سبيل المستبصرين

الدكتور السيد صلاح الدين الحسيني

سبيل المستبصرين

المؤلف:

الدكتور السيد صلاح الدين الحسيني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5213-41-6
الصفحات: ٦٠٠

الآخر. ح حدّثنا ابن أبي عمر ( واللفظ له ) قال : قال سفيان : سمعت محمّد بن المنكدر يقول : سمعت جابر بن عبد الله قال سفيان : وسمعت أيضاً عمرو بن دينار يحدّث عن محمّد بن عليّ ، قال : سمعت جابر بن عبد الله. وزاد أحدهما على الآخر قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : « لو قد جاءنا مال البحرين ، لقد أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا » وقال بيديه جميعا ، فقُبض النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قبل أنْ يجيء مال البحرين. فقدم على أبي بكر بعده. فأمر مناديا فنادى : من كانت له على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم عدّة أو دين فليأت. فقمت فقلت : إنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال : « لو قد جاءنا مال البحرين ، أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا » ، فحثى أبو بكر مرّة. ثُمّ قال لي : عدّها. فعددتها ، فإذا هي خمسمائة. فقال : خذ مثليها (١).

روى المتقي الهندي في كنز العمّال ، عن عمر ، مولى غفرة قال : لمّا توفى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جاء مال من البحرين ، فقال أبو بكر : من كان له على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم شيء ، أو عدّة ، فليقم فليأخذ ، فقام جابر فقال : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : إنْ جاءني مال من البحرين لأعطينّك هكذا وهكذا ، ثلاث ، حثاً بيده ، فقال له أبو بكر : قم ، فخذ بيدك ، فأخذ ، فإذا هي خمسمائة درهم فقال : عدّوا له ألفا (٢). وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد باختلاف يسير (٣).

أمّا ما هو مصير قرية فدك ، فبعد عصر الخليفة الأوّل والثاني ، جاء عصر عثمان بن عفّان الذي عيّن مروان ابن الحكم وزيراً له ، والذي قال عنه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم « هو الوزغ ابن الوزغ ، الملعون ابن الملعون » (٤). ثُمّ إنّ عثمان

__________________

(١) صحيح مسلم ٧ : ٧٥.

(٢) كنز العمّال ٥ : ٥٩٢.

(٣) مجمع الزوائد ٦ : ٣.

(٤) المستدرك ٤ : ٤٧٩.

٣٠١

ابن عفّان أقطعها لوزيره مروان ابن الحكم ، ثُمّ تداولها بنو أميّة ، وبنو الحكم ، كما ذكر في الروايات الصحيحة في كتب وصحاح أهل السنّة.

قال المنذري : قال بعضهم : إنّما أقطعها مروان في زمان عثمان رضي‌الله‌عنه وكان ذلك مما عابوه وتعلقوا به عليه (١). وذكر ذلك أيضاً [ أي أنّ مروان أقطعها ] في سنن أبي داود (٢) ، والبيهقي (٣) وغيرهم.

بالله عليكم ، كيف يجوز لأبي بكر ، وعمر ، ومن معهم ، أنْ يصدّقوا كلام الصحابي ، ويكذّبوا كلام السيّدة الزهراء ، المعصومة التي أذهب الله عنها الرجس ، والتي رضاها من رضا الله ، وغضبها من غضب الله.

لاحظوا كيف أنّ أبا بكر لم يطلب شاهداً من الصحابي في القصّة المذكورة ، في الأحاديث السابقة ، بينما لم يفعل ذلك مع السيّدة الزهراء ، لماذا ..؟ هل هذا إنصاف من الخليفة أو حقد وبغض وضغينة في الصدور ، على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وذريته من بعده؟ أو هو ما أخبر به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : « إنّا أهل بيت ، اختار الله لنا الآخرة على الدنيا ، وإنّه سيلقى أهل بيتي من بعدي تطريداً وتشريداً في البلاد » (٤).

والآن أعود ، وأذكّر بأنّ السيّدة الزهراء عليها‌السلام بعد أنْ غضبت على أبي بكر وعمر ، ردّت عليهم بخطبة بليغة ، أقدّمها بين يدي القارئ العزيز ، فعلى إثر الأحداث المريرة التي شهدتها الساحة الإسلاميّة بعد وفاة الرسول الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، مثل قضيّة اغتصاب الخلافة ، والاعتداء على حقّ أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وغصب فدك من فاطمة الزهراء عليها‌السلام ، والهجوم على دارها ، وغير ذلك من الأحداث الأليمة ،

__________________

(١) اُنظر عون المعبود ٨ : ١٣٨.

(٢) سنن أبي داود ٢ : ٢٤.

(٣) سنن البيهقي ٦ : ٣٠١.

(٤) المستدرك ٤ : ٤٦٤.

٣٠٢

رأت الزهراء عليها‌السلام أنّ الواجب يفرض عليها أنْ تقف مع الحقّ ، وتقول كلمة الحقّ ، وكذا خرجت إلى مسجد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ووقفت أمام جموع المهاجرين والأنصار ، وخطبت بهذه الخطبة القيّمة.

خطبة الزهراء في الردّ على أبي بكر وعمر :

لمّا أجمع أبو بكر وعمر على منع فاطمة عليها‌السلام فدكاً ، وبلغها ذلك ، لاثت خمارها على رأسها ، واشتملت بجلبابها ، وأقبلت في لمّة من حفدتها ونساء قومها ، تطأ ذيولها ، ما تخرم مشيتها مشية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، حتّى دخلت على أبي بكر ، وهو في حشد من المهاجرين والأنصار وغيرهم ، فنيطت دونها ملاءة ، فجلست ، ثُمّ أنّت أنّة أجهش القوم لها بالبكاء ، فأرتجّ المجلس ثُمّ أمهلت هنيئة ، حتّى إذا سكن نشيج القوم ، وهدأت فورتهم ، افتتحت الكلام بحمد الله والثناء عليه والصلاة على رسوله ، فعاد القوم في بكائهم ، فلمّا أمسكوا ، عادت في كلامها ، فقالت : الحمد لله على ما أنعم ، وله الشكر على ما ألهم ، والثناء بما قدّم من عموم نعم ابتدأها ، وسبوغ آلاء أسداها ، وتمام منن أولاها ، جمّ عن الإحصاء عددها ، ونأى عن الجزاء أمدها ، وتفاوت عن الإدراك أبدها ، وندبهم لاستزادتها بالشكر لاتصالها ، واستحمد إلى الخلائق بإجزالها ، وثنّى بالندب إلى أمثالها ، وأشهد أنْ لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، كلمة جُعل الإخلاص تأويلها ، وضمن القلوب موصولها ، وأنار في التفكير معقولها ، الممتنع من الأبصار رؤيته ، ومن الألسن صفته ، ومن الأوهام كيفيّته ، ابتدع الأشياء لا من شيء من قبلها ، وأنشأها بلا احتذاء أمثلة امتثلها ، كوّنها بقدرته ، وذراها بمشيّته من غير حاجة منه إلى تكوينها ، ولا فائدة له في تصويرها ، إلا تثبيتا لحكمته ، وتنبيها على طاعته ، وإظهاراً لقدرته ، وتعبّداً لبريّته ، واعزازاً لدعوته ، ثُمّ جعل الثواب على طاعته ، ووضع العقاب على معصيته ذيادة لعباده من نقمته ، وحياشة لهم إلى جنّته ، وأشهد أنّ أبي محمّداً عبده ورسوله ، اختاره قبل أنْ أرسله ، وسمّاه قبل أنْ اجتباه ، واصطفاه قبل أنْ ابتعثه ، إذ الخلائق بالغيب مكنونة ،

٣٠٣

وبستر الأهاويل مصونة ، وبنهاية العدم مقرونة ، علماً من الله تعالى بمآيل الأمور ، وإحاطة بحوادث الدهور ، ومعرفة بمواقع الأمور ابتعثه الله إتماماً لأمره ، وعزيمة على إمضاء حكمه ، وإنفاذاً لمقادير رحمته ، فرأى الأمم فرقاً في أديانها ، عكّفا على نيرانها ، عابدة لأوثانها ، منكرة لله مع عرفانها ، فأنار الله بأبي محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ظلمها ، وكشف عن القلوب بهمها ، وجلي عن الأبصار غممها ، وقام في الناس بالهداية ، فأنقذهم من الغواية ، وبصّرهم من العماية ، وهداهم إلى الدين القويم ، ودعاهم إلى الطريق المستقيم ، ثُمّ قبضه الله إليه قبض رأفة واختيار ، ورغبة وإيثار ، فمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من تعب هذه الدار في راحة ، قد حفّ بالملائكة الأبرار ، ورضوان الربّ الغفّار ، ومجاورة الملك الجبّار ، صلّى الله على أبي نبيّه وأمينه وخيرته من الخلق وصفيه والسلام عليه ورحمة الله وبركاته ، ثُمّ التفتت إلى أهل المجلس وقالت : أنتم عباد الله نصب أمره ونهيه ، وحملة دينه ووحيه ، وأمناء الله على أنفسكم ، وبلغاءه إلى الأمم ، زعيم حقّ له فيكم ، وعهد قدّمه إليكم ، وبقيّة استخلفها عليكم ، كتاب الله الناطق ، والقرآن الصادق ، والنور الساطع ، والضياء اللامع ، بيّنة بصائره ، منكشفة سرائره ، منجلية ظواهره ، مغتبطة به أشياعه ، قائداً إلى الرضوان أتباعه ، مؤدّ إلى النجاة استماعه ، به تنال حجج الله المنوّرة ، وعزائمه المفسّرة ، ومحارمه المحذّرة ، وبيّناته الجالية ، وبراهينه الكافية ، وفضائله المندوبة ، ورخصه الموهوبة ، وشرائعه المكتوبة ، فجعل الله الإيمان تطهيراً لكم من الشرك ، والصلاة تنزيها لكم من الكبر ، والزكاة تزكية للنفس ونماء في الرزق ، والصيام تثبيتاً للإخلاص ، والحجّ تشييداً للدين ، والعدل تنسيقاً للقلوب ، وطاعتنا نظاماً للملّة ، وإمامتنا أمانا للفرقة ، والجهاد عزّاً للإسلام ، والصبر معونة على استيجاب الأجر ، والأمر بالمعروف مصلحة للعامّة ، وبرّ الوالدين وقاية من السخط ، وصلة الأرحام منسأة في العمر ومنماة للعدد والقصاص حقناً للدماء والوفاء بالنذر تعريضاً للمغفرة وتوفيه المكاييل والموازين تغييراً للبخس ، والنهي عن شرب الخمر تنزيهاً

٣٠٤

عن الرجس ، واجتناب القذف حجاباً عن اللعنة ، وترك السرقة إيجابا للعفّة ، وحرّم الله الشرك إخلاصاً له بالربوبيّة ، فاتّقوا الله حقّ تقاته ولا تموتنّ إلاّ وأنتم مسلمون ، وأطيعوا الله فيما أمركم به ونهاكم عنه ، فإنّه إنّما يخشى الله من عباده العلماء.

ثُمّ قالت : أيّها الناس اعلموا أنّي فاطمة ، وأبي محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أقول عوداً وبدواً ، ولا أقول ما أقول غلطاً ، ولا أفعل شططاً (لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) (١) ، فإن تعزوه وتعرفوه تجدوه أبي دون نسائكم ، وأخا ابن عمّي دون رجالكم ، ولنعم المعزّى إليه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فبلّغ الرسالة صادعاً بالنذارة مائلاً عن مدرجة المشركين ، ضارباً ثبجهم ، آخذاً بأكظامهم ، داعياً إلى سبيل ربّه بالحكمة والموعظة الحسنة ، يجفُ الأصنام ، وينكثُ الهام ، حتّى انهزم الجمع وولّوا الدبر ، حتّى تفرّى الليل عن صبحه ، وأسفر الحقّ عن محضه ، ونطق زعيم الدين ، وخرست شقاشق الشياطين ، وطاح وشيظ النفاق ، وانحلّت عقد الكفر والشقاق ، وفهتم بكلمة الإخلاص في نفر من البيض الخماص ، وكنتم على شفا حفرة من النار ، مذقة الشارب ، ونهزة الطامع ، وقبسة العجلان ، وموطئ الأقدام ، تشربون الطرق ، وتقتاتون القد ، أذلّة خاسئين ، تخافون أنْ يتخطّفكم الناس من حولكم ، فأنقذكم الله تبارك وتعالى بمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد اللتيا والتي ، وبعد أنْ مني ببهم الرجال ، وذؤبأنّ العرب ، ومردة أهل الكتاب ، كلّما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله ، أو نجم قرن الشيطان أو فغرت فاغرة من المشركين قذف أخاه في لهواتها ، فلا ينكفئ حتّى يطأ جناحها بأخمصه ، يخمد لهبها بسيفه ، مكدوداً في ذات الله ، مجتهداً في أمر الله ، قريباً من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سيّداً في أولياء الله ، مشمّراً ناصحاً مجدّاً كادحاً ، لا تأخذه في الله لومة لائم ، وأنتم في رفاهية من العيش وادعون فاكهون آمنون ، تتربصون بنا الدوائر ، وتتوكفون الأخبار ، وتنكصون عند النزال ، وتفرّون من القتال ، فلمّا اختار الله لنبيّه دار أنبيائه ، ومأوى أصفيائه ، ظهر

__________________

(١) التوبة : ١٢٨.

٣٠٥

فيكم حسكة النفاق ، وسمل جلباب الدين ، ونطق كاظم الغاوين ، ونبغ خامل الأقلّين ، وهدر فنيق المبطلين ، فخطر في عرصاتكم ، وأطلع الشيطان رأسه من مغرزه هاتفاً بكم ، فألفاكم لدعوته مستجيبين وللعزّة فيه ملاحظين ، ثُمّ استنهضكم ، فوجدكم خفافا ، وأحمشكم فألفاكم غضابا ، فوسمتم غير ابلكم ، ووردتم غير مشربكم ، هذا والعهد قريب ، والكلم رحيب ، والجرح لمّا يندمل ، والرسول لمّا يقبر ، ابتداراً زعمتم خوف الفتنة ، ألا في الفتنة سقطوا ، وإنّ جهنّم لمحيطة بالكافرين ، فهيهات منكم ، وكيفي بكم ، وأنّى تؤفكون ، وكتاب الله بين أظهركم ، أموره ظاهرة ، وأحكامه زاهرة ، وأعلامه باهرة ، وزواجره لائحة ، وأوامره واضحة ، وقد خلّفتموه وراء ظهوركم ، أرغبة عنه تريدون ، أم بغيره تحكمون ، بئس للظالمين بدلاً ، ومن يتبع غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه ، وهو في الآخرة من الخاسرين ، ثُمّ لم تلبثوا إلا ريث أنْ تسكن نفرتها ، ويسلس قيادها ، ثُمّ أخذتم تورون وقدتها ، وتهيجون جمرتها ، وتستجيبون لهتاف الشيطان الغويّ ، وإطفاء أنوار الدين الجلي ، وإهمال سنن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الصفيّ ، تشربون حسوا في ارتغاء ، وتمشون لأهله وولده في الخمرة والضراء ويصير منكم على مثل حزّ المدى ووخز السنان في الحشا ، وأنتم الآن تزعمون أنْ لا إرث لنا « أفحكم الجاهلية تبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون » أفلا تعلمون ، بلى قد تجلّى لكم كالشمس الضاحية ، أنّي ابنته أيّها المسلمون ، أأغلب على إرثي يا ابن أبي قحافة ، أفي كتاب الله أنْ ترث أباك ولا أرث أبي ، لقد جئت شيئاً فريّا ، أفعلى عمد تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم إذ يقول : (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ) (١) ، وقال فيما اقتص من خبر يحيى بن زكريا إذ قال : (فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ) (٢) ، وقال : (وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض فِي كِتَابِ اللّهِ) (٣) ، وقال :

__________________

(١) النمل : ١٦.

(٢) مريم : ٤ ـ ٥.

(٣) الأنفال : ٧٥.

٣٠٦

(يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ) (١) ، وقال : (إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) (٢) ، وزعمتم أنْ لا حظوة لي ، ولا إرث من أبي ، ولا رحم بيننا ، أفخصّكم الله بآية أخرج أبي منها ، أم هل تقولون إنّ أهل ملتين لا يتوارثان ، أولستُ أنا وأبي من أهل ملّة واحدة ، أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمّي ، فدونكها مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك ، فنعم الحكم الله ، والزعيم محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والموعد القيامة ، وعند الساعة يخسر المبطلون ، ولا ينفعكم إذ تندمون ، ولكلّ نبأ مستقر وسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحلّ عليه عذاب مقيم ، ثُمّ رمت بطرفها نحو الأنصار فقالت : يا معشر النقيبة ، وأعضاد الملّة ، وحضنة الإسلام ، ما هذه الغميزة في حقّي ، والسنّة عن ظلامتي ، أما كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أبي يقول : المرء يحفظ في ولده ، سرعان ما أحدثتم ، وعجلان ذا إهالة ، ولكم طاقة بما أحاول ، وقوة على ما أطلب وأزاول ، أتقولون مات محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فخطب جليل استوسع وهنه ، واستنهر فتقه ، وانفتق رتقه ، وأظلمت الأرض لغيبته ، وكسفت الشمس والقمر ، وانتثرت النجوم لمصيبته وأكدت الآمال وخشعت الجبال وأضيع الحريم وأزيلت الحرمة عند مماته ، فتلك والله النازلة الكبرى ، والمصيبة العظمى ، لا مثلها نازلة ، ولا بائقة عاجلة أعلن بها كتاب الله جلّ ثناؤه في أفنيتكم ، وفي ممساكم ومصبحكم يهتف في أفنيتكم هتافاً وصراخاً ، وتلاوة وألحاناً ، ولقبله ما حلّ بأنبياء الله ورسوله حكم فصل وقضاء حتم : (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ) (٣) ، إيهاً بني قيله ، أأهضم تراث أبى وأنتم بمرأى منّي ومسمع ، ومنتدى ومجمع ، تلبسكم الدعوة ، وتشملكم الخبرة ، وأنتم ذوو العدد والعدّة ، والأداة والقوّة ، وعندكم

__________________

(١) النساء : ١١.

(٢) البقرة : ١٨٠.

(٣) آل عمران : ١٤٤.

٣٠٧

السلاح والجنّة ، توافيكم الدعوة فلا تجيبون ، وتأتيكم الصرخة فلا تغيثون ، وأنتم موصوفون بالكفاح ، معروفون بالخير والصلاح ، والنخبة التي انتخبت ، والخيرة التي اختيرت لنا أهل البيت ، قاتلتم العرب ، وتحملتم الكدّ والتعب ، وناطحتم الأمم ، وكافحتم البهم ، لا نبرح أو تبرحون نامركم فتأتمرون ، حتّى إذا دارت بنا رحى الإسلام ودرّ حلب الأيام ، وخضعت ثغرة الشرك ، وسكنت فورة الإفك ، وخمدت نيران الكفر ، وهدأت دعوة الهرج ، واستوسق نظام الدين ، فأنّى حزتم بعد البيان ، وأسررتم بعد الإعلان ، ونكصتم بعد الإقدام ، وأشركتم بعد الإيمان ، بؤساً لقوم نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وهمّوا بإخراج الرسول وهم بدءوكم أوّل مرّة ، أتخشونهم ، فالله أحقّ أنْ تخشوه إنْ كنتم مؤمنين ألا وقد أرى أنْ قد أخلدتم إلى الخفض ، وأبعدتم من هو أحقّ بالبسط والقبض وخلوتم بالدعة ، ونجوتم بالضيق من السعة ، فمججتم ما وعيتم ، ودسعتم الذي تسوغتم ، فإنْ تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإنّ الله لغنيّ حميد ، ألا وقد قلت ما قلت ، هذا على معرفة منّي بالجذلة التي خامرتكم ، والغدرة التي استشعرتها قلوبكم ، ولكنّها قيضة النفس ، ونفثة الغيظ وخور القناة ، وبثّة الصدر ، وتقدمة الحجّة ، فدونكموها ، فاحتقبوها دبرة الظهر ، نقبة الخف ، باقية العار ، موسومة بغضب الجبّار وشنا الأبد ، موصولة بنار الله الموقدة التي تطّلع على الأفئدة ، فبعين الله ما تفعلون ، وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون ، وأنا ابنة نذير لكم بين يدي عذاب شديد ، فاعملوا إنّا عاملون ، وانتظروا إنّا منتظرون.

فأجابها أبو بكر ، عبد الله بن عثمان وقال : يا بنت رسول الله ، لقد كان أبوك بالمؤمنين عطوفا كريما رؤوفاً رحيما ، وعلى الكافرين عذابا أليما ، وعقابا عظيما ، إن عزوناه وجدناه أباك دون النساء ، وأخا إلفك دون الأخلاء ، آثره على كلّ حميم ، وساعده في كلّ أمر جسيم ، لا يحبّكم إلاّ سعيد ، ولا يبغضكم إلاّ شقيّ بعيد ، فأنتم عترة رسول الله الطيبون ، الخيرة المنتجبون على الخير أدلتنا ، وإلى الجنّة

٣٠٨

مسالكنا ، وأنت يا خيرة النساء ، وابنة خير الأنبياء ، صادقة في قولك ، سابقة في وفور عقلك ، غير مردودة عن حقّك ، ولا مصدودة عن صدقك ، والله ما عدوت رأي رسول الله ، ولا عملت إلا بإذنه والرائد لا يكذب أهله أشهد الله وكفى به شهيدا ، أنّي سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : نحن معاشر الأنبياء لا نورث ذهبا ولا فضّة ، لا داراً ولا عقارا ، وإنّما نورّث الكتاب والحكمة والعلم والنبوّة ، وما كان لنا من طعمة فلولي الأمر بعدنا أنْ يحكم فيه بحكمه ، وقد جعلنا ماحاولته في الكراع والسلاح يقاتل بها المسلمون ، ويجاهدون الكفّار ، ويجالدون المردة الفجار ...

فقالت عليها‌السلام : سبحان الله ، ما كان أبي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن كتاب الله صادفا ، ولا لأحكامه مخالفاً ، بل كان يتّبع أثره ، ويقفو سوره ، أفتجمعون إلى الغدر اعتلالاً عليه بالزور ، وهذا بعد وفاته شبيه بما بغي له من الغوائل في حياته ، هذا كتاب الله حكماً عدلا ، وناطقاً فصلاً ، يقول : (يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ) (١) ، ويقول : (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ) (٢) ، وبيّن عزّ وجلّ فيما وزع من الأقساط ، وشرع من الفرائض والميراث ، وأباح من حظّ الذكران والاناث ما أزاح به علّة المبطلين ، وأزال التظنّي والشبهات في الغابرين ، كلا ، بل سوّلت أنفسكم أمراً ، فصبر جميل ، والله المستعان على ما تصفون ، فقال أبو بكر : صدق الله ورسوله ، وصدقت ابنته ، أنت معدن الحكمة وموطن الهدى والرحمة ، وركن الدين ، وعين الحجّة ، لا أبعد صوابك ، ولا أنكر خطابك ، هؤلاء المسلمون بيني وبينك ، قلّدوني ما تقلدت ، وباتّفاق منهم أخذت ما أخذت ، غير مكابر ولا مستبد ولا مستأثر ، وهم بذلك شهود فالتفتت فاطمة عليها‌السلام إلى الناس وقالت : معاشر المسلمين المسرعة إلى قيل الباطل ، المغضية على الفعل القبيح الخاسر (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوب

__________________

(١) مريم : ٦.

(٢) النمل : ١٦.

٣٠٩

أَقْفَالُهَا) (١) ، كلا ، بل ران على قلوبكم ما أسأتم من أعمالكم ، فأخذ بسمعكم وأبصاركم ، ولبئس ما تأولتم وساء ما به أشرتم ، وشرّ ما منه اغتصبتم ، لتجدنّ والله محمله ثقيلا ، وغبّه وبيلا ، إذا كشف لكم الغطاء وبان بأورائه الضرّاء ، وبدا لكم من ربّكم ما لم تكونوا تحتسبون ، وخسر هنالك المبطلون ، ثُمّ عطفت على قبر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقالت :

قد كان بعدك أنباء وهنبثة

لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب

إنّا فقدناك فقد الأرض وابلها

واختلّ قومك فاشهدهم ولا تغب

تجهّمتنا رجال واستخفّ بنا

لمّا فقدت وكلّ الأرض مغتصب

وكنت بدراً ونوراً يُستضاء به

عليك ينزل من ذي العزّة الكتب

وقد كان جبريل بالآيات يؤنسنا

فقد فقدت وكلّ الخير محتجب

فليت قبلك كان الموت صادفنا

لما مضيت وحالت دونك الكثب (٢)

عزيزي القارئ لا تظننّ إنّ ما فعله أبو بكر وعمر ، ومن معهم ، هو فقط انتزاع حقّها من الميراث والخمس والفيء ، فإنّهم لم يكتفوا بذلك ، فحتّى يشفوا غليلهم وأحقادهم من عترة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قاموا بالهجوم على بيتها ، وكشف حرمته ، وإحراقه ، وقاموا بضربها وكسر ضلعها ، وإسقاط جنينها ، وإليك شيئاً من التفصيل فيما يتعلّق بهذا الأمر ، نرويه أيضاً ممّا في كتب وصحاح أهل السنّة.

إحراق بيت السيّدة الزهراء :

أمّا الأمر الثاني الذي حصل للسيّدة الزهراء بعد وفاة الرسول وبعد أنْ

__________________

(١) محمّد : ٢٤.

(٢) اُنظر خطبة الزهراء مع اختلاف في الالفاظ في شرح نهج البلاغة ١٦ : ٢١١ ـ ٢١٤ ، الاحتجاج ١ : ١٣١ ـ ١٤٥ ، وأورده الأحمدي الميانجي في مواقف الشيعة ١ : ٤٣٨ ـ ٤٦٨ ، ثُمّ ذكر مصادرها بالتفصيل.

٣١٠

انتزعت منها فدك ، وانتزع منها إرثها ، ومنعت حقّها من الخمس. كانت الحملة الثانية من الأذى للسيّدة الزهراء وآل بيت رسول الله سلام الله عليهم أجمعين ، هي الهجوم على بيتها ، والتهديد بإحراقه وحرقه ، وكسر باب بيتها ، وضربها ، وكسر ضلعها ، وإسقاط جنينها محسن عليه‌السلام ، وكشف حرمتها وحرمت بيتها ، ذلك البيت الذي كان مهبط الوحي ، بيت أهل البيت والنبوّة والرحمة ، باب بيت السيّدة الزهراء عليها‌السلام ، وأمير المؤمنين عليّ عليه‌السلام ، والسيّدة زينب ، والإمام الحسن والحسين.

وكأنّ أولئك العابثين قد تناسوا قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لهم حيث قال : « اشتدّ غضب الله على من آذاني في عترتي » (١) ، وأيضاً تناسوا كلّ تلك الأحاديث التي صدرت عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حقّ من يؤذي فاطمة ، أو يغضبها ، والتي ذكرناها في القسم الأوّل من البحث.

عزيزي القارئ ، ما هو موقفك من هذا الأذى الفظيع المهين المخزي؟ بعد أنْ تنظر إلى مجموعة الأحاديث التي ذكرتها لك في بداية البحث ، اُنطر وفكّر وتأمّل بنزاهة ، وكن صادقاً مع نفسك ، أظنّك حتما سوف تصل إلى الحقيقة ، وتحدّد موقفك.

أمّا الهجوم على بيتها ، وكسر الباب وإحراقه ، فإليك بعض النصوص من كتب أهل السنّة ، والتي تؤكّد على حصول ذلك قطعاً ، ولا تنسى أنّ هذه المسألة من الأمور القطعيّة الثابتة في كتب وأحاديث أهل البيت عليهم‌السلام ، وهو المقطوع بحدوثه عند أتباع أهل البيت رضوان الله تعالى عليهم.

فلو أضفت إلى ذلك ، بعض ما ذكر في كتب أهل السنّة ، وإقرارهم بحدوثه ، تصبح القضيّة لا مجال للطعن أو الشكّ فيها.

ابن أبي شيبة في مصنفه ، وهو من شيوخ البخاري ، ذكر القضيّة : حدّثنا محمّد ابن بشر ، نا عبيد الله بن عمر ، حدّثنا زيد بن أسلم ، عن أبيه أسلم ، أنّه حين بويع

__________________

(١) اُنظر الجامع الصغير ١ : ١٥٨ ، وكنز العمّال ١٢ : ٩٣ ، عن مسند الفردوس.

٣١١

لأبي بكر بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، كان عليّ والزبير يدخلان على فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فيشاورونها ويرتجعون في أمرهم ، فلمّا بلغ ذلك عمر بن الخطّاب ، خرج حتّى دخل على فاطمة فقال : يا بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، والله ما من أحد أحبّ إلينا من أبيك ، وما من أحد أحبّ إلينا بعد أبيك منك ، وأيم الله ما ذاك بمانعي إنْ اجتمع هؤلاء النفر عندك ، أنْ أمرتهم أنْ يحرق عليهم البيت ، قال : فلمّا خرج عمر ، جاؤوها ، فقالت : تعلمون أنّ عمر قد جاءني ، وقد حلف بالله لئن عدتم ليحرقنّ عليكم البيت ، وأيم الله ، ليمضينّ لما حلف عليه (١).

وفي تاريخ الطبري بسند آخر : أتى عمر بن الخطّاب منزل عليّ ، وفيه طلحة ورجال من المهاجرين فقال : والله لأحرقنّ عليكم أو لتخرجنّ إلى البيعة ، فخرج عليه الزبير مصلتاً سيفه ، فعثر فسقط السيف من يده ، فوثبوا عليه فأخذوه (٢).

وقال محمّد رضا في كتاب عليّ بن أبي طالب : كان عليّ رضي‌الله‌عنه يرى نفسه أحقّ بالخلافة من أبي بكر ، فلمّا بايع الناس أبا بكر ، استاء ولزم بيته ، ولم يبايع ، وغضبت فاطمة زوجته بنت رسول الله ; لأنّ أبا بكر رفض أنْ يعطيها ميراث رسول الله ، فبيّن أبو بكر سبب رفضه ، وهو ما سمعه من حديث رسول الله ، ولم يناقش أبو بكر عليّاً في أمر الخلافة كما هو مذكور هنا ; لأنّ هذه مسألة قد فرغ منها ، وقد كان غضب عمر شديداً على عليّ رضي‌الله‌عنه. وعن كلّ من تخلّف عن بيعة أبي بكر من أعوان عليّ. فقد روي أنّه أتى منزل عليّ وفيه طلحة والزبير ورجال من المهاجرين ، فقال : والله لأُحرقنّ عليكم ، أو لتخرجنّ إلى البيعة ، فخرج عليه الزبير مُصلتاً بالسيف فعثر فسقط السيف من يده فوثبوا عليه فأخذوه.

وفي كتاب الاستيعاب لابن عبد البر ، يروي هذا الخبر عن طريق أبي بكر

__________________

(١) المصنّف ٨ : ٥٧٢.

(٢) تاريخ الطبري ٢ : ٤٤٣.

٣١٢

البزّار ، بنفس السند الذي عند ابن أبي شيبة ، يرويه عن زيد بن أسلم ، عن أسلم وفيه : إنّ عمر قال لها : ما أحد أحبّ إلينا بعده منك ، ثُمّ قال : ولقد بلغني أنّ هؤلاء النفر يدخلون عليك ، ولأن يبلغني لأفعلنّ ولأفعلنّ (١).

لاحظ عزيزي القارئ أنّ الرواية بنفس السند ، لكنّهم أخفوا كلمة عمر لأحرقنّ عليكم البيت.

ونورد لكم هنا ما ذكره السيّد الميلاني في كتابه مظلومية الزهراء ، من الأخبار والروايات الدالة على حرق دارها بتصرّف يسير :

روى البلاذري المتوفي سنة ٢٢٤ هـ في أنساب الأشراف بسنده : إنّ أبا بكر أرسل إلى عليّ يريد البيعة ، فلم يبايع ، فجاء عمر ومعه فتيلة ، فتلقته فاطمة على الباب ، فقالت فاطمة : يا ابن الخطّاب ، أتراك محرقاً عليّ بابي؟! قال : نعم ، وذلك أقوى فيما جاء به أبوك (٢).

وفي العقد الفريد لابن عبد ربّه المتوفى سنة ٣٢٨ هـ وأما عليّ والعبّاس والزبير ، فقعدوا في بيت فاطمة ، حتّى بعث إليهم أبو بكر [ ولم يكن عمر هو الذي بادر ، بعث أبو بكر عمر بن الخطّاب ] ، ليخرجوا من بيت فاطمة وقال له : إنْ أبوا فقاتلهم ، فأقبل بقبس من نار على أنْ يضرم عليهم الدار ، فلقيته فاطمة فقالت : يا ابن الخطّاب ، أجئت لتحرق دارنا؟ قال : نعم ، أو تدخلوا ما دخلت فيه الأمّة (٣).

وروى أبو الفداء المؤرّخ المتوفى سنة ٧٣٢ هـ ، في المختصر في أخبار البشر ، الخبر إلى : وإنْ أبوا فقاتلهم ، ثُمّ قال : فأقبل عمر بشيء من نار على أنْ يضرم الدار (٤).

__________________

(١) الاستيعاب ٣ : ٩٧٥.

(٢) مظلومية الزهراء : ٦٢ ، عن أنساب الأشراف ١ : ٥٨٦.

(٣) مظلومية الزهراء : ٦٣ ، عن العقد الفريد ٥ : ١٣.

(٤) مظلومية الزهراء : ٦٣ ، عن المختصر في أخبار البشر ١ : ١٥٦.

٣١٣

في شرح نهج البلاغة عن المسعودي : عن عروة بن الزبير إنّه كان يعذر أخاه عبد الله في حصر بني هاشم في الشعب ، وجمعه الحطب ليحرّقهم ، قال عروة في مقام العذر والاعتذار لأخيه عبد الله بن الزبير : بأنّ عمر أحضر الحطب ليحرق الدار على من تخلّف عن البيعة لأبي بكر (١).

وروى في روضة المناظر في أخبار الأوائل والأواخر لابن الشحنة المطبوع على هامش بعض طبعات الكامل لابن الأثير ، يقول : إنّ عمر جاء إلى بيت عليّ ليحرقه على من فيه ، فلقيته فاطمة فقال : ادخلوا فيما دخلت فيه الأمّة (٢).

وفي كتاب لصاحب الغارات ، إبراهيم بن محمّد الثقفي ، في أخبار السقيفة ، يروي عن أحمد بن عمرو البجلي ، عن أحمد بن حبيب العامري ، عن حمران بن أعين ، عن أبي عبد الله ، جعفر بن محمّد عليهما‌السلام قال : « والله ما بايع عليّ ، حتّى رأى الدخان قد دخل بيته » (٣).

وذكر الواقدي أنّ عمر بن الخطّاب جاء إلى بيت عليّ وفاطمة عليهما‌السلام ، في عصابة فيهم أسيّد ابن الحصين ، وسلمة بن أسلم. فقال : اخرجوا ، ليحرقنّها عليكم (٤).

ونقل ابن خزامة في غرره ، قال زيد بن أسلم : كنت ممّن حمل الحطب مع عمر بن الخطّاب إلى باب فاطمة حين امتنع عليّ وأصحابه عن البيعة أنْ يبايعوا ، فقال عمر بن الخطّاب لفاطمة : اخرجي من البيت وإلاّ أحرقته ومن فيه. قال : وفي البيت عليّ ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين عليهم‌السلام ، وجماعة من أصحاب النبيّ ، فقالت فاطمة : « تحرق على ولدي ». قال : أي والله ، أو ليخرجنّ وليبايعنّ (٥).

__________________

(١) مظلومية الزهراء : ٦٣ ـ ٦٤ ، عن مروج الذهب ٣ : ٨٣ ، شرح ابن أبي الحديد ٢٠ : ١٤٧.

(٢) مظلومية الزهراء : ٦٤.

(٣) مظلومية الزهراء : ٦٥.

(٤) اُنظر إحقاق الحقّ : ٢٢٨.

(٥) اُنظر إحقاق الحقّ : ٢٢٨.

٣١٤

وروى في كتاب الإمامة والسياسة لابن قتيبة ، أنّ أبا بكر تفقّد قوماً تخلّفوا عن بيعته عند عليّ كرّم الله وجهه ، فبعث إليهم عمر بن الخطّاب ، فجاء فناداهم ، وهم في دار عليّ ، فأبوا أنْ يخرجوا ، فدعا عمر بالحطب وقال : والذي نفس عمر بيده ، لتخرجنّ أو لأحرقنّها على من فيها ، فقيل له يا أبا حفص ، إنّ فيها فاطمة ، قال : وإنْ (٣).

وروي في الرياض النضرة قال ابن شهاب : وغضب رجال من المهاجرين في بيعة أبي بكر ، منهم عليّ بن أبى طالب ، والزبير ، فدخلا بيت فاطمة معهما السلاح ، فجاءهما عمر بن الخطّاب في عصابة من المسلمين ، منهم أسيّد بن حضير ، وسلمة بن سلامة بن وقش ، وهما من بني عبد الأشهل ، ويقال : منهم ثابت ابن التعليق ، قيس بن شمّاس من بني الخزرج ، فأخذ أحدهم سيف الزبير ، فضرب به الحجر حتّى كسره (٤).

إذن ، يتبيّن لك عزيزي القارئ من خلال ما ذكر من الروايات السابقة ،

__________________

(٣) الإمامة والسياسة : ١٩.

(٤) الرياض النضرة ١ : ١٠٧ ، واُنظر السنّة لعبد لله بن أحمد ٢ : ٥٥٤.

٣١٥

ولا مغيث ، بأنّ لا يهتكوا حرمة البيت ; لأنّ نساء أهل بيت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بداخله ، فلم يأبه عمر بن الخطّاب ومن معه لتلك الاستغاثات ، فقام عمر بدفع الباب ، وحوصرت السيّدة فاطمة الزهراء عليها‌السلام بين الباب والجدار ، وكانت حاملاً بجنينها محسن ، الذي سمّاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبل وفاته محسناً ، ثُمّ قام عمر برفسها وضربها ممّا أدّى إلى كسر ضلعها ، فأسقطت جنينها محسن. والقصّة كاملة تجدها في روايات أتباع أهل البيت عليهم‌السلام.

وإليك بعض الروايات المقطّعة من عند أهل السنّة. وما قطّعوها واختصروها إلا للتغطية على تلك الجريمة الفظيعة ، والتي لا يمكن لأحد أنْ يتصور أو يرضى أنْ تحدث لإنسان عادي ، فما بالك بالسيّدة الزهراء وبيت أهل النبوّة والعصمة.

محسن بن عليّ من أولاد فاطمة عليها وعليهم‌السلام :

أحبّ في البداية أنْ أبيّن أنّ هناك ولداً ثالثا للإمام عليّ والسيّدة الزهراء عليهما‌السلام ، أقرّ به أهل السنّة وقالوا إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سمّاه محسناً ، وهناك العشرات من الروايات الصحيحة عندهم ، تقول : إنّه كان لأمير المؤمنين عليّ بن أبى طالب والسيّدة الزهراء عليها‌السلام ، ثلاثة أولاد من الذكور ، هم : حسن ، وحسين ، ومحسن. وقد سمّاهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بهذه الأسماء تشبيهاً بأولاد النبيّ هارون عليه‌السلام : شبّر ، وشبير ، ومشبّر ، أي حسن ، وحسين ، ومحسن ، وذلك لأنّ سيّدنا الإمام عليّ عليه‌السلام هو وهارون عليهما‌السلام كالفرقدين ، يتشابهان في كلّ شيء ، إلا النبوّة ، وهذه الروايات وردت للخروج من المأزق الذي حصل عند أهل السنّة ، لأنهم لا يستطيعون الإقرار بأنّه أُسقط من الزهراء عليها‌السلام ولا يستطيعون إنكاره من الأساس ، لذا لجأوا إلى ذكر ولادته ، ونحن سنذكر هذه الروايات ثُمّ نذكر ما يدل على أنّه سقط ، وإنّي نذكر هذه الروايات ، للتدليل على أنّ محسن حقيقة ثابتة ، وليس وهم اخترعه الشيعة.

روى الحاكم في مستدركه ، أخبرنا أبو العبّاس محمّد بن أحمد المحبوبي

٣١٦

بمرو ، ثنا سعيد بن مسعود ، ثنا عبيد الله بن موسى ، أنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّ بن أبى طالب رضي‌الله‌عنه قال : « لمّا ولدت فاطمة الحسن ، جاء النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال : أروني ابني ما سمّيتموه ، قال : قلت : سمّيته حرباً. قال : بل هو حسن ، فلمّا ولدت الحسين ، جاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال : أروني ابني ما سمّيتموه. قال : قلت : سمّيته حرباً ، فقال : بل هو حسين ، ثُمّ لمّا ولدت الثالث جاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : أروني ابني ما سمّيتموه ، قلت : سمّيته حرباً ، قال : بل هو محسن ، ثُمّ قال : إنّما سمّيتهم باسم ولد هارون ، شبر وشبير ومشبر ، هذا حديث صحيح الإسناد (١).

وروى أيضاً في مستدركه ، حدّثنا أبو الحسن عليّ بن محمّد الشيباني بالكوفة ، حدّثنا إبراهيم بن إسحاق الزهري ، ثنا جعفر بن عون ، ثنا يونس بن أبي إسحاق عن ، أبيه ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّ قال : لما أنْ ولد الحسن سمّيته حرباً ، فقال لي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : ما سمّيت ابني ، قلت : حرباً. قال : هو الحسن ، فلمّا ولد الحسين سمّيته حرباً. فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : ما سمّيت ابني. قلت : حرباً. قال : هو الحسين ، فلمّا أنْ ولد محسن ، قال : ما سمّيت ابني ، قلت : حرباً ، قال : هو محسن ، ثُمّ قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : إنّي سمّيت بنيَّ هؤلاء بتسمية هارون بنيه شبّراً وشبيرا ومشبّرا. هذا حديث صحيح الإسناد (٢).

وروى الهيثمي في مجمع الزوائد ، عن عليّ قال : لمّا ولد الحسن سمّاه حمزة ، فلمّا ولد الحسين سمّاه بعمّه جعفر ، قال : فدعاني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال : إنّي أمرت أنْ أغيّر اسم ابنيّ هذين ، قلت : الله ورسوله أعلم ، فسمّاهما حسناً وحسينا. قال الهيثمي رواه أحمد ، وأبو يعلى بنحوه ، والبزّار ، والطبراني ، وفيه عبد الله بن محمّد بن عقيل ، وحديثه حسن ، وبقيّة رجاله رجال الصحيح.

__________________

(١) المستدرك على الصحيحين ٣ : ١٦٥.

(٢) المستدرك على الصحيحين ٣ : ١٦٨.

٣١٧

وعنه قال : لمّا ولد الحسن ، فقال : أروني ابني ، ما سمّيتموه؟ قلت : حرباً ، قال : بل هو حسن ، قال : فلمّا ولد الحسين سمّيته حرباً ، فجاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال : أروني ابني ما سمّيتموه؟ قلت : حرباً ، قال : بل هو حسين ، فلمّا ولد الثالث ، سمّيته حرباً ، فجاء النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال : أروني ابني ، ما سمّيتموه؟ قلت : حرباً ، قال : بل هو محسن. ثُمّ قال : سمّيتهم بأسماء ولد هارون ، بشبّر ، وشبير ، ومشبّر (١).

وروى البيهقي في سننه الكبرى ، أخبرنا أبو عليّ الروذباري ، أنبأ عبد الله بن عمر بن أحمد بن شوذب المقري ، بواسط ، أنبأ شعيب بن أيّوب ، ثنا عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّ قال : لمّا ولد الحسن سمّيته حرباً ، فجاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال : « أروني ابني ما سمّيتموه »؟ فقلت : حرباً. فقال : « بل هو حسن » ، ثُمّ ولد الحسين فسمّيته حرباً ، فجاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال : « أروني ابني ما سمّيتموه »؟ فقلت : حرباً. قال : « بل هو حسين ». فلمّا ولد الثالث سمّيته حرباً ، فجاء رسول الله فقال : « أروني ابني ما سمّيتموه »؟ قلت : حرباً. قال : « بل هو محسن » ، ثُمّ قال : « سمّيتهم بأسماء ولد هارون ، شبّر ، وشبير ، ومشبّر » رواه يونس بن أبي إسحاق عن أبيه وقال في الحديث : إنّي سمّيت بنيَّ هؤلاء بتسمية هارون بنيه (٢).

وروى في هذا المعنى أخبار كثيرة.

وروى أيضاً في سننه الكبرى ، أخبرنا عليّ بن أحمد بن عبدان ، أنبأ أحمد ابن عبيد ، ثنا عثمان بن عمر ، ثنا ابن رجاء ، ثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ( ح وحدّثنا ) أبو عبد الله الحافظ ، ثنا أبو الحسن ، عليّ بن محمّد الشيباني ، بالكوفي ، ثنا إبراهيم بن إسحاق الزهري ، ثنا جعفر بن عون ، ثنا يونس بن أبي إسحاق ، عن أبيه ،

__________________

(١) مجمع الزوائد ٨ : ٥٢.

(٢) السنن الكبرى ٦ : ١٦٦.

٣١٨

عن هانئ بن هانئ ، عن عليّ رضي‌الله‌عنه قال : لمّا أنْ ولد الحسن سمّيته حرباً ، فقال لي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : « ما سمّيت ابني »؟ فقلت : حرباً. قال : « هو الحسن » فلمّا ولد الحسين سمّيته حرباً. فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : « ما سمّيت ابني »؟ قلت : حرباً. قال : « هو الحسين » فلمّا ولد محسن ، قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : « ما سمّيت ابني »؟ قلت : حرباً. قال : « هو محسن » ثُمّ قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : « إنّي سمّيت بنيّ هؤلاء ، بتسمية هارون بنيه ، شبّر ، وشبير ، ومشبّر » (١).

وروى البزار في مسنده ، حدّثنا يوسف بن موسى قال : نا عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّ قال : لمّا ولد الحسن سمّيته حرباً. قال : « بل هو حسن » ، فلمّا ولد الحسين ، سمّيته حربا ، فجاء النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال : « أروني ابني ما أسميتموه »؟ قلنا حرباً. قال : « بل هو حسين » ، فلمّا ولد الثالث سمّيته حرباً ، فجاء النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال : « أروني ابني ما أسميتموه »؟ قلنا : حرباً. قال : « بل هو محسن » ثُمّ قال : « سمّيتهم بأسماء ولد هارون ، جبر ، وجبير ، ومجبّر » (٢).

وفي مسند أحمد : حدّثنا عبد الله ، حدّثني أبي ، ثنا يحيى بن آدم ، ثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّ رضي‌الله‌عنه عنه قال : لمّا ولد الحسن سمّيته حرباً ، فجاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال : « أروني ابني ، ما سميتموه »؟ قال : قلت : حرباً. قال : « بل هو حسن » فلمّا ولد الحسين سمّيته حرباً ، فجاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال : « أروني ابني ، ما سمّيتموه »؟ قال : قلت : حرباً. قال : « بل هو حسين » فلمّا ولد الثالث سمّيته حرباً ، فجاء النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال : « أروني ابني ما سمّيتموه »؟ قلت : حرباً. قال : « بل هو محسن »

__________________

(١) المصدر نفسه ٧ : ٦٢.

(٢) مسند البزار ٢ : ٣١٤.

٣١٩

ثُمّ قال : « سمّيتهم بأسماء ولد هارون ، شبّر ، وشبير ، ومشبّر » (١).

وروى أيضاً في مسنده ، حدّثنا عبد الله ، حدّثني أبي ، ثنا حجاج ، ثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّ رضي‌الله‌عنه قال : لمّا ولد الحسن جاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال : « أروني ابني ، ما سميتموه »؟ قال : قلت : حرباً. قال : « بل هو حسن » فلمّا ولد الحسين قال : « أروني ابني ، ما سمّيتموه »؟ قلت : سميته حرباً. قال : « بل هو حسين » فلمّا ولد الثالث جاء النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال : « أروني ابني ما سمّيتموه »؟ قلت : حرباً. قال : « بل هو محسن » ثُمّ قال : « سمّيتهم بأسماء ولد هارون ، شبّر ، وشبير ، ومشبّر » (٢).

وروى الطبراني في معجمه الكبير ، حدّثنا عثمان بن عمر الضبّي ، حدّثنا عبد الله بن رجاء ، أنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّ رضي‌الله‌عنه قال : لمّا ولد الحسن سمّيته حرباً ، فجاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال : « أروني ابني ، ما سميتموه »؟ فقلت : قلت : حرباً. قال : « بل هو حسن » فلمّا ولد الحسين سمّيته حرباً ، فجاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال : « أروني ابني ، ما سمّيتموه »؟ قال : حرباً. قال : « بل هو حسين » فلمّا ولد الثالث سمّيته حرباً ، فجاء النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال : « أروني ابني ما سمّيتموه »؟ قلت : حرباً. قال : « بل هو محسن » ثُمّ قال : « سمّيتهم بأسماء ولد هارون ، شبّر ، وشبير ، ومشبّر » (٣).

وروى أيضاً في معجمه الكبير ، حدّثنا محمّد بن يحيى بن سهل بن محمّد العسكري ، ثنا سهل بن عثمان ، ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّ رضي‌الله‌عنه : لمّا ولد الحسن بن عليّ رضي‌الله‌عنه ، جاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال : « أروني ابني ، ما سميتموه »؟

__________________

(١) مسند أحمد ١ : ٩٨.

(٢) المصدر نفسه ١ : ١١٨.

(٣) المعجم الكبير ٣ : ٩٦.

٣٢٠