قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

العبّاس بن علي عليهما السلام رائد الكرامة والفداء في الإسلام

العبّاس بن علي عليهما السلام رائد الكرامة والفداء في الإسلامالعبّاس بن علي عليهما السلام رائد الكرامة والفداء في الإسلام

العبّاس بن علي عليهما السلام رائد الكرامة والفداء في الإسلام

تحمیل

العبّاس بن علي عليهما السلام رائد الكرامة والفداء في الإسلام

163/238
*

قائلاً : هَذَا مَوْضِعُ كَرْبٍ وَبَلاءٍ ، انْزِلُوا هاهُنا مُناخُ رِكابِنا ، وَمَحَطُّ رِحالِنا ، وَسَفْكُ دِمائِنا (١) .

وسارع أبو الفضل العبّاس مع الفتية من أهل البيت عليهم‌السلام ، وسائر الأصحاب الممجّدين إلى نصب الخيام لعقائل الوحي ، ومخدّرات النبوّة ، وقد خيّم عليهنّ الرعب ، وأيقنّ بمواجهة الأحداث الرهيبة على صعيد هذه الأرض .

ورفع الإمام الممتحن يديه بالدعاء إلى الله شاكياً إليه ما ألمّ به من عظيم المحن والخطوب قائلاً :

« اللّٰهُمَّ إِنَّا عِتْرَةُ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله قَد أُخْرِجْنا وَأُزعِجْنا وَطُرِدْنا عَنْ حَرَمِ جَدِّنا ، وتَعَدَّتْ بَنُو أُمَيَّةَ عَلَيْنا ، اللَّهُمَّ فَخُذْ لَنا بِحَقِّنا وَانْصُرْنا عَلَى القَوْمِ الظَّالِمِينَ .

وأقبل الإمام على أهل بيته وأصحابه ، فقال لهم : النَّاسُ عَبِيْدُ الدُّنيا وَالدِّينُ لَعِقٌ عَلىٰ أَلْسِنَتِهِمْ يَحُوطُونَهُ ما دَرَّتْ مَعايِشُهُمْ ، فَإِذا مُحِّصُوا بِالْبَلَاءِ قَلَّ الدَّيَانُونَ (٢) .

يا لها من كلمات ذهبيّة حكت واقع الناس واتّجاهاتهم في جميع مراحل التاريخ ، فهم عبيد الدنيا وعبيد السلطة ، وأمّا الدين والمُثل العليا فلا ظلّ لها في أعماق نفوسهم ، فإذا دهمتهم عاصفة أو بلاء هربوا من الدين ، ولم يثبت عليه إلّا من امتحن الله قلبه للإيمان أمثال الصفوة العظيمة من أهل بيت الحسين وأصحابه .

ثمّ حمد الإمام عليه‌السلام الله وأثنى عليه ، والتفت إلى أصحابه قائلاً :

أَمَّا بَعْدُ ، فَقَدْ نَزَلَ بِنَا ما قَدْ تَرَوْنَ ، وَإنَّ الدُّنْيا قَدْ تَغَيَّرَتْ ، وَتَنَكَّرَتْ وَأَدْبَرَ مَعْرُوفُها ،

__________________________

(١) اللهوف : ٤٩ . مقتل الحسين عليه‌السلام / الخوارزمي : ١ : ٢٣٧ . ينابيع المودة : ٣ : ٦٣ .

(٢) مقتل الحسين عليه‌السلام / الخوارزمي : ١ : ٢٣٧ . الفتوح : ٥ : ٩٧ .

وضبط أبو هلال الحسن بن عبد الله العسكري في كتابه ( الصناعين ) كلام الإمام الحسين بهذه الصورة : « النَّاسُ عَبِيدُ الدُّنيَا ، وَالدِّينُ لَغْوٌ عَلَىٰ أَلْسِنَتِهِمْ يَحُوطُونَهُ مَا دَرَّتْ بِهِ مَعَايِشُهُمْ ، فَإِذَا مُحِّصُوا بِالْبَلَاءِ قَلَّ الدَّيانُونَ » .

left