مستمسك العروة الوثقى - ج ٧

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

مستمسك العروة الوثقى - ج ٧

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : الفقه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧٠٤

والأربع ، ومقتضى البناء على الأكثر الحكم بأن ما بيده رابعتها والإتيان بصلاة الاحتياط بعد إتمامها. إلا أنه لا يمكن إعمال القاعدتين معا ، لأن الظهر إن كانت تامة فلا يكون ما بيده رابعة ، وإن كان ما بيده رابعة فلا يكون الظهر تامة ، فيجب إعادة الصلاتين ، لعدم الترجيح في إعمال إحدى القاعدتين [١]. نعم الأحوط الإتيان بركعة أخرى للعصر ثمَّ إعادة الصلاتين ،

______________________________________________________

[١] بل يمتنع إعمال قاعدة البناء على الأكثر تفصيلا بعنوان العصر. إما لأن التسليم فيها على الثلاث. أو لفقد شرط الترتيب ، فلا يحتمل كون التسليم المأتي به بعنوان العصر مطابقاً للواقع. وقد عرفت : أن شرط جريان قاعدة البناء على الأكثر احتمال المطابقة للواقع. كما أنه يمتنع تفصيلا إعمالها بعنوان الظهر بسبب العدول. إما لتمامية الظهر الأولى فيمتنع العدول بالثانية أو لنقصها فتكون الثانية تامة ، ولا مجال لصلاة الاحتياط. وان شئت قلت : لا مجال لإعمال التعارض بين قاعدتي الفراغ في الظهر وقاعدة البناء على الأكثر في العصر ، لأن الترتيب بين الظهر والعصر يوجب تأخر صحة الثانية عن صحة الأولى ، فالأصل المصحح للأولى متقدم رتبة على الأصل المصحح للثانية ، ويمتنع إعمال التعارض بين الأصلين المترتبين ، لان جريان الثاني إذا كان مشروطاً بجريان الأول ، فلو عارضه وأسقطه سقط هو فيلزم من وجود الشي‌ء عدمه. ولا مجال لتقرير ذلك في جريان الأول ، لإمكان التفكيك بينه وبين الثاني. وقد أشرنا في المسألة الخامسة عشرة الى أن ذلك موجب للعلم بسقوط الثاني عن الحجية والشك في سقوط الأول عنها ، فيؤخذ بإطلاق دليله. كما أن قاعدة الفراغ في الصلاة الأولى ـ المأتي بها بعنوان الظهر ـ مانعة من إجراء قاعدة البناء على الأكثر في الصلاة الثانية بعنوان الظهر أيضا ، فإنه لا مجال لها فيها بعد صحتها بقاعدة الفراغ الجارية في الأولى.

٦٤١

لاحتمال كون قاعدة الفراغ من باب الامارات [١]. وكذا‌

______________________________________________________

ويتحصل من ذلك : امتناع الأخذ بقاعدة البناء على الأكثر في الثانية ـ لا بعنوان العصر ولا بعنوان الظهر. وجواز الأخذ بقاعدة الفراغ في الظهر بلا معارض. وإذا تعين سقوط قاعدة البناء على الأكثر في الثانية فإن أمكن الرجوع الى أصالة الأقل في غير الشكوك المنصوصة رجع إليها هنا ـ بعد جريان قاعدة الفراغ في الظهر ـ واكتفي في صحة الصلاتين بضم ركعة متصلة وإن امتنع الرجوع الى أصالة الأقل بطلت الثانية ـ لعدم المصحح ـ واحتاج الى إعادة العصر فقط. هذا ولو سلم على الثانية برجاء العدول إلى الظهر ثمَّ جاء بالعصر كان موافقا للاحتياط ولم يحتج إلى إعادة الصلاتين. ومنه يظهر الكلام في الفرع الاتي.

[١] يعني : فتكون دالة على تمامية الظهر بالمطابقة ، وعلى أن العصر ثلاثة بالالتزام. وحينئذ لا مجال لقاعدة البناء على الأكثر ، لارتفاع موضوعها ـ وهو الشك ـ بسبب قيام الأمارة على خلافه ، فيجب العمل بالأمارة لا غير. هذا ولكن لو قلنا : بأن قاعدة الفراغ أمارة فلا نقول بأنها تثبت كل لازم لصحة الفعل ، لقصور دليلها عن إثبات ذلك ـ ولو دل على أنها أمارة ـ إذ ليس لازم كل أمارة أن تكون حجة في اللازم ، فان اليد أمارة على الملكية وليست حجة في إثبات كل لازم للملكية ، وظواهر الألفاظ أمارة على المراد وليست حجة في كل لازم له.

وبالجملة : الاقتصار في حجية الأمارة على خصوص المدلول المطابقي ـ أو مع الالتزامي في الجملة أو مطلقاً ـ تابع لدليل الحجية ، وهو مختلف ولا مجال لاحتمال دلالة دليل قاعدة الفراغ ـ سواء أكان هو الاخبار المتقدمة (١) ، أم سيرة العقلاء ، أم إجماع العلماء ـ على حجيتها في لوازم‌

__________________

(١) راجع الوسائل باب : ١٦ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٢. وباب : ٢٣ حديث : ٣ ، وباب : ٢٧ حديث : ١ ، ٢ ، ٣ ، وباب : ٤٢ من أبواب الوضوء حديث : ٢ ، ٥ ، ٦ وقد تقدم بعضها في المسألة : ٩ من فصل الشك.

٦٤٢

الحال في العشاءين إذا علم أنه إما صلى المغرب ركعتين ـ وما بيده رابعة العشاء ـ أو صلاها ثلاث ركعات ، وما بيده ثالثة العشاء.

( السابعة والعشرون ) : لو علم أنه صلى الظهرين ثماني ركعات ، ولكن لم يدر أنه صلى كلا منهما أربع ركعات أو أو نقص من إحداهما ركعة وزاد في الأخرى بنى على أنه صلى كلا منهما أربع ركعات ، عملا بقاعدة عدم اعتبار الشك بعد السلام. وكذا إذا علم أنه صلى العشاءين سبع ركعات وشك بعد السلام في أنه صلى المغرب ثلاثة والعشاء أربعة ، أو نقص من إحداهما وزاد في الأخرى فيبني على صحتهما [١]

( الثامنة والعشرون ) : إذا علم أنه صلى الظهرين ثمان ركعات وقبل السلام من العصر شك في أنه هل صلى الظهر أربع ركعات ـ فالتي بيده رابعة العصر ـ أو أنه نقص من الظهر ركعة فسلم على الثلاث ـ وهذه التي بيده خامسة العصر ـ فبالنسبة إلى الظهر شك بعد السلام ، وبالنسبة إلى العصر شك بين الأربع والخمس فيحكم بصحة الصلاتين ، إذ لا مانع من إجراء القاعدتين [٢] ، فبالنسبة إلى الظهر يجري قاعدة الفراغ والشك بعد السلام ـ فيبني على أنه سلم على أربع ـ وبالنسبة‌

______________________________________________________

الصحة ، وإن دل على كونها أمارة لا أصلا.

[١] الحكم فيها ظاهر.

[٢] الشك في الفرض راجع الى الشك في سقوط أمر الظهر ، من جهة احتمال نقص الركعة ، وفي سقوط أمر العصر بما في يده من جهتين :

٦٤٣

إلى العصر يجري حكم الشك بين الأربع والخمس ، فيبني على الأربع ـ إذا كان بعد إكمال السجدتين ـ فيتشهد ويسلم ، ثمَّ يسجد سجدتي السهو. وكذا الحال في العشاءين إذا علم قبل السلام من العشاء أنه صلى سبع ركعات وشك في أنه سلم من المغرب على ثلاث ـ فالتي بيده رابعة العشاء ـ أو سلم على الاثنتين ـ فالتي بيده خامسة العشاء ـ فإنه يحكم بصحة الصلاتين وإجراء القاعدتين.

( التاسعة والعشرون ) : لو انعكس الفرض السابق ، بأن شك ـ بعد العلم بأنه صلى الظهرين ثمان ركعات ـ قبل السلام من العصر في أنه صلى الظهر أربع ـ فالتي بيده رابعة العصر ـ أو صلاها خمسا ـ فالتي بيده ثالثة العصر ـ فبالنسبة إلى الظهر شك بعد السلام ، وبالنسبة إلى العصر شك بين الثلاث والأربع. ولا وجه لإعمال قاعدة الشك بين الثلاث‌

______________________________________________________

إحداهما فقد الترتيب بينهما وبين الظهر ، والثانية : احتمال زيادة ركعة فيها. أما احتمال نقص الركعة في الظهر فملغى بقاعدة الفراغ. وأما الجهة الأولى في العصر فملغاة أيضا بقاعدة الفراغ في الظهر ، فإنها كما توجب الفراغ عن أمر الظهر توجب الفراغ عن شرطية الترتيب في العصر. وأما الجهة الثانية في العصر فلا تصلح قاعدة الفراغ في الظهر لإلغائها ـ وإن كان لازم الفراغ من الظهر عدم زيادة ركعة في العصر ـ إذ لا نقول بالأصل المثبت ـ كما عرفت قريباً ـ فالمرجع في إلغائها قاعدة البناء على الأربع عند الشك بين الأربع والخمس. وإذ لا تنافي بين إلغاء الجهات المذكورة كان إعمال الأصول فيه بلا مانع.

٦٤٤

والأربع في العصر ، لأنه إن صلى الظهر أربعا فعصره أيضا أربع [١] ، فلا محل لصلاة الاحتياط [٢]. وإن صلى الظهر خمساً فلا وجه للبناء على الأربع في العصر [٣] وصلاة الاحتياط ، فمقتضى القاعدة إعادة الصلاتين [٤]. نعم لو عدل بالعصر [٥] إلى الظهر ، وأتى بركعة أخرى [٦] وأتمها يحصل‌

______________________________________________________

[١] ولما تقدم في المسألة السادسة والعشرين : من أن الترتيب بين الصلاتين يوجب الترتب بين قاعدة الفراغ في الأولى وقاعدة البناء على الأكثر في الثانية. وحينئذ يمتنع إعمال التعارض بينهما.

[٢] وقد عرفت : امتناع التفكيك ـ في قاعدة البناء على الأكثر ـ بين التسليم على الأكثر المحتمل وصلاة الاحتياط ، فاذا تعذرت الثانية تعذر الأول.

[٣] بل يجب العدول واقعا وضم ركعة ، وإذ يعلم بعدم مطابقة التسليم على الأكثر المحتمل للواقع لم يكن مجال لقاعدة البناء على الأكثر.

[٤] لم يظهر وجه استنتاج هذه النتيجة مما ذكره أولا ، فإنه راجع إلى امتناع العمل بقاعدة البناء على الأكثر في العصر. ولازمه عدم المانع من إجراء قاعدة الفراغ في الظهر ، إذ ليس ما يحتمل أن يكون مانعا عن ذلك إلا قاعدة البناء على الأكثر من جهة المعارضة ، فإذا امتنع العمل بها تعيينا كانت قاعدة الفراغ في الظهر بلا معارض ، ويترتب على ذلك الاكتفاء بإعادة العصر فقط.

[٥] يعني : عدولا ، برجاء كون الظهر خمسا باطلة. ثمَّ إن من الواضح أنه لا ملزم له عقلا بهذا العدول.

[٦] قد يقال : بأنه يقطع بعدم جواز الإتيان بالركعة المتصلة مع الشك الوجداني في ركعاتها بين الثلاث والأربع. وفيه : المنع من هذا القطع ، لما عرفت : من عدم انقلاب الواقع بالشك ، غاية الأمر أنه لا يجتزأ به شرعا‌

٦٤٥

له العلم بتحقق ظهر صحيحة ، مرددة بين الأولى ـ إن كان في الواقع سلم فيها على الأربع ـ وبين الثانية المعدول بها إليها إن كان سلم فيها على الخمس. وكذا الحال في العشاءين إذا شك ـ بعد العلم بأنه صلى سبع ركعات قبل السلام من العشاء ـ في أنه سلم في المغرب على الثلاث ـ حتى يكون ما بيده رابعة العشاء ـ أو على الأربع ، حتى يكون ما بيده ثالثتها. وهنا أيضا إذا عدل إلى المغرب [١] وأتمها يحصل له العلم بتحقق مغرب صحيحة ، أما الأولى أو الثانية العدول إليها. وكونه شاكا بين الثلاث والأربع ـ مع أن الشك في المغرب مبطل ـ

______________________________________________________

ظاهراً ، لاحتمال الزيادة ، فإذا فرض عدم حصول الزيادة واقعا كانت الصلاة صحيحة حينئذ.

[١] قد يقال : بأن العدول موجب للبطلان ، لعدم اغتفار الشك في ركعات المغرب والصبح. وفيه : أن الشك المبطل للمغرب هو الشك في ركعاتها في ظرف المفروغية عن كونها مغربا. وفي الفرض ـ على تقدير كونها مغربا مأمورا بها شرعا ـ لا شك في ركعاتها بل هي ثلاث ، لأنه على تقدير صحة المغرب الأولى فهي أربع عشاء تبطل بالعدول بها الى المغرب وعلى تقدير بطلان المغرب الأولى فبالعدول بها إلى المغرب تكون ثلاثاً ، فهي على تقدير كونها مغربا مما يعلم كونها ثلاثا ولا شك في ركعاتها ، وإنما الشك في أنها مغرب صحيحة أو أربع باطلة.

ونظير ذلك : ما لو علم أنه في التشهد الأخر وشك في أنه في تشهد المغرب أو في تشهد العشاء وقد صلى المغرب ، فإنه يشك في صلاته أنها ثلاث ـ لكونها مغربا ـ أو أربع ، لكونها عشاء. وكذا لو فاته مغرب‌

٦٤٦

لا يضر بالعدول ، لأن في هذه الصورة يحصل العلم بصحتها مرددة بين هذه والأولى ، فلا يكتفي بهذه فقط حتى يقال : إن الشك في ركعاتها يضر بصحتها.

( الثلاثون ) : إذا علم أنه صلى الظهرين تسع ركعات ولا يدري أنه زاد ركعة في الظهر أو في العصر ، فان كان بعد السلام من العصر وجب عليه إتيان صلاة أربع ركعات بقصد ما في الذمة [١] ، وإن كان قبل السلام فبالنسبة إلى الظهر يكون من الشك بعد السلام ، وبالنسبة إلى العصر من الشك‌

______________________________________________________

وعشاء ، وبني على عدم الترتيب في القضاء فقضى الصلاتين ، وقبل السلام في الثانية علم أنه صلى سبع ركعات وشك في أنه قضى المغرب ـ أولا ـ ثلاثا ـ فهو في رابعة العشاء ـ أو قضى العشاء ـ أولا ـ فهو في ثالثة المغرب ، فإنه لا ينبغي التأمل في جواز السلام على ما بيده ، لعلمه بمشروعيته وإن تردد في أنه سلام على ثلاث أو أربع لتردده بين كون صلاته مغربا أو عشاء. ومن ذلك يظهر : أنه يحصل له بالعدول وإتمام الصلاة في الفرض العلم بتحقق مغرب صحيحة ، أما الأولى أو الثانية. ولا مجال لدعوى : امتناع حصول العلم بتحقق مغرب صحيحة من ضم ما يقطع بفساده إلى ما فرضه مشكوك الصحة. فلا حظ. ولعل هذا هو المراد مما في المتن ، وإن كان ظاهره الابتناء على عدم قدح الشك في المغرب إذا كانت ثلاثاً ـ واقعا ـ وإنما يقدح فيها ظاهرا. فتأمل.

[١] للعلم الإجمالي بفساد إحدى الصلاتين ، المانع من الرجوع الى قاعدتي الفراغ فيهما ، أو أصالة عدم الزيادة ، فتكون إحداهما صحيحة والأخرى فاسدة. ولأجل أنه لا يعرف الفاسدة منهما يأتي بواحدة مرددة بينهما.

٦٤٧

بين الأربع والخمس ، ولا يمكن إعمال الحكمين [١] ، لكن لو كان بعد إكمال السجدتين [٢] وعدل إلى الظهر وأتم الصلاة وسجد للسهو يحصل له اليقين بظهر صحيحة ، أما الأولى أو الثانية.

( الحادية والثلاثون ) : إذا علم أنه صلى العشاءين ثمان ركعات ولا يدري أنه زاد الركعة الزائدة في المغرب أو في العشاء وجب إعادتهما [٣] ، سواء كان الشك بعد السلام من العشاء أو قبله [٤].

______________________________________________________

[١] بل المتعين سقوط الثاني ، للعلم بعدم مشروعية إتمام الثانية عصراً إما لزيادة الركعة ، أو لفقد الترتيب. مضافا الى ما عرفت : من عدم تعارض الأصول المترتبة ـ بل يسقط الثاني بعينه ـ فإن أصالة البناء على الأربع عند الشك بينها وبين الخمس في العصر مترتبة على قاعدة الفراغ في الظهر ـ لترتب الصلاتين ـ فيتعين الرجوع الى حكم الشك بعد السلام في الظهر وعليه إعادة العصر بعينها.

[٢] وكذا لو كان قبل إكمال السجدتين ، فإنه لو أتم الركعة وسلم عليها برجاء العدول إلى الظهر يحصل له اليقين بظهر صحيحة ، أما الأولى أو الثانية ، ولا موجب للعدول المذكور ، لحصول الفراغ عن الظهر بقاعدة الفراغ‌

[٣] لما سبق من العلم بالفساد المانع من الرجوع الى قاعدة الفراغ أو أصالة عدم الزيادة.

[٤] بل مقتضى ما تقدم في المسألة السابقة : جريان قاعدة الفراغ في المغرب ، للعلم بعدم مشروعية العشاء ، إما لفقد الترتيب ، أو لزيادة الركعة ـ إلى آخر ما سبق ـ نعم في الفرض لا يمكن العدول الى المغرب رجاء ، لأنه لا مجال للعدول بعد فعل الركعة الرابعة ، على تقدير كون المغرب أربعا‌

٦٤٨

( الثانية والثلاثون ) : لو أتى بالمغرب ثمَّ نسي الإتيان بها بأن اعتقد عدم الإتيان ـ أو شك فيه فأتى بها ثانيا وتذكر قبل السلام أنه كان آتيا بها ، ولكن علم بزيادة ركعة ـ إما في الأولى أو الثانية ـ له أن يتم الثانية [١] ويكتفي بها ، لحصول العلم بالإتيان بها إما أولا أو ثانيا. ولا يضره كونه شاكا في الثانية بين الثلاث والأربع ـ مع أن الشك في ركعات المغرب موجب للبطلان ـ لما عرفت سابقاً : من أن ذلك إذا لم يكن هناك طرف آخر يحصل معه اليقين بالإتيان صحيحا [٢]. وكذا الحال إذا أتى بالصبح ثمَّ نسي وأتى بها ثانياً وعلم بزيادة إما في الأولى أو الثانية [٣].

( الثالثة والثلاثون ) : إذا شك في الركوع وهو قائم‌

______________________________________________________

باطلة. كما أنه ـ بناء على سقوط الترتيب بين العشاءين بعد الركوع الرابع من العشاء ـ لا بد من إعادة الصلاتين ، لتعارض الأصلين فيهما من دون ترجيح لأحدهما ، لكون المفروض عدم الترتيب بينهما ، فلا تكون القواعد فيهما مترتبة ، بل تكون في عرض واحد فتتعارض.

[١] وله ابطالها ، لقاعدة الفراغ الجارية في الأولى الموجبة للغوية الصلاة الثانية وخروجها عن موضوع قاعدة الفراغ ، فتكون قاعدة الفراغ في الاولى من قبيل الأصل الحاكم على قاعدة الفراغ في الثانية ، فلا مجال لتوهم المعارضة بينهما. نعم لو أتم الثانية يحصل له العلم الوجداني بمغرب صحيحة.

[٢] بل لما عرفته : من عدم الشك في ركعات المغرب ، وإنما الشك في أنها مغرب ثلاث ـ لبطلان الأولى ـ أو هي لغو محض.

[٣] يعرف الكلام فيه مما سبق.

٦٤٩

وجب عليه الإتيان به ، فلو نسي حتى دخل في السجود فهل يجري عليه حكم الشك بعد تجاوز المحل أم لا؟ الظاهر عدم الجريان ، لان الشك السابق باق وكان قبل تجاوز المحل [١] وهكذا لو شك في السجود قبل أن يدخل في التشهد ثمَّ دخل فيه نسياناً. وهكذا.

( الرابعة والثلاثون ) : لو علم نسيان شي‌ء قبل فوات محل المنسي ووجب عليه التدارك فنسي حتى دخل في ركن بعده ثمَّ انقلب علمه بالنسيان شكا ، يمكن إجراء قاعدة الشك بعد تجاوز المحل [٢] والحكم بالصحة ـ إن كان ذلك الشي‌ء‌

______________________________________________________

[١] هذا واضح إذا كان النسيان متعلقا بنفس الشك ، بأن نسي أنه شاك. ووجه وضوحه : ثبوت الشك حقيقة من حين القيام إلى ما بعد الدخول في السجود. أما لو نسي المشكوك نفسه فذهبت صورته بالمرة فيشكل ، لارتفاع الشك حقيقة ، ويكون شكه بعد ما دخل في السجود شكا حادثاً بعد تجاوز المحل ، فيجري عليه حكمه بمقتضى عموم دليله. اللهم إلا أن يدعى انصرافه عن مثل ذلك ، كما هو الظاهر ، ويساعده الارتكاز العرفي. وكأن المراد مما في المتن الصورة الأولى فقط.

[٢] بل هو الظاهر ، فإنه شك حادث بعد التجاوز ، فيشمله عموم قاعدة التجاوز ومجرد حصول العلم له ـ أولا ـ غير مجد بعد زواله. ودعوى : انصراف عموم القاعدة عن مثله ، فيرجع فيه إلى أصالة عدم الإتيان. ممنوعة. نعم يختص ذلك بما إذا حدث العلم بالنسيان بعد التجاوز ، كما هو ظاهر فرض المسألة. أما إذا كان قد حصل العلم بعدم فعل الجزء ـ وهو في محله ـ فنسي حتى دخل في الجزء الذي بعده فتبدل علمه بالشك ففي‌

٦٥٠

ركنا ـ والحكم بعدم وجوب القضاء وسجدتي السهو فيما يجب فيه ذلك ، لكن الأحوط ـ مع الإتمام ـ إعادة الصلاة ـ إذا كان ركنا ـ والقضاء ، وسجدتا السهو في مثل السجدة والتشهد وسجدتا السهو فيما يجب في تركه السجود.

( الخامسة والثلاثون ) : إذا اعتقد نقصان السجدة أو التشهد مما يجب قضاؤه ـ أو ترك ما يوجب سجود السهو ـ في أثناء الصلاة ثمَّ تبدل اعتقاده بالشك في الأثناء ـ أو بعد الصلاة قبل الإتيان به ـ سقط وجوبه. وكذا إذا اعتقد بعد السلام نقصان ركعة أو غيرها ثمَّ زال اعتقاده.

( السادسة والثلاثون ) : إذا تيقن بعد السلام ـ قبل إتيان المنافي عمداً أو سهواً ـ نقصان الصلاة وشك في أن الناقص ركعة أو ركعتان فالظاهر أنه يجري عليه حكم الشك بين الاثنتين والثلاث [١] ، فيبني على الأكثر ويأتي بالقدر‌

______________________________________________________

عموم القاعدة له منع ، لانصراف دليلها عن ذلك ، نظير ما سبق في المسألة الثالثة والثلاثين. ومنه يظهر وجه الحكم في المسألة الاتية ، فان موردها : صورة ما إذا حدث العلم بالنقصان بعد التجاوز.

[١] لأن النصوص الواردة فيمن سلم على النقص (١) ظاهرة في عدم مخرجية التسليم الواقع منه ، فهو في أثناء صلاته ، فيجري عليه حكم الشك في الأثناء. واحتمال اختصاص نظر تلك النصوص إلى خصوص حيثية وجوب تدارك المقدار المعلوم فواته ، ولا تعرض فيها لحيثية كونه في الأثناء من جميع الجهات ساقط جداً ، لا يساعده المتفاهم العرفي منها. وحينئذ‌

__________________

(١) راجع الوسائل باب : ٣ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٨ ، ٩ ، ١٤.

٦٥١

المتيقن نقصانه ـ وهو ركعة أخرى ـ ويأتي بصلاة احتياطية وكذا إذا تيقن نقصان ركعة وبعد الشروع فيها شك في ركعة أخرى. وعلى هذا فاذا كان مثل ذلك في صلاة المغرب والصبح يحكم ببطلانهما. ويحتمل جريان حكم الشك بعد السلام بالنسبة إلى الركعة المشكوكة ، فيأتي بركعة واحدة من دون الإتيان بصلاة الاحتياط. وعليه فلا تبطل الصبح والمغرب أيضا بمثل ذلك ، ويكون كمن علم نقصان ركعة فقط.

( السابعة والثلاثون ) : لو تيقن بعد السلام قبل إتيان المنافي نقصان ركعة ، ثمَّ شك في أنه أتى بها أم لا ففي وجوب الإتيان [١] بها لأصالة عدمه ـ أو جريان حكم الشك في‌

______________________________________________________

لا مجال لإجراء قاعدة الفراغ بالإضافة إلى الركعة المشكوكة بدعوى : كون الشك فيها شكا بعد الفراغ. وقد تقدم الكلام في نظيره في المسألة السابعة عشرة.

[١] لأجل أنه لا ريب في وجوب السلام على الركعة الناقصة المأتي بها ، فالشك في إتيانها له صور ثلاث : ( الأولى ) : أن يكون عالماً بفعل السلام الموظف بعدها. ( الثانية ) : أن يكون عالما بعدمه. ( الثالثة ) : أن يكون شاكا فيه أيضا ، بأن لا يدري أنه ركع وسلم أو لم يركع ولم يسلم ، بحيث لو كان راكعا لكان قد سلم ، ولو لم يكن قد سلم لم يكن قد ركع. والمتعين في الأولى : الحكم بعدم لزوم الإتيان بالركعة ، لقاعدة الفراغ الجارية بلحاظ السلام الثاني ـ لا الأول ـ ليرد عليه ما سيذكره المصنف (ره) في ذيل المسألة. والمتعين في الثانية : إجراء حكم الشك في الركعات ، لأنه منه ، فيجري عليه حكمه لعموم دليله ، والمتعين في الثالثة : لزوم الإتيان بركعة متصلة والتسليم ، لأصالة عدم الإتيان بهما أو قاعدة الاشتغال بهما.

٦٥٢

الركعات عليه وجهان ، والأوجه : الثاني : وأما احتمال جريان حكم الشك بعد السلام عليه فلا وجه له ، لأن الشك بعد السلام لا يعتني به إذا تعلق بما في الصلاة وبما قبل السلام وهذا متعلق بما وجب بعد السلام.

( الثامنة والثلاثون ) : إذا علم أن ما بيده رابعة ويأتي به بهذا العنوان لكن لا يدري أنها رابعة واقعية أو رابعة بنائية ـ وأنه شك سابقاً بين الاثنتين والثلاث فبنى على الثلاث فتكون هذه رابعة بعد البناء على الثلاث ـ فهل يجب عليه صلاة الاحتياط ـ لأنه وإن كان عالما بأنها رابعة في الظاهر إلا أنه شاك من حيث الواقع فعلا بين الثلاث والأربع ـ أو لا يجب ـ لأصالة عدم شك سابق [١] ، والمفروض أنه عالم بأنها رابعته فعلا ـ وجهان ، والأوجه : الأول.

______________________________________________________

ولا مجال لإجراء قاعدة الفراغ ، الشك في تحقق الفراغ ، ولا لإجراء حكم الشك في الركعات ، لاختصاصه بالشك في الأثناء لا غير. نعم لو كان يشك في التسليم على تقدير فعل الركعة ـ فيشك في كل من الركعة والتسليم شكا مستقلا ـ أمكن الرجوع إلى حكم الشك في الركعات ، لأنه يمكن أن يثبت كونه في الأثناء بالاستصحاب أو بأصالة عدم السلام. ومن ذلك يظهر إمكان صحة الوجوه المذكورة في المتن بتمامها ، بتنزيل كل واحد على صورة من هذه الصور الثلاث.

[١] هذا الأصل لا أثر له إلا إثبات كون الركعة التي بيده رابعة واقعية ، ولا يصلح لإثبات ذلك إلا على القول بالأصل المثبت ، إذ ليس الترتب بين مؤداه وبين المذكور شرعيا ، بل لو قلنا بالأصل المثبت لا نقول‌

٦٥٣

( التاسعة والثلاثون ) : إذا تيقن بعد القيام إلى الركعة التالية أنه ترك سجدة أو سجدتين أو تشهدا ، ثمَّ شك في أنه هل رجع وتدارك ثمَّ قام أو هذا القيام هو القيام الأول فالظاهر وجوب العود إلى التدارك ، لأصالة عدم الإتيان بها بعد تحقق الوجوب [١]. واحتمال جريان حكم الشك بعد تجاوز المحل لان المفروض أنه فعلا شاك وتجاوز عن محل الشك ـ لا وجه له ، لان الشك إنما حدث بعد تعلق الوجوب ، مع كونه في المحل بالنسبة [٢] إلى النسيان ، ولم يتحقق التجاوز بالنسبة إلى هذا الواجب.

______________________________________________________

به في المقام ، الوجوب الخروج عنه بما دل على حكم الشك في عدد الركعات فان مقتضى إطلاقه وجوب العمل عليه وإن كان هناك أصل يثبت كون الركعة رابعة. ولأجل ذلك خرجنا عن عموم دليل أصالة عدم الزيادة ، بناء على أنه مرجع لو لا عموم قاعدة البناء على الأكثر. وإن شئت قلت : المدار على الحال الفعلي ، ولا أثر للحال السابق ، فاذا كان فعلا شاكا بين الثلاث والأربع جرى عليه حكمه ، سواءً أكان شاكا سابقاً أم لم يكن.

[١] يعني : بعد التفاته الى وجوب الهدم والتدارك.

[٢] كونه في المحل بالنسبة إلى النسيان لا يمنع من كونه بعد التجاوز بالنسبة إلى الشك ، لأن محل النسيان ما لم يدخل في ركن وإن تجاوز عن محل الفعل فتأمل. فالأولى أن يقال : إن المصلي المفروض يحتمل كونه في القيام الأول الذي يجب عليه فيه الرجوع والتدارك ، ويحتمل كونه في قيام آخر ـ بأن رجع فتدارك وقام بعده ـ فالقيام الذي هو فيه فعلا لا يدري أنه القيام المعلوم اللغوية ـ لالتفاته فيه إلى ترك الجزء ـ أو غيره ، فالشك‌

٦٥٤

( الأربعون ) : إذا شك بين الثلاث والأربع مثلا فبنى على الأربع ، ثمَّ أتى بركعة أخرى سهوا فهل تبطل صلاته ـ من جهة زيادة الركعة ـ أم يجري عليه حكم الشك بين الأربع والخمس؟ وجهان ، والأوجه : الأول [١].

______________________________________________________

في المقام إنما هو في التجاوز وعدمه ، لأنه على تقدير التجاوز يكون آتيا بالمشكوك ، وعلى تقدير عدمه لا يكون آتيا به ، وفي مثل ذلك لا تجري قاعدة التجاوز ، بل إنما تجري حيث يحرز التجاوز ، ويكون الشك في كونه في محله أولا في محله ، للشك في وجود الجزء وعدمه.

[١] أما بناء على عدم جريان أصالة الأقل فواضح لامتناع الرجوع ـ بعد فعل الركعة ـ إلى قاعدة البناء على الأكثر ، لأنه جرى على خلافها ولا إلى أصالة الأربع ـ عند الشك بينها وبين الخمس ـ لاختصاص أدلتها بالشك الحادث بين الأربع والخمس. ولأجل أنه يحتمل زيادة ركعة ولا مؤمن له يكون مقتضى قاعدة الاشتغال هو الاستئناف. أما بناءً على جواز الرجوع إلى أصالة عدم الزيادة فقد يتوهم في المقام الرجوع إليها ، بعد فعل الركعة سهواً ، إما لان قاعدة البناء على الأكثر ليست عزيمة بل رخصة أو لأنها لا تصلح لإثبات كون الركعة المأتي بها زائدة إلا بناء على الأصل المثبت ، لكون الترتب بين كون الركعة زائدة وكون ما قبلها رابعة ترتبا عقليا لا شرعيا. وفيه : أما احتمال كون البناء على الأكثر رخصة فما لا ينبغي الإصغاء إليه ، فإنه خلاف ظاهر أدلتها جداً ، كما أشرنا إلى ذلك في المسألة الحادية والعشرين من فصل الشك في عدد الركعات. وأما كون الترتب بين كون الركعة المشكوكة رابعة وكون المأتي بها زائدة ليس شرعيا فغير ظاهر ، إذ الزيادة منتزعة من الوجود المباين للجزء والوجود المباين محرز بالوجدان ، وكون المشكوك جزءاً محرز بأصالة البناء على الأكثر.

٦٥٥

( الحادية والأربعون ) : إذا شك في الركن بعد تجاوز المحل ثمَّ أتى به نسيانا فهل تبطل صلاته من جهة الزيادة الظاهرية ـ أولا ـ من جهة عدم العلم بها بحسب الواقع ـ؟ وجهان ، والأحوط الإتمام والإعادة.

( الثانية والأربعون ) : إذا كان في التشهد فذكر أنه نسي الركوع ومع ذلك شك في السجدتين أيضا ففي بطلان الصلاة ـ من حيث أنه بمقتضى قاعدة التجاوز محكوم بأنه أتى بالسجدتين فلا محل لتدارك الركوع أو عدمه ـ إما لعدم شمول [١] قاعدة التجاوز في مورد يلزم من إجرائها بطلان الصلاة ، وإما لعدم إحراز الدخول في ركن آخر ، ومجرد‌

______________________________________________________

ومنه يظهر الحكم في المسألة الاتية ، فإنهما من واد واحد. وتفكيك المصنف (ره) بينهما ـ بالميل إلى البطلان في الأول والتوقف فيه في الثانية ـ غير ظاهر.

[١] لانصراف أدلتها إلى كون مفادها تفريغ ذمة المكلف ، لا إشغالها ولكن الأوضح من ذلك التعليل بالعلم بعدم سقوط أمر السجدتين ، إما لعدم الإتيان بهما أو لبطلان الصلاة ، ولا مجال ـ مع العلم المذكور ـ للتعبد بالوجود كما تقدم في نظائره. وحينئذ فإن كان البطلان مرتبا على مجرد نسيان الركوع حتى سجد ـ كما يقتضيه الجمود على متون النصوص المتقدمة (١) أمكن الرجوع في إثبات صحة الصلاة إلى أصالة عدم السجود ، وإن كان مرتبا على فوات المحل الحاصل بفعل السجود فأصالة عدم السجدتين وإن كانت لا تثبت بقاء المحل إلا على القول بالأصل المثبت. إلا أنه يمكن الرجوع إلى أصالة بقاء المحل فيركع ثمَّ يسجد ثمَّ يتم صلاته.

__________________

(١) راجع المسألة : ١٤ من فصل الخلل الواقع في الصلاة‌

٦٥٦

الحكم بالمضي [١] لا يثبت الإتيان ـ وجهان ، والأوجه الثاني. ويحتمل الفرق بين [٢] سبق تذكر النسيان وبين سبق الشك في السجدتين والأحوط العود إلى التدارك ، ثمَّ الإتيان بالسجدتين وإتمام الصلاة ، ثمَّ الإعادة ، بل لا يترك هذا الاحتياط.

( الثالثة والأربعون ) : إذا شك بين الثلاث والأربع مثلا وعلم أنه ـ على فرض الثلاث ـ ترك ركنا أو ما يوجب القضاء أو ما يوجب سجود السهو لا إشكال في البناء على الأربع وعدم وجوب شي‌ء عليه. وهو واضح [٣]. وكذا إذا علم‌

______________________________________________________

[١] هذا ضعيف جدا ، لأن ظاهر الأمر بالمضي هو الحكم بوجود المشكوك تعبدا ، لأنه كناية عنه. ولذا اشتهر : أن قاعدة التجاوز تثبت الوجود المشكوك.

[٢] كأن منشأه : أن سبق النسيان يوجب سبق الحكم بالبطلان ، فالشك في السجدتين بعد ذلك لا يوجب ارتفاع الحكم بالبطلان. أما لو كان النسيان لاحقاً للشك فلا مجال للحكم بالبطلان ، للشك في الدخول في ركن ، والقاعدة لا تجدي في إثباته ، كما سبق. وفيه : ما عرفت قريباً من أن الحكم بالبطلان في النسيان منوط ببقاء صدق نسيان الركوع حتى سجد ، فاذا ارتفع ذلك ارتفع حكمه معه ، وانكشف عدم الحكم بالبطلان من أول الأمر.

[٣] لإطلاق ما دل على البناء على الأكثر مع الشك في فوات الركن ـ أو غيره ـ وعدمه ، والمرجع في الركن قاعدة التجاوز. وفيه : إنه إذا علم بأنه على تقدير الثلاث ترك ركنا فقد علم بعدم الحاجة الى صلاة الاحتياط إما لبطلان الصلاة فلا تصلح صلاة الاحتياط لتدارك خللها ، أو لتمامها فلا حاجة إلى صلاة الاحتياط. وإذ عرفت أن ظاهر الأدلة التلازم بين البناء‌

٦٥٧

أنه ـ على فرض الأربع ـ ترك ما يوجب القضاء أو ما يوجب سجود السهو ، لعدم إحراز ذلك بمجرد التعبد بالبناء على الأربع [١]

______________________________________________________

على الأكثر وصلاة الاحتياط فمع انتفاء الثانية ينتفي الأول ، وإذ لا يمكن البناء على الأقل ـ ولو قلنا به في غير المقام ـ للعلم بعدم مشروعية الركعة المتصلة ـ إما لبطلان الصلاة أو لا بفوات الركن ، أو لكونها زيادة مبطلة فيعلم بعد فعلها ببطلان الصلاة تفصيلا ـ لا بد من الحكم بوجوب الاستئناف وأما لو علم أنه على تقدير الثلاث ترك ما يوجب القضاء أو سجود السهو فلا مانع من إعمال قاعدة البناء على الأكثر ، والرجوع في نفي القضاء وسجود السهو إلى قاعدة التجاوز أو أصالة البراءة.

[١] تعليل لعدم وجوب شي‌ء عليه من قضاء أو سجود السهو. وأما أصل البناء على الأكثر فلم يتعرض لوجهه لوضوحه. ويمكن أن يقال : بأن قاعدة البناء على الأكثر معارضة بقاعدة التجاوز ـ النافية القضاء وسجود السهو ـ للعلم الإجمالي بكذب إحداهما. وحينئذ فإن منعنا من البناء على الأقل بطلت الصلاة ، وإن جوزنا البناء عليه كان مقتضى أصالة الأقل وجوب ركعة ، فينحل العلم الإجمالي ، ويجوز الرجوع ـ في نفي القضاء وسجود السهو ـ إلى الأصل الجاري فيه مثبتاً كان أو نافيا ، فالأول : كما لو قلنا بأن القضاء وسجود السهو مرتبان على ترك الجزء في محله في فرض صحة الصلاة ـ بأن لا يكون لحيثية السهو دخل فيها كما هو الظاهر ـ فإنه حينئذ يرجع إلى أصالة عدم الإتيان بالجزء ، فيترتب عليها قضاؤه وسجود السهو له. والثاني : كما لو قلنا بأنهما مرتبان على تركه سهواً ، فإن أصالة العدم لا تصلح لإثبات جهة السهوية ، بل يكون المرجع فيهما أصالة البراءة. نعم على الأول أيضا يشكل العمل بأصالة العدم ، لأنه بعد فعل الركعة المتصلة يعلم بعدم مشروعية القضاء وسجود السهو ، إما لبطلان الصلاة ـ على تقدير‌

٦٥٨

وأما إذا علم أنه على فرض الأربع ترك ركنا أو غيره مما يوجب بطلان الصلاة فالأقوى بطلان صلاته [١] ، لا لاستلزام البناء على الأربع ذلك ـ لأنه لا يثبت ذلك ـ بل للعلم الإجمالي بنقصان الركعة أو ترك الركن مثلا ، فلا يمكن البناء على الأربع حينئذ

( الرابعة والأربعون ) : إذا تذكر بعد القيام أنه ترك سجدة من الركعة التي قام عنها ، فان أتى بالجلوس بين السجدتين ثمَّ نسي السجدة الثانية يجوز له الانحناء إلى السجود من غير جلوس [٢] ، وإن لم يجلس أصلا وجب عليه الجلوس [٣] ثمَّ السجود ، وإن جلس بقصد الاستراحة والجلوس بعد السجدتين ففي كفايته عن الجلوس بينهما وعدمها وجهان [٤] الأوجه : الأول [٥]. ولا يضر نية الخلاف ، لكن الأحوط‌

______________________________________________________

كونها أربعاً ـ لزيادة ركعة ، أو لعدم الفوت الموجب للقضاء أو السجود على تقدير كونها ثلاثاً. وعليه يتعين الاقتصار على الركعة المتصلة. نعم لو كان قضاء الجزء بالأمر الأول تعين استئناف الصلاة ، لعدم المؤمن منه لاحتمال البطلان ، وأصالة الأقل لا تؤمن من الأمر بالجزء المقتضي فتأمل جيدا‌

[١] هذا بناء على امتناع الرجوع إلى أصالة الأقل. وإلا رجع إليها وصحت صلاته.

[٢] لعدم الموجب للامتثال عقيب الامتثال ، بل لو جاء به حينئذ بقصد الجزئية كان زيادة يلحقها حكمها في العمد والسهو.

[٣] لعدم الموجب لسقوطه.

[٤] مبنيان على كون عنوان جلسة الاستراحة ملحوظاً عنوانا تقييديا أو بنحو الداعي.

[٥] لا يخلو من إشكال ، لأن جلسة الاستراحة ـ بناء على كونها‌

٦٥٩

الثاني ، فيجلس ثمَّ يسجد.

( الخامسة والأربعون ) : إذا علم بعد القيام أو الدخول في التشهد نسيان إحدى السجدتين وشك في الأخرى فهل يجب عليه إتيانهما ـ لأنه إذا رجع إلى تدارك المعلوم يعود محل المشكوك أيضا ـ أو يجري بالنسبة إلى المشكوك حكم الشك بعد تجاوز المحل؟ وجهان ، أوجههما : الأول [١] ، والأحوط‌

______________________________________________________

مستحبة ـ لا تكون من أجزاء الصلاة ، بل تكون فعلا مستحباً في الصلاة مباينة لأجزائها ـ نظير سجدة الشكر المباينة لسجود الصلاة ـ فعنوانها يكون عنواناً تقييديا يقابل عنوان الصلاة الملحوظ في أجزائها كذلك ، فيمتنع الاكتفاء بها عنها ، إذ لا بد في الأجزاء الصلاتية من الإتيان بها بعنوان الصلاة ، وهو ينافي عنوان غيرها. ومن ذلك يظهر الفرق بين السجود بعنوان السجدة الثانية ـ حيث أنه يمكن القول بالاجتزاء به لو انكشف عدم فعل السجدة الأولى ـ وبين المقام ، فإنه لا فرق بين السجدة الاولى والثانية إلا في الأولية والثانوية ، وليس التقابل بينهما من جهة تضاد الخصوصيات المأخوذة فيهما حتى يعتبر في امتثالهما القصد ، بخلاف المقام ، كما عرفت. وما ذكرناه مطرد في جميع الموارد التي يكون التقابل بين الفعلين لخصوصية فيهما ، بحيث يتوقف امتثال الأمر على قصدها ، كالظهر والعصر ، والأداء والقضاء ، وسجود الشكر وسجود التلاوة وسجود الصلاة ، ونافلة الصبح وفريضته ونحوها ، بخلاف ما إذا كان التقابل لا لاعتبار الخصوصيات المتضادة بل كان بمحض الاثنينية ، كما لو كان عليه ظهران قضاء فنوى الثانية باعتقاد أنه فعل الاولى ثمَّ تبين أنه لم يفعلها فإنها تصح وتكون أولى وعليه الثانية. وكذا الحكم في أمثال ذلك.

[١] تقدم الكلام فيه في شرح المسألة السابعة عشرة.

٦٦٠