ثمّ إنّ الكلام يقع الآن في تقسيمات المقدّمة وتقسيمات الواجب.
أمّا تقسيمات المقدّمة ، فمنها تقسيمها إلى :
المقدّمة الداخليّة والخارجيّة
والمراد بالمقدّمة الخارجيّة : ما كان وجودها منحازا عن وجود ذي المقدّمة ، فيشمل الشرط أيضا. وبالداخليّة : ما كان وجودهما واحدا. لا ريب في دخول المقدّمة الخارجيّة في محلّ النزاع. وأمّا الداخليّة : فهي محلّ الكلام بين الأعلام.
وتحقيق الكلام فيها أنّها تنقسم إلى أقسام ثلاثة :
أوّلها : المركّبات الاعتباريّة.
ثانيها : المركّبات الحقيقيّة ، كالجواهر.
ثالثها : المركّبات الحقيقيّة التي هي بسائط بحسب الوجود ، إلّا أنّ العقل يحلّلها إلى امور كالأعراض.
أمّا الأخير : فلا ريب في خروجه عن محلّ النزاع كالبياض مثلا ، فإنّه وجود واحد بسيط ولكنّ العقل يحلّله إلى ما به الاشتراك وما به الامتياز ، فيقول : إنّه لون مفرّق للبصر مثلا ، ولكنّه وجود واحد بسيط يوجد بوجود واحد وينعدم بانعدام واحد ، وليس مركّبا إلّا أن العقل يحلّله في مقام التحديد كما مرّ ، فليس فيه جزء كي يقع الكلام في أنّه مقدّمة أم لا؟ واجبة أم لا؟
وأمّا القسم الثاني : وهو المركّب الحقيقي ، فلا ينبغي الشكّ في خروجه أيضا عن محلّ النزاع ؛ لأنّه مختصّ بالجواهر كما تقدّم ، ومعلوم أنّ الجواهر لا يتعلّق بها حكم أصلا ؛ إذ الحكم إنّما يتعلّق بأفعال المكلّفين ولا يتوجّه إلى الجواهر أصلا ، مضافا إلى أنّه وإن كان مركّبا في الواقع وحقيقة إلّا أنّ وجوده إنّما يكون بوجود واحد ،