وَلَا تَخْذُلُونِي ، فَإِنْ أَقَمْتُمْ عَلَىٰ بَيْعَتِكُمْ تُصيبُوا رُشْدَكُمْ وَأَنا الحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ وَابْنُ فاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوآله ، نَفْسِي مَعَ أَنْفُسِكُمْ وَأَهْلِي مَعَ أَهْلِيكُمْ ، فَلَكُمْ فِيَّ أُسْوَةٌ ، وَإنْ لَمْ تَفْعَلُوا ، وَنَقَضْتُمْ عَهْدَكُمْ ، وَخَلَعْتُمْ بَيْعَتِي ، فَلَعَمْرِي ما هِيَ لَكُمْ بِنُكْرٍ ، لَقَدْ فَعَلْتُمُوها بِأَبِي وَأَخِي وَابْنِ عَمِّي مُسْلِمٍ ، فَالْمَغْرُورُ مَن اغْتَرَّ بِكُمْ ، فَحَظُّكُمْ أَخْطَأْتُمْ ، وَنَصِيبُكُمْ ضَيَّعْتُمْ ، وَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ ، وَسَيُغْنِي اللهُ عَنْكُمْ ، وَالسَّلامُ (١) .
وأعلن أبو الأحرار في هذا الخطاب الرائع دوافع ثورته المقدّسة على حكومة يزيد ، وأنّها لم تكن من أجل المطامع والأغراض الشخصيّة الخاصّة ، وإنّما كانت استجابة للواجب الديني الذي لا يقرّ بأي حال من الأحوال حكومة السلطان الجائر الذي يستحلّ حرمات الله ، وينكث عهده ، ويخالف سنّة رسوله ، وإنّ من لم يندفع إلى ساحات الجهاد لمناهضته فإنّه يكون شريكاً له في ظلمه وجوره .
كما ندّد عليهالسلام بالأمويّين وقد نعتهم بأنّهم قد لزموا طاعة الشيطان ، وتركوا طاعة الرحمن ، واستأثروا بالفيء ، وعطّلوا حدود الله ، والإمام عليهالسلام أحقّ وأوْلى من غيره بتغيير الأوضاع الراهنة وإعادة الحياة الإسلاميّة المشرقة إلى مجراها الطبيعي بين المسلمين .
وأعرب لهم أنّه إذا تقلّد شؤون الحكم فسيجعل نفسه مع أنفسهم ، وأهله مع أهليهم من دون أن يكون له أي امتياز عليهم ، وقد وضع الإمام بهذا الخطاب النقاط على الحروف ، وفتح لهم منافذ النور لو كانوا يبصرون .
ولمّا أنهى الإمام خطابه قام إليه الحرّ ، فقال له : إنّي اُذكّرك الله في نفسك ، فإنّي أشهد لئن قاتلت لتقتلنّ .
وردّ عليه أبو الشهداء قائلاً : أَفَبِالْمَوتِ تُخَوِّفُنِي ؟! وَهَلْ يَعدُو بِكُمُ الْخَطْبُ أَنْ
__________________________
(١) تاريخ الاُمم والملوك : ٤ : ٣٠٤ و ٣٠٥ . الكامل في التاريخ : ٣ : ٢٨٠ .