وهو صادر بعد حين؟ ألا ترى الى المنشئات الوضعية فى باب المعاملات كالملكية والحرية وامثال ذلك ، انما تقتضى حصول مضامينها من حين حصول الانشاء ، وجريان الصيغة الانشائية ، لا ما قبل ذلك كما هو ظاهر.
لانه يقال : نعم ما ذكرت جيد متين ، إلّا انه فرق بين المقام ومقام الانشاء الوضعى ، فان المقام من قبيل الحكاية التى يحكيها الراوى عن الامام (ع) او المروى عنه عن الواقع ، وفى مثله يجوز الاعلام بكون الشىء محرما ، مثلا من بدو الامر الى ختمه ، فيصادف ذلك زمان العام من حين صدوره ، ويقع التعارض بينه وبين العام فى جميع ازمنته قبلا وبعدا ، وهذا بخلاف غير هذا المقام الذى يكون انشاء الملكية فيه ، ويكون حكما وضعيا ، فانه انما يترتب الاثر من حين الانشاء ، ضرورة انه يستحيل تقدم المنشا على انشائه لانه كتقدم المعلول على علته.
هذا كله فيما علم تاريخ الخاص ، واما اذا كان مجهول التاريخ ، واحتمل وروده قبل العام وبعده ، وعلى تقدير الثانى يحتمل وروده من قبل حضور وقت العمل بالعام ، ويحتمل وروده بعده ، فإن كان الخاص دالا على تقدم حكمه ازلا بنى فيه على التخصيص ، اذ لا يخرج واقع امره عن واحد من الفروض المحتملة فيه ، والحكم فى جميعها البناء على التخصيص دون النسخ ، واما اذا كان الخاص غير ناظر الى الازلية فيجيء فيه احتمال النسخ ، اذا كان واردا بعد حضور وقت العمل بالعام ، واحتمال التخصيص ، اذا كان واردا قبل حضور وقت العمل بالعام ، او قبل ورود العام ، وحيث لا معين لاحد الاحتمالين ، كان الواجب الرجوع الى الاصول العملية فأفهم واغتنم ، والحمد لله.