدائق الناضرة ، وهو من المصرّين على ذلك ، ويجعله حجّة بنفسه.

ومنهم شيخنا الفاضل السيّد علي الطباطبائي ، صاحب رياض المسائل شرح المختصر النافع.

ومنهم الوالد الماجد المحقّق ، صاحب اللوامع بردّ الله مضاجعهم الشريفة.

وبعض من تقدّم عليهم ، كالفاضل الكاشاني شارح المفاتيح قد سلكوه في مسلك الأخبار ، وأدرجوه في كتب أحاديث الأئمّة الأطهار ، ونقلوه في مؤلّفاتهم بطريق الروايات (١).

والأستاذ الأكبر البهبهاني ـ طاب ثراه ـ ، قال السيّد الأجلّ السيّد حسين القزويني ، في مقدّمات شرحه على الشرائع ، في كلام له في فقه الرضا عليه‌السلام ما لفظه : واحتمل المولى الجليل الماهر الألمعي ، مولانا محمد باقر البهبهاني ـ دام ظلّه العالي ـ أن يكون تأليفه صادرا من بعض أولاد الأئمّة عليهم‌السلام بأمر الرضا عليه‌السلام ، واعتنى به ، واعتمده غاية الاعتماد ، وكذا شيخنا الجليل الشيخ يوسف البحراني ، انتهى.

هذا ، وقال الفقيه النبيل الشيخ موسى النجفي ، في شرح الرسالة في أحكام السجود : سادس عشرها استقبال القبلة بالأصابع حال السجود ، على ما ذكره كثير من الأصحاب. ولعلّ مستنده ما في الفقه الرضوي ، من الأمر بوضعها مستقبل القبلة ، وعموم التشبيه في خبر سماعة ، في قوله : فإنّهما يسجدان كما يسجد الوجه.

الثاني : عدم الاعتبار ، لعدم كونه منه عليه‌السلام ، وجهالة مؤلّفه.

__________________

(١) عوائد الأيام : ٢٥١.

٢٣٤

ذهب إليه صاحب الوسائل ، وتقدم أنّه عدّه من الكتب المجهولة ، وجماعة من الفقهاء ، كالسيّد السند الجليل صاحب تحفة الأبرار.

والمحقّق صاحب الفصول ، قال في آخر كلامه فيه : فالتحقيق أنّه لا تعويل على الفتاوى المذكورة فيه ، نعم ما فيه من الروايات فهي من الروايات المرسلة ، لا يجوز التعويل على شيء ممّا اشتمل عليه ، إلاّ بعد الانجبار بما يصلح جابرا لها (١). إلى آخره.

وبعض السادة الأجلاّء من العلماء المعاصرين ـ دام علاه ـ وقد كتب في عدم حجّيته ما هو كرسالة مستقلّة (٢).

الثالث : انّه مندرج تحت الأخبار القويّة ، التي يحتاج التمسّك بها الى عدم وجود معارض أقوى منها ، أو انجبارها بالشهرة ونحوها ، حسب اختلاف الأنظار في مراتب القوّة الحاصلة له بملاحظة القرائن التي ذكروها ، من الشدّة الى ما يقرّب الاطمئنان بصدوره ، والضعف الى حدّ يدخله في سلك الضعفاء.

قال السيّد السند في المفاتيح : وفي الاعتماد عليه بمجرّده إشكال ، لعدم ثبوت كونه من مولانا الرضا عليه‌السلام بطريق صحيح ، ولكن لا بأس بأن تعدّ رواياته من الروايات القويّة ، التي ينجبر قصورها بنحو الشهرة ، الى أن شرح أسباب قوّته ، وقال : ولكن في بلوغه درجة الحجّية إشكال ، ولكن لا أقلّ من عدّه قويّا ، وعليه يمكن جعله مرجّحا لأحد الخبرين المتعارضين على الآخر (٣).

وفي الفوائد ، بعد إثبات اندراجه في جملة الأخبار والأحاديث : وأمّا الكلام في حجّيته وعدمها ، فهذا أمر يختلف باختلاف المذاهب ، والمسالك والآراء ، في الحجّة من الأخبار الآحاد.

__________________

(١) الفصول الغروية : ٣١٣.

(٢) الخوانساري في رسالة تحقيق حال فقه الرضا عليه‌السلام.

(٣) مفاتيح الأصول : ٣٥١.

٢٣٥

فإنّ منهم من يقول باختصاص الحجّيّة بالأسانيد من الأخبار الصحاح ، أو مع الحسان والموثّقات ، ولا شكّ أنّ ذلك ليس منها لعدم ثبوت الكتاب من الإمام ، من جهة العلم واليقين ، ولا بالنقل المتصل بالثقات المحدّثين.

ومنهم من يقول باختصاص الحجّيّة بأخبار الكتب الأربعة الدائرة ، وهذا أيضا كسابقه.

ومنهم من يقول بحجّيّة كل خبر مظنون الصدق أو الصدور ، وبعبارة أخرى كلّ خبر مفيد للظنّ ، واللازم على ذلك ملاحظة ما نقلنا من الشواهد والأمارات ، فإن حصل له منه الظنّ فليقل بحجّيّته ، وإلاّ فلا.

ومنهم من يقول بحجّيّة كلّ خبر غير معلوم الكذب ، أو مظنونه ، ولا شكّ أنّ هذا الكتاب منه ، فيكون حجّة معمولا به ، انتهى (١).

وظاهر شيخنا الأعظم المحقّق الأنصاري ـ قدّس الله روحه ـ في مصنّفاته الشريفة ، وسلوكه مع الرضوي أنّه يراه من الأخبار القويّة ، ويتمسّك به حيث يتمسّك بها.

الرابع : انّه بعينه رسالة عليّ بن بابويه الى ولده الصدوق ، وهو المعروف بشرائعه.

قال الآميرزا عبد الله الأفندي ، في الفصل الخامس من القسم الأوّل ، من رياضة : وأمّا الفقه الرضوي ، فقد مرّ في ترجمة السيّد أمير حسين ، الحقّ انه بعينه كتاب الرسالة المعروفة لعليّ بن موسى بن بابويه القمي إلى ولده الصدوق محمد بن عليّ ، وانّ الاشتباه قد نشأ من اشتراك اسم الرضا عليه‌السلام معه ، في كونهما أبا الحسن عليّ بن موسى ، فتأمل (٢).

وقال في ترجمة السيّد ، بعد نقل ما في أوّل البحار : ثمّ إنّه قد يقال : إنّ

__________________

(١) فوائد السيد بحر العلوم : لم نعثر عليه في مظانها.

(٢) رياض العلماء ٦ : ٤٣.

٢٣٦

هذا الكتاب بعينه رسالة عليّ بن بابويه الى ولده الشيخ الصدوق ، وانتسابه الى الرضا عليه‌السلام غلط نشأ من اشتراك اسمه واسم والده ، فظنّ أنّه لعليّ ابن موسى الرضا عليه‌السلام ، حتى لقّب تلك الرسالة بفقه الرضا عليه‌السلام ، وكان الأستاذ العلاّمة ـ قدس‌سره ـ يميل الى ذلك ، وقد يؤيّد ذلك بعد توافقهما في كثير من المسائل ، باشتماله على غريب من المسائل ، ومن ذلك توقيت وقت قضاء غسل الجمعة من الجمعة ( إلى الجمعة ) (١) وهو تمام أيّام الأسبوع الأخرى ، والمرويّ المشهور هو اختصاصه بيوم السبت ، ونحو ذلك من المطالب ، لكن لو لم يشتبه الحال على هذا السيّد ، لتمّ له الدست (٢) ، وثبت ما اختاره الأستاذ الاستناد ـ سلّمه الله تعالى ـ انتهى (٣).

ومراده بالأستاذ : العلاّمة العالم المدقّق ، النحرير الخبير ، الآميرزا محمد ابن الحسن الشيرواني الشهير بملا ميرزا ، وبالأستاذ الاستناد : العلاّمة المجلسي رحمه‌الله ولا يخفى أنّ هذا الاحتمال بمكان من الضعف ، كما تأتي الإشارة إلى أسبابه ان شاء الله تعالى.

والظاهر أنّ هذا منه قبل اطّلاعه على النسخة ، التي كانت عند السيّد علي خان ، شارح الصحيفة ، كما سنذكره ان شاء الله ، وظاهره هنا ، وما ذكره في ترجمة ناصر خسرو هو الأوّل كما سيأتي.

وقال السيّد الجليل ، السيّد حسين القزويني في شرح الشرائع : كان الوالد العلاّمة يرجّح كونه رسالة والد الصدوق ، محتملا كون عنوان الكتاب أوّلا هكذا : يقول عبد الله عليّ بن موسى ، وزيد لفظ « الرضا » بعد ذلك من النسّاخ ، لانصراف المطلق الى الفرد الكامل الشائع المتعارف.

وهذا كلام جيّد ، لكن يبعّده بعض ما اتّفق في تضاعيف هذا الكتاب ،

__________________

(١) لم ترد في المخطوطة.

(٢) أي نال ما كان يروم. ( انظر المعجم الوسيط ١ : ٢٨٣ )

(٣) رياض العلماء ٢ : ٣٠ ، وانظر : بحار الأنوار ١ : ١١.

٢٣٧

انتهى (١).

وملخّص هذه الأقوال : إنّ هذا الكتاب للرضا عليه‌السلام تأليفا ، أو إملاء ، أم لا؟ وعلى الثاني هل هو داخل في جملة الأخبار القويّة أو الضعاف ، أو لا؟ وعلى الثاني هل يعرف مؤلّفه أم لا؟ ذهب الى كلّ واحد منها ذاهب ، على حسب اختلافهم في الكثرة والقلّة ، والذي أعتقده أنّ إملاء بعض الكتاب منه عليه‌السلام ، والباقي لأحمد بن محمد بن عيسى الأشعري ، وهو داخل في نوادره.

وللسيّد السند المحقّق ، السيّد محسن الأعرجي الكاظمي كلام فيه يؤيّد ما اعتقدنا ، وإن لم يكن للوجه الذي دعانا إليه ، قال رحمه‌الله في شرح مقدّمات الحدائق ، عند تعرّض صاحبه للفقه الرضوي ما لفظه : وأمّا الكتاب الشريف ، المشرّف بهذه النسبة العليا ، فالذي يقضي به التصفّح والاستقراء أنّه لبعض أصحابه عليه‌السلام ، يحكي في الغالب كلامه عليه‌السلام ويجعله هو الأصل ، حتى كأنّه عليه‌السلام هو المتكلّم الحاكي ، فيقول : قال أبي ، وربّما حكى عن غيره من الأصحاب مثل صفوان ، ويونس ، وابن أبي عمير ، وغيرهم ، ويقول بهذا الاعتبار : قال العالم عليه‌السلام ، ويعنيه عليه‌السلام.

وأمّا أنّ جمعه له فبمكان من البعد ، فكيف كان فأقصاه أن يكون وجادة ، وأين هو من الرواية! وكذا الحال فيما نقله المجلسي في البحار ، من الكتب القديمة التي ظفر بها ، فإنّ أقصاه الوجادة ، وليس من الرواية في شيء ، وإنّما يصلح مؤيّدا ، انتهى (٢).

وفي بعض ما ذكره تأمّل يأتي وجهه.

وكيف كان فليس في المقام إجماع ولا شهرة ، ولو ادّعاها أحد فهي غير نافعة ، فإنّ المستند هي القرائن التي ذكروها ، وضعّفها المنكرون.

__________________

(١) شرح الشرائع : مخطوط.

(٢) شرح مقدمات الحدائق : مخطوط.

٢٣٨

فالمهمّ في المقام شرح تلك القرائن ، ثمّ شرح ما يضعّفها ، فنقول ، معتصما بالله تعالى ، ورسوله ، وخلفائه عليهم‌السلام : إنّ ما يمكن أن يقال أو قيل للأوّلين وجوه :

الأوّل : إنّ السيّد الثقة ، الفاضل القاضي أمير حسين ، أخبر بأنّ هذا الكتاب له عليه‌السلام ، وأخبره بذلك أيضا ثقتان عدلان من أهل قم وهذا خبر صحيح ، داخل في عموم ما دلّ على حجية خبر العدل ، وقد أشار إلى ذلك العلاّمة الطباطبائي في فوائده ، قال رحمه‌الله : ونحن نروي عن هذا السيّد الأمجد ، والسند الأوحد ، ما صحّت له روايته ، واتّضحت لديه درايته ، بطرقنا المتكثّرة من شيخنا العلاّمة المجلسي ـ طاب ثراه ـ عن والده المقدّس المجلسي ـ قدس‌سره ـ وقد دخل في ذلك هذا الكتاب ـ وهو كتاب الفقه الرضوي ـ حيث ثبت برواية الثقات عنه ، كونه عنده من قول الرضا عليه‌السلام ، وهو ثقة وقد أخبر بشيء ممكن ، وادّعى العلم فيصدق ، ويعضده حكاية الثقة المجلسي رحمه‌الله فيما تقدّم من كلامه ، عن الشيخين الذين مدحهما ووثّقهما ، ما يطابق تلك الدعوى ويصدّقها ، انتهى (١).

قلت : أمّا بناء على طريقة المشهور بين المتأخّرين عن العلاّمة ، في معنى الصحيح من الأحاديث ، فلا نقض في المقدّمات المذكورة ، التي لازمها دخول أخبار السيّد فيها ، إلاّ ما يتوهّم من عدم كون مستند علمه ـ بأن الكتاب المذكور منه عليه‌السلام ـ الأمور الحسّية ، كالسماع منه عليه‌السلام ، أو ممّن يتّصل سنده بوصفه المعتبر في المقام إليه عليه‌السلام ، وغيره من أنواع التحمّل ، وإنّما هو الحدس الناشئ عن ملاحظة الخطوط المنسوبة إليه ، التي كانت على هوامش الكتاب المعهود ، والإجازات التي كانت عليها من الأفاضل ، وعليه فلا يشمله أدلّة حجّيّة الخبر الصحيح ، لاختصاصها على ما حقّق في محلّه بالطائفة

__________________

(١) فوائد السيد بحر العلوم : ١٤٩.

٢٣٩

الاولى ، ولذا أنكروا حجّية الإجماع المنقول على من ادّعى دخوله فيها ، بناء على أنّ الذي يدّعيه جزما بخبر عن المعصوم جزما ناشئا عن الحدس.

ويمكن رفعه بأنّ المتيقّن من الخارج ، هو ما لم يكن له مبادئ محسوسة ، وأمور حسّية يلزم من العلم بها ، العلم بالمخبر عنه الغير المحسوس. ولذا لم يعدّوا الإخبار عن الشجاعة ، والسخاء ، والعدالة ، بناء على تفسيرها بالملكة من الاخبار الحدسيّة ، بل وجميع الصفات النفسانيّة حسنة كانت ، أو قبيحة.

وكذا الأخبار عن الولادة ، والنسب ، وأمثالها ، ممّا يكون الإخبار عن نفس المخبر عنه بالحدس ، وإنّما كان سبب علمه ما سمعه أو رآه ، وعلى ذلك فلا بأس بعدّ الخبر المذكور من قبيل الأخبار المذكورة ، ويشهد لذلك أنّهم كثيرا ما يعتمدون في نقل الفتاوى على كتب الأصحاب ، ويرتّبون عليها آثارها من غير أن يعلم استناد الموجود منها عنده الى صاحبه ، إلاّ بأمور حدسيّة ، كذكر هذا الكتاب في ترجمته ، ومطابقة ما نقل عنه بما وجده فيه ، أو وجود خطّ بعض العلماء على هوامشه ، أو إجازاتهم في آخره أو ظهره ، وغير ذلك من الأمارات التي أغلبها حدسيّة ، ولا يقتصرون في النقل على الكتب المعروفة ، التي تلقّاها الأصحاب خلفا عن السلف بالقراءة ، والسماع ، والمناولة ، كجملة من كتب الشيخ الطوسي ، والفاضلين ، وأضرابهم ، وهذا من الوضوح بمكان لا يحتاج الى نقل الشواهد ، وذكر الأمثال ، نعم ليس بناؤهم على الاعتماد على كلّ امارة وقرينة ، بل على ما يوجب للناظر القطع ، أو الاطمئنان التامّ ، والوثوق المعتد به ، وإن كان تمامها أو بعضها حدسيّة.

وأمّا على ما نراه من عدم انحصار الحجّية من الأخبار في الصحيح المصطلح ، بل دليل الحجّية يشمله وكلّ خبر حصل من الأمارات الداخليّة أو الخارجيّة الوثوق بصدوره ، والاطمئنان بوروده ، ولعلّه هو الصحيح عند القدماء ، فالأمر سهل كما لا يخفى.

ثم نقول : ومن الممكن أن يكون الثقتان الصالحان ، اللذان أتيا بالكتاب

٢٤٠