خاتمة مستدرك الوسائل - ج ١

الشيخ حسين النوري الطبرسي [ المحدّث النوري ]

خاتمة مستدرك الوسائل - ج ١

المؤلف:

الشيخ حسين النوري الطبرسي [ المحدّث النوري ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : رجال الحديث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-85-X
ISBN الدورة:
964-5503-84-1

الصفحات: ٣٩٤

القرائن الموجود فيه ، ولكن يوجد في كلمات بعضهم بعض الاحتمالات ، لا بأس بالإشارة إليها.

فمنها : ما وجدناه منقولا عن خطّ السيّد السند المؤيّد صاحب مطالع الأنوار ، على ظهر نسخة من هذا الكتاب ما لفظه ـ بعد الإصرار على عدم كونه له عليه‌السلام ـ : ويحتمل أن يكون هذا الكتاب لجعفر بن بشير ، لما ذكره شيخ الطائفة في الفهرست : جعفر بن بشير البجلي ، ثقة جليل القدر ، له كتاب ينسب الى جعفر بن محمد عليهما‌السلام ، رواية عليّ بن موسى الرضا عليهما‌السلام (١) ، انتهى كلامه.

وجعفر بن بشير لمّا كان من أصحاب مولانا الرضا عليه‌السلام ، يمكن أن يكون ما كتبه في أوّل الكتاب ، عن لسانه عليه‌السلام ، فصار منشأ لنسبة الكتاب إليه عليه‌السلام وكان الكتاب قبل زمان الشيخ منسوبا الى جعفر ابن محمد عليهما‌السلام ، للاشتراك في الاسم ، كما أنّه في هذه الأزمنة ممّا ينسب الى مولانا الرضا عليه‌السلام.

قال ـ رحمه‌الله ـ : ويحتمل أن يكون هذا الكتاب لمحمد بن عليّ بن الحسين ابن زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم‌السلام ، لما قال النجاشي في ترجمته ما هذا لفظه : له نسخة يرويها عن الرضا عليه‌السلام ، أخبرنا أبو الفرج محمد بن عليّ بن قرّة ـ الى أن قال ـ حدّثنا محمد بن عليّ بن الحسين بن زيد ، قال : حدّثنا عليّ بن موسى الرضا عليهما‌السلام بالنسخة (٢).

وقال النجاشي أيضا : وريزة بن محمد الغساني له كتاب عن الرضا عليه‌السلام ، أخبرنا أحمد بن (٣) ، الى آخره.

__________________

(١) فهرست الشيخ : ٤٣ / ١٣١.

(٢) رجال النجاشي : ٣٦٦ / ٩٩٢.

(٣) رجال النجاشي : ٤٣٢ / ١١٦٣.

٣٢١

ويحتمل أيضا أن يكون لعليّ بن مهدي بن صدقة بن هشام بن غالب بن محمد بن عليّ الرقي الأنصاري ، لما في النجاشي أنّ له كتابا عن الرضا عليه‌السلام ، قال : أخبرنا محمد بن عثمان (١) ، الى آخره ، انتهى المنقول من خطّه ـ رحمه‌الله ـ.

ومنها : ما في الرسالة السابقة قال : وبالجملة ففي المقام احتمالات :

أحدها : أن يكون هذا الكتاب من تأليف الإمام الثامن عليه‌السلام ، وقد عرفت ضعفه مفصّلا.

وثانيها : ( أن يكون كلّه أو بعضه مجعولا عليه ، وقد ظهر ما فيه أيضا.

وثالثها : ) (٢) أن يكون متّحدا مع رسالة عليّ بن بابويه ، وضعّفه أيضا ظاهر.

وقال : ورابعها : أن يكون من مؤلّفات بعض أكابر قدماء رواة أخبارنا ، أو فقهائنا العاملين بمتون الأخبار ، وهو الذي يقوى في نفسي ، ويترجّح في نظري بمقتضى ما حصل لي من القرائن والأمارات.

وخامسها : أن يكون عين كتاب المنقبة الذي قد ذكر جماعة من الأصحاب ، منهم الشيخ الجليل ابن شهرآشوب ، والشيخ السعيد السديد علي بن يونس العاملي ، في كتاب المناقب (٣) ، والصراط المستقيم (٤) ، أنّه تصنيف الإمام الهمام مولانا أبي محمد العسكري عليه‌السلام ، ويؤيّده ما ذكراه أنّه مشتمل على أكثر الأحكام ، ومتضمنّ أغلب مسائل الحلال والحرام ، ثمّ استبعده ببعض ما مرّ في الرضوي (٥).

__________________

(١) رجال النجاشي : ٢٧٧ / ٧٢٨.

(٢) ما بين القوسين ساقط من المخطوطة.

(٣) ذكر له في المناقب ٤ : ٤٢٤ ، أن له كتاب المقنعة.

(٤) الصراط المستقيم : لم نعثر عليه فيه.

(٥) رسالة في تحقيق حال فقه الرضا عليه‌السلام للخوانساري : ٤١.

٣٢٢

٤٤ ـ فلاح السائل :

وهو الجزء الأوّل من الأجزاء العشرة من كتاب « التتمّات والمهمّات » للسيّد رضيّ ـ الدين عليّ بن طاوس ـ رحمه‌الله ـ وجلالة قدر مؤلّفه ، وإتقانه وتثبّته في كلّ ما ينقله أشهر ـ عند كلّ من عاصره ، أو تأخّر ـ من أن يذكر ، جزاه الله تعالى عن الإسلام والمسلمين خير جزاء الصالحين ، وقد ذكرنا شرح حال التتمّات ، وأسامي أجزائها على الترتيب الذي وضعه في آخر الصحيفة الرابعة السجاديّة ، من أرادها فليراجعها (١).

__________________

(١) نظرا لاشتمال ما افاده على فوائد إليك نص ما افاده قدس‌سره في آخر الصحيفة السجادية الرابعة :

اعلم أصلح الله تعالى مكنون سريرتك ، وفتح عين بصرك وبصيرتك ، أنّ كلّ ما أوردناه في هذه الصحيفة الرابعة من أدعية شهر رمضان ونسبناه إلى كتاب الإقبال للسيّد الأجلّ عليّ بن طاوس ـ قدس الله روحه ـ فإنّما هو تبعا للمحدّثين ، وجريا على ما تداول بينهم ، والاّ فالظاهر بل المقطوع أنّه ليس في كتاب الإقبال عمل شهر الصّيام ، وكلّ ما نقلوه من أدعية شهر رمضان ونسبوه إليه فإنّما هو من كتاب آخر للسيّد مقصور على ذكر أعماله ، واشتبه عليهم جميعا ، حتى العلاّمة المجلسي ، والمحدث الحر العاملي ، والسيّد الجزائري ، والنحرير الماهر في هذا الفن صاحب الصحيفة الثالثة ، وصاحب العوالم ، وأضرابهم ، ونحن نوضح المقصود ونبيّن سبب الاشتباه بعون الله تعالى.

اعلم انّ السيّد الأجلّ صاحب الكرامات الباهرة طاوس آل طاوس علي بن موسى بن جعفر بن محمّد ـ رحمهم‌الله ـ صنف كتابا كبيرا سماه ( مهمّات في صلاح المتعبد وتتمات المصباح المتهجّد ) وعبّر عنه في سائر كتبه وغيره بالمهمات والتتمات ، وهو ـ على ما صرح به في كشف المحجة ـ إن تم يصير أكثر من عشر مجلّدات (١) ، وقد خرج منه ثمانية ، عثرنا على خمسة منها ، ولم نعثر على باقيه ، ولا نقل عنه احد.

ثم انه رحمه‌الله قد سمى كل مجلد عنه باسم على حده :

__________________

(١) كشف المحجة : ١٣٧.

٣٢٣

__________________

فالمجلد الأول ، والثاني منه؟ سماه : فلاح السائل ونجاح المسائل في عمل اليوم واللّيلة (١).

والثالث سمّاه : زهرة الربيع في أدعية الأسابيع.

والرّابع سمّاه : جمال الأسبوع بكمال العمل المشروع (٢) في صلوات أيام الأسبوع واعمال الجمعة زائدا على ما جمعه في الجزء الثالث.

والخامس سمّاه : الدروع الواقية من الاخطار (٣) فيما يعمل مثلها كل شهر على التكرار.

والسادس سمّاه : مضمار السبق في ميدان الصدق في اعمال شهر رمضان ، وله اسم آخر كما يأتي.

والسابع سمّاه : مسالك المحتاج الى مناسك الحاج.

والثامن سمّاه : الإقبال بالاعمال الحسنة فيما يعمل مرة في سنة (٤) ، وهو مقصور على ذكر اعمال شهر شوال الى آخر شهر رمضان ، وهو مجلد كبير مختلف النسخ بالزيادة والنقصان ، وليس فيه ذكرا لشهر الصيام لقرائن كثيرة.

الأول : تصريحه رحمه‌الله في الفصل السادس من الباب السادس من كتاب أمان الأخطار بما لفظه وينبغي أن يصحب معه كتابنا في عمل السنة منها كتاب عمل شهر رمضان واسمه كتاب المضمار ، وكتاب التمام لمهام شهر الصيام ، وكتاب الإقبال بالاعمال الحسنة فيما يعمل مرّة في السنة ، وهما مجلدان الأول من شهر شوال الى آخر ذي الحجة والثاني من شهر محرم الحرام الى آخر شهر شعبان فإنهما قد تضمّنا من مهمات الإنسان ما هو كالفتح لابواب الأمان (٥).

الثاني : قوله رحمه‌الله في كتاب الإجازات في الفصل الموضوع لذكر ما صنفه : وممّا صنفته ـ وما عرفت أنّ أحدا شرفه الله جل جلاله بالسبق الى مثل تأليفه وتصنيفه ـ كتاب مهمات في صلاح المتعبد وتتمّات المصباح المتهجد ، خرج منه مجلدات ، منها كتاب فلاح السائل الى أن قال بعد ذكر ما ذكرنا : وبقي منه ما يكون في السنة مرّة واحدة ، وقد شرعت منها في كتاب

__________________

(١) مطبوع مشهور.

(٢) مطبوع أيضا مشهور.

(٣) طبع أخيرا ضمن سلسلة مصادر بحار الأنوار من قبل المؤسسة.

(٤) مطبوع معروف.

(٥) الأمان من الاخطار : ٩٠ ـ ٩١.

٣٢٤

__________________

مضمار السبق في ميدان الصدق لصوم شهر رمضان. وفي كتاب مسالك المحتاج الى مناسك الحاج : وما يبقى من عمل السنة سوف اتممه ، الى آخر ما قال.

الثالث : قوله رحمه‌الله في اعمال اليوم الثالث عشر من شهر رمضان : وقد قدمنا في عمل رجب عملا جسيما في الليالي البيض منه ، ومن شعبان ، ومن شهر الصيام ، الى ان قال وذلك الجزء منفرد فربما لا يتفق حضوره عند العامل بهذا الكتاب فنذكر هاهنا صفة هذه الصلاة إلى آخره.

الرابع : قوله رحمه‌الله في اعمال المحرم من الإقبال قبيل الباب الأول ما لفظه : ونبئنا بالإشارة الى بعض تأويل ما ورد من الاختلاف في الاخبار ، هل أول السنة شهر رمضان أو شهر المحرم؟ فنقول : قد ذكرنا في الجزء السّادس من الذي سميناه كتاب المضمار ما معناه : انه يمكن ان يكون أوّل السنة في العبادات والطاعات شهر رمضان ، وان يكون أول السنة لتواريخ أهل الإسلام ومتجددات العام شهر محرّم الحرام ، وقدمنا هناك بعض الاخبار المختصة بأنّ أول السنة شهر رمضان إلى آخره (١).

وقد ذكر تلك الاخبار والجمع الّذي ذكره في الباب الثاني من المضمار الذي أدرجوه في الإقبال.

الخامس : قوله في آخر أعمال شعبان : وهذا آخر ما اقتضاه حكم الامتثال لمراسم الموافق لنا ومالك العناية بنا في ذكر الإقبال بالأعمال الحسنة فيما يعمل مرّة واحدة في كل سنة (٢).

وذكر في آخر عمل ذي الحجة : أنه آخر الجزء الأول من الإقبال ، وأنّ أول الجزء الثاني شهر المحرّم (٣) ، وذكر في أول شهر شوال فهرس فصوله ، ويوجد في بعض النسخ خطبة ناقصة من أوّلها وأول الموجود منها هكذا : للتنوّر بأنوارها ، والاستضاءة بأضواء عنايات الله جل جلاله وإسرارها ، الى آخره (٤) ، وهذا دأبه في أول كل جزء من ذكر الخطبة وفهرس الفصول ، وفي صدر الكتاب ، ولو كان عمل شهر رمضان جزءا من الإقبال لكان جزءا ثالثا منه ، وهو خلاف ما صرّح به ، ولم يذكر فهرس أبوابه وفصوله في صدر أحد الجزءين ، بل سقط من أصل نسخة المضمار

__________________

(١) الإقبال : ٥٤١.

(٢) الإقبال : ٧٢٦.

(٣) الإقبال : ٥٣١.

(٤) الإقبال : ٣٠٢.

٣٢٥

__________________

الخطبة والفهرس ونزر يسير من فصول الباب الأول منه ، وأول الموجود منه كلمات من آخر حديث في فضل شهر رمضان ، وبعده الخطبة المعروفة للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نقلها عن بشارة المصطفى لعماد الدين الطبري (١).

ثم وقع بيد النّسّاخ فرأوا كتابا للسيّد في اعمال شهر رمضان على نسق الإقبال فظنّوا انّه منه فألحقوه به ، واشتهرت النسخ وصار ذلك سببا لتوهم الجماعة المذكورين ، ولم أر من تنبه لذلك الا الشيخ الأجلّ الخبير إبراهيم بن علي الكفعمي الجبعي في جنته ، فإنّه عدّ في فهرس كتبه كتاب الإقبال وكتاب عمل شهر رمضان ، وكلّ ما نقله في الفصل الخامس والأربعين في عمل شهر رمضان عن السيّد ينسبه الى الثاني ، وقال في آخر الفصل : ثمّ ما اختصرنا من الأدعية في هذا الشهر الشريف وهي كثيرة جدا من أرادها فعليه بكتاب عمل شهر رمضان تأليف السيّد الجليل رضي الدين عليّ بن طاوس الحسني ختم الله له بالحسنى ولنا بمحمّد خاتم النبيّين وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين (٢).

__________________

(١) الإقبال : ٢.

(٢) الجنة الواقية : لم نعثر عليه فيه.

٣٢٦

٤٥ ـ كتاب مشكاة الأنوار في غرر الأخبار :

قال في الرياض : الشيخ ثقة الإسلام أبو الفضل عليّ بن الشيخ رضيّ الدين أبي نصر الحسن بن الشيخ أبي عليّ الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي ، الفاضل العالم ، الفقيه المحدّث الجليل ، صاحب مشكاة الأنوار ، روى عن السيّد السعيد جلال الدين أبي عليّ بن حمزة الموسوي وغيره ، كما يظهر من المشكاة المذكور ، وله من المؤلّفات أيضا كتاب « كنوز النجاح » في الأدعية ، وينقل عن هذا الكتاب ابن طاوس في « المجتنى من الدعاء المجتبى » (١) وغيره ، وكذا الكفعمي في « المصباح » كثيرا ، وهذا الشيخ سبط الشيخ أبي عليّ الطبرسي صاحب « مجمع البيان » ، وقد ألّف المشكاة المذكور تتميما لكتاب « مكارم الأخلاق » لوالده أبي نصر الحسن بن الفضل المذكور ، فيكون نسب هذا الشيخ هو : أبو الفضل عليّ بن رضيّ الدين أبي نصر الحسن بن أمين الدين أبي عليّ الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي ، وحمله على غلط الكاتب ، وأنّه كان أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي ، ممّا لا حاجة إليه.

وممّا قلناه وضح اسم سبطه ـ أعني مؤلّف كتاب مشكاة الأنوار ـ وإن كان مخفيّا على الأستاذ الاستناد في بحار الأنوار (٢).

وقد نقل الشيخ نعمة الله بن خاتون العاملي في الرسالة المعمولة لمعنى العدالة ، بعض الفتاوى عن الشيخ أبي الفضل الطبرسي.

ونقل الأمير سيّد حسين المجتهد أيضا ، في أواخر كتاب « دفع المناواة » عن كتب ثقة الإسلام أبي الفضل الطبرسي بعض الفوائد.

والظاهر أنّ مرادهما به هو هذا الشيخ ، وعلى هذا فله مؤلّفات اخرى.

__________________

(١) انظر : ٨٤ ، ٨٦ ، ٨٧ منه.

(٢) بحار الأنوار ١ : ٩ ، حيث نسبه الى السبط من دون ذكره بالاسم.

٣٢٧

وقد يستشكل بأنّ ثقة الإسلام لقب جدّه صاحب « مجمع البيان » ولكنّ الأمر فيه سهل لاحتمال الاشتراك ، مع أنّ المشهور في لقب جدّه هو « أمين الدين ».

وقال الأستاذ الاستناد ـ أيّده الله تعالى ـ في أوّل البحار : وكتاب مشكاة الأنوار لسبط الشيخ أبي علي الطبرسي ، ألّفه تتميما لمكارم الأخلاق تأليف والده الجليل ، ثمّ قال : وكتاب مشكاة الأنوار كتاب طريف ، يشتمل على أخبار غريبة ، انتهى (١).

وأقول : قال نفسه في أوّل المشكاة المذكور ـ بعد إيراد حكاية تأليف والده كتاب « مكارم الأخلاق » وكتاب « الجامع » الذي لم يتمّه كما سبق في ترجمته ـ بهذه العبارة : ثمّ سألني جماعة من المؤمنين ، الراغبين في أعمال الخير أن اؤلّف هذا الكتاب فتقرّبت الى الله عزّ وجلّ بتأليفه ، وكتبت ما حضرني من ذلك ، ورتّبته وبوّبته ، وتركت في آخر كلّ باب أوراقا لاحق به ما شذّ عنّي ، وسمّيت هذا الكتاب بمشكاة الأنوار في غرر الأخبار ، انتهى كلام صاحب الرياض (٢).

قلت : ويأتي أنّ كتاب كنوز النجاح من مؤلّفات جدّه ، وصرّح به في الرياض أيضا في ترجمة جدّه (٣) ، وأغلب أخبار المشكاة منقولة من كتب المحاسن ، وكان عنده تمامها ، أو أغلبها ، ويعرف اعتباره من اعتباره ، وفي أواخره حديث عنوان البصري المعروف ، عن الصادق عليه‌السلام (٤) ، الذي نقله في البحار (٥) عن خطّ الشيخ البهائي ، منقولا عن خطّ الشهيد الأوّل ، وغفل عن نقله عنه.

__________________

(١) بحار الأنوار ١ : ٩ و ٢٨.

(٢) رياض العلماء ٣ : ٤٠٦.

(٣) رياض العلماء ٤ : ٣٥٦.

(٤) مشكاة الأنوار : ٣٢٥.

(٥) بحار الأنوار ١ : ٢٢٤ / ١٧.

٣٢٨

٤٦ ـ رسالة في المهر :

للشيخ الجليل أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان المفيد ، وغيرها ممّا لا حاجة إلى ذكرها.

٣٢٩

٤٧ ـ [ المسائل الصاغانيّة ].

.......(١).

__________________

(١) أثبتنا العنوان حفظا للتسلسل العام الوارد في الفائدة الأولى صحيفة : ٢٠.

٣٣٠

٤٨ ـ كتاب عوالي اللآلئ الحديثية على مذهب الإمامية :

تأليف المحقّق الفاضل محمد بن الشيخ زين الدين أبي الحسن عليّ بن حسام الدين إبراهيم بن حسن بن إبراهيم بن أبي جمهور بن الهجري الأحسائي.

قال في أمل الآمل : محمد بن أبي جمهور الأحسائي ، كان عالما ، فاضلا ، راوية ، له كتب منها : « عوالي اللآلئ الأحاديثيّة على مذهب الإماميّة » (١) ، كتاب الأحاديث الفقهيّة ، كتاب معين المعين ، شرح الباب الحادي عشر ، كتاب زاد المسافرين في أصول الدين ، وله مناظرات مع المخالفين ، كمناظرة الهروي وغيرها ، ورسالة في العمل بأخبار أصحابنا (٢).

وقال في موضع آخر : محمد بن علي بن إبراهيم بن أبي جمهور الأحسائي ، فاضل ، محدّث ، الى آخره (٣).

وفي اللؤلؤة : والشيخ محمد بن أبي جمهور كان فاضلا ، مجتهدا ، متكلّما ، له كتاب عوالي اللآلئ ، جمع فيه جملة من الأحاديث ، إلاّ أنّه خلط فيه الغثّ بالسمين ، وأكثر فيه من أحاديث العامّة ، ولهذا إنّ بعض مشايخنا لم يعتمد عليه ، ثمّ عدّ بعض مؤلّفاته (٤).

وذكره القاضي في مجالس المؤمنين ، ومدحه وأطراه ، وقال : إنّه مذكور في سلك المجتهدين (٥).

__________________

(١) ضبط المؤلف اسم كتابه هذا هكذا عوالي اللآلئ العزيزية في الأحاديث الدينية. انظر : الذريعة ١ : ٣٥٨ ورقم ٤٩ من خاتمة المستدرك صحيفة ١٦٨.

(٢) أمل الآمل ٢ : ٢٥٣.

(٣) أمل الأمل ٢ : ٢٨٠.

(٤) لؤلؤة البحرين : ١٦٨ / ٦٤.

(٥) مجالس المؤمنين ١ : ٥٨١.

٣٣١

وفي البحار : وكتاب عوالي اللآلئ ، وإن كان مشهورا ، ومؤلّفه في الفضل معروفا ، لكنّه لم يميّز القشر من اللّباب ، وأدخل أخبار متعصبي المخالفين بين روايات الأصحاب ، فلذا اقتصرنا منه على نقل بعضها ، ومثله نثر اللآلئ (١).

وقال العالم الجليل ، الأمير محمد حسين الخاتون آبادي ، في مناقب الفضلاء : وعن السيّد حسين المفتي ـ رحمه‌الله ـ عن الشيخ نور الدين محمد ابن حبيب الله ، عن السيد النجيب الحسيب الفاضل السيد مهدي ، عن والده الشريف المنيف ، الكريم الباذل ، السخيّ الزكيّ ، السيد محسن الرضوي المشهدي ، عن الشيخ المدقّق العلاّمة محمد بن علي بن إبراهيم الأحساوي ـ طيّب الله ضرائحهم ـ إلى آخر أسانيدهم التي أوردها في عوالي اللآلئ ، وإجازته المبسوطة التي رقّمها للسيّد المذكور.

وفي إجازات البحار ، بعد ذكر الإجازة المذكورة قال : ولنتبع هذه الإجازة بإيراد الطرق السبعة ، التي ذكرها الشيخ المحقّق محمد بن أبي جمهور المذكور ـ قدس الله روحه ـ في كتابه المسمّى بعوالي اللآلئ ، فقال قدس‌سره فيه : الطريق الأوّل ، الى آخره (٢).

وفيها قال : قال السيّد حسين المفتي المذكور : أروي عن الشيخ نور الدين محمد بن حبيب الله ، عن السيّد محمد مهدي ، عن والده السيّد محسن الرضوي المشهدي ، عن الشيخ الفاضل محمد بن عليّ بن إبراهيم بن جمهور الأحساوي ، بسنده المذكور في عوالي اللآلئ ، على ما ذكره في إجازته التي كتبها للسيّد محسن (٣).

وقال السيّد النبيل ، السيّد حسين القزويني ـ طاب ثراه ـ في مقدّمات

__________________

(١) بحار الأنوار ١ : ٣١.

(٢) بحار الأنوار ١٠٨ : ٧.

(٣) بحار الأنوار ١٠٩ : ١٧٣.

٣٣٢

شرح الشرائع : محمد بن عليّ بن إبراهيم بن أبي جمهور الأحساوي ، فاضل ، جامع بين المعقول والمنقول ، راوية للأخبار ، ذكره الفاضل الأسترابادي في « الفوائد المدنيّة » (١) والفاضل المجلسي في « إجازات البحار » (٢) وشيخنا الحرّ في موضعين من « أمل الآمل » (٣) ، له كتب ، منها العوالي اللآلئ ، والمجلي ، وشرح الألفية ، والأقطاب في الأصول ، وغيره ، وما وصل الى النظر القاصر من نسخة العوالي كان بخطّ الوالد العلاّمة مع حواشيه.

وقال المحقّق الكاظمي في أوّل كتاب المقابيس : ومنها : الأحسائي ، للعالم العلم ، الفقيه النبيل ، المحدّث الحكيم ، المتكلّم الجليل ، محمد بن عليّ ابن إبراهيم بن أبي جمهور ، سقاه الله يوم النشور من الشراب الطهور ، وكان من تلامذة الشيخ الفاضل ، شرف الدين حسن بن عبد الكريم الفتال الغروي ، الخادم للروضة الغرويّة ، والشيخ عليّ بن هلال الجزائري في كرك ، في أثناء مسيره إلى حجّ بيت الله ، وفي رجوعه من الحجّ ، وهو صاحب كتاب عوالي اللآلئ ، ونثر اللآلئ في الأخبار ، ورسالة كاشفة الحال عن أحوال الاستدلال في الأصول ، والجامعيّة في شرح الألفية الشهيديّة ، والمجلي في الحكمة والمناظرات مع العامّة ، وغيرها ، وروى كالكركي عن ابن هلال ، عن أبي العباس ، وروى أيضا عن أبيه ، وغيره من المشايخ (٤).

وقال العالم المتبحّر السيّد عبد الله ، سبط المحدّث الجزائري في إجازته الكبيرة ، في ذكر مشايخ المجلسي ـ رحمه‌الله ـ : ومنهم السيّد السند ، الأمير فيض الله بن غياث الدين محمد الطباطبائي ، عن السيّد الحسيب القاضي حسين ـ الى أن قال ـ عن الشيخ الجليل محمد بن علي بن إبراهيم بن أبي جمهور

__________________

(١) الفوائد المدنية : ١٨٦.

(٢) بحار الأنوار ١٠٨ : ٣ ـ ٢٠.

(٣) أمل الأمل ٢ : ٢٥٣ ، ٢٨٠.

(٤) مقابس الأنوار : ١٤.

٣٣٣

الأحسائي (١).

وقال السيّد الأجلّ ، الأمير عبد الباقي في إجازته للعلاّمة الطباطبائي : وقال الشيخ الجليل المبرور محمد بن أبي جمهور الأحسائي ، في كتابه المعروف بعوالي اللآلئ : روى عنده من المشايخ بطريق صحيح ، عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال : « إنّ الله عزّ وجلّ يقول » الخبر.

وقال الفاضل الخبير في الرياض ، في باب الكنى : أبي جمهور اللحساوي ، وهو الأشهر في ابن أبي جمهور ، وقد يقال : ابن أبي جمهور ، ويقال في هذه النسبة : الأحساوي أيضا ، ويقال تارة : الأحسائي ، واللحسائي ـ الى أن قال ـ وهو في الأشهر يطلق على الشيخ شمس الدين محمد بن علي بن إبراهيم بن الحسن بن أبي جمهور ، كذا بخطّه رحمه‌الله على ظهر بعض مؤلّفاته ، وهو الفقيه الحكيم المتكلّم ، المحدّث الصوفي ، المعاصر للشيخ علي الكركي ، وكان تلميذ عليّ بن هلال الجزائري ، وصاحب كتاب « عوالي اللآلئ » وكتاب « نثر اللآلئ » وكتاب « المجلي في مرآة المنجي » وغيرها من المؤلّفات ، ذو الفضائل الجمّة لكنّ التصوّف العالي المفرط قد أبطل حقّه (٢). الى غير ذلك من عبارات الأصحاب على اختلاف طبقاتهم ومشاربهم في حقّه ، وذكرهم إيّاه بأوصاف وألقاب يذكرون بها العلماء الأعلام والفقهاء العظام.

فمن الغريب بعد ذلك ما ذكره السيّد الأيّد المعاصر في الروضات ، في ترجمته بعد ذكر طرقه السبعة حيث قال : وأمّا نحن فقد قدّمنا ذكر شيخه الأجلّ الأعظم علي بن هلال الجزائري ، الذي هو من جملة مشايخ المحقّق الشيخ علي الكركي ، وبقي سائر مشايخه السبعة ـ المذكورين هنا ، وفي مقدّمة كتابه العوالي على سبيل التفصيل ـ عند هذا العبد ، وسائر أصحاب التراجم والإجازات ، من جملة علمائنا المجاهيل ، بل الكلام في توثيق نفس الرجل ، والتعويل على رواياته

__________________

(١) الإجازة الكبيرة للسيد عبد الله الجزائري : ١٩.

(٢) رياض العلماء ٦ : ١٣.

٣٣٤

ومؤلّفاته ، وخصوصا بعد ما عرفت له من التأليف في إثبات العمل بمطلق الأخبار ، الواردة في كتب أصحابنا الأخيار ، وما وقع في أواخر وسائل الشيعة ، من كون كتابي حديثه خارجين عن درجة الاعتماد والاعتبار ، مع أنّ صاحب الوسائل من جملة مشاهير الأخباريّة ، والأخباريّة لا يعتنون بشيء من التصحيحات الاجتهاديّة ، والتنويعات الاصطلاحيّة ، انتهى (١).

وأنت خبير بأنّ كثيرا من العلماء المعروفين ، المذكورين في الإجازات والكتب المعدّة لترجمتهم ، ما قالوا في حقّهم أزيد ممّا قالوا في ترجمة صاحب العنوان ، ولم يعهد منهم تزكيتهم وتوثيقهم بالألفاظ الشائعة المتداولة في الكتب الرجاليّة ، التي يستعملونها في مقام تزكية الرواة وتعديلهم ، فإنّهم أجلّ قدرا ، وأعظم شأنا من الافتقار إليه.

ولذا قال شيخنا الشهيد الثاني في شرح الدراية : وقد مرّ أيضا : تعرف عدالة الراوي بتنصيص عدلين عليها ، أو بالاستفاضة بأن تشتهر عدالته بين أهل النقل وغيرهم من أهل العلم ، كمشايخنا السابقين من عهد الشيخ الكليني وما بعده الى زماننا هذا ، ولا يحتاج أحد من هؤلاء المشهورين الى تنصيص على تزكيته ، ولا تنبيه على عدالته ، لما اشتهر في كلّ عصر من ثقتهم ، وضبطهم ، وورعهم زيادة على العدالة ، وإنّما يتوقّف على التزكية غير هؤلاء (٢).

وعلى ما أسّسه تتطرق الشبهة في جماعة كثيرة من علمائنا الأخيار ، الذين قالوا في ترجمتهم مثل ما قالوا في حقّ صاحب العوالي ، أو أقلّ ، فتخرج أخبار هؤلاء الأعاظم ، ورواياتهم ، ومنقولاتهم ، وأقوالهم عن حدود الصحّة والاعتماد ، ولا يخفى ما في ذلك من القبح والفساد ، بل قدّمنا ذكر جماعة منهم ليس لهم في كتب التراجم ذكر أصلا ، فضلا عن المدح والثناء ، والتزكية والإطراء ، ومع ذلك كتبهم شائعة ، متداولة ، معتمدة.

__________________

(١) روضات الجنات ٧ : ٣٣.

(٢) الدراية : ٦٩.

٣٣٥

والعجب أنّه ـ رحمه‌الله ـ ذكره في أوّل الترجمة بهذا العنوان : الشيخ الفاضل المحقّق ، والحبر الكامل المدقّق ، خلاصة المتأخّرين ، محمد ، الى آخره (١) ، ثمّ تأمّل في وثاقته ، وهي أدنى درجة الكمال.

وقوله : خصوصا بعد ما عرفت ، الى آخره ، فيه :

أوّلا : إنه ليس في اسم الكتاب الذي ألّفه فيه دلالة على اعتقاده على حجيّة مطلق الأخبار.

ففي الأمل : ورسالة في العمل بأخبار أصحابنا (٢) ولم أجده في غيره ، ولكنّه ذكر في أوّل الترجمة هكذا : ورسالة في أنّ على أخبارنا الآحاد في أمثال هذه الأزمان المعوّل ، كما نسبها إليه صاحب الأمل ، وهو أعرف بوجه التعبير ، ولا دلالة فيه أيضا على ما نسبه إليه ، مع أنّه يمكن أن يكون غرضه الموجودة في الكتب الأربعة ، كما عليه جمع من المحقّقين ، أو اشتراط في ضعافها الانجبار ، ولا ينافي ذلك كون المستند هو الخبر الضعيف ، فينطبق على ما عليه جماعة من حجيّة الأقسام الثلاثة (٣) : الصحيح والحسن والموثّق ، والضعيف إذا انجبر.

وثانيا : إنّ اعتقاد حجيّة مطلق أخبار أصحابنا ـ بالنظر الى ما أدّاه إليه

__________________

(١) روضات الجنات ٧ : ٢٦ ترجمة ٧٤٩.

(٢) أمل الآمل ٢ : ٢٥٣ رقم ٧٤٩.

(٣) في هامش الحجرية ما لفظه : ثم اني بعد ما كتبت هذا الموضوع بأشهر عثرت على هذه الرسالة الشريفة فوجدتها في غاية المتانة والدقة والتحقيق ، وضعها على طريقة الفقهاء ـ لكيفية استنباط الأحكام من أدلة الفروع ـ في ضمن فصول ، ذكر في بعضها العلوم التي يحتاج إليها الفقيه وقال فيه :

واما الأصول : فهو العلم الذي عليه مدار الشريعة ، وأساس الفقه ، وجميع أصوله وفروعه مستفادة منه ، فالاحتياج اليه أمسّ من سائر العلوم ، فلا بدّ من ضبطه غاية الضبط ، وكلّما انتهى في معرفته وجوّد البحث في معانيه ، وأكثر من المطالعة في مسائله ، وعرف قوانينه ، وعلم مضمون دلائله كان أقرب إلى معرفة الفقه ، وأسهل طريقا الى سلوك الاستدلال على مسائله ، ويكفي منه الإتقان لمثل : مبادئ الوصول ، وتهذيب الوصول ، وان انتهى إلى منتهى الوصول ونهاية الوصول كان غاية المراد.

وبالجملة فالاحتياج إلى هذا العلم شديد ، والتوصية به جاءت من جميع المشايخ ، وباهماله

٣٣٦

دليله ـ ليس بكبيرة ولا صغيرة تضرّ بالوثاقة والعدالة ، ولا ينافي الاعتماد على منقولاته ومرويّاته ، فيكون بعد التسليم من الذين يقال في حقّهم : خذوا ما

__________________

أهملت الشريعة وضاع الدين ، لأنه الأصل الحافظ لها ، والضابط لأصولها وفروعها ، وكيف يستقيم لطالب ان يعرف الفرع بدون الاطلاع على الأصل ، وأنّي يحسن لعاقل ان يطلب العلم بالفقه ويصف نفسه بكونه من أهله مع إهماله للأصل الذي لا يعرف الفرع الا منه.

الى أن قال : وأمّا الرجال ، فهو علم يحتاج اليه المستدل غاية الحاجة ، لأن به يعرف صحيح الأحاديث من فاسدها ، وصادقها من كاذبها ، لأنه متى عرف الراوي عرف الحديث ، ومتى جهله جهله ، فلا بدّ من معرفة الرجال الناقلين للأحاديث عن الأئمة عليهم‌السلام من زمان الإمام الحق أمير المؤمنين عليه‌السلام إلى زمان العسكري عليه‌السلام ، ومنه إلى زماننا هذا ، اما : بعدالة ، أو بفسق ، أو بجهل أحدهما ، ليكون على بصيرة فيقبل ما رواه العدل بلا خلاف ، ويرد ما رواه الفاسق بلا خلاف ، ويتوقف فيمن جهله. إلى ان قال : فما عدلوه فمعدّل وروايته صحيحة ، وما مدحوه فممدوح وروايته حسنة ، وما وثقوه فثقة وروايته موثقة وما فسقوه ففاسق وروايته مردودة ، وما جهلوا حاله فمجهول يجب التوقف في روايته. وفي كيفية العمل بهذه الأحاديث بحث يأتي في فصل كيفية الاستدلال ان شاء الله تعالى.

وقال في الفصل الثالث في الاستدلال : وفيه بحثان ، الأول : في الأدلة : وهي بالاتفاق من الأصوليين أربعة : الكتاب ، والسنة ، والإجماع ، وأدلة العقل ، ثم شرح حال الأدلة على طريقة الفقهاء. وقال في موضع بعد ذكر أوصاف المفتي في جملة كلام له : لكن يشترط بقاء المفتي إذ لو مات بطلت الرواية لفتواه وحكاية أقواله للعمل بها ، إذ لا قول للميت ، وعليه إجماع الأصحاب وبه نطقت عباراتهم في أكثر مصنفاتهم ، ولا تبطل الرواية لأقواله وحكاية فتاويه مطلقا بل يصح ان تروى لتعلم وليعرف وفاقه وخلافه لمن يأتي بعده من أهل الاجتهاد.

الى غير ذلك من الكلمات الصريحة في جموده على طريقة الفقهاء والأصوليين والمقام لا يقتضي نقل أزيد من هذا وفيه الكفاية ( منه قدس‌سره ).

لدينا نسخة خطية من هذه الرسالة المسماة كاشفة الحال عن وجه الاستدلال صححنا ما تقدم عليها.

قال السيد الأجل بحر العلوم في ترجمة السكوني : ووصف فخر المحققين في الإيضاح سند رواية الكليني في باب السحت ـ الشيخ عنه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : السحت ثمن الميتة ، الحديث ـ بالتوثيق ، قال : احتج الشيخ بما رواه عن السكوني في الموثق عن الصادق عليه‌السلام قال : السحت ثمن الميتة الحديث. وتبعه على ذلك ابن أبي جمهور في درر اللآلئ ، وفيه شهادة بتوثيق السكوني والنوفلي وإبراهيم بن هاشم ، انتهى ( منه قدس‌سره )

٣٣٧

رووا ، وذروا ما رأوا (١).

وثالثا : إنّ طريقته ـ كما تظهر من ـ كتابيه طريقة المجتهدين ، كما لا يخفى على المراجع ، فكلّ ما ذكره في حقّه حدس وتخمين ، ناشئ من عدم ظفره بالكتابين.

وقوله : وما وقع في أواخر وسائل الشيعة ، الى آخره (٢) ، فلم أجدهما فيها (٣) ، نعم ذكر في آخر كتاب الهداية الكتب الغير المعتبرة عنده ، بأقسامها الثلاثة التي أشرنا إليها سابقا ، وليس منها الكتابان.

قوله : والأخبارية لا يعتنون ، الى آخره (٤).

قلت : نعم ، ومنه يظهر أنّ ابن أبي جمهور كان من المجتهدين ، فإنّه في الكتابين لم يسلك إلاّ مسلكهم ، ولم يجر إلاّ على مصطلحاتهم في الأخبار ، من الصّحة والحسن ، والقوّة والضعف ، والترجيح بذلك ، فراجعهما ، ولولا خوف الإطالة لذكرت شطرا منها :

ومنها يظهر أنّ المقصد من الرسالة السابقة ليس إثبات حجيّة مطلق الأخبار ، كما توهّمه فجعله من مطاعنه.

كما يظهر إنّ كلّ ما ذكره في هذا المقام ناشئ من عدم العثور عليهما ، والله العاصم.

نعم قد يطعن فيه ، وفي كتابه من جهتين :

الاولى : ميلة الى التصوّف ، بل الغلو فيه ، كما أشار إليه في الرياض (٥).

وفيه : إنّ ميلة إليه حتى في بعض مقالاتهم الكاسدة ، المتعلّقة بالعقائد ، لا يضرّ بما هو المطلوب منه في المقام من الوثاقة ، والتثبّت ، وغير ذلك ممّا يشترط

__________________

(١) غيبة الشيخ : ٢٤٠ ، وفيه : خذوا بما رووا.

(٢) روضات الجنات ٧ : ٣٣.

(٣) في هامش المطبوعة عن هامش الأصل والمصححة بعنوان منه ما يلي : هذه كتب غير معتمدة ، لعدم العلم بثقة مؤلفيها و. عوالي اللآلئ وانظر وسائل الشيعة ٣٠ : ١٥٩.

(٤) روضات الجنات ٧ : ٣٣.

(٥) رياض العلماء ٥ : ٥١.

٣٣٨

في الناقل ، كغيره من العلماء على ما هم عليه من الاختلاف ، حتى في أصول الكلام ، ومع ذلك يعتمد بعضهم على بعض في مقام النقل والرواية ، ولذا رأيتهم وصفوه بما هو دائر بينهم في مواضع مدح الأعاظم وشأنهم ، وأدخلوه في إجازاتهم.

وليس هو أسوأ حالا فيما نسب إليه من : المحدّث الكاشاني ، ولم يطعن عليه أحد في منقولاته.

ولا من السيّد حيدر الآملي المعروف ، صاحب الكشكول ، الذي ينسب إليه بعض الأقاويل المنكرة ، وقد تلمّذ على فخر المحقّقين ، وعندي مسائل السيّد مهنّا ، وأجوبة العلاّمة بخطّه (١) ، وقد قرأها على الفخر ، وعلى ظهرها إجازة الفخر له بخطّه الشريف ، وهذه صورته :

هذه المسائل وأجوبتها صحيحة ، سئل والدي عنها فأجاب بجميع ما ذكره فيها ، وقرأتها أنا على والدي ـ قدّس الله سرّه ـ ورؤيتها (٢) عنه ، وقد أجزت لمولانا السيّد الإمام ، العالم العامل ، المعظّم المكرّم ، أفضل العلماء ، أعلم الفضلاء ، الجامع بين العلم والعمل ، شرف آل الرسول ، مفخر أولاد البتول ، سيّد العترة الطاهرة ، ركن الملّة والحقّ والدّين ، حيدر بن السيّد السعيد تاج الدين عليّ بن السيّد السعيد ركن الدين حيدر العلوي الحسيني ـ أدام الله فضائله ، وأسبغ فواضله. أن يروي ذلك عنّي ، عن والدي ـ قدّس الله سرّه ـ وأن يعمل بذلك ويفتي به ، وكتب محمد بن الحسن بن يوسف بن عليّ بن مطهّر الحليّ ، في أواخر ربيع الآخر ، لسنة إحدى وستّين وسبعمائة ، والحمد لله تعالى ، وصلّى الله على سيّد المرسلين محمد النّبي وآله الطاهرين.

وما كان يخفى على الفخر مقالاته ، وما منعه ذلك عن أن يصفه بما ترى

__________________

(١) أي بخط السيد حيدر واستنسخت منه نسخة بخط يدي. ( كذا في هامش المخطوطة )

(٢) في المخطوطة والحجرية : ( ورؤيته ) في الموردين.

٣٣٩

من الأوصاف الجميلة ، أرايت من يعظّمه كذلك ، يتأمّل ويطعن في منقولاته؟! وهكذا الكلام في جمع ممّن تقدّم عليه ، أو تأخّر عنه.

وليس الغرض من الاعتماد والاعتبار صحّة كلّ ما رواه في الكتابين ، بل الصحّة من جهته فيكون كسائر مرويّات الأصحاب في كتبهم الفقهيّة ، والمجاميع الحديثيّة ، وعدم الفرق بين الخبر الموجود في العوالي ، والموجود في غيره ممّا لم يتبيّن مأخذه ، وإنّ هذا المقدار من التصوّف ، أو الميل إليه ، غير قادح في المطالب النقليّة عند الأصحاب.

الثانية : ما في الكتاب المذكور من اختلاط الغثّ بالسمين ، وروايات الأصحاب بأخبار المخالفين ، كما أشار إليه في اللّؤلؤة (١).

وقال في الحدائق ، بعد نقل مرفوعة زرارة في الأخبار العلاجيّة : إنّ الرواية المذكورة لم نقف عليها في غير كتاب العوالي ، مع ما هي عليها من الإرسال ، وما عليه الكتاب المذكور من نسبة صاحبه الى التساهل في نقل الأخبار ، والإهمال ، وخلط غثّها بسمينها ، وصحيحها بسقيمها ، كما لا يخفى على من لاحظ الكتاب المذكور (٢).

قلت : ما ذكره صحيح في الجملة في بعض الكتاب ، وهو أقلّ القليل منه ، وأمّا في الباقي فحظّه منه نقل مجاميع الأساتيذ ، الذين ساحتهم بريئة عن قذارة هذه الطعون.

توضيح ذلك : إنّ العوالي مشتمل على مقدّمة ، وبابين ، وخاتمة ، وذكر في المقدّمة فصولا ، ذكر فيها طرقه ، وجملة من الأخبار النبويّة في فنون الآداب والأحكام ، واختلط هنا الغثّ بالسمين كما قالوا.

وأمّا البابان ، فقال : الباب الأوّل في الأحاديث المتعلّقة بأبواب الفقه ،

__________________

(١) لؤلؤة البحرين : ٦٤ ، ١٦٧.

(٢) الحدائق الناضرة ١ : ٩٣ ـ ٩٩.

٣٤٠