تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ٥

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ٥

المؤلف:

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي


المحقق: حسين درگاهى
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٨٢

في تفسير العياشيّ (١) ، عنهما ـ عليهما السّلام ـ قالا : هي عامّة.

(قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً) ، أي : خلقناه لكم بتدبيرات سماويّة وأسباب نازلة. ونظيره قوله ـ تعالى ـ : (وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ). وقوله : (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ).

(يُوارِي سَوْآتِكُمْ) : الّتي قصد الشّيطان إبداءها ، ويغنيكم عن خصف الورق.

قيل (٢) : روي أنّ العرب كانوا يطوفون بالبيت عراة ، ويقولون : لا نطوف في ثياب عصينا الله فيها. فنزلت. ولعلّه ذكر قصّة آدم تقدمة لذلك ، حتّى يعلم أنّ انكشاف العورة أوّل سوء أصاب الإنسان من الشّيطان ، وأنّه أغواهم في ذلك ، كما أغوى أبويهم.

(وَرِيشاً) : ولباسا تتجمّلون به.

و «الرّيش» الجمال.

وقيل (٣) : مالا. ومنه ، ترّيش الرّجل : إذا تموّل.

وقرئ (٤) : «رياشا». وهو جمع ، ريش ، كشعب وشعاب.

(وَلِباسُ التَّقْوى) : خشية الله.

وقيل (٥) : الإيمان. الحسن (٦).

وقيل (٧) : السّمت الحسن.

وقيل (٨) : لباس الحرب.

ورفعه بالابتداء ، وخبره (ذلِكَ خَيْرٌ). أو «خير» ، و «ذلك» صفته ، كأنّه قيل : (وَلِباسُ التَّقْوى) المشار إليه «خير».

وقرأ (٩) نافع وابن عامر والكسائيّ : (وَلِباسُ التَّقْوى) بالنّصب ، عطفا على «ريشا» (١٠).

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (١١) : قال : (لِباسُ التَّقْوى) الثّياب البيض.

__________________

(١) تفسير العياشي ٢ / ١١ ، ح ١٣.

(٢) أنوار التنزيل ١ / ٣٤٥.

(١ و ٤) ـ نفس المصدر ، والموضع.

(٥) نفس المصدر ، والموضع.

(٦) ليس في المصدر : الحسن.

(١ و ٨) ـ نفس المصدر ، والموضع.

(٩) أنوار التنزيل ١ / ٣٤٥.

(١٠) المصدر : لباسا.

(١١) تفسير القمّي ١ / ٢٢٥.

٦١

وعن الباقر ـ عليه السّلام ـ (١) : فأمّا اللّباس ، فالثّياب الّتي تلبسون. وأمّا الرّياش ، فالمتاع والمال. وأمّا «لباس التّقوى» ، فالعفاف. لأنّ العفيف لا تبدو له عورة وإن كان عاريا من الثّياب ، والفاجر بادي العورة وإن كان لابسا (٢) من الثّياب. «ذلك خير» يقول : العفاف (٣) خير.

وفي كتاب الخصال (٤) ، فيما علّم أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ أصحابه من الأربعمائة باب : البسوا ثياب القطن ، فإنّها لباس رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ [وهو لباسنا] (٥). ولم نكن نلبس (٦) الشّعر والصّوف إلّا من علّة.

وقال : إنّ الله جميل يحبّ الجمال ، ويحبّ أن يرى أثر نعمته على عبده.

عن أمّ الدّرداء قالت (٧) : قال (٨) رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : من أصبح معافى في جسده آمنا في سربه عنده قوت يومه ، فكأنّما حيزت له الدّنيا. يا ابن آدم (٩) ، يكفيك من الدّنيا ما سدّ جوعتك ووارى عورتك. فإن لكن لك بيت يكنّك ، فذاك. وإن يكن لك دابّة تركبها ، فبخ. بخ والخير وما الخير (١٠) وما بعد ذلك حساب عليك وعذاب.

عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي (١١) ، بإسناده يرفعه إلى أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : [يكره السواد إلّا في ثلاثة : العمامة والخفّ والكساء.

عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ (١٢) قال : سمعت أبي يحدّث عن أبيه ، عن جدّه ـ عليهم السّلام ـ قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ :] (١٣) خمس لا أدعهنّ حتّى

__________________

(١) نفس المصدر والمجلّد / ٢٢٦.

(٢) المصدر : كاسيا.

(٣) كذا في المصدر ، وفي النسخ : العقاب.

(٤) الخصال / ٤١٣.

(٥) من المصدر.

(٦) كذا في المصدر ، وفي النسخ : لم يكن يلبس.

(٧) الخصال / ١٦١ ـ ١٦٢ ، ح ٢١١.

(٨) المصدر : عن امّ الدرداء عن أبي الدرداء قال.

(٩) المصدر : يا ابن خثعم. وقد أشير في هامشه إلى أن الصواب : يا ابن آدم جفينة.

(١٠) المصدر : فبخ فلق الخبز وماء الجرّ. وقد أشير في هامشه إلى أنّه في النسخ المطبوعة «بخ والخير وماء الخير» ولكنّه تصحيف من النساخ انتهى.

(١١) الخصال / ١٤٨ ، ح ١٧٩.

(١٢) نفس المصدر / ٢٧١ ، ح ١٢.

(١٣) من المصدر.

٦٢

الممات : الأكل على الحضيض (١) مع العبيد ، وركوب الحمار مردفا (٢) ، وحلب العنز بيدي ، ولبس الصوف ، والتسليم على الصّبيان لتكون سنّة [من] (٣) بعدي.

وفي الكافي (٤) : أحمد بن محمّد بن سعيد ، عن جعفر بن عبد الله العلويّ وأحمد بن محمّد الكوفيّ ، عن عليّ بن العبّاس ، عن إسماعيل بن إسحاق جميعا ، عن أبي روح فرج بن قرّة ، عن مسعدة (٥) بن صدقة قال : حدّثني ابن أبي ليلى ، عن عبد الرّحمن السّلميّ قال : قال أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ : أمّا بعد ، فإنّ الجهاد باب من أبواب الجنّة فتحه الله لخاصّة أوليائه ، ومنحهم (٦) كرامة منه لهم ونعمة ذخرها. والجهاد لباس التّقوى ، ودرع الله الحصينة ، وجنّته الواقية (٧). والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

وفي نهج البلاغة (٨) ، نحوه من غير حذف مغيّر للمعنى.

(ذلِكَ) ، أي : إنزال اللّباس.

(مِنْ آياتِ اللهِ) : الدّالّة على فضله ورحمته.

(لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) (٢٦) : فيعرفون نعمته. أو يتّعظون ، فيتورّعون عن القبائح.

(يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ) : لا يمحننّكم ، بأن يمنعكم من دخول الجنّة بإغوائكم.

(كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ) ، كما محن أبويكم ، بأن أخرجهما منها.

والنّهي في اللّفظ للشّيطان. والمعنى : نهاهم عن اتّباعه والافتتان به.

(يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما لِيُرِيَهُما سَوْآتِهِما) : حال من «أبويكم». أو من فاعل «أخرج». وإسناد النّزع إليه ، للتّسبّب.

(إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ) : تعليل للنّهي ، وتأكيد للتّحذير من فتنته.

«وقبيله» جنوده.

__________________

(١) الحضيض : القرار من الأرض.

(٢) المصدر : مؤكفا.

(٣) من المصدر.

(٤) الكافي ٥ / ٤ ، صدر ح ٦.

(٥) كذا في المصدر وجامع الرواة ٢ / ٢٢٨. وفي النسخ : سعد بن صدقة.

(٦) المصدر : سوغهم.

(٧) المصدر : جنّته الوثيقة.

(٨) نهج البلاغة / ٦٩ ، صدر خطبة ٢٧.

٦٣

ورؤيتهم إيّانا من حيث لا نراهم في الجملة ، لا تقتضي امتناع رؤيتهم وتمثّلهم لنا.

وفي الحديث (١) : إنّ الشّيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدّم منه.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٢) : عن العالم ـ عليه السّلام ـ حديث طويل. وفيه ذكر طلب إبليس من الله وإجابته. ومن جملة الطّلب قال : قال : وأراهم ولا يروني ، وأتصوّر لهم في كلّ صورة شئت.

فقال : قد أعطيتك.

(إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) (٢٧) : بما أوجدنا بينهم من التّناسب. أو بإرسالهم عليهم ، وتمكينهم من خذلانهم ، وحملهم على ما سوّلوا لهم.

والآية مقصود القصّة ، وفذلكة الحكاية.

(وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً) : فعلة متناهية في القبح ، كعبادة الأصنام ، والائتمام بإمامة الجور ، وكشف العورة في الطّواف.

(قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللهُ أَمَرَنا بِها) : اعتذروا واحتجّوا بأمرين : تقليد الآباء ، والافتراء على الله. فأعرض عن الأوّل ، لظهور فساده. وردّ الثّاني بقوله : (قُلْ إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ) : لأنّ عادته جرت على الأمر بمحاسن الأفعال ، والحثّ على مكارم الخصال.

قيل (٣) : ولا دلالة فيه على أنّ قبح الفعل ، بمعنى ترتّب الذّمّ عليه [عاجلا والعقاب] (٤) آجلا ، عقليّ. فإنّ المراد بالفاحشة ، ما ينفر عنه الطّبع السّليم ويستنقصه (٥) العقل المستقيم.

وفيه : أنّه يدلّ على أنّ قبح الفعل ، بمعنى أنّ فيه شيئا يقتضي النّهي عنه وترتّب الذّمّ آجلا ، عقليّ. وهو المدعى.

وقيل (٦) : هما جوابا سؤالين مترتّبين ، كأنّه قيل لهم لمّا فعلوها : لم فعلتم؟ فقالوا : (وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا). فقيل : ومن أين أخذ آباؤكم؟ فقالوا : (اللهُ أَمَرَنا بِها). وعلى

__________________

(١) تفسير الصافي ٢ / ١٨٧.

(٢) تفسير القمّي ١ / ٤٢.

(٣) أنوار التنزيل ١ / ٣٤٦.

(٤) من المصدر.

(٥) كذا في المصدر ، وفي النسخ : وسيتبغضه.

(٦) نفس المصدر ، والموضع.

٦٤

الوجهين يمنع التّقليد مطلقا إلّا ما دلّ دليل على جوازه.

وفي الكافيّ (١) مضمرا ، وفي تفسير العيّاشي (٢) : عن عبد صالح قال : هل رأيت أحدا زعم ، أنّ الله أمر بالزّنا وشرب الخمر وشيء من هذه المحارم؟

فقيل : لا.

قال : ما هذه الفاحشة الّتي يدّعون أنّ الله أمرهم بها؟

قيل : الله أعلم ووليّه.

فقال : فإنّ هذا في أئمّة الجور ، ادّعوا أنّ الله أمرهم بالائتمام [بقوم لم يأمرهم الله بالائتمام] (٣) بهم. فردّ الله ذلك عليهم. فأخبر أنّهم قد قالوا عليه الكذب ، ويسمّى ذلك منهم فاحشة.

وفي أصول الكافي : (٤) الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن الحسين بن عليّ الوشّاء ، عن حمّاد بن عثمان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : من زعم أنّ الله أمر بالفحشاء ، فقد كذب على الله. ومن زعم أنّ الخير والشّرّ إليه ، فقد كذب على الله.

(أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) (٢٨) : إنكار يتضمّن النّهي عن الافتراء.

(قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ) : بالعدل. وهو الوسط من كلّ أمر ، للتّجافي عن طرفي الإفراط والتّفريط.

(وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ) : وتوجّهوا إلى عبادته مستقيمين غير عادلين إلى غيرها. أو أقيموها نحو القبلة.

(عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) : في كلّ وقت سجود. أو مكانه ، وهو الصلاة. أو في أيّ مسجد حضرتكم الصلاة. ولا تؤخّروها حتّى تعودوا إلى مساجدكم.

وفي كتاب تهذيب الأحكام (٥) : علي بن الحسن (٦) الطاطريّ ، عن [ابن] (٧)

__________________

(١) الكافي ١ / ٣٧٣ ، ح ٩.

(٢) تفسير العياشي ٢ / ١٢ ، ح ١٥ ببعض الاختلاف.

(٣) من الكافي.

(٤) الكافي ١ / ١٥٦ ـ ١٥٧ ، ح ٢.

(٥) التهذيب ٢ / ٤٣ ، ح ١٣٤.

(٦) كذا في المصدر وجامع الرواة ١ / ٥٦٨. وفي النسخ : علي بن الحسين. قال الأردبيلي : الظاهر ان علي بن الحسين مصغرا سهو.

(٧) من المصدر.

٦٥

أبي حمزة ، عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : هذه في (١) القبلة.

وعنه (٢) ـ عليه السّلام ـ : مساجد محدثة ، فأمروا أن يقيموا وجوههم شطر المسجد الحرام.

وفي تفسير العياشي (٣) مثل الحديثين وزاد في الاوّل : ليس فيها عبادة الأوثان خالصا مخلصا.

وعنه (٤) ـ عليه السّلام ـ : «كلّ مسجد» ، يعني : الأئمّة ـ عليهم السّلام ـ.

(وَادْعُوهُ) : واعبدوه.

(مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) ، أي : الطّاعة. فإنّ إليه مصيركم.

(كَما بَدَأَكُمْ) ، كما أنشأكم ابتداء.

(تَعُودُونَ) (٢٩) : بإعادته ، فيجازيكم على أعمالكم. وإنّما شبّه الإعادة بالإبداء (٥). تقريرا لإمكانها والقدرة عليها.

وقيل (٦) : (كَما بَدَأَكُمْ) من التّراب. «تعودون» إليه.

وقيل (٧) : (كَما بَدَأَكُمْ) حفاة عراة غرلا (٨). «تعودون».

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٩) : عن الباقر ـ عليه السّلام ـ في هذه الآية : خلقهم من طينتهم (١٠) مؤمنا وكافرا وشقيّا وسعيدا. وكذلك يعودون يوم القيامة مهتد وضالّ.

(فَرِيقاً هَدى) : بأن وفّقهم للإيمان.

(وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ) ، أي : الخذلان ، إذ لم يقبل الهدى. وانتصابه بفعل يفسّره ما بعده ، أي : وخذل فريقا.

(إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللهِ) : تعليل لخذلانهم ، أو تحقيق

__________________

(١) ليس في المصدر : في.

(٢) التهذيب ٢ / ٤٣ ، ح ١٣٦.

(٣) تفسير العياشي ٢ / ١٢ ، ح ١٩ و ٢٠.

(٤) نفس المصدر والمجلّد / ١٣ ، ح ٢٢.

(٥) ب : بالابتداء.

(١ و ٧) ـ أنوار التنزيل ١ / ٣٤٦.

(٨) كذا في المصدر ، وفي النسخ : عزلا. والعزل جمل الأغرل ـ : وهو الأقلف.

(٩) تفسير القمّي ١ / ٢٢٦.

(١٠) المصدر : «حين خلقهم» بدل «من طينتهم»

٦٦

لضلالتهم.

(وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ) (٣٠) : يدلّ على أنّ الكافر المخطئ والمعاند سواء في استحقاق الذّمّ. وللفارق أن يحمله على المقصّر في النّظر.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (١) : وهم القدريّة ، الّذين يقولون : لا قدر. ويزعمون أنّهم قادرون (٢) على الهدى والضّلال. وذلك إليهم إن شاءوا اهتدوا ، وإن شاءوا ضلّوا.

وهم مجوس هذه الأمّة. وكذب أعداء الله ، المشيئة والقدرة لله كما بدأهم يعودون من خلقه الله شقيّا يوم خلقه ، كذلك يعود إليه [شقيّا] (٣) ومن خلقه سعيدا يوم خلقه ، كذلك يعود إليه سعيدا.

قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : الشّقيّ ، من شقي في بطن أمّه. والسّعيد ، من سعد في بطن أمّه.

وفي العلل (٤) ، عنه ـ عليه السّلام ـ : (إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللهِ) ، يعني : أئمّة [الجور] (٥) دون أئمّة الحقّ.

(يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ) : ثيابكم لمواراة عوراتكم.

(عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) : لصلاة أو طواف.

قيل (٦) : كانوا يطوفون عراة بالبيت ، الرّجال بالنّهار والنّساء باللّيل ، فأمرهم الله بلبس الثّياب.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٧) : قال : في العيدين والجمعة يغتسل ويلبس ثيابا بيضا (٨).

وروي (٩) ـ أيضا ـ : المشط عند كلّ صلاة.

وفي الكافي (١٠) : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن

__________________

(١) تفسير القمّي ١ / ٢٢٦ ـ ٢٢٧.

(٢) كذا في المصدر ، وفي النسخ : قاصرون.

(٣) من المصدر.

(٤) علل الشرائع / ٦٠ ، ذيل ح ٨١.

(٥) من المصدر.

(٦) تفسير القمّي ١ / ٢٢٩.

(٧) نفس المصدر والموضع.

(٨) كذا في المصدر ، وفي النسخ : بياضا.

(٩) نفس المصدر والموضع.

(١٠) الكافي ٣ / ٤٢٤ ، ح ٨.

٦٧

سعيد ، عن فضالة بن أيّوب ، عن ابن سنان ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ).

قال : في العيدين والجمعة.

وفي مجمع البيان (١) : عن الباقر ـ عليه السّلام ـ : أي : خذوا ثيابكم الّتي تتزيّنون بها للصّلاة في الجمعات والأعياد.

وفي تفسير العيّاشي (٢) : عن محمّد بن الفضل (٣) ، عن أبي الحسن الرّضا ـ عليه السّلام ـ قال : الثّياب.

وعن الصّادق ـ عليه السّلام ـ (٤) : هي الأردية في العيدين والجمعة.

وفي الجوامع (٥) وفي تفسير العيّاشيّ (٦) : كان الحسن بن عليّ ـ عليهما السّلام ـ إذا قام إلى الصّلاة ، لبس أجود ثيابه.

فقيل له في ذلك.

فقال : إنّ الله جميل يحبّ الجمال ، فأتجمّل لربّي. وقرأ الآية.

وفي من لا يحضره الفقيه (٧) ، عن الرّضا ـ عليه السّلام ـ : من ذلك التّمشّط عند كلّ صلاة.

وفي تفسير العيّاشيّ (٨) ، عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ مثله.

وفي كتاب الخصال (٩) ، عنه ـ عليه السّلام ـ في هذه الآية : تمشّط ، فإنّ التّمشّط يجلب الرّزق ويحسن الشّعر وينجز الحاجة ويزيد في ماء الصّلب ويقطع البلغم. وكان رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ يسرح لحيته أربعين مرّة ويمرّ (١٠) فوقها سبع مرّات ، ويقول : إنّه يزيد في الذّهن ويقطع البلغم.

__________________

(١) المجمع ٢ / ٤١٢.

(٢) تفسير العيّاشي ٢ / ١٢ ، ح ٢١.

(٣) المصدر : محمد بن الفضيل.

(٤) نفس المصدر والمجلد / ١٣ ، ح ٢٧.

(٥) جوامع الجامع / ١٤٤.

(٦) تفسير العياشي ٢ / ١٤ ، ح ٢٩ ببعض الاختلاف.

(٧) الفقيه ١ / ٧٥ ، ح ٣١٩.

(٨) تفسير العيّاشي ٢ / ١٣ ، ح ٢٥.

(٩) الخصال / ٢٦٨ ، ح ٣.

(١٠) المصدر : «من» بدل «يمرّ».

٦٨

وفي تهذيب الأحكام (١) ، عنه ـ عليه السّلام ـ في هذه الآية قال : الغسل عند لقاء كلّ إمام.

وفي تفسير العيّاشيّ (٢) ، عنه ـ عليه السّلام ـ : يعني : الأئمّة.

وفي أصول الكافي (٣) : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، عمّن ذكره ، عن محمّد بن عبد الرّحمن بن أبي ليلى ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه قال : وصل (٤) الله طاعة وليّ أمره بطاعة رسوله ، و [طاعة رسوله] (٥) بطاعته.

فمن ترك طاعة ولاة الأمر ، لم يطع الله ولا رسوله. وهو الإقرار بما أنزل من عند الله ـ عزّ وجلّ ـ : (خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ). والتمسوا (٦) البيوت الّتي (أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) (٧). فإنّه أخبركم أنّهم (رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ ، وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ ، يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ).

والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

(وَكُلُوا وَاشْرَبُوا) : ما طاب لكم.

نقل (٨) : أنّ بني عامر في أيّام حجّهم كانوا لا يأكلون الطّعام إلّا قوتا ، ولا يأكلون دسما. يعظّمون بذلك حجّهم ، فهم المسلمون به. فنزلت.

(وَلا تُسْرِفُوا) : بالإفراط والإتلاف والتّعدّي إلى الحرام ، وبتحريم الحلال وغير ذلك.

قال عليّ بن الحسين بن واقد (٩) : قد جمع الله ـ تعالى ـ الطّبّ في نصف آية ، فقال : (كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا).

(إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) (٣١) ، أي : لا يرضى فعلهم.

وفي تفسير العيّاشي (١٠) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : أترى الله أعطى من

__________________

(١) التهذيب ٦ / ١١٠ ، ح ١٩٧.

(٢) تفسير العيّاشي ٢ / ١٣ ، ح ٢٢.

(٣) الكافي ٢ / ٤٧ ـ ٤٨ ، ضمن ح ١.

(٤) كذا في المصدر ، وفي النسخ : وسل.

(٥) من المصدر.

(٦) كذا في المصدر ، وفي النسخ : والتمس.

(٧) النور / ٣٦.

(٨) أنوار التنزيل ١ / ٣٤٧. وفيه «روى» بدل «نقل».

(٩) أنوار التنزيل ١ / ٣٤٧. (١٠) تفسير العيّاشي ١ / ١٣ ، ح ٢٣.

٦٩

أعطى من كرامته (١) عليه ، ومنع من منع من هوان به عليه؟ لا ، ولكنّ المال مال الله يضعه عند الرّجل ودائع. وجوّز لهم أن يأكلوا قصدا ، ويشربوا قصدا ، ويلبسوا قصدا ، وينكحوا قصدا ، ويركبوا قصدا ، ويعودوا بما سوى ذلك على فقراء المؤمنين ويلمّوا به شعثهم. فمن فعل ذلك ، كان ما يأكل حلالا ويشرب حلالا ويركب [حلالا] (٢) وينكح حلالا. ومن عدا ذلك كان عليه حراما. ثمّ قال : (وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ). أترى الله ائتمن رجلا على ما (٣) خوّل له أن يشتري فرسا بعشرة آلاف درهم ويجزئه فرس بعشرين درهما ، ويشتري جاريته (٤) بألف دينار ويجزئه [جارية] (٥) بعشرين دينارا؟ وقال : (وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ).

وفي عيون أخبار الرّضا (٦) ـ عليه السّلام ـ بإسناده قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : ليس شيء أبغض على الله من بطن ملآن (٧).

وبإسناده (٨) قال : قال عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ : أتى أبو جحيفة النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ وهو يتجشّأ.

فقال : اكفف جشأك ، فإنّ أكثر النّاس في الدّنيا شبعا أكثرهم يوم القيامة جوعا.

قال : فما ملأ أبو حنيفة بطنه من طعام حتّى لحق بالله ـ تعالى ـ.

وفي كتاب الخصال (٩) ، عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ قال : أبعد ما يكون العبد من الله إذا كان همّه فرجه وبطنه.

عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام (١٠) ـ قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : المؤمن يأكل في معاء واحد ، والكافر يأكل في سبعة أمعاء.

وفي كتاب علل الشّرائع (١١) ، بإسناده إلى عمر بن عليّ ، عن أبيه ، عن (١٢) عليّ بن

__________________

(١) كذا في المصدر ، وفي النسخ : كرامة.

(٢) من المصدر.

(٣) المصدر : «مال» بدل «ما».

(٤) المصدر : جارية.

(٥) من المصدر.

(٦) العيون ٢ / ٣٦ ، ح ٨٩.

(٧) كذا في المصدر ، وفي النسخ : فلان.

(٨) نفس المصدر والمجلّد / ٣٨ ـ ٣٩ ، ح ١١٣.

(٩) نور الثقلين ٢ / ٢٠ ، ح ٧٣ عن الخصال.

(١٠) الخصال / ٣٥١ ، ح ٢٩.

(١١) العلل / ٤٩٧ ، ح ١.

(١٢) ليس في المصدر.

٧٠

أبي طالب ـ عليه السّلام ـ : أنّ النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ قال : مرّ أخي عيسى (١) ـ عليه السّلام ـ بمدينة فيها رجل وامرأة يتصايحان (٢).

فقال : ما شأنكما؟

فقال : يا نبيّ الله ، هذه امرأتي وليس بها بأس صالحة ، ولكنّي أحبّ فراقها.

قال : فأخبرني على كلّ حال ، ما شأنها؟

قال : هي خلقة الوجه من غير كبر.

قال لها : يا امرأة ، أتحبّين أن يعود ماء وجهك طريّا؟

قالت : نعم.

قال لها : إذا أكلت ، فإيّاك أن تشبعي (٣). لأنّ الطّعام إذا تكاثر على الصّدر فزاد في القدر ، ذهب ماء الوجه.

ففعلت ذلك ، فعاد وجهها طريّا.

(قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ) : من الثّياب ، وسائر ما يتجمّل به.

(الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ) : من الأرض ، كالقطن والكتّان والأبريسم والصّوف والمعادن والجواهر.

(وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ) : المستلذّات من المآكل والمشارب. وفيه دلالة على أنّ الأصل في المطاعم والملابس وأنواع التّجمّلات ، الإباحة ، لأنّ الاستفهام في «من» للإنكار. وكذا في قوله ـ تعالى ـ : (كُلُوا وَاشْرَبُوا) ، دلالة على أنّ الأصل في كلّ المأكولات والمشروبات الإباحة إلّا ما أخرجه الدّليل.

وفي الكافي (٤) : محمّد بن يحيى ، عن عبد الله بن محمّد عن (٥) عليّ بن الحكم ، عن أبان بن عثمان ، عن يحيى بن أبي العلاء ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : بعث أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ عبد الله بن عبّاس إلى ابن الكوّاء وأصحابه وعليه قميص رقيق وحلّة. فلمّا نظروا إليه ، قالوا : يا ابن عبّاس ، أنت خيرنا في أنفسنا وأنت تلبس هذا

__________________

(١) كذا في ب والمصدر. وفي سائر النسخ : موسى.

(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : يتصاحبان.

(٣) المصدر : أن تشبعين.

(٤) الكافي ٦ / ٤٤١ ـ ٤٤٢ ، ح ٦.

(٥) كذا في المصدر ، وفي النسخ : «عن» بدل «بن».

٧١

اللّباس! فقال : وهذا أوّل ما أخاصمكم فيه (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ) (١). وقال الله : (خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ).

وفي تفسير العيّاشي (٢) ، عنه ـ عليه السّلام ـ ما في معناه.

وفي الكافي (٣) : عليّ بن محمّد بن بندار ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن محمّد بن عليّ [رفعه] (٤) قال : مرّ سفيان الثّوريّ في المسجد الحرام ، فرأى أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ وعليه ثياب كثيرة القيمة حسان.

فقال : والله ، لآتينّه ولأوبّخنّه.

فدنا منه فقال : يا ابن [رسول الله ، ما لبس] (٥) رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ مثل هذا اللّباس ولا عليّ ولا أحد من آبائك.

فقال ـ عليه السّلام ـ : كان رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ في زمان قتر مقتر ، وكان يأخذ لقتره وإقتاره (٦). وأنّ الدّنيا بعد ذلك أرخت عزاليها (٧) ، فأحقّ أهلها بها أبرارها. ثمّ تلا : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي) (الآية) فنحن أحقّ من أخذ منها ما أعطاه الله. غير أنّي ، يا ثوريّ ، ما ترى عليّ من ثوب إنّما لبسته للنّاس.

ثمّ اجتذب (٨) يد سفيان ، فجرّها إليه. ثمّ رفع الثّوب الأعلى ، وأخرج ثوبا تحت ذلك على جلده غليظا فقال : هذا لبسته لنفسي ، وما رأيته للنّاس.

ثمّ اجتذب ثوبا على سفيان أعلاه غليظ خشن وداخل ذلك ثوب ليّن ، فقال : لبست هذا الأعلى للنّاس ، ولبست هذا لنفسك تسرّها.

عدّة من أصحابنا (٩) ، عن سهل بن زياد ، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ ، عن ابن القدّاح قال : كان أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ متّكئا على بعض أصحابه ، فلقيه عبّاد بن

__________________

(١) الأعراف / ٣١.

(٢) تفسير العيّاشي ٢ / ١٥ ، ذيل ح ٣٢.

(٣) الكافي ٦ / ٤٤٢ ـ ٤٤٣ ، ح ٨.

(٤) من المصدر.

(٥) من المصدر.

(٦) المصدر : اقتداره.

(٧) كذا في المصدر. وفي ب : غزالتها. وفي سائر النسخ : غزاليها. يقال : أرخت الدّنيا عزاليها : كثرت نعيمها.

(٨) ب : أجذب.

(٩) الكافي ٦ / ٤٤٣ ، ح ١٣.

٧٢

كثير وعليه ثياب مزيّنة (١) حسان.

فقال : يا أبا عبد الله ، إنّك من أهل بيت النبوّة وكان أبوك وكان. فما لهذه الثياب المزيّنة (٢) عليك؟ فلو لبست دون هذه الثّياب.

فقال له ـ عليه السّلام ـ : ويلك ، يا عبّاد ، (مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ). إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ إذا أنعم على عبد نعمة ، أحبّ أن يراها عليه ليس بها بأس. ويلك ، يا عبّاد ، إنّما أنا بضعة من رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فلا تؤذني (٣).

وكان عباد يلبس ثوبين من قطن (٤).

وعنه ـ عليه السّلام (٥) ـ أنّه قيل له : أصلحك الله ، ذكرت أنّ عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ كان يلبس الخشن ، يلبس القميص بأربعة دراهم وما أشبه ذلك ، ونرى عليك اللّباس الجيّد.

فقال له ـ عليه السّلام ـ : إنّ عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ كان يلبس ذلك في زمان لا ينكر. ولو لبس مثل ذلك اليوم ، لشهّر به. فخير لباس كلّ زمان لباس أهله. غير أنّ قائمنا ـ عليه السّلام ـ إذا قام ، لبس لباس عليّ وسار بسيرته.

سهل بن زياد (٦) ، عن محمّد بن عيسى ، عن العبّاس بن هلال الشّامي مولى أبي الحسن ـ عليه السّلام ـ ، عنه قال : قلت : جعلت فداك ، ما أعجب إلى النّاس من يأكل الجشب ويلبس الخشن ويتخشّع.

فقال : أما علمت أنّ يوسف النّبيّ ـ عليه السّلام ـ [نبي ابن نبي] (٧) كان يلبس أقبية الدّيباج مزرورة (٨) بالذّهب ، ويجلس في مجالس آل فرعون ويحكم. فلم يحتج النّاس إلى لباسه ، وإنّما احتاجوا إلى قسطه. وإنّما يحتاج من الإمام إلى أن إذا قال صدق ، وإذا وعد أنجز ، وإذا حكم عدل. إنّ الله لم يحرّم طعاما ولا شرابا من حلال ، وإنّما

__________________

(١) المصدر : مرويّة. يعني المنسوب إلى مرو.

(٢) المصدر : المرويّة.

(٣) كذا في المصدر : وفي النسخ : فلا تؤذوني.

(٤) المصدر : «قطريّين» بدل «من قطن».

(٥) الكافي ٦ / ٤٤٤ ، ح ١٥ باختصار سنده.

(٦) الكافي ٦ / ٤٥٣ ـ ٤٥٤ ، ح ٥. وفي بعض نسخ المصدر : حميد بن زياد.

(٧) من المصدر.

(٨) كذا في المصدر. وفي النسخ : مزورة.

٧٣

حرّم الحرام قلّ أو كثر. وقد قال ـ عزّ وجلّ ـ : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ).

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (١) : عن الحكم بن عيينة قال : رأيت أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ وعليه إزار أحمر. قال : فأحددت (٢) النّظر إليه.

فقال : يا أبا محمّد ، إنّ هذا ليس به بأس. ثمّ تلا : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ).

عن الوشّاء (٣) ، عن الرّضا ـ عليه السّلام ـ قال : كان عليّ بن الحسين ـ عليهما السّلام ـ يلبس الجبّة والمطرف والخزّ والقلنسوة ، ويبيع المطرف ويتصدّق بثمنه ويقول : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ).

عن يوسف بن إبراهيم (٤) قال : دخلت على أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ وعليّ جبّة خزّ وطيلسان خزّ ، فنظر إليّ.

فقلت : جعلت فداك ، عليّ جبّة خزّ وطيلسان خزّ ، ما تقول فيه؟

قال : ولا بأس بالخزّ.

قلت : وسداه أبريسم.

فقال : [لا بأس به ، فقد] (٥) أصيب الحسين بن عليّ ـ عليه السّلام ـ وعليه جبّة خزّ.

عن أحمد بن محمّد (٦) ، عن أبي الحسن ـ عليه السّلام ـ قال : كان عليّ بن الحسين ـ عليه السّلام ـ يلبس الثّوب بخمسمائة [دينار] (٧) والمطرف بخمسين دينارا يشتو (٨) فيه. فإذا ذهب الشّتاء ، باعه وتصدّق بثمنه.

وفي خبر (٩) عمر بن عليّ (١٠) ، عن أبيه ، عليّ بن الحسين (١١) أنّه كان يشتري الكساء

__________________

(١) بل في تفسير العيّاشي ٢ / ١٤ ، ح ٣٠.

(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : فأجدت.

(٣) تفسير العيّاشي ٢ / ١٤ ، ح ٣١.

(٤) نفس المصدر والمجلّد / ١٥ ، صدر ح ٣٢.

(٥) من المصدر.

(٦) نفس المصدر والمجلّد / ١٦ ، ح ٣٤.

(٧) من المصدر.

(٨) كذا في المصدر. وفي النسخ : يشتي.

(٩) نفس المصدر والصفحة ، ح ٣٥.

(١٠) كذا في المصدر وجامع الرواة ١ / ٦٣٦. وفي النسخ : عمير بن عليّ.

(١١) كذا في المصدر. وفي النسخ : «عن الحسين»

٧٤

الحسن بخمسين دينارا ، فإذا صاف تصدّق به. ولا يرى بذلك بأسا ويقول : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ).

(قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) : بالأصالة. والكفرة وإن شاركوهم ، فتبع.

(خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ) : لا يشاركهم فيها غيرهم. وانتصابها ، على الحال.

وقرأ (١) نافع ، بالرّفع ، على أنّها خبر بعد خبر.

وفي أمالي الصّدوق (٢) ، عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ في حديث : واعلموا ، يا عباد الله ، إنّ المتّقين حازوا عاجل الخير وآجله. شاركوا أهل الدّنيا في دنياهم ، ولم يشاركهم أهل الدّنيا في آخرتهم. أباحهم الله في الدّنيا ما كفاهم به وأغناهم. قال الله ـ عزّ وجلّ ـ : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ) (إلى آخر الآية). سكنوا الدّنيا بأفضل ما سكنت ، وأكلوها (٣) بأفضل ما أكلت. شاركوا أهل الدّنيا في دنياهم فأكلوا معهم من طيّبات ما يأكلون ، وشربوا من طيّبات ما يشربون ، ولبسوا من أفضل ما يلبسون ، وسكنوا من أفضل ما يسكنون ، وتزوّجوا من أفضل ما يتزوّجون ، وركبوا من أفضل ما يركبون. وأصابوا لذّة الدّنيا مع أهل الدّنيا ، وهم غدا جيران الله ، يتمنّون عليه فيعطيهم ما يتمنّون ، لا تردّ لهم دعوة ولا ينقص لهم نصيب من اللّذّة. فإلى هذا ، يا عباد الله ، يشتاق إليه من كان له عقل.

(كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (٣٢) ، أي : كتفصيلنا هذا الحكم نفصّل سائر الأحكام لهم.

(قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ) : [ما تزايد قبحه.

وقيل (٤) : ما يتعلّق بالفروج.] (٥) (ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ) : [جهرها وسرّها.

__________________

بدل «علي بن الحسين».

(١) أنوار التنزيل ١ / ٣٤٧.

(٢) بل في أمالي الطوسي ١ / ٢٥ ـ ٢٦.

(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : أكلوه.

(٤) أنوار التنزيل ١ / ٣٤٧.

(٥) ما بين المعقوفتين ليس في ب.

٧٥

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (١) : (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ).] (٢) قال : من ذلك أئمّة الجور.

(وَالْإِثْمَ) : وما يوجب الإثم. تعميم بعد تخصيص.

وقيل (٣) : شرب الخمر.

(وَالْبَغْيَ) : الظّلم ، أو الكبر. أفرده بالذّكر ، للمبالغة.

(بِغَيْرِ الْحَقِ) : متعلّق «بالبغي» مؤكّد له معنى.

(وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً) : تهكّم بالمشركين ، وتنبيه على حرمة اتّباع ما لا يدلّ عليه برهان.

(وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) (٣٣) : بالإلحاد في صفاته والافتراء عليه ، كقولهم : (وَاللهُ أَمَرَنا بِها).

وفي الكافي (٤) : أبو عليّ الأشعريّ ، عن بعض أصحابنا وعليّ بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن عليّ بن يقطين قال : سأل المهديّ أبا الحسن ـ عليه السّلام ـ عن الخمر : هل محرّمة في كتاب الله ـ جلّ اسمه ـ؟

فقال : نعم ، يا أمير المؤمنين.

فقال له : في أيّ موضع محرّمة في كتاب الله ـ جلّ اسمه ـ يا أبا الحسن؟

فقال : قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِ). وأمّا قوله : ما ظهر منها ، يعني : الزّنا المعلن ، ونصب الرّايات الّتي كانت ترفعها الفواجر للفواحش في الجاهليّة. وأمّا قوله ـ عزّ وجلّ ـ : «وما بطن» ، يعني : ما نكح من أزواج الآباء. لأنّ النّاس كانوا قبل أن يبعث النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ إذا كان للرّجل زوجة ومات عنها ، تزوّجها ابنه من بعده إذا لم تكن أمّه ، فحرّم الله ـ عزّ وجلّ ـ ذلك. وأمّا «الإثم» فإنّها الخمر بعينها وقد قال الله ـ عزّ وجلّ ـ في

__________________

(١) تفسير القمّي ١ / ٢٣٠.

(٢) ما بين المعقوفتين ليس في ب.

(٣) أنوار التنزيل ١ / ٣٤٧.

(٤) الكافي ٦ / ٤٠٦ ، ح ١. لخصّ المؤلف صدر الخبر وله تتمّة.

٧٦

موضع آخر : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ) (١). فأمّا «الإثم» في كتاب الله ، فهي الخمر والميسر.

وفي تفسير العيّاشيّ (٢) ، مثله سواء.

إلّا أنّه بعد قوله : «والميسر» أخيرا : فهي النّرد فقال : [والشطرنج] (٣) وإثمهما كبير [كما قال الله] (٤) وأمّا قوله : «والبغي» ، فهو الزّنا سرا.

وفي الكافي (٥) : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن أبي وهب ، عن محمّد بن منصور قال : سألت [أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ] (٦) عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ).

قال : فقال : إنّ القرآن له ظهر وبطن. فجميع ما حرّم الله في القرآن هو الظّاهر ، والباطن من ذلك أئمّة الجور. وجميع ما أحلّ الله في الكتاب هو الظّاهر ، والباطن من ذلك أئمّة الحقّ.

[(وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) أي تتقوّلوا وتفتروا فيه] (٧).

وفي كتاب الخصال (٨) ، عن مفضّل بن يزيد (٩) قال : قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : أنهاك عن خصلتين فيهما هلك الرّجال : أن تدين الله بالباطل ، وتفتي النّاس بما لا تعلم.

عن عبد الرّحمن بن الحجّاج (١٠) قال : قال لي أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : إيّاك وخصلتين فيهما هلك من هلك : إيّاك أن تفتي النّاس برأيك ، وتدين بما لا تعلم.

وفي كتاب التّوحيد (١١) ، بإسناده إلى جعفر بن [محمّد : عن] (١٢) سماعة ، عن غير واحد ، عن زرارة قال : سألت أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ : ما حجّة الله على العباد؟

__________________

(١) البقرة / ٢١٦.

(٢) تفسير العيّاشي ٢ / ١٧ ، ح ٣٨.

(٣) من المصدر. ويوجد المعقوفتان فيه أيضا.

(٤) من المصدر.

(٥) الكافي ١ / ٣٧٤ ، ح ١٠.

(٦) المصدر : «عبدا صالحا» بدل ما بين المعقوفتين.

(٧) الظاهر أنّ ما بين المعقوفتين زائد لأنّ الآية مرّت آنفا. ويوجد هذه الفقرة في تفسير الصافي ذيل الحديث السابق.

(٨) الخصال / ٥٢ ، ح ٦٥.

(٩) المصدر : المفضّل بن مزيد.

(١٠) نفس المصدر والصفحة ، ح ٦٦.

(١١) التوحيد / ٤٥٩ ، ح ٢٧.

(١٢) ليس في المصدر.

٧٧

فقال : أن يقولوا ما يعلمون ، ويقفوا عند ما لا يعلمون.

وفي من لا يحضره الفقيه (١) ، عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ في وصيّته لابنه محمّد ابن الحنفيّة : يا بنيّ ، لا تقل ما لا تعلم ، بل لا تقل كلّ ما تعلم.

وفي عيون الأخبار (٢) ، بإسناده ، عن عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : من أفتى النّاس بغير علم ، لعنته ملائكة السّموات والأرض.

وفي نهج البلاغة (٣) : وقال ـ عليه السّلام ـ علامة الإيمان أن تؤثر الصّدق حيث يضرّك على الكذب حيث ينفعك ، وأن لا يكون في حديثك فضل عن علمك (٤) ، وأن تتّقي الله في حديث غيرك.

(وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ) : مدّة ، أو وقت لنزول العذاب بهم.

قيل (٥) : وهو وعيد لأهل مكّة.

(فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ) : انقرضت مدّتهم ، أو حان وقتهم.

(لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) (٣٤) ، أي : لا يتأخّرون ولا يتقدّمون أقصر وقت. أو لا يطلبون التّأخّر والتّقدّم ، لشدّة الهول.

وفي تفسير العيّاشيّ (٦) : عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قوله : (ثُمَّ قَضى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ).

قال : الأجل الّذي غير مسمّى موقوف ، يقدّم منه ما شاء ويؤخّر ما شاء. وأمّا الأجل المسمّى ، فهو الّذي ينزل ممّا يريد أن يكون من ليلة القدر إلى مثلها من قابل.

فذلك قول الله : (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ).

عن حمران (٧) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : سألته عن قول الله : (ثُمَّ قَضى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ).

قال : المسمّى ، ما يسمّى لملك الموت في تلك اللّيلة. وهو الّذي قال الله :

__________________

(١) نور الثقلين ٢ / ٢٦ ، ح ٩٢ عنه.

(٢) العيون ٢ / ٤٦ ، ح ١٧٣.

(٣) نهج البلاغة / ٥٥٦ حكمة ٤٥٨.

(٤) بعض نسخ المصدر : عن عملك.

(٥) أنوار التنزيل ١ / ٣٤٧.

(٦) تفسير العياشي ١ / ٣٥٤ ، ح ٥.

(٧) تفسير العياشي ١ / ٣٥٤ ، ح ٦. وله تتمة.

٧٨

(فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ). وهو الّذي سمّي لملك الموت في ليلة القدر.

وفي الكافي (١) : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن بكر بن محمّد الأزديّ ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : (إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ) إلى قوله : «تعملون» (٢). قال : تعد (٣) السّنين ، ثمّ تعد (٤) الشّهور ، ثمّ تعد الأيّام ، ثمّ تعد النّفس (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ).

وفي كتاب التّوحيد (٥) : حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان قال : حدّثنا أحمد بن يحيى بن زكريّا القطّان قال : حدّثنا بكر بن عبد الله بن حبيب قال : حدّثنا عليّ بن زياد قال : حدّثنا مروان بن معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي حسّان (٦) التّيميّ ، عن أبيه ، وكان مع عليّ ـ عليه السّلام ـ يوم صفّين ، وفيما بعد ذلك قال : بينما عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ يعبّأ الكتائب يوم صفّين ومعاوية مستقبله على فرس له يتأكّل له (٧) تحته تأكّلا وعليّ ـ عليه السّلام ـ على فرس رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ المرتجز وبيده حربة رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وهو متقلّد سيفه ذا الفقار ، فقال رجل من أصحابه : احترس ، يا أمير المؤمنين. فإنّا نخشى أن يغتالك هذا الملعون.

فقال ـ عليه السّلام ـ : لئن قلت ذلك إنّه غير مأمون على دينه ، وأنّه لأشقى (٨) القاسطين وألعن الخارجين على الأئمّة المهتدين ، ولكن كفى بالأجل حارسا. إنّه ليس أحد من النّاس إلّا ومعه ملائكة حفظة ، يحفظونه من أن يتردّى في بئر أو يقع عليه حائط أو يصيبه سوء. فإذا جاء (٩) أجله ، خلّوا بينه وبين ما يصيبه. وكذا إذا حان أجلي ، انبعث أشقاها فخضّب هذه من هذا ـ وأشار إلى لحيته ورأسه ـ عهدا معهودا ووعدا غير مكذوب.

وبإسناده إلى الأصبغ بن نباتة (١٠) قال : إنّ أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ عدل من عند حائط مائل إلى حائط آخر.

__________________

(١) الكافي ٣ / ٢٦٢ ، ح ٤٤.

(٢) الجمعة / ٨.

(١ و ٤) ـ كذا في المصدر. وفي النسخ : بعد.

(٥) التوحيد / ٣٦٧ ـ ٣٦٨ ، ح ٥.

(٦) المصدر : أبي حيّان.

(٧) ليس في المصدر : له.

(٨) كذا في المصدر : وفي ب : لأتقى. وفي سائر النسخ : لا يتقى.

(٩) المصدر : حان.

(١٠) التوحيد / ٣٦٩ ، ح ٨.

٧٩

فقيل له : يا أمير المؤمنين ، أتفرّ من قضاء الله.

قال : [أفرّ من قضاء الله] (١) إلى قدر الله ـ عزّ وجلّ ـ.

وبإسناده إلى عمرو بن جميع (٢) ، عن جعفر بن محمّد قال : حدّثني أبي ، عن أبيه ، عن جدّه ـ عليهما السّلام ـ قال : دخل الحسين بن عليّ ـ عليهما السّلام ـ على معاوية.

فقال له : ما حمل أباك على أن قتل أهل البصرة ثمّ دار عشيا (٣) في طرقهم في ثوبين؟

فقال ـ عليه السّلام ـ : حمله على ذلك علمه أنّ ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وأنّ ما أخطأه لم يكن ليصيبه.

قال : صدقت.

قال : وقيل لأمير المؤمنين لمّا أراد قتال الخوارج : لو احترزت يا أمير المؤمنين.

فقال ـ عليه السّلام ـ :

أيّ يوميّ من الموت أفرّ

يوم لم يقدر أو يوم قدر

يوم لم يقدر لا أخشى الرّدى

وإذا قدّر لم يغن الحذر

وبإسناده (٤) إلى يحيى بن [أبي] (٥) كثير قال : قيل لأمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ : ألا نحرسك؟

قال : كلّ (٦) حرس كلّ امرئ أجله.

وبإسناده إلى سعيد بن وهب (٧) قال : كنّا مع سعيد بن قيس بصفّين ليلا ، والصّفان ينظر كلّ واحد منهما إلى صاحبه حتّى جاء أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ. فنزلنا على فنائه (٨).

فقال له سعيد بن قيس : أفي هذه السّاعة ، يا أمير المؤمنين ، أما خفت شيئا؟

__________________

(١) ما بين المعقوفتين ليس في ب.

(٢) التوحيد / ٣٧٤ ـ ٣٧٥ ، ح ١٩.

(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : عيشا.

(٤) التوحيد / ٣٧٩ ، ح ٢٥.

(٥) من المصدر.

(٦) ليس في المصدر : كلّ.

(٧) نفس المصدر والصفحة ، ح ٢٦.

(٨) كذا في المصدر. وفي ب : فناه. وفي سائر النسخ : قفاه.

٨٠