نهر الذّهب في تاريخ حلب - ج ١

كامل البالي الحلبي [ الغزي ]

نهر الذّهب في تاريخ حلب - ج ١

المؤلف:

كامل البالي الحلبي [ الغزي ]


المحقق: الدكتور شوقي شعث ومحمود فاخوري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: منشورات دار القلم العربي ـ حلب
المطبعة: مطبعة الصباح
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٩١

الكلام على الأماكن الشهيرة في هذا القضاء

فمن ذلك :

قنسرين

وهي اليوم خالية من السكان خاوية من البنيان ومحلها غربي حلب إلى الجنوب في بعد مرحلة عنها تقدر بأربعة فراسخ وكانت مدينة كلدانية ثم رومية قديمة يقال لها شالس وقيل سوريا.

وأما سبب تسميتها بقنسرين فهو أن ميسرة بن مسروق مر بها يوما فقال ما هذه فسميت له بالرومية فقال والله لكأنها قنسرين. قال ياقوت : وهذا يدل على أن قنسرين اسم لمكان آخر. قال الزمخشري : وقنسرين نقل من القنسر بمعنى القنسري وهو الشيخ المسن. اه.

أقول : الذي أراه أن لفظة قنسرين سريانية أصلها قنشرين بالشين المعجمة ومعناها قن النسور لأن الياء والنون في أواخر الكلمات السريانية علامة على الجمع كتل نشين وكفر جبين أي تل النساء وكفر الجباب وقد جرت عادة العرب في الكلمات السريانية على أن تقلب الشين سينا فصارت باستعمالهم قنسرين.

وكانت هذه المدينة قاعدة كورة عظيمة بالشام وطولها ٣٩ درجة و ٢٠ دقيقة وعرضها ٣٥ درجة و ٢٠ دقيقة وكانت حلب من بعض أعمالها وكان بها قلعة لها سور متصل بسور المدينة وكانت هي وحمص شيئا واحدا وفتحت صلحا على يد أبي عبيدة بن الجراح سنة (١٧) وقد روي في الخبر عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال : «أوحى الله إليّ أيّ هؤلاء الثلاث نزلت فهي دار هجرتك : المدينة أو البحرين أو قنّسرين». ويقال إن في جبلها مشهدا فيه قبر صالح النبي وفيه آثار أقدام الناقة والصحيح أن قبره باليمن بشيوه وقيل بمكة. ولعل المشهد المذكور من بناء صالح بن علي بن عبد الله بن العباس وربما نسب إلى العيص بن إسحاق.

ولم تزل قنسرين عامرة آهلة إلى سنة ٣٥١ وفيها غلبت الروم على مدينة حلب وقتلت جميع من كان بربضها فخاف أهل قنسرين وتفرقوا في البلاد فطائفة عبروا الفرات وطائفة

٣٦١

نقلها سيف الدولة إلى حلب كثّر بهم من بقي من أهلها وأخذت قنسرين بالخراب حتى لم يبق بها سوى خان تنزله القوافل وعشار السلطان.

ثم عمرت مرة أخرى وتراجع سكانها إليها واستمرت إلى سنة ٣٨٩ فغزاها الروم وخربوها ورحلوا عنها فجاء إليها بنو البصيص التنوخيون من أمراء جبل لبنان وعمروها ثم خربها الروم أيضا عند قصدهم حلب سنة ٤٢٢ ثم عمرها سليمان بن قتلمش وتحصن بها سنة ٤٧٩ ثم خربها تاج الدولة تتشق السلجوقي لما قتل سليمان المذكور وفي سنة ٥٦٤ نقل نور الدين أعمدة سورها إلى جامع حلب وبناها به كما أشرنا إلى ذلك في الكلام على الجامع. ولمحمد بن علي العشائري المتوفى سنة ٧٨٩ تاريخ سماه تاج النسرين في تاريخ قنسرين بحثنا عنه كثيرا فلم نظفر به.

وكان لقنسرين حاضر له قلعة تشبه قلعة قنسرين جرى بين أهلها وبين أهل حلب قتال فغلبهم أهل حلب وأجلوهم عنها وأخذت بالخراب حتى عادت تلا يزرعه الفلاحون. وهي على فرسخ من قنسرين وينسب إليها جماعة من أهل الحديث منهم الحافظ أبو بكر محمد بن بركة بن الحكيم المعروف ببرداعس سكن حلب وقدم دمشق وحدث بها وتوفي سنة ٣٢٨ وكان هذا الحاضر قبل الفتح لتنوخ منذ أول ما تنخوا بالشام (١) ونزلوه وهم في خيم الشعر ثم ابتنوا به المنازل. ولما فتح أبو عبيدة قنسرين دعا أهل حاضرها إلى الإسلام فأسلم بعضهم وأقام بعضهم على النصرانية فصالحهم على الجزية. وكان أكثر من أقام على النصرانية من سليح بن حلوان بن عمران ابن الحاف بن قضاعة وأسلم من أهل ذلك الحاضر جماعة في خلافة المهدي فكتب على أيديهم بالحضرة قنسرين. وقال عكرشة العبسي يرثي بنيه (٢) :

سقى الله أجداثا ورائي تركتها

بحاضر قنّسرين من سبل القطر

مضوا لا يريدون الرّواح وغالهم

من الدهر أسباب جرين على قدر

ولو يستطيعون الرواح تروّحوا

معي وغدوا في المضجعين (٣) على ظهر

__________________

(١) تنخ بالمكان وتنّخ : أقام.

(٢) معجم البلدان : «الحاضر».

(٣) معجم البلدان : «في المصبحين» بدل «في المضجعين».

٣٦٢

قلت : وحاضر قنسرين هي الآن قرية الحاضر وقد ذكرت في الجدول وكانت قبور بني أمية بقنسرين على ما حكاه المسعودي في مروج الذهب.

الأثارب

قال ياقوت : هي جمع أثرب وهو الشحم الذي قد غشى الكرش. وتبعد عن حلب ثلاثة فراسخ وينسب إليها أبو المعالي محمد بن هياج الأثاربي وفيها يقول محمد القيسراني :

عرّجا بالأثارب

كي أقضّي مآربي

واسرقا نوم مقلتي

من جفون الكواعب

وا عجبا من ضلالتي

بين عين وحاجب

ومنهم حمدان بن عبد الرحيم الأثاربي طبيب يتأدب وله شعر وأدب وصنف تاريخا وكان حيا بعد الخمسمائة.

وكانت الأثارب حصنا منيعا معدودا من جملة العواصم واستمرت كذلك إلى سنة ٥٠٤ وفيها قصد صاحب أنطاكية حصن الأثارب ومعه جند عظيم من فارس وراجل فحصر الحصن وضيق على أهله حتى فنيت أقواتهم فنقبوا من القلعة نقبا قصدوا أن يخرجوا منه إلى خيمة صاحب أنطاكية فيقتلوه فلما فعلوا وقربوا من خيمته استأمن إليه صبي أرمني فعرفه الحال فاحتاط واحترز وجدّ في قتالهم حتى ملك الحصن عنوة وقتل من أهله ألف رجل وقصد حصن زردنا وفعل بأهله مثل الأثارب.

ثم في سنة (٥١٣) قصد هذا الحصن أيلغازي وأخذه منهم عنوة وقهرا ثم في سنة (٥١٧) ملكه الفرنج في صفرها وسبب ذلك على ما حكاه ابن الأثير أن الفرنج كانوا قد أكثروا قصد حلب وأعمالها بالإغارة والتخريب والتحريق وكان حينئذ بحلب بدر الدولة سليمان ابن عبد الجبار بن أرتق وهو صاحبها ولم يكن له بالفرنج قوة وخافهم فهادنهم على أن يسلم الأثارب ويكفوا عن بلاده فأجابهم إلى ذلك وتسلموا الحصن وتمت الهدنة واستقام أمر الرعية بأعمال حلب ثم اشتد ضرره على المسلمين حتى إن من كان به من الفرنج صاروا يقاسمون حلب على جميع أعمالها الغربية حتى على رحى لأهل حلب بظاهر باب الجنان بينها وبين البلد عرض الطريق وهي رحى عربية.

٣٦٣

فلما رأى ذلك عماد الدين زنكي قصده فلما علم الفرنج بذلك جمعوا فارسهم وراجلهم ولم يتركوا من طاقتهم شيئا واستشار عماد الدين أصحابه فيما يفعل فكل أشار بالعودة عن الحصن لقوة الفرنج فقال لا بد من لقائهم لئلا يطمعوا فترك الحصن وتقدم نحوهم فالتقوا واصطفوا للقتال وصبر كل فريق منهم لخصمه واشتد الأمر بينهم ثم نصر الله المسلمين فظفروا وانهزم الفرنج أقبح هزيمة ووقع كثير من فرسانهم بالأسر وقد أخذ منهم السيف كل مأخذ حتى إن عظام القتلى بقيت زمنا طويلا في ذلك الموضع.

ولما فرغ المسلمون من ظفرهم عادوا وتسلموا الحصن عنوة وقتلوا وأسروا كل من فيه وأخربه عماد الدين وجعله دكا. في سنة ٥٣٢ وصل الروم بزاعة وحاصروها وضيقوا على أهلها وملكوها بالأمان ثم غدروا بهم ورحلوا عنها إلى أثارب وملكوها وتركوا فيها سبايا بزاعة وتركوا عندهم من الروم من يحفظهم وساروا إلى شيزر فخرج أسوار نائب زنكي بحلب بمن معه وأوقع بمن في أثارب من الروم فقتلهم وفك أسرى بزاعة وسباياها وبقيت الأثارب بيد المسلمين ولم تعد للفرنج أبدا.

ومما ذكر في التاريخ قرية عين جارة وقرية الهوتة. زعم من تكلم على طلاسم حلب أنه كان يوجد بين هاتين القريتين حجر قائم كالتخم بينهما ، فربما وقع بين أهلهما شرّ فيكيدهم أهل الهوتة بأن يطرحوا هذا الحجر فتخرج نساء أهل القرية الأخرى متبرجات طالبات للرجال إلى أن يعاد الحجر إلى حالته فيعاودهن التمييز ويعدن إلى بيوتهن.

ومن الجهات التي لها ذكر في التاريخ أيضا (شبيث والأحصّ) قال ياقوت بعد كلام طويل : الأحص كورة كبيرة مشهورة ذات قلاع ومزارع بين القبلة وبين الشمال من مدينة حلب قصبتها خناصرة.

قلت : والأحصّ يسميه قوم الخص بالخاء المعجمة وآخرون بالحاء المهملة والجراكسة يقولون إن هذه اللفظة حثية ومعناها المزرعة كما هو معناها باللغة الجركسية ومن هنا يزعمون أنهم هم الحثيون الذين كانوا يملكون هذه الأصقاع.

وأما شبيث فجبل في هذه الكورة أسود في رأسه فضاء فيه أربع قرى وقد خربت

٣٦٤

جميعها. ومن هذا الجبل يقطع أهل حلب وجميع نواحيها حجارة رحيّهم (١) وهي سود خشنة.

وفي كتاب ابن الملا أن سوريا تطلق على الشام الأولى وهي حلب وأعمالها قال : وبناحية الأحص من بلد حلب مدينة خربة تسمى سوريا وإليها ينسب اللسان السورياني والقلم السورياني. اه.

وهذا الأحص هو الذي عناه عدي بن الرقاع بقوله :

وإذا الربيع تتابعت أنواؤه

فسقى خناصرة الأحصّ وزادها (٢)

فأضاف خناصرة إلى هذا الموضع. وإياه عنى جرير بقوله :

عادت همومي بالأحصّ وسادي

هيهات من بلد الأحصّ بلادي

لي خمس عشرة من جمادى ليلة

ما أستطيع على الفراش رقادي

ونعود سيّدنا وسيّد غيرنا

ليت التشكي كان بالعوّاد

وأنشد الأصمعي :

ولا آب ركب من دمشق وأهله

ولا حمص إن لم يأت في الركب زافر (٣)

ولا من شبيث والأحصّ ومنتهى م

المطايا بقنّسرين أو بخناصر

وإياه عنى ابن حصينة بقوله :

لجّ برق الأحصّ في لمعانه

فتذكّرت من وراء رعانه

فسقى الغيث حيث ينقطع الأو

عس من رنده ومنبت بانه

أو ترى النور مثل ما نشر البر

د حوالي هضابه وقنانه

__________________

(١) الرحيّ : الطواحين : مفردها الرّحى.

(٢) سبق ص ٣٢٨.

(٣) البيتان للخليل بن قردة يرثي ابنه زافرا وكان قد مات بدمشق. وفيهما إقواء.

٣٦٥

تجلب الريح منه أزكى من المسك م

إذا مرّت الصبا من مكانه (١)

وينسب إلى الأحصّ شاعر حلبي يعرف بالناشي الأحصي كان في أيام سيف الدولة ابن حمدان فمدحه بقصيدة فاعتذر إليه سيف الدولة بضيق اليد يومئذ وقال له اعذر ومتى بلغك أنه حمل إلينا مال فأتنا نضاعف لك الجائزة فخرج من عنده فوجد على باب سيف الدولة كلابا تذبح لها السخال (٢) وتطعم لحومها فعاد إلى سيف الدولة وأنشده :

رأيت بباب داركم كلابا

تغذّيها وتطعمها السخالا

وما في الأرض أدبر من أديب

يكون الكلب أحسن منه حالا

ثم اتفق أن حمل إلى سيف الدولة أموال من بعض الجهات على بغال ضاع منها بغل بما عليه وهو عشرة آلاف دينار وجاء هذا البغل ووقف على باب الناشي بالأحصّ فسمع حسّه فظنه لصا فخرج إليه بالسلاح فوجده بغلا موقرا بالمال فأخذ ما عليه وأطلقه ثم دخل على سيف الدولة وأنشده :

ومن ظنّ أن الرزق يأتي بحيلة

فقد كذّبته نفسه وهو آثم

يفوت الغنى من لا ينام عن السّرى

وآخر يأتي رزقه وهو نائم

فقال له سيف الدولة : بحياتي وصل إليك المال الذي كان على البغل فقال نعم فقال خذه بجائزتك مباركا لك فيه فقيل لسيف الدولة كيف عرفت ذلك فقال عرفته من قوله «وآخر يأتي رزقه وهو نائم» بعد قوله «يكون الكلب أحسن منه حالا».

ومن البلاد التي لها ذكر في التاريخ (عين زربة) هي الآن قرية صغيرة وكانت مدينة عظيمة على سفح جبل مشرف عليها وفي سنة (١٠٨) أمر الرشيد ببنائها وتحصينها لأنها كانت قلّت سكانها ووهن عمرانها وبعد أن عمرت بأمر الرشيد ندب إليها جماعة من أهل خراسان وأقطعهم بها المنازل ثم نقل إليها المعتصم جماعة من الظّط (٣) الذين كانوا تغلبوا على البطائح وهي أرض واسعة بين واسط والبصرة والزط (٣) قوم من الهند. وفي سنة

__________________

(١) معجم البلدان «الأحصّ» وروايته : «بمكانه».

(٢) السخال : أولاد المعز أو الضأن.

(٣) يترخص المؤلف ـ كما ترى ـ في كتابته ، فمرّة يكتب «الظطّ» بالظاء ، وأخرى بالزاي «الزط». والثانية هي الصواب.

٣٦٦

(٣٥١) استولت عليها الروم وفعلوا بها وأهلها أفعالا فظيعة كما حكيناه في أخبار هذه السنة في باب الحوادث.

ومن الأماكن التي لها ذكر في التاريخ (أورم) قال ياقوت : هي أربعة قرى أورم الكبرى وأورم الصغرى وأورم الجوز وأورم البرامكة. قلت : وكلها معروفة الآن إلا أورم البرامكة. قال : ويحكى عن أورم أعجوبة وهي أن فيها أبنية كانت من قديم الزمن معبدا فيرى المجاورون لها من أهل القرية ضوء نار ساطعا فإذا جاؤوها لا يرون شيئا وكان على هذه البنية ثلاثة ألواح من حجارة مكتوب على اللوح القبلي منها بالخط القديم ما تعريبه (الإله الواحد كملت هذه البنية في تاريخ ٣٢٨ سنة لظهور المسيح) وعلى اللوح المضروب على وجه الباب (سلام على من كمل هذه البنية) وعلى اللوح الشمالي (هذا الضوء المشرق الموهوب لنا من الله في أيام البربر في الدور الغالب المتجدد في أيام الملك إيناوس وإيناس البحريين المنقولين إلى هذه البنية وقلاسس وجسنسا وقاسورس وبلابيا في شهر أيلول في ثاني عشر من التاريخ المتقدم والسلام على شعوب العالم والوقت الصالح).

ومن هذه الأماكن أيضا (تل السلطان) كان اسمه الفنيدق بينه وبين حلب خمسة فراسخ وبه كانت وقعات الفنيدق بين ناصر الدولة بن حمدان وبني كلاب من بني مرداس في سنة ٤٥٢ وفي سنة ٤٨٦ كانت في قربه وقعة بين أقسنقر وبين تتش فعرف التل من ذلك اليوم بتل السلطان نسبة إلى السلطان ملك شاه.

ومن تلك الأماكن أيضا (جبرين الفستق) قرية على باب حلب بينهما نحو ميلين وهي لم تزل كبيرة عامرة و (جبرين قورسطايا) من قرى حلب من ناحية عزاز وتعرف أيضا بجبرين الشمالي وينسب إليها أبو القاسم أحمد بن هبة الله النحوي المقرئ الفاضل إمام شاعر وكان له حلقة بجامع حلب وله ثروة وهو من أعيان القرن السابع ومن شعره :

ملك إذا ما السّلم شتّت ماله

جمع الهياج عليه ما قد فرّقا

وأكفّه تكف الندى فبنانه

لو لامس الصخر الأصمّ لأورقا

وإلى جانب قبتان الجبل المحررة في الجدول بين حور وبابيص جب الكلب الذي كان على ما قاله بعض مؤرخي حلب ينفع المكلوب من عضة الكلب فيؤمر المعضوض بأن ينظر إلى تلك البئر ويشرب من مائها فيبرأ من مرضه ويقال إن امرأة ألقت فيه خرقة حيض

٣٦٧

فبطلت خاصيته وذلك في حدود سنة خمسمائة وكان إحدى عجائب حلب الثلاث.

ومن الأماكن المذكورة قنسرين الثانية وهي (١) حيار بني القعقاع بن خليد بن الحارث العبسي وهم أخوال الوليد وسليمان بن عبد الملك بن مروان وتعرف أيضا بحيار بني عبس وموضعها الآن قرب قنسرين وهي داثرة يزرعها الفلاحون.

وفي آرل جوار عنادان مشهد الرجم على جبل مشرف على الأرتيق.

ومن الأماكن القديمة الشهيرة في هذا القضاء : قلعة سمعان أو سراي سمعان أو كنيسة سمعان وهي بناء ضخم ذو أساطين عظيمة على كثير من حجارته خطوط رومانية يقصده السواح (٢).

انتهى الكلام على هذا القضاء.

__________________

(١) في الأصل : «وهو» فصححناها.

(٢) الصواب : السيّاج.

٣٦٨

قضاء الرقة

كديران عشيرة عجل ٩٦ عشيرة بو جابر ١٢٩ السويدية ١٢١ جعبر ١٢٢ الحوائج الصغيرة ٥٨ الحفرة ٤٧ الواسطة ٨١ الحوائج الكبيرة ١٠٨ دبس فرج السلامة ٣٣ غزالة ٥٥ عائد ١٦ كريك ٢٧ مريبط ٨٥ حويش ٣٥ دبس غضبان العلي ٨٤ طاوى ١٦٢ شمس الدين ١٦١ رميله ١٤ الرقة تابع شلاش العلي ١٨٥ فخذ كريم ٦٩ فخذ غول الحمود الجرن ١٣١ فخذ علوش أفندي ١٤٥ حليسات عشيرة المعامرة ٦٧ حليسات عشيرة عبد الله ٥٣ فرقة الجدارسة ٣٥ عبد الله الموصلي ٩ عشيرة غانم الظاهر ١١٦ قرية السمرة ٥٩ مرابيع السيد الشيخ ٤١ قرية السبعة ٥٤ قرية كمسره ٢١٧ قرية رطله ٥٧ سلجية ٦٩ حلو ١٧٩ حمرة مدلج فخذ فياض بلاسم ٨٨ حمرة الجماسة ١٢٢ حمرة مدلج عشيرة الغنام ٩٤ حمرة مدلج عشيرة ناصر ١٩٦ حمرة الجماسة ١٥٣ فخذ مرابيع عبد الستار ٨٦ مدلج بلاسم فخذ إسماعيل العبد ١٢٥ حسن علي الحمار ٨٧ حسن العلي فخذ خابور الصالح ٩١ بريج عشيرة عليان ٥٣ فاطمة بريج عشيرة موسى الراشد ١٦٠ فاطمة بريج عشيرة الراشد ٦٣ فاطمة بريج عشيرة موسى الراشد ٤٧ خسى صابل فخذ الخضر ١٠٥ خسى عجيل فخذ الحملة ١٦٧ حمرة وشيخ دندل عشيرة الخلف ٤٨ قرية تل سمن عشيرة المجادلة ٤٤.

فجملة ما وقع عليه قلم الإحصاء في هذا القضاء (٤٥٨٩) نسمة ما بين ذكر وأنثى.

على أن هذا العدد هو الذي أمكن إحصاؤه من أهل هذا القضاء الأعراب الرّحل النّزل الذين يقيمون في المضارب أكثر عامهم ولا يأوون إلى العمران إلا قليلا.

الكلام على هذا القضاء

وما فيه من الأماكن المشهورة

هذا القضاء في شرقي حلب يبعد مركزه عنها ، وهو قصبة الرقة البيضاء ، ستا وثلاثين ساعة وهو قضاء واسع الأراضي كثير السهول طيب التربة إلا أنه غير معمور لبعده وكثرة بدوه وقراه التي ذكرناها في الجدول لا يبلغ عددها ربع قراه وإنما لم نذكرها كلها لعدم

٣٦٩

وقوفنا على عدد سكانها لأنهم لم يجر عليهم قلم الإحصاء إذ كانوا أعرابا رحّلا يعسر ضبطهم على ما أسلفنا بيانه. والقرى التي ذكرناها هي التي تجبى غلاتها إلى جهة خزينة الدولة وما عداها من القرى التي لم نذكرها كانت تابعة مزارع السلطان عبد الحميد.

كان قضاء الرقة تابعا لواء الزور. ثم في حدود سنة ١٣٠٠ ألحق بلواء حلب.

والرقة كانت مدينة مشهورة على الفرات بينها وبين حران ثلاثة أيام وهي تعد من بلاد الجزيرة لأنها من جانب الفرات الشرقي وكان بالجانب الغربي مدينة أخرى تعرف برقة واسط كان بها قصر لهشام بن عبد الملك وأسفل من الرقة ، بفرسخ ، الرقة السوداء وكانت كبيرة ذات بساتين كثيرة والرقة بنيت عوضها الرافقة وسميت بها وكانت قاعدة ديار مضر وقال ربيعة الرقي :

حبّذا الرقة دارا (١) وبلد

بلد ساكنه ممن تود

ما رأينا بلدة تعدلها

لا ولا أخبرنا عنها أحد

إنها برية بحريّة

سورها بحر وسور في الجدد (٢)

تسمع الصّلصل في أشجارها

هدهد البرّ ومكّاء غرد (٣)

لم تضمّن بلدة ما ضمّنت

من جمال في قريش وأسد

فتحت الرقة البيضاء صلحا على يد عياض بن غنم سنة (١٧) فقال سهيل بن عدي:

وصادمنا الفرات غداة (٤) سرنا

إلى أهل الجزيرة بالعوالي

أخذنا الرقة البيضاء لما

رأينا الشهر لوّح بالهلال

وأزعجت الجزيرة بعد (٥) خفض

وقد كانت تخوّف بالزوال

وصار الخرج ضاحية إلينا

بأكناف الجزيرة عن تقال

__________________

(١) في الأصل : «دار». والتصويب من الديوان ومعجم البلدان.

(٢) الجدد : ما استرقّ من الرمل وانحدر.

(٣) الصلصل والمكاء : نوعان من الطيور.

(٤) في الأصل : «غدات» خطأ.

(٥) في الأصل ض «بعض» خطأ.

٣٧٠

هذه المدينة قديمة العهد جدا بناها إسكندر المقدوني تذكارا لانتصاره وسميت أولا نيقيفوريوم ثم كاليكيوم ثم قسطنطينو بوليس ثم لاونتوسو بوليس نسبة إلى قياصرة من الرومان.

وحدث لها في تاريخ الإسلام عدة حوادث فقد جرت بها وقعة بين أهلها وعساكر الضحاك الخارجي سنة ١٢٨ فأرسل مروان عسكرا أرحل عنها الخوارج واستوطنها الرشيد سنة ١٨٠ وبنى فيها قصرا جميلا وتكاثر بها الناس وزادت عمارتها وقال الرشيد يوما في تركه بغداد وتوطّنه الرقة : ولنعم الدار هي بغداد ولكني أريد المناخ على ناحية أهل الشقاق والنفاق والبغض لائمة الهدى والحب لشجرة اللعنة بني أمية مع ما فيها من المارقة والمتلصصة ومخيفي السبيل ولو لا ذلك لما فارقت بغداد.

وآثار قصر الرشيد فيها باقية إلى هذا العصر وهي واقعة على ملتقى بالس والفرات على مسافة مائتي ميل من ديار بكر إلى الجنوب الغربي وفيها بعض آثار رومانية. وينسب إليها جماعة من العلماء ومنهم أبو عمرو هلال بن العلاء ابن هلال الرقي محدث ضعيف الحديث مات سنة (٢٧٠) ومحمد بن حسن الرقي الشاعر يعرف بالمعوج مات سنة (٣٠٧) ومن المتأخرين القاضي البيضاوي صاحب التفسير وقيل هو من البيضاء بلدة بفارس.

وقد دلت تواريخ الدولة العثمانية على أن قضاء الرقة بقي معمورا مدة طويلة وكانت الدولة ترسل إليها واليا كوالي حلب يقيم بها. ثم على تمادي الأيام ألم بها الخراب وصارت الدولة تسمي والي حلب والي حلب والرقة ويقيم بحلب واستمر ذلك كذلك إلى حين تشكيل الولايات فأفرد والي حلب بالذكر وكانت الرقة قد أشرفت على الانمحاء من الوجود وخرب برها خرابا فاحشا بسبب البدو الرحل فصارت مركز مديرية إلى حدود سنة ١٣٠٠ وفيها فتحت عدة قرى من المزارع السلطانية واستوطنها كثير من العرب يسكنون فيها بأخصاص (١) وبيوت من الشعر وأخذت بالعمار قليلا ودب العمار في برها وحينئذ صارت مركز قائمقامية على ما هي عليه اليوم.

قيل : إن الرقة في أيام المأمون بن هارون الرشيد كان محيط سورها مسافة ساعة وفي

__________________

(١) سبق شرحها ص ٣٤٠.

٣٧١

أيام نور الدين محمود زنكي بني فيها جامع حافل أثر منارته باقية (١) حتى الآن. وجميع سكان هذا القضاء أعراب لغتهم العربية البدوية.

الرافقة

وأما الرافقة فهي الرقة القديمة مجاورة الرقة الجديدة وهي البلدة التي كانت مشهورة على شاطىء الفرات ويقال لها الرقتان. وكانت الرافقة بلدة متصلة بناء بالرقة على ضفة الفرات بينها مقدار ثلاثمائة ذراع وكان على الرافقة سوران بينهما فصيل ، وكانت على هيئة مدينة السلام وكان لها ربض بينها وبين الرقة يقال له ربض هرثمة على شاطىء الفرات مدفون فيه يحيى البرمكي وفي هذا الربض كانت أسواق الرقة وكانت الرافقة قد خربت وغلب عليها اسم الرقة ثم بناها عوضا عن الرقة المنصور سنة ١٥٥ كبناء مدينة بغداد ورتب فيها جندا من أهل خراسان وجرى ذلك على يد المهدي ولي عهده ثم بنى الرشيد قصورها وبقي بينها وبين الرقة البيضاء فضاء ومزارع ونقل إليها أسواق الرقة علي بن سليمان بن علي حين ولي الجزيرة.

قلت : ومنذ خمسين سنة وزيادة يشتغل الأعراب وغيرهم بحفر محل الرافقة واستقصاء العاديات منها فخرج منها من ذلك ما يعيا قلم الإحصاء بعدّه من الظروف الخزفية والزجاجية وغيرها. ثم حظرت الحكومة الحفر فيها غير أنه لم يزل يستخرج من أرضها بعض عاديات على صفة خفية.

مدينة الرصافة

وفي هذا القضاء مدينة (الرصافة) وتعرف برصافة هشام. كانت مدينة بقرب الرقة وماء أهلها من الصهاريج وفيها آبار سحيقة رشاؤها مائة وعشرون ذراعا وماؤها ملح. وبينها وبين الفرات أربعة فراسخ. وكان أهلها مشهورين بعمل الأكسية والجوالق والمخالي (٢) تحمل إلى سائر البلاد. وكان هشام يفزع إليها من البق في شاطىء الفرات. وقال الأصمعي : وكان بها دير.

__________________

(١) الوجه أن يقول «باق» لأنه خبر المبتدأ «أثر» ، ولكنه أكسبه التأنيث من المضاف إليه «المنارة».

(٢) الجوالق : أكياس من الخيش توضع فيها الحبوب. والمخالي : جمع مخلاة : ما يجعل فيه العلف ويعلّق في عنق الدابة.

٣٧٢

وعن ابن بطلان أن قصر الرصافة حصن دون دار الخلافة ببغداد وفيه بيعة عظيمة ظاهرها بالفص المذهب أنشأها قسطنطين بن هيلانة وتحت البيعة صهريج معقود على أساطين الرخام المبلط بالمرمر مملوء من ماء المطر. وكان سكان هذا الحصن بادية أكثرهم نصارى معاشهم تخفير السابلة. وهذه الرصافة هي التي عناها الفرزدق بقوله :

إلام تلّفتين وأنت تحتي

وخير الناس كلّهم أمامي

متى تردي الرصافة تستريحي

من الأنساع والجلب الدوامي

ولما قال الفرزدق هذين البيتين قال : كأني بابن المراغة (١) وقد سمع هذين فقال :

تلفّت إنها تحت ابن قين

حليف الكير والفأس الكهام

متى ترد (٢) الرصافة تخز فيها

كخزيك في المواسم كل عام

وكان الأمر كذلك لم يخرم جرير حرفا ولا زاد ولا نقص لما بلغه معناه.

وذكر ابن العديم أن الرصافة كانت بلدة منيعة لأنها في برية ولا ماء عندها ولها سور من الحجر وفي داخلها مصنع كثير الماء من المطر وكان هشام بناها وعمل عليها سورا واتخذها دار إقامته. وذلك أنه لما كثر الطاعون في زمن بني أمية وفشا كانت العرب تنتجع البر وتبني القصور والمصانع هربا منه إلى أن ولي هشام بن عبد الملك فابتنى الرصافة وكانت مدينة رومية قديمة ثم خربت وكان الخلفاء وأبناؤهم يهربون من الطاعون فينزلون البرية فلما عزم هشام على نزول الرصافة قيل له لا تخرج فإن الخلفاء لا يطعنون (٣) فقال : أو تريدون أن تجربوا فيّ؟ ثم خرج إليها.

والمشهور أن النعمان بن الحارث بن مارية ذات النطاقين وهو أحد ملوك غسان هو الذي أصلح صهاريج الرصافة وعمل صهريجها الأعظم وكان بعض ملوك غسان خربها ولما استولى التتار على حلب وأعمالها في سنة (٦٥٨) أمنوا أهل الرصافة وأبقوهم على ما هم عليه. فلما كسر المسلمون التتار ولّى عليها السلطان الملك الظاهر أبو الفتح بيبرس صاحب

__________________

(١) يعني جريرا.

(٢) في الأصل : «تردي» خطأ ، والخطاب للفرزدق.

(٣) أي لا يصيبهم الطاعون.

٣٧٣

الديار المصرية والشامية واليا بقي مقيما بها إلى سنة ٦٦٨ وفيها جلا أهلها عنها وسكنوا سلمية وحماة وغيرهما من البلاد ولم يبق بها أحد البتة. اه.

قلت هي الآن خراب واسع يحيط به سور معمور من عدة جهات وفيها عدة مبان قائمة معمورة بالحجارة المهندمة الجميلة كسورها ، والمشتغلون باستخراج العاديات من أراضي الخرابات القديمة يقصدون الرصافة زرافات ووحدانا ويقيمون فيها الأيام العديدة ويحفرون في أراضي منازلها ومقابرها القديمة فيخرج لهم من المنازل عاديات خزفية جميلة تباع للغربين بأثمان باهظة وقليلا ما يخرج لهم نقود فضية. وأما المقادير القديمة فربما خرج لهم منها حلى ذهبية. على أن عادياتها الخزفية تباع بأثمان أكثر مما تباع به عاديات الرقة.

مسكنة

وفي هذا القضاء أيضا مدينة(مسكنة) وهي المعروفة قديما ببالس وكانت مدينة على شاطىء الفرات تحمل منها التجارات التي ترد إلى مصر وسائر أرض الشام في السفن إلى بغداد. قيل سميت ببالس بن الروم بن اليقين بن سام وكانت على ضفة الفرات الغربية فلم يزل الفرات يشرّق عنها قليلا قليلا حتى صارت بينهما مسافة بعيدة وكانت هي وقاصرين(١).

لأخوين من أشراف الروم فصالح أهلها أبا عبيدة على الجزية أو الجلاء فجلا أكثرهم إلى بلاد الروم وأرض الجزيرة وقرية جسر منبج ولم يكن جسر يومئذ وإنما اتخذ في زمن عثمان رضي الله عنه وأسكن بالس وقاصرين قوما من العرب والبوادي ثم خربت قاصرين (٢). ولما توجه مسلمة بن عبد الملك غازيا الروم من نحو الثغور الجزرية عسكر ببالس فأتاه أهلها وأهل بويلس وقاصرة (٣) ، وساموه أن يحفر لهم نهرا من الفرات يسقي أرضهم على أن يجعلوا له الثلث من غلاتهم بعد عشر السلطان فأجابهم وحفر النهر المنسوب إليه ورسم سور المدينة. ولما مات مسلمة صارت بالس لورثته إلى أن أخذتها منهم الدولة العباسية واستمرت في عمرانها إلى سنة (٦٥٨) فخربت في حادثة التتار وجلا أهلها عنها

__________________

(١) قاصرين : بلد كان قرب بالس. «معجم البلدان».

(٢) قاصرين : بلد كان قرب بالس. «معجم البلدان».

(٣) قاصرة : مدينة بأرض الروم «معجم البلدان».

٣٧٤

وخلت من السكان وهي الآن خراب يسكنها شرذمة من الحامية وقليل من التجار الذين يبيعون سلعهم إلى سكان البوادي.

وفي هذا القضاء أيضا(صفّين) وكانت من أعمال جند قنسرين وكانت قرية كبيرة عامرة على مكان مرتفع من الفرات والفرات في سفحه وفيها مشهد لأمير المؤمنين سيدنا علي رضي الله عنه وقيل إنه موضع فسطاطه (١) وموضع الوقعة غربيّه في الأرض السهلة. وقتلى علي في أرض من قبلي المشهد وشرقيه. وقتلى معاوية غربي المشهد وجثثهم في تلال من التراب والحجارة ، كانوا لكثرة القتلى يحفرون حفائر ويطرحونهم فيها ويهتكون عليهم التراب ويرفعونه على وجه الأرض فصارت لطول الزمن كالتلال.

قيل إن صفين كانت مدينة عتيقة من مدن الأعاجم في أرض قنسرين على شاطىء الفرات فيما بين الرقة ومنبج وعن كعب الأحبار أنه قال : وجدت نعتها في الكتاب بأن بني إسرائيل اقتتلوا فيها تسع مرات حتى تفانوا وأن العرب ستقتتل فيها العاشرة حتى يتفانوا.

وفي هذا القضاء أيضا(قلعة جعبر) وهو حصن مطل على الفرات واسمها الدوسرية. وجعبر هو سابق الدين القشيري النميري شيخ أعمى طال مكثه في هذه القلعة فنسبت إليه وكان يقطع الطريق هو وأولاده ويخيف السابلة. وفي سنة (٤٧٩) مسكه السلطان ملك شاه وأمسك أولاده وقتل من بالقلعة من بني قشير وملكها وسار إلى حلب وتسلم قلعتها من سالم بن مالك بن بدران العقيلي وعوضه عنها قلعة جعبر. وفي سنة (٤٩٧) أغار الفرنج على الرقة وقلعة جعبر وكانت لسالم المذكور.

ثم في سنة ٥٤١ حاصرها أتابك زنكي مدة طويلة وكان بها حسان المنبجي من قبل سالم المذكور. وبينما كان زنكي يحاصرها إذ أتاه سهم فقتله وخلص حسان من القتلى ودفن أتابك عماد الدين زنكي ابن آقسنقر بالرقة. وفي سنة ٥٦٤ ملك هذه القلعة نور الدين من صاحبها شهاب الدين مالك بن علي بن مالك العقيلي. وسبب ذلك أن صاحبها نزل يتصيد فأخذه بنو كلاب وحملوه إلى نور الدين فاعتقله وأحسن إليه ورغبه في الإقطاع والمال ليسلم إليه القلعة فلم يفعل فعدل إلى الشدة والعنف وتهدده فلم يفعل ثم أرسل عسكرا كثيفا إلى القلعة فحصروها فلم يفوزوا منها بطائل فعاد إلى الرفق مع مالك فرضي أن يسلمها

__________________

(١) الفسطاط : السرادق الكبير من الشّعر.

٣٧٥

إليه ويأخذ عوضها سروج وأعمالها وملاحة الجبول وعشرين ألف دينا معجّلة ، وهذا إقطاع عظيم جدا ، إلا أنه لا حصن فيه فتسلم مالك ذلك وقيل له أيما أحب إليك وأحسن مقاما سروج والشام أم القلعة فقال هذه أكثر مالا وأما العز ففارقناه بالقلعة.

وفي سنة ٦١١ كان السلطان سليمان شاه جد الأسرة العثمانية قد فارق بلاد ماهان جافلا من التتار هو ومن معه مقبلا إلى السلجوقية ليتوطن في بلادها فقصد جهة حلب من ألبستان هو ومن معه فوصلوا إلى نهر الفرات أمام قلعة جعبر ولم يعلموا المعبر فعبروا النهر فغلب عليهم الماء فغرق سليمان شاه فأخرجوه ودفنوه عند القلعة. ولما ولي السلطنة السلطان عبد الحميد خان الثاني أمر بتجديد مرقد جده فعمر على أحسن طرز. وأما القلعة فقد استولى عليها الخراب من فتنة التتار وعادت كأن لم تكن.

وفي قضاء الرقة مرقد أبي هريرة رضي الله عنه وغيره من الصحابة الكرام.

انتهى الكلام على قضاء الرقة.

٣٧٦

قضاء حارم

حارم ٧١٦ حارم آ ٢ حارم ر ٢٠.

سلقين

الحمام ٤٠٥ الجامع ٤٣٠ البياضة ٣٩١ البازار ٦٢٦ البازار آ ٣ البازار ر ٤ قرية العلاني ٣٣٥ إسقاط ٣٦٥ كوكو ٨٤ كفر حانه ٦٧ الحمزية ١١٨ كفر مو ٣٤٠ كفر عاده ١٠ حير الجاموس ٢٦ الحامضة ٧٥ دير سلونه ١٨ مير إسحاق ١٦ بهليلا ٢٧ مزرعة الشيوخ ٤٥ بيسين ٢٠ جدعين ١٦ بشندلتنه ١٦ الحلة ٣٢ تل أبي طلحة ٦٢ حران ١٨٣ كفر صوم ٥٣ عبريتا ٥٦ بنابل ٤٦ بشندلايه ٥٧ بني شهر أو البركة ٢٢٥ قلب لوزه ١٠٦ معصرته ٦٤ كفر كيلا ٥٧ تل تيتا ٤٤.

أرمناز

محلاتها : الشيخ عبد القادر ٤٢٥ الخضر ٣٩٨ السياسة ٤٠٦ كدسى ٤١٢ التله ٤٤٧ العجمي ٤١٣ الحمام ١٥٤.

كفر تخاريم

محلاتها : البركة ٤٣٦ جب محرم ٤٢٢ العين ٤٤٠ الشمالية ٤٢٥ الخواص ٤٨١ الغربية ٣٩٩ الغربية ر ٤.

أسماء القرى

بيرة أرمناز ٣٤٩ ملس ٢٩٨ كبته ٢٥٣ الدويله ١٨٥ كواره ١٩٣ بياطس ١٨٠ كفر هند ٢٨ بلندور ١٥.

٣٧٧

ناحية باريشا

باريشا ٢٦٤ معرة الشلف ٤٧١ سردين ٢٩٩ ربعتا ٥٦ حتان ٢٢٥ رضوه ١١٤ باش مشلى ١٢٤ تغرايا ٧١ كفر دريان ٤٥٢ كفر عروق ١٤٨ الدانا ١٣٠١ سرمدا ١٠١٠ حزره ١٣١ حفسرجه ٩٦٠ صلوه ١٣٧ ترلاها ١١٠ ترلاها ر ١ بوزغا ١١٩ قرقنيا ١٣٢٧ ترمانين ١٢٥٥ تل عده ٥٧٣ تل عقبرين ٢٨٧ دير خشان ١٥٨ حرحرين ٢٨ معرة الشمالية ١٢ تيزين ٦٤ بورنيا ١٣ كفر تيزايه ٢٠.

ناحية الريحانية

أرتاح ٣٢٣ أرتاح آ ١٠ أرتاح ر ٩ تربيلان ١٨٥ الجديدة ٨٦ العواقيه ١٨٩ قوسان ٨٨ المشرفيه ٦٣ تل داود باشا ٣٥ كفر شيخه ٤١ قسطل قباله ٣٤ أبطال هيوك ٦٢ الحمام الشرقي ٢٠٥ عيرانجي ٤٣ طالش ٨٩ كوك تبه ٤٣ أوصاغي ٤١ قرووج أوغلي ١٦٢ مصطبة ١٦ حسن بللو ٧٤ قره هيوك ٩٣ كفر قره ٤٣ قورج أوغلي إفرازي ٥٨ جقال هيوك ٢٩ كنعانية ٥٥ تليات ١٤ تل غازي محمد بك ٢٣ تل غازي الحاج مرسل ٣١ جيران تبه ٣٣ أق بنار ١١٤ صوجي ٥٠ شرشب ٢٣ جقل تبه ٥٠ بوز هيوك ٤٨ طوف ٥٥ برتلو ٥٩ دهده جنار ٧٥ يني يبان ٣٨ كورت توكلي ٢٥ تل كريش ٥٤ طوتلي هيوك ٧٩ يني كوى ٢١ قره يابي ٣٣ بيوك عواره ٧١ كوجك عواره ٢٤ بيوك صيجانلي ٤٦ كوجك صيجانلي ٤٨ جانبولات ٣٥ باش كوى ٦٧ باشا هيوكى ٦٢ طرمه ١٤ أطه تبه ٢١ بان يورت ٢٥ حلبلي كديكي ٢٠ سيد علي هيوك ١١ دير الرهبان ١١ أفيز ٢٩٢ حافظ ٨٧ تل كركور ٨ أوج تبه ٥٦ تل قرميد ٩ حراب على ٢٢ سازلق ٨ بللانه ٢٩.

فجملة سكان قضاء حارم (٢٥٥٣٢) نسمة ما بين ذكر وأنثى.

الكلام على هذا القضاء

وما فيه من الأماكن الشهيرة

هذا قضاء واسع كثير الخيرات غزير المياه وفيه جانب عظيم رديء المناخ كدارة العمق

٣٧٨

وحارم وما قرب منهما. وموقعه في غربي حلب ويبعد مركزه عنها وهو حارم ست عشرة ساعة وتشتمل حارم على دار حكومة وجامع وبضعة وعشرين دكانا وثلاثة مقاهي وثلاثة طواحين.

قال ياقوت في معجم البلدان : ولفظة حارم إن كانت عربية فهي مشتقة من الحرمان لحصانتها في وقت عمرانها كأنها يحرمها العدو ، أو من الحريم كأنها تكون لمن فيها حرما. ويرجح الثاني ما حكاه عنها ابن الشحنة حيث قال في الكلام عليها : وكانت قبل الفتح سيرة (١) وهي الحظيرة التي تحوط بالمواشي ودامت على ذلك في صدر الإسلام إلى أن ملكت الروم أنطاكية سنة ٣٥٨ فبنوها حصنا لتحمي مواشيهم من غارات العرب ثم صاروا يزيدون فيه ويوسعونه ويشيدونه حتى صار مقطعا من صاحب أنطاكية لفارس من الروم يسمي المارويز فبنى فيه قلعة ووضع عليها علما له وبقي كذلك إلى سنة ٦٣٠ ولم يغيره أحد من ملوك المسلمين الذين يتولون (٢) على هذا الحصن. فقصده الملك العزيز بن الملك الظاهر وأمر بإزالة ذلك العلم وجدد فيه حصنا منيعا بعضه على جبل وبعضه على رصيف مبني بالحجر والكلس وجميع بنائه عقود وفي وسطه عين جارية تفيض إلى الخندق ثم تتفرع (٣) إلى الأرباض.

واستمرت حارم بأيدي الروم إلى سنة ٤٧٧ وفيها استولى عليها سليمان بن قتلمش وقد استولى على أنطاكية وغيرها وبقيت في أيدي المسلمين إلى سنة ٤٩١ وفيها ملك الفرنج أنطاكية وحارم وغيرهما وزادوا في تحصينها وجعلوها ملجأ لهم إذا شنوا الغارات ولم تزل في أيديهم إلى سنة ٥٥٩ وفيها أخذها نور الدين منهم بعد حرب مهولة وأقطعها لرصيفه مجد الدين أبي بكر بن الداية ولما آلت للملك الصالح بن نور الدين أقطعها لسعد الدين كمشتكمين مدبر دولته ثم قتل سعد الدين فقصدها الفرنج طمعا بقلة حاميتها وحاصروها أربعة أشهر ثم صالحهم الملك الصالح على مال ورحلوا عنها.

وكان من بها قد امتنعوا على الملك الصالح بعد قتل كمشتكين فأرسل إليهم الملك الصالح جيشا شدد عليها الحصار بعد رحيل الفرنج فسلموها إليه فاستناب بها مملوكا كان لأبيه

__________________

(١) في ابن الشحنة : ١٦٥ : «صغيرة» بدل «سيرة».

(٢) في ابن الشحنة : «.. أحد من الملوك الذين يستولون ..».

(٣) في الأصل : «يتفرع» والتصويب من ابن الشحنة.

٣٧٩

اسمه سرخك فلما كانت سنة ٥٧٩ قصدها صلاح الدين بعد فتح حلب وبها المملوك المذكور فراسله صلاح الدين أن يسلمها إليه ويعطيه عوضها ما شاء. فجار في الطلب وقصد مراسلة الفرنج فخاف أصحابه أن تصير القلعة بيد الفرنج فقبضوا عليه وأرسلوا إلى صلاح الدين يطلبون الأمان فأجابهم وتسلم القلعة ورتب بها بعض خواصه ثم صارت بعد صلاح الدين لولده الملك الظاهر فاهتم بشأنها وحصن قلعتها واسمه مكتوب على بابها وكان حصنها القديم مثلث الشكل فغيره الملك الظاهر وجعله مدورا وبنى أبراجه مربعة.

وفي سنة (٦٥٧) استولى هولاكو على البلاد وأخذ حارم وقتل جميع من فيها حتى البهائم خنقا وأخربها عن آخرها. وكانت المدينة في أيام الملك الظاهر يحل بها نواب عن الأمراء الأسفهسلارية العظماء الكبراء وكان لها عمل (١) يستخرج منه في تلك الأيام ما يصرف في حقوق ألف فارس خارجا عن قصبة البلد (٢) فإنه كان يستخرج منها خمسمائة ألف درهم وبعد أن خرّبها هولاكو ورحل عنها عادت لأيدي المسلمين إلا أنها أخذت في الخراب والاضمحلال ولم يبق منها سوى أطلال خافية ورسوم بالية.

ولما كانت سنة ١٢٤٣ لجأ إليها الأخوة الثلاثة أجداد آل البرمدا الآتي ذكر أسرتهم فأقاموا فيها تحت المضارب. ثم في سنة ١٢٤٧ بدأت هذه الأسرة ببناء مساكن لهم في حارم. ومن ذلك التاريخ أخذت بالعمار. وفي سنة ١٢٨٥ جعلت الريحانية مركز قائمقام وبعد بضع سنوات نقل مركزه إلى حارم فزاد عمرانها حتى بلغت عدة بيوتها وسكانها ما رسمناه في جدول قضائها.

ثم في شهر شوال سنة (١٣١٢) أنهت حكومة حلب إلى الباب العالي بما ملخصه أن حارم رديئة المناخ ضيقة المساكن والرحاب لا تصلح لجمع العساكر النظامية والرديف ولا يخلو المستخدمون بحكومتها من الأمراض في أكثر الأوقات فلو نقل مركز قائم مقاميتها إلى كفر تخاريم لكان أحسن. وقد زين للحكومة بهذا الإنهاء جماعة من أهل الثراء في كفر تخاريم ووعدوا الحكومة إذا نقل مركز القضاء إلى قريتهم بأن يتبرعوا ببناء سراي للحكومة ومستودع للرديف لا تقل نفقتهما عن أربعة آلاف ليرة فرجع الجواب النقل فنقل المركز

__________________

(١) يراد به ريف المدينة وما يتصل به ، وموارد ذلك كله.

(٢) أي مركز المدينة. وفي الأصل «قضية» تصحيف. وانظر الصفحة التالية.

٣٨٠