مستمسك العروة الوثقى - ج ٧

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

مستمسك العروة الوثقى - ج ٧

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : الفقه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧٠٤

عن المحل وعدم التجاوز عند الشك في جزء أو شرط ، كما في اليومية.

( مسألة ١٨ ) : يثبت الكسوف والخسوف وسائر الايات بالعلم وشهادة العدلين [١]. واخبار الرصدي إذا حصل الاطمئنان بصدقه ، على إشكال في الأخير [٢] ، لكن لا يترك معه الاحتياط. وكذا في وقتها ، ومقدار مكثها.

( مسألة ١٩ ) : يختص وجوب الصلاة بمن في بلد الآية [٣] ، فلا يجب على غيره. نعم يقوى إلحاق المتصل بذلك‌

______________________________________________________

[١] بناء على ما تقدم في المياه (١) : من تقريب عموم الحجية من رواية مسعدة بن صدقة. فراجع.

[٢] ينشأ : من أن الرجوع الى أهل الخبرة مختص بالأمور الحدسية لا الحسية. كالمقام. وكونه كذلك من باب الاتفاق ـ لبعض العوارض ـ غير كاف في جواز الرجوع إليهم.

[٣] لقصور النصوص عن شمول غيره. لا سيما بملاحظة ما في مرسل المقنعة (٢) ، ورواية عمارة (٣) : من اعتبار الرؤية. فإن الظاهر وان كان اعتبارها بنحو الطريقية إلى وجود نفس الكسوف ، الا أنه ظاهر في اعتبار كونه بنحو يمكن أن تقع عليه الرؤية ، فلا تجب للكسوف تحت الأرض ، بل يجب أن يكون فوقها في أي نقطة من نقاط القوس النهاري من أول الطلوع الى الغروب ، فيجب في كل كسوف الصلاة على سكان أكثر من نصف الأرض ، بناء على أن المستضي‌ء بالشمس أكثر من نصفها. كما أنه‌

__________________

(١) راجع الجزء الأول من هذا الشرح المسألة : ٦ من فصل ماء البئر.

(٢) الوسائل باب : ٦ من أبواب صلاة الايات حديث : ٣.

(٣) الوسائل باب : ٢ من أبواب صلاة الايات حديث : ٤.

٤١

المكان مما بعد معه كالمكان الواحد [١].

( مسألة ٢٠ ) : تجب هذه الصلاة على كل مكلف [٢] إلا الحائض والنفساء فيسقط عنهما [٣] أداؤها. والأحوط قضاؤها [٤] بعد الطهر والطهارة.

( مسألة ٢١ ) : إذا تعدد السبب دفعة أو تدريجا تعدد وجوب الصلاة [٥].

______________________________________________________

لو اتفق وقوع زلزلة أو بعض الأخاويف في مكان ، اختص أهله بوجوب الصلاة ، وان علم غيرهم بها.

[١] وحدة المكان ـ بعد ما لم تكن حقيقة ، بل إنما تكون اعتبارية بلحاظ جهة واحدة طارئة عليها ، فلا بد من بيان ضابط لتلك الوحدة ، إذ ما من مكان إلا ويجمعه مع غيره وحدة عرضية. فكأن الوحدة العرضية في المقام : كونه مكانا للاية عرفا.

[٢] لإطلاق أدلة وجوبها أو عمومه.

[٣] لعموم ما دل على حرمة الصلاة عليهما.

[٤] لعدم العموم فيما دل على أنهما لا يقضيان لهما ، لانصرافه إلى اليومية لكونها الشائعة. مضافا الى الإشكال في ثبوت التوقيت في هذه الصلاة الموجب للإشكال في صدق القضاء المنفي في النصوص عن الحائض. إلا أن يقال : الشياع لا يوجب الانصراف المعتد به في جواز رفع اليد عن الإطلاق ، ويكفي في صدق القضاء التوقيت في الجملة ، ولو كان بالمعنى اللازم لوجوبها في الوقت الأول. ولذا ورد في النصوص : أنها تقضى أو لا تقضى. فتأمل. والنفساء بحكمها.

[٥] لأصالة عدم التداخل ، المبرهن عليها في محله.

٤٢

( مسألة ٢٢ ) : مع تعدد ما عليه من سبب واحد لا يلزم التعيين [١]. ومع تعدد السبب نوعا ـ كالكسوف والخسوف والزلزلة ـ الأحوط التعيين [٢] ولو إجمالا. نعم مع تعدد ما عدا هذه الثلاثة من سائر المخوفات لا يجب التعيين [٣] ، وان كان أحوط أيضا.

( مسألة ٢٣ ) : المناط في وجوب القضاء في الكسوفين في صورة الجهل احتراق القرص بتمامه [٤] ، فلو لم يحترق التمام ولكن ذهب ضوء البقية باحتراق البعض ، لم يجب القضاء مع الجهل ، وان كان أحوط ، خصوصاً مع الصدق العرفي [٥].

( مسألة ٢٤ ) : إذا أخبره جماعة بحدوث الكسوف ـ مثلا ولم يحصل له العلم بقولهم ، ثمَّ بعد مضي الوقت تبين‌

______________________________________________________

[١] بل لا مجال له بعد عدم التعين والتميز في الواجب. والإضافة إلى الشخص الخاص من السبب ليست دخيلة في موضوع الوجوب ليكون بين الواجبين تميز ، ليمكن التعيين ، كما أشرنا إليه فيما سبق.

[٢] بل الظاهر أن المشهور لزومه في مثله. لكنه إنما يتم لو كان تعدد السبب نوعا موجبا لتعدد الواجب ذاتا أو عرضا. أما إذا لم يكن كذلك ، بل كان تأثير الأسباب المتعددة بجهة مشتركة بينها ، وتكون الواجبات المتعددة من قبيل الأفراد لماهية واحدة جاء فيه ما تقدم : من امتناع التعيين لعدم المعين. وهذا هو الظاهر من أدلة المقام.

[٣] لدخول ما عدا الثلاثة تحت عنوان واحد ، وهو المخوف السماوي.

[٤] فإن المستفاد من النصوص موضوعيته لوجوب القضاء.

[٥] يعني : المبني على المسامحة الذي لا يكون معياراً شرعا.

٤٣

صدقهم ، فالظاهر الحاقه بالجهل [١] ، فلا يجب القضاء مع عدم احتراق القرص. وكذا لو أخبره شاهدان [٢] لم يعلم عدالتهما ثمَّ بعد مضي الوقت تبين عدالتهما ، لكن الأحوط القضاء في الصورتين.

فصل في صلاة القضاء‌

يجب قضاء اليومية الفائتة عمداً أو سهواً أو جهلا [٣] ،

______________________________________________________

[١] فإنه منه. ويشير اليه ما في موثق عمار : « فإن أعلمك أحد وأنت نائم فعلمت ثمَّ غلبت .. » (١).

[٢] فان الظاهر من دليل الحجية اختصاصها بالبينة الواصلة ، لا مطلق الوجود الواقعي.

فصل في صلاة القضاء‌

[٣] بلا خلاف. ويقتضيه عموم وجوب القضاء المستفاد من صحيح زرارة والفضيل أو حسنهما عن أبي جعفر (ع) ـ في حديث ـ « متى استيقنت أو شككت في وقت فريضة أنك لم تصلها ، أو في وقت فوتها أنك لم تصلها : صليتها ، وان شككت بعد ما خرج وقت الفوت وقد دخل حائل فلا إعادة عليك من شك حتى تستيقن ، فان استيقنت فعليك أن تصليها في أي حالة كنت » (٢) ، وخبر ابن مسلم عنه (ع) : « قلت له رجل مرض‌

__________________

(١) تقدم ذلك في المسألة التاسعة من هذا الفصل.

(٢) الوسائل باب : ٦٠ من أبواب المواقيت حديث : ١.

٤٤

______________________________________________________

فترك النافلة. فقال (ع) : يا محمد ليست بفريضة ، إن قضاها فهو خير يفعله ، وان لم يفعله فلا شي‌ء عليه » (١). وما ورد في الناسي ، والنائم ، ومن صلى بغير طهور ، كصحيح زرارة عنه (ع) : « سئل عن رجل صلى بغير طهور ، أو نسي صلوات لم يصلها ، أو نام عنها ، فقال (ع) : يقضيها إذا ذكرها ، في أي ساعة ذكرها من ليل أو نهار » (٢) ، بناء على فهم عدم الخصوصية لمورد السؤال ، وأن السبب الموجب للقضاء مجرد ترك الفريضة في وقتها ، والنبوي المشهور ـ كما قيل ـ : « من فاتته فريضة فليقضها إذا ذكرها فذلك وقتها » (٣).

وربما يناقش في استفادة العموم من النصوص المذكورة ، فإن الصحيح الأول ليس وارداً في مقام تشريع وجوب القضاء للفائت ، بل في مقام إلغاء الشك بعد خروج الوقت ، وأن الاعتبار باليقين بالترك لا غير. وكذلك خبر ابن مسلم ، فإنه وارد في مقام الفرق بين الفريضة والنافلة في لزوم القضاء وعدمه ، ويكفي في الفرق لزوم القضاء في الفريضة في الجملة ، وبأن إلغاء الخصوصية في صحيح زرارة ليس بذلك الوضوح ، وليس عليه قرينة والنبوي غير واضح المأخذ. ومثله ما روي عنهم (ع) : « من فاتته فريضة فليقضها كما فاتته » (٤). ولذا قال في محكي الذخيرة : « غير ثابت وأن‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٠ من أبواب أعداد الفرائض حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ٥٧ من أبواب المواقيت حديث : ١.

(٣) لم نعثر على ذلك في مظانه. ولعله نقل بالمعنى لما يأتي في المسألة : ٢٧ من هذا الفصل ـ ان شاء الله تعالى ـ عن كنز العمال وسنن البيهقي. نعم في الجواهر ، عن المسائل الرسيات المرتضى ١ : « من ترك صلاة ثمَّ ذكوها فليصلها فذلك وقتها ». وهو أشبه بالنبوي المذكور.

لاحظ الجواهر ج ١٣ ص ٨٤ ط النجف الأشرف.

(٤) لم نعثر على هذه الرواية بهذا النص. إلا انه يمكن استفادة مضمونها من قوله (ع) : « يقضي ما فاته كما فاته » ، كما في الوسائل باب : ٦ من أبواب قضاء الصلوات حديث : ١‌.

٤٥

أو لأجل النوم [١] المستوعب للوقت ، أو للمرض ونحوه.

______________________________________________________

الظاهر أنه من طريق العامة ».

لكن الإنصاف : أن المناقشة في النصوص السابقة ـ كما ترى ـ ضعيفة ودلالتها على العموم قوية. مضافا الى استصحاب الوجوب الثابت في الوقت ، لأن الشك في وجوب الفعل بعد خروج الوقت شك في البقاء ، فيرجع فيه الى عموم دليل الاستصحاب.

والاشكال فيه : بأن دليل الموقت إنما دل على وجوب الفعل في الزمان الخاص ، فاذا انقضى ذلك الزمان يكون الشك في وجوب الفعل في الزمان الآخر شكا في وجوب أمر آخر غير الواجب أولا ، ومع تعدد الموضوع لا يجري الاستصحاب ، لعدم صدق نقض اليقين بالشك.

مبني على أن المرجع في بقاء الموضوع وعدمه لسان الدليل ، والمحقق في محله أن المرجع العرف ، بحيث يكون الشك شكا في البقاء عرفا ، وهو حاصل في الفرض ، إذ ليس التقييد بالزمان إلا كالتقييد بسائر الخصوصيات التي يكون زوالها سبباً للشك في استمرار ما كان ، فلا مانع من جريان الاستصحاب.

[١] مطلقاً وان كان على خلاف العادة ، كما يقتضيه إطلاق صحيح زرارة المتقدم. وعن الذكرى والميسية والمسالك : « لو كان النوم على خلاف العادة ، فالظاهر التحاقه بالإغماء ». بل في الأول : أنه قد نبه عليه في المبسوط. وكأنه مبني على انصراف الصحيح الى النوم العادي ، وعدم ثبوت إطلاق القضاء والاستصحاب. وفيه : أن العادة لا توجب الانصراف المعتد به في رفع اليد عن الإطلاق. وأنه لو أشكل ثبوت إطلاق القضاء فالاستصحاب محكم كما عرفت. نعم يمكن أن يستشكل في عموم الحكم للنوم الغالب ، للتعليل الآتي في بعض أخبار المغمى عليه. لكن يأتي‌

٤٦

وكذا إذا أتي بها باطلة ، لفقد شرط أو جزء [١] يوجب تركه البطلان ، بأن كان على وجه العمد ، أو كان من الأركان. ولا يجب على الصبي [٢] إذا لم يبلغ في أثناء الوقت ، ولا على المجنون [٣] في تمامه ، مطبقاً كان أو أدوارياً ، ولا على المغمى عليه [٤] في تمامه ،

______________________________________________________

الاشكال فيه.

[١] بلا خلاف ظاهر ، ويقتضيه ـ مضافا الى صحيح زرارة المتقدم فيمن صلى بغير طهور ـ عموم القضاء أو الاستصحاب. نعم قد يشكل التمسك بالعموم فيما لو كان وجوب الجزء بقاعدة الاشتغال ، لعدم إحراز موضوعه ، وهو ترك المأمور به. واستصحاب عدم الإتيان به ، من قبيل الاستصحاب الجاري في المفهوم المردد ، الذي ليس بحجة ، كما أشرنا إليه في هذا الشرح مكررا.

بل يشكل التمسك بالاستصحاب أيضاً ـ بناء على عدم صحة جريانه لإثبات الاحتياط ـ فإنه إذا لم يصلح الإثبات الاحتياط في الوقت لم يصلح لإثباته في خارجه بطريق أولى. نعم بناء على دلالة عموم القضاء ـ على تقدير تماميته ـ على كون التكليف بالأداء بنحو تعدد المطلوب كان إثبات القضاء في خارج الوقت في الفرض بقاعدة الاحتياط في محله ، لأنها ـ حينئذ ـ كما تقتضي وجوب الاحتياط في الوقت ، تقتضي وجوبه في خارجه بنحو واحد. فلاحظ.

[٢] إجماعاً ، بل لعله من ضروريات الدين.

[٣] إجماعاً ، بل جعله بعض من الضروريات أيضاً.

[٤] كما هو المشهور. ويشهد له كثير من الصحاح وغيرها ، كصحيح‌

٤٧

______________________________________________________

أيوب ابن نوح : « كتبت الى أبي الحسن (ع) عن المغمى عليه يوماً أو أكثر هل يقضي ما فاته من الصلاة أم لا؟ فكتب (ع) : لا يقضي الصوم ولا يقضي الصلاة » (١) ونحوه مكاتبتا ابن مهزيار‌ (٢) وعلى بن سليمان‌ (٣). وزاد في الفقيه ـ في أولاهما ـ : « وكل ما غلب الله عليه فالله تعالى أولى بالعذر » (٤). وفي مصحح الخزاز : « عن رجل أغمي عليه أياماً لم يصل ثمَّ أفاق أيصلي ما فاته؟ قال (ع) : لا شي‌ء عليه » (٥). وفي خبر موسى ابن بكر : « الرجل يغمى عليه اليوم واليومين والثلاثة والأربعة وأكثر من ذلك كم يقضي من صلاته؟ فقال (ع) : ألا أخبرك بما يجمع لك هذه الأشياء كلها ، كل ما غلب الله عز وجل عليه من أمر فالله أعذر لعبده » (٦). وزاد فيه : « إن أبا عبد الله (ع) قال : هذا من الأبواب التي يفتح كل باب منها ألف باب » (٧). ونحوها غيرها.

ويعارضها جملة أخرى ، كصحيح حفص : « عن المغمى عليه يوما الى الليل قال (ع) : يقضي صلاة يومه » (٨) و‌صحيحه الأخر : « يقضي‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٣ من أبواب قضاء الصلاة حديث : ٢.

(٢) الوسائل باب : ٣ من أبواب قضاء الصلاة حديث : ١٨.

(٣) الوسائل باب : ٣ من أبواب قضاء الصلاة ملحق حديث : ١٨.

(٤) الوسائل باب : ٣ من أبواب قضاء الصلاة حديث : ٣.

(٥) الوسائل باب : ٣ من أبواب قضاء الصلاة حديث : ١٤.

(٦) الوسائل باب : ٣ من أبواب قضاء الصلاة حديث : ٨.

(٧) الوسائل باب : ٣ من أبواب قضاء الصلاة حديث : ٩.

(٨) بهذا اللفظ جاءت الرواية في الوافي باب : ٣٥ صلاة المغمى عليه ، نقلا عن التهذيب والاستبصار. وفي الحدائق ج ١١ ص ٦ ط النجف أيضاً إلا ان التهذيب والاستبصار خاليان عن قوله : « يوما الى الليل ». لاحظ التهذيب ج ٣ ص ٣٠٣ ط النجف ، والاستبصار ج ١ ص ٤٥٨ ط النجف. ورواها في الوسائل باب : ٤٠ من أبواب قضاء الصلوات حديث : ٩ بدون سؤال. وكذلك التهذيب ج ٤ ص ٢٤٤ ط النجف. كما ان الموجود في جميع هذه المصادر « صلاة يوم » بتجريد ( يوم ) عن الضمير.

٤٨

______________________________________________________

المغمى عليه ما فاته » (١) ، ومصحح ابن مسلم : « عن الرجل يغمى عليه ثمَّ يفيق قال (ع) : يقضي ما فاته ، يؤذن في الاولى ويقيم في البقية » (٢) وصحيح رفاعة : « عن المغمى عليه شهراً ما يقضي من الصلاة؟ قال (ع) : يقضيها كلها ، إن أمر الصلاة شديد » (٣). الى غير ذلك.

وظاهر محكي المقنع العمل بها. لكن الجمع العرفي بينها وبين ما قبلها حملها على الاستحباب ، كما يشير اليه خبر أبي كهمس : « عن المغمى عليه أيقضي ما تركه من الصلاة؟ فقال (ع) : أما أنا وولدي وأهلي فنفعل ذلك » (٤). ونحوه خبر منصور (٥). وما في بعض النصوص : من التفصيل بين الإغماء ثلاثة أيام فعليه القضاء. وما جازها فلا قضاء عليه ، كموثق سماعة : « عن المريض يغمى عليه ، إذا جاز عليه ثلاثة أيام فليس عليه قضاء ، وان أغمي عليه ثلاثة أيام فعليه قضاء الصلاة فيهن » (٦).

والتفصيل : فيما جازها بين ثلاثة أيام فيقضيها ، وبين الزائد عليها فلا يقضيه ، كخبر أبي بصير : « رجل أغمي عليه شهراً أيقضي شيئاً من‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٤ من أبواب قضاء الصلوات حديث : ٨. والمذكور في نسخة الوسائل المصححة للمؤلف ـ دام ظله ـ وكذلك المطبوعة : « المغمى عليه يقضي ما فاته » نعم ما في التعليقة يوافق التهذيب ج ٤ ص ٢٤٣ ط النجف الأشرف.

(٢) الوسائل باب : ٤ من أبواب قضاء الصلوات حديث : ٢.

(٣) الوسائل باب : ٤ من أبواب قضاء الصلوات حديث : ٤.

(٤) الوسائل باب : ٤ من أبواب قضاء الصلوات حديث : ١٢.

(٥) الوسائل باب : ٤ من أبواب قضاء الصلوات حديث : ١٣.

(٦) الوسائل باب : ٤ من أبواب قضاء الصلوات حديث : ٥.

٤٩

ولا على الكافر الأصلي [١] إذا أسلم بعد خروج الوقت ، بالنسبة الى ما فات منه حال كفره ،

______________________________________________________

من صلاته؟ قال (ع) : يقضي منها ثلاثة أيام » (١). محمول على اختلاف مراتب الفضل.

[١] إجماعاً محكياً عن جماعة ، بل عد في ضروريات الدين. واستدل له بحديث : « الإسلام يجب ما قبله » (٢). لكن الحديث المذكور قاصر سنداً بالإرسال ، رواه في مجمع البحرين ، وعن غيره هكذا : « الإسلام يجب ما قبله. والتوبة تجب ما قبلها من الكفر ، والمعاصي والذنوب » (٣) وفي أواخر شرح النهج ـ لابن أبي الحديد ـ عن أبي الفرج : ذكر قصة إسلام المغيرة ، وأنه وفد مع جماعة من بني مالك على المقوقس ملك مصر ، فلما رجعوا قتلهم المغيرة في الطريق ، وفر إلى المدينة مسلما ، وعرض خمس أموالهم على النبي (ص) فلم يقبله ، وقال : لا خير في غدر ، فخاف المغيرة على نفسه من النبي (ص) ، وصار يحتمل ما قرب وما بعد ، فقال (ص) له : « الإسلام يجب ما قبله » (٤). وفي تفسير القمي. في تفسير قوله تعالى : ( وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّى تَفْجُرَ ... ) (٥) : « ان أم سلمة شفعت‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٤ من أبواب قضاء الصلوات حديث : ١١.

(٢) روي هذا الحديث في كنز العمال ج : ١ بألفاظ مختلفة : منها : « الإسلام يجب ما كان قبله » ، حديث : ٢٤٣ ص ١٧. ومنها : « أما علمت ان الإسلام يهدم ما كان قبله ، وان الهجرة تهدم ما كان قبلها ، وان الحج يهدم ما كان قبله » حديث : ٢٤٧. ومنها : « ان الإسلام يجب ما كان قبله ، والهجرة تجب ما كان قبلها » حديث : ٢٩٨ ص ٢٠.

(٣) لاحظ مادة : جبب.

(٤) الجزء : ٢٠ ص ٩ ـ ١٠ الطبعة الثانية لدار احياء الكتب العربية.

(٥) بني إسرائيل : ٩٠.

٥٠

______________________________________________________

لأخيها عند النبي (ص) في قبول إسلامه وقالت له : ألم تقل إن الإسلام يجب ما قبله؟ قال (ص) : نعم ، ثمَّ قبل إسلامه » (١). وفي السيرة الحلبية « إن عثمان شفع في أخيه ابن أبي سرح. قال (ص) : أما بايعته وآمنته؟ قال : بلي ، ولكن يذكر ما جرى منه معك من القبيح ويستحي. قال (ص) : الإسلام يجب ما قبله » (٢). وفي تاريخ الخميس (٣) ، والسيرة الحلبية (٤) ، والإصابة ـ لابن حجر ـ في إسلام هبار : « قال : يا هبار ، الإسلام يجب ما كان قبله » (٥). ونحوه في الجامع الصغير (٦) ـ للسيوطي ـ في حرف الألف ، وفي كنوز الحقائق ـ للمناوي ـ عن الطبراني في حرف الألف : « الإسلام يجب ما قبله والهجرة تجب ما قبلها » (٧).

نعم‌ في مناقب ابن شهرآشوب ـ فيمن طلق زوجته في الشرك تطليقة وفي الإسلام تطليقتين ـ : قال علي (ع) : « هدم الإسلام ما كان قبله ، هي عندك على واحدة » (٨). والطعن في سنده بالإرسال ـ بعد كونه من المشهورات ـ ضعيف. ومثله : الطعن في دلالته ، فإن إطلاقه شامل‌

__________________

(١) صفحة : ٣٨٨.

(٢) الجزء : ٣ ص ١٠٥ مطبعة مصطفى محمد ، وص ١٢٩ مطبوعة دار الطباعة.

(٣) الجزء : ٢ ص ٩٣ في حوادث السنة الثامنة من الهجرة.

(٤) الجزء : ٣ ص ١٠٦ مطبعة مصطفى محمد ، وص ١٣١ الطبعة الأخرى.

(٥) الجزء : ٣ ص ٥٦٦ باب الهاء بعده الباء.

(٦) الجزء : ١ ص ١٦٠ باب الهمزة المحلى بال طبع مطبعة الميمنية.

(٧) صفحة ٨٤ هامش الجامع الصغير.

(٨) في السيرة الحلبية ، في آخر غزوة وادي القرى : إن خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعثمان بن طلحة جاءوا إلى النبي (ص) مسلمين ، وطلبوا منه ان يغفر الله لهم فقال لهم (ص) : « ان الإسلام يجب ما كان قبله » لا حظ ج : ٣ ص ٧١ ط مصطفى محمد ، وص ٨٧ الطبعة الأخرى.

٥١

______________________________________________________

للمقام. نعم المتن الذي رواه في مجمع البحرين قاصر عن التعرض للمقام ، لأنه ظاهر في أن الإسلام يجب الكفر ، لا أنه يجب ما ثبت حال الكفر ، كما أنه إذا كان التكليف في الموقت على نحو تعدد المطلوب يشكل تطبيقه لنفي القضاء لأن وجوب القضاء ليس مسبباً عن الفوت ، بل هو لمصلحة في الفعل ، كوجوب الأداء. غاية الأمر أن في خصوصية الوقت مصلحة فاتت بخروج الوقت ، وبقيت المصلحة القائمة في ذات الفعل مطلقاً ، فلا يكون وجوب القضاء مسبباً عما قبل الإسلام. نعم إذا كان وجوب القضاء مستنداً الى الفوت في الوقت ، كان مقتضى الجب سقوطه. لكنه خلاف الظاهر. وعلى هذا فالعمدة ـ في نفي القضاء على الكافر ـ : الإجماع وفي المدارك : انه يستفاد من ذلك : أنه لا يخاطب بالقضاء وان كان مخاطبا بغيره من التكاليف ، لامتناع إيقاعه منه حال كفره ، وسقوطه بإسلامه ».

وأورد عليه تارة : بأن سقوط القضاء عنه فرع ثبوته عليه وثمرته العقاب على تركه. وأخرى : بأنه إن أريد أنه لا فائدة في هذا التكليف ، ففيه : أن الفائدة ترتب العقاب. وإن أريد أنه في نفسه ممتنع ، فهو إنما يتم لو كلف بالفائتة بشرط إيقاعها حال الكفر ، لكنه ليس كذلك ، وإنما كلف بقضاء الفائتة مطلقاً ، لكنه لما اختار الكفر ، تعذر عليه القضاء. وفيه : أن العقاب لا يصلح ثمرة للتكليف ، ولا فائدة له. وان تعذر القضاء لا يختص بصورة اختياره الكفر ، بل إذا أسلم أيضا يعذر عليه القضاء ، لما عرفت من سقوطه عنه بالإسلام.

ولعل مراده ما ذكره غير واحد من مشايخنا : من أنه ـ بعد ما علم عدم صحة قضائه حال الكفر ، وعدم ثبوت التكليف به لو أسلم خارج الوقت ـ يعلم أن صحة القضاء الواجب مشروطة بالإسلام في الوقت. وعليه فيجب عليه في الوقت الإسلام والأداء فيه ، والقضاء على تقدير ترك الأداء ،

٥٢

ولا على الحائض والنفساء [١] مع استيعاب الوقت.

( مسألة ١ ) : إذا بلغ الصبي ، أو أفاق المجنون أو المغمى عليه قبل خروج الوقت وجب عليهم الأداء [٢] ، وان لم يدركوا إلا مقدار ركعة من الوقت [٣] ، ومع الترك يجب عليهم القضاء. وكذا الحائض والنفساء إذا زال عذرهما قبل خروج الوقت ولو بمقدار ركعة. كما أنه إذا طرأ الجنون أو الإغماء أو الحيض أو النفاس بعد مضي مقدار صلاة المختار ـ بحسب حالهم من السفر والحضر ، والوضوء أو التيمم ـ ولم‌

______________________________________________________

فالأمر في الوقت بالقضاء بشرط الإسلام في الوقت لا مانع منه.

لكن هذا راجع الى تسليم عدم تكليف الكافر بالقضاء تكليفاً فعلياً في خارج الوقت ، وأن التكليف بالقضاء متوجه إليه في الوقت لا غير ، وبعد خروج الوقت لا تكليف فعلي في حقه إذا لم يسلم في الوقت ، لانتفاء القدرة على شرطه ، وهو الإسلام في الوقت الفائت بفوات الوقت. وحينئذ فإن كان مراد المدارك هذا المعنى من عدم تكليف الكافر بالقضاء ـ يعني : بعد خروج الوقت لا تكليف بالقضاء ـ فهو في محله. وان كان المراد انتفاء وجوب القضاء مطلقاً حتى في الوقت بالنسبة إلى الكافر فهو غير ظاهر. وما ذكر من دليله لا يقتضيه.

[١] إجماعا محكياً. عن جماعة. ولعله من ضروريات المذهب. وتشهد له النصوص المستفيضة أو المتواترة ، كما تقدم في الحيض.

[٢] لعموم دليل التكليف بالصلاة من دون معارض ، لاختصاص الأدلة النافية للقضاء عنه بصورة الفوت بسبب الأمور المذكورة.

[٣] تقدم الكلام في ذلك كله في المواقيت.

٥٣

يأتوا بالصلاة وجب عليهم القضاء ، كما تقدم في المواقيت.

( مسألة ٢ ) : إذا أسلم الكافر قبل خروج الوقت ولو بمقدار ركعة ـ ولم يصل وجب عليه قضاؤها.

( مسألة ٣ ) : لا فرق في سقوط القضاء عن المجنون والحائض والنفساء بين أن يكون العذر قهريا ، أو حاصلا من فعلهم وباختيارهم [١].

______________________________________________________

[١] أما في المجنون ، فلإطلاق معاقد الإجماعات على سقوط القضاء عنه. وفي الجواهر : « ما عثرنا عليه من كلام الأصحاب في المقام لا تفصيل فيه. ومثله : الإجماعات المنقولة ، ونفي الخلاف ». نعم في الروضة : « وعن التحرير والروض والمفاتيح : تقييد الجنون المسقط للقضاء بما إذا لم يكن من فعله وإلا وجب القضاء ». وفي مفتاح الكرامة : « هو اللازم من عبارة المبسوط والمراسم والغنية والإشارة والسرائر » وعن الذكرى : « لو زال عقل المكلف بشي‌ء من قبله فصار مجنونا ، أو سكر فغطي عقله ، أو أغمي عليه بفعل فعله وجب القضاء. وأفتى به الأصحاب ». وكأن الوجه فيه : عموم وجوب القضاء لما فات ، المقتصر في تقييده على القدر المتيقن من معقد الإجماع ، وهو ما إذا لم يكن الجنون بفعله.

فان قلت : عموم وجوب القضاء موضوعه ما فات ، وهو غير حاصل بعد انتفاء التكليف عن المجنون مطلقا ، لعموم حديث : « رفع القلم عن المجنون حتى يفيق » (١).

قلت : حديث رفع القلم عن المجنون ظاهر في رفع الفعلية لا رفع ذات التكليف ومناطه عنه ، نظير : رفع القلم عن النائم حتى يستيقظ. لا أقل‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٤ من أبواب مقدمة العبادات حديث : ١١.

٥٤

بل وكذا في المغمى عليه [١] ،

______________________________________________________

من كون ذكره في سياق رفع القلم عن النائم قرينة على إرادة هذا المعنى. وحينئذ فإطلاق أدلة التكليف الدالة بالالتزام على وجود المناط في فعل المجنون موجب لصدق الفوت على تركه ، فيشمله دليل القضاء. وأما مفهوم التعليل في نصوص المغمى عليه ـ أعني : قولهم (ع) : « كل ما غلب الله تعالى .. » ـ فغير ثابت ، لما تحقق في محله من عدم حجية مفهوم القيد ، فلا يدل على ثبوت القضاء فيما إذا كان بفعله.

وأما في الحائض والنفساء فهو المعروف ، بل لا يظهر فيه مخالف ، حتى أن الشهيدين ـ مع بنائهما على القضاء في المغمى عليه إذا كان بفعله ـ ذهبا الى السقوط هنا مطلقا. وفرقا بين المقامين : بأن السقوط فيهما عزيمة وفي المغمى عليه رخصة. وان كان في الفرق نظر. كما في المدارك. والعمدة ـ في عموم السقوط فيهما : عموم النصوص الدالة على أن الحائض لا تقضي الصلاة من دون مخصص وقد عرفت الإشكال في حجية مفهوم التعليل بنحو يتعدى من مورده الى غيره.

[١] كما هو المشهور. عملا بإطلاق النصوص المتقدم بعضها. وعن صريح جماعة ، وظاهر آخرين : وجوب القضاء إذا كان الاغماء باختياره ، للتعليل في النصوص المتقدمة وغيرها. لكنه يتوقف على ظهوره في ذلك ، وهو غير ثابت.

وتوضيحه : أن المراد من قوله (ع) : « فالله أولى بالعذر » ليس العذر في القضاء. لأنه مما لم يغلب عليه فيه ، فيتعين أن يكون المراد العذر في الأداء ، لأنه المغلوب عليه فيه. وحينئذ فالوجه في كونه جوابا عن حكم القضاء هو ثبوت قضية كلية ، وهي : كل من يعذر في الأداء لا يجب عليه القضاء ، فمفاد النصوص : أن المغمى عليه داخل في موضوع القضية المذكورة ، فيثبت له حكمها. وحينئذ لا دلالة فيها على انحصار العلة في‌

٥٥

______________________________________________________

نفي القضاء في ذلك ، بل يجوز أن يكون له علة أخرى غيرها ، لظهور الفرق بين قولنا : « لا تأكل الرمان لأنه حامض » ، وقولنا : « لا تأكل الرمان ، كل حامض يحرم أكله » ، فإن التعليل الصريح ظاهر في الانحصار ، ولا كذلك التعليل المستفاد من تطبيق الكبريات على صغرياتها ، فإنه لا مفهوم له. وعليه فالنصوص المطلقة في نفي القضاء عن المغمى عليه غير المشتملة على التعليل المذكور لا مقيد لها ، فالعمل عليها متعين.

وبالجملة : القاعدة المذكورة إنما تمنع من إطلاق النصوص المشتملة عليها ، ولا تصلح لتقييد إطلاق غيرها من النصوص ، لما عرفت من أنها لا مفهوم لها. إلا أن تكون قرينة على إرادة المفهوم وأن الكلام مساق للنفي والإثبات ، فحينئذ يكون لها مفهوم ، وما لم تقم قرينة على ذلك فلا مفهوم لها.

ثمَّ إنه لو سلم صلاحيتها لتقييد الإطلاق النافي للقضاء في المغمى عليه لظهورها في العلة المنحصرة ، فلا نسلم صلاحيتها لتقييد إطلاق نفي القضاء في غيره ـ كالحائض والنفساء ـ كما توهم ، فإنه غير مورد التعليل. والتعدي عن مورد التعليل الى غيره إنما هو في منطوقه لا مفهومه. مثلا ـ إذا قيل : « لا تأكل الرمان لأنه حامض » ، فلا يدل على أن كل ما ليس بحامض من سائر الفواكه يجوز اكله ، حتى يعارض ما دل على عدم جواز أكل التفاح الحامض ـ مثلا ـ ، كما أشرنا الى ذلك في المجنون والحائض. نعم يدل على أن كل حامض لا يجوز أكله وإن لم يكن من الرمان. ومن هنا يشكل إطلاق وجوب القضاء في النائم والناسي الشامل لصورة ما إذا كان النوم والنسيان بفعله ، لكن لما كانا بينهما عموم من وجه كان تقييد القاعدة بغير ذلك أولى من تقييد إطلاق القضاء بالعامد ، لندرة ذلك.

ولا ينافيه ظهور نصوص القاعدة في كونها مطردة آبية عن التخصيص فان ذلك إنما هو بالإضافة الى أن كل مغلوب عليه معذور لا بالإضافة‌

٥٦

وإن كان الأحوط [١] القضاء عليه إذا كان من فعله ، خصوصا إذا كان على وجه المعصية [٢]. بل الأحوط قضاء جميع ما فاته مطلقاً.

( مسألة ٤ ) : المرتد يجب عليه قضاء ما فات منه أيام ردته بعد عوده إلى الإسلام ، سواء كان عن ملة أو فطرة [٣] وتصح منه وان كان عن فطرة على الأصح [٤].

______________________________________________________

الى أن كل معذور في الأداء منفي عنه القضاء الذي هو موضوع المعارضة. بل يمكن المناقشة في ثبوت الإطلاق لذلك بنحو يكون قاعدة كلية في مقابل عموم القضاء أو استصحاب وجوبه ، فضلا عن خصوص الدليل على القضاء في الموارد المذكورة ، إذ ليس ما يقتضي العموم من قرينة لفظية أو حالية أو عقلية ، لعدم ورود الكلام لبيان ذلك ، بل هو في مقام الإشارة إليها في الجملة ، كما هو ظاهر. هذا بالنسبة إلى عموم كل معذور في الأداء منفي عنه القضاء. أما بالنسبة إلى عموم كل مغلوب معذور فعمومها ظاهر. فلاحظ وتأمل.

[١] عرفت وجهه. ولأجله أفتى في محكي الذكرى وغيرها بالوجوب.

[٢] فإنه أقرب في منع شمول نصوص نفي القضاء له. ولأجله خص وجوب القضاء به في محكي السرائر.

[٣] كما عن جماعة التصريح به. ويقتضيه إطلاق معقد الإجماع في محكي الناصرية والغنية والنجيبية وغيرها ، لعموم ما دل على وجوب القضاء ، واختصاص ما دل على سقوطه على الكافر بالكافر الأصلي.

[٤] عند جماعة. لحصول شرط الصحة وهو الإسلام. لكن المشهور خلافه ، لصحيح ابن مسلم : « سألت أبا جعفر (ع) عن المرتد ، فقال : من رغب عن الإسلام وكفر بما أنزل على محمد (ص) بعد إسلامه فلا توبة له ، وقد وجب قتله ، وبانت منه امرأته ، ويقسم ما ترك‌

٥٧

( مسألة ٥ ) : يجب على المخالف قضاء ما فات منه [١] ،

______________________________________________________

على ولده » (١) ‌فإن إطلاق نفي التوبة يقتضي بطلان عبادته ، كما لو بقي على كفره. ووجوب قبول توبته عقلا إنما هو بالنسبة إلى العقوبة التي هي من الاثار العقلية ، لا بالنسبة إلى الآثار الشرعية التعبدية. كما أن ما دل على أن الإسلام الشهادتان لا ينافي كونه بحكم الكافر. وأدلة التكاليف وان كانت مقتضية للصحة بإطلاقها الشامل له ، إلا أنه ـ به تقييدها بما دل على بطلان عبادة الكافر ـ يكون الصحيح ـ لتضمنه أن المسلم بعد الارتداد بمنزلة الكافر ـ حاكما عليها.

نعم تمكن المناقشة في الصحيح. تارة : من جهة احتمال أن نفي التوبة ليس بلحاظ جميع الاثار ، بل بلحاظ خصوص القتل ونحوه. كما قد يقتضيه اتباعه به في الصحيح. ومقابلته بالتوبة في جملة من نصوص المرتد ، مثل قوله ـ في بعضها ـ : « هل يستتاب ، أو يقتل ولا يستتاب » (٢). فلاحظ أبواب حكم المرتد من حدود الوسائل.

وأخرى : من جهة أن شرطية الإسلام لصحة العبادة ليست شرعية لعدم كونه شرطا فيها ، وإنما هو قيد للامتثال الذي له دخل في حصول الغرض ، فعموم الصحيح له غير ظاهر. فإذا بني على قبول توبته من حيث استحقاق الثواب والعقاب كفى ذلك في صحة عبادته ، إذ لا يعتبر فيها أكثر من صلاحية الفاعل للقرب. فتأمل.

[١] كما هو ظاهر المشهور. لما دل على وجوب القضاء من العموم أو الاستصحاب. نعم عن الذكرى ، عن كتاب الرحمة لسعد بن عبد الله ـ مسندا ـ عن رجال الأصحاب ، عن عمار : « قال سليمان بن خالد‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١ من أبواب حد المرتد حديث : ٢.

(٢) الوسائل باب : ١ من أبواب حد المرتد حديث : ٦.

٥٨

أو أتى به على وجه يخالف مذهبه [١] ، بل وان كان على وفق مذهبنا أيضا ـ على الأحوط ـ [٢]. وأما إذا أتى به على وفق مذهبه فلا قضاء عليه [٣]. نعم إذا كان الوقت باقيا فإنه‌

______________________________________________________

لأبي عبد الله (ع) ـ وأنا جالس ـ : إني منذ عرفت هذا الأمر أصلي في كل يوم صلاتين ، أقضي ما فاتني قبل معرفتي. قال (ع) : لا تفعل ، فان الحال التي كنت عليها أعظم من ترك ما تركت من الصلاة » (١). ورواه الكشي بطريق فيه الضعيف (٢). وحمله الشهيد على ارادة ما تركت من شرائطها وأفعالها لا تركها بالكلية. وهو وان كان بعيدا عن الظاهر ، لكنه قريب بلحاظ حال سليمان وجلالته حتى قبل الاستبصار. وكيف كان فضعف الخبر ـ سندا ـ كان في المنع عن العمل به من غير جابر ظاهر.

[١] بلا خلاف ظاهر. لما سبق ، بناء على اختصاص ما يأتي ما دل على سقوط القضاء بغير هذه الصورة ، على إشكال يأتي.

[٢] بل قواه بعض لما سبق. لكنه غير ظاهر ، لإمكان استفادته مما دل على السقوط ، كما سيأتي تقريبه.

[٣] كما هو المشهور. وعن الروض : نسبته إلى الأصحاب. لصحيح العجلي عن أبي عبد الله (ع) : « كل عمل عمله وهو في حال نصبه وضلالته ثمَّ من الله تعالى عليه وعرفه الولاية فإنه يؤجر عليه ، الا الزكاة فإنه يعيدها ، لأنه وضعها في غير مواضعها لأنها لأهل الولاية. وأما الصلاة والحج والصيام فليس عليه قضاء » (٣). ونحوه صحيح ابن أذينة (٤) ، لكن ترك فيه ذكر‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٣١ من أبواب مقدمة العبادات حديث : ٤.

(٢) الوسائل باب : ٣١ من أبواب مقدمة العبادات ملحق حديث : ٤.

(٣) الوسائل باب : ٣١ من أبواب مقدمة العبادات حديث : ١.

(٤) الوسائل باب : ٣١ من أبواب مقدمة العبادات ملحق حديث : ١.

٥٩

يجب عليه الأداء [١] حينئذ. ولو تركه وجب عليه القضاء.

______________________________________________________

الحج. ومصحح الفضلاء عن أبي جعفر (ع) وأبي عبد الله (ع) : « إنهما قالا ـ في الرجل يكون في بعض هذه الأهواء : الحرورية. والمرجئة. والعثمانية. والقدرية ، ثمَّ يتوب ويعرف هذا الأمر ويحسن رأيه ، أيعيد كل صلاة صلاها أو زكاة أو حج ، أو ليس عليه إعادة شي‌ء من ذلك؟ ـ ليس عليه إعادة شي‌ء من ذلك غير الزكاة ، فإنه لا بد أن يؤديها ، لأنه وضع الزكاة في غير موضعها. وإنما موضعها أهل الولاية » (١). فإن مقتضى الجمود على نفس النصوص المذكورة قد يقتضي اختصاص الحكم بما كان صحيحاً في نفسه ، واجدا لما يعتبر فيه إلا حيثية الولاية والمعرفة.

لكن التفصيل بين الزكاة وغيرها معللا بما ذكر ـ مع غلبة المخالفة فيما عداها أيضا ـ يقتضي عموم الحكم لما كان فاسدا في نفسه ، فيكون المراد من التعليل في الزكاة : أنها من الحقوق الراجعة إلى غيره تعالى التي لا تسقط بالمعرفة ، لا مجرد وقوعها على غير وجه صحيح. وعليه فما عن التذكرة : من التوقف في سقوط القضاء إذا كان العمل فاسداً عندنا في غير محله.

ومما ذكرنا يظهر أن شمول الروايات للصحيح عندنا أقرب من شمولها للصحيح عند العامل. نعم شمولها لما لا يكون صحيحاً واقعا ولا في نظر العامل غير ظاهر. اللهم الا أن يستفاد من التعليل بعد حمله على المعنى الذي ذكرنا.

[١] كأنه لعموم دليل التكليف به ، واختصاص نصوص الاجزاء بالقضاء. لكن قد يشكل : بأنه خلاف عموم قوله (ع) ـ في الصحيحين ـ « كل عمل .. » ، فإنه شامل للأداء. وقوله (ع) ـ في ذيله ـ :

__________________

(١) الوسائل باب : ٣ من أبواب المستحقين للزكاة حديث : ٢.

٦٠