تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ٥

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ٥

المؤلف:

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي


المحقق: حسين درگاهى
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٨٢

كلمة المحقق

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدالله رب العالمين والصلواة والسلام على نبينا وآله الطيبين الطاهرين ولا سيما بقية الله في الأرضين واللعنة الدائمة على أعدائه وأعدائهم أجمعين.

النسخ التي استفندنا عنها في تحقيق الربع الثاني من تفسير كنز الدقائق وبحر الغرائب (من أول سورة الأنعام الى آخر سورة الكهف) :

١ ـ نسخة مكتوبة في حياة المؤلف سنة ١١٠٥ هـ. ق في مكتبة آية الله العظمى النجفي المرعشي العامة ، قم ، رقم ١٢٨٣ مذكورة في فهرسها ١/٣٥٠ ، (رمز ب).

٣ ـ نسخة في مكتبة ، مدرسة الشهيد المطهري ، رقم ٢٠٥٤ ، مذكورة في فهرسها ١/١٦٢ ، مكتوبة في سنة ١٢٤٠ هـ. ق. (رمزس).

٤ ـ نسخة في مكتبة مجلس الشورى الاسلامي (١) ، رقم ١٢٠٧٣ ، مكتوبة في حياة المؤلف وعلى ظهرها تفريض العلامة المجلسي ـ رحمة الله تعالى عليه ـ. (رمزر).

والحمدالله أولاً وآخراً

٢١

٢٢

٢٣

٢٤

٢٥

٢٦

٢٧

٢٨

٢٩
٣٠

تفسير

سورة الأعرف

٣١
٣٢

سورة الأعراف

قيل (١) : مكّيّة إلّا ثمان آيات من قوله ـ تعالى ـ : (وَسْئَلْهُمْ) (٢) إلى قوله ـ تعالى ـ : (وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ) (٣).

وقيل (٤) : وكلّها محكم.

وقيل (٥) : إلّا قوله : (وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) (٦).

وآيها مائتان وخمس [أو ست] (٧) آيات.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

في كتاب ثواب الأعمال (٨) : عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : من قرأ سورة الأعراف في كلّ شهر ، كان يوم القيامة من الّذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. فإن قرأها في كلّ جمعة ، كان ممّن لا يحاسب يوم القيامة. أما إنّ فيها محكما فلا تدعوا قراءتها ، فإنّها تشهد يوم القيامة لمن قرأها.

وفي مصباح الكفعميّ (٩) : عنه ـ صلّى الله عليه وآله ـ : من قرأها ، جعل الله بينه وبين إبليس سترا (١٠). وكان آدم ـ عليه السّلام ـ شفيعا له يوم القيامة.

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٣٤١.

(٢) الأعراف / ١٦٣.

(٣) الأعراف / ١٧١.

(١ و ٥) ـ أنوار التنزيل ١ / ٣٤١.

(٦) الأعراف / ١٩٩.

(٧) من المصدر.

(٨) ثواب الأعمال / ١٣٢ ، ح ١.

(٩) مصباح الكفعمي / ٤٣٩.

(١٠) ب : سدا.

٣٣

(المص) (١) : قد سبق الكلام في تأويله في أوّل سورة البقرة.

وفي كتاب معاني الأخبار (١) ، بإسناده إلى سفيان بن سعيد الثّوريّ ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في حديث طويل : «والمص» معناه : أنا (٢) الله المقتدر الصّادق.

وبإسناده (٣) إلى سليمان بن الخضيب (٤) قال : حدّثني ثقة قال : حدّثني أبو (٥) جمعة (٦) [رحمة] (٧) بن صدقة قال : أتى رجل من بني أميّة ـ وكان زنديقا ـ جعفر بن محمّد فقال له : قول الله ـ عزّ وجلّ ـ في كتابه : (المص). أيّ شيء أراد بهذا ، وأيّ شيء فيه من الحلال والحرام ، وأيّ شيء فيه ممّا ينتفع به النّاس؟

قال : فاغتاظ (٨) ـ عليه السّلام ـ من ذلك فقال : أمسك ، ويحك ، «الألف» واحد ، و «اللّام» ثلاثون ، و «الميم» أربعون ، و «الصّاد» تسعون. كم معك؟

فقال الرّجل : مائة وإحدى وستّون (٩).

فقال ـ عليه السّلام ـ : إذا انقضت سنة إحدى وستّون (١٠) ومائة ، ينقضي ملك أصحابك.

قال : فنظر ، فلمّا انقضت إحدى وستّون (١١) ومائة يوم عاشوراء دخل المسوّدة (١٢) الكوفة وذهب ملكهم.

وفي تفسير العيّاشيّ (١٣). خيثمة الجعفي (١٤) ، عن أبي لبيد (١٥) المخزوميّ قال : قال أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ : يا أبا لبيد ، إنّه يملك من ولد عبّاس إثنا عشر. ويقتل بعد الثّامن منهم أربعة ، فتصيب أحدهم الذّبيحة (١٦) ، هم فئة قصيرة أعمارهم ، قليلة مدّتهم ، خبيثة

__________________

(١) المعاني / ٢٢ ، ضمن ح ١.

(٢) كذا في المصدر ، وفي النسخ : أنّ.

(٣) نفس المصدر / ٢٨ ، ح ٥.

(٤) المصدر : الخصيب. ب : الخضب.

(٥) ب ، ر : أبي.

(٦) ب : حميدة.

(٧) من المصدر.

(٨) ب : فاغتلظ.

(٩) المصدر : أحد وثلاثون ومائة.

(١ و ١١) ـ المصدر : ثلاثين.

(١٢) المسوّدة ، أي : لابسي سواد. والمراد أصحاب الدّعوة العباسيّة. لأنّهم كانوا يلبسون ثيابا سوداء.

(١٣) تفسير العياشي ٢ / ٣ ، ح ٣.

(١٤) كذا في المصدر وجامع الرواة ١ / ٢٩٩. وفي النسخ : الجعفريّ.

(١٥) كذا في المصدر ، وفي النسخ : «حدثني أبو وليد» بدل «عن أبي لبيد».

(١٦) المصدر : «الذبحة فتذبحه» بدل «الذبيحة».

٣٤

سيرتهم. منهم الفويسق (١) الملقّب بالهادي والنّاطق والغاوي (٢) والمعادي.

يا أبا لبيد ، إنّ لي في حروف القرآن المقطّعة لعلما جمّا. إنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ أنزل «الم ، ذلك الكتاب» فقام محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ. حتّى ظهر نوره وتبتت كلمته وولد يوم ولد ، وقد مضى من الألف السّابع مائة سنة وثلاث سنين.

ثمّ قال : وتبيانه في كتاب الله في الحروف المقطّعة إذا أعددتها (٣) من غير تكرار.

وليس من حروف مقطّعة حرف ينقضي أيّامه ، إلّا وقائم من بني هاشم عند انقضائه.

ثمّ قال : «الألف» واحد ، و «اللّام» ثلاثون ، و «الميم» أربعون ، و «الصّاد» تسعون. فذلك مائة وإحدى وستّون. ثمّ كان بدء (٤) خروج الحسين ـ عليه السّلام ـ «الم ، الله». فلمّا بلغت مدّته ، قام قائم ولد العبّاس عند «المص». ويقوم قائمنا عند انقضائها [«بالر»] (٥). فافهم ذلك وعه (٦) واكتمه (٧).

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٨) : حدّثني أبي ، عن الحسن بن محبوب ، عن عليّ بن رئاب ، عن محمّد بن قيس ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ : أنّ حيّ (٩) بن أخطب وأبا ياسر بن أخطب ونفرا من اليهود من أهل نجران أتوا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ.

فقالوا له : أليس تذكر فيما أنزل إليك «الم»؟

قال : بلى.

قالوا : أتاك (١٠) بها جبرئيل من عند الله؟

قال : نعم.

قالوا : لقد بعث أنبياء قبلك ، ما نعلم نبيّا منهم أخبرنا (١١) مدّة ملكه وما أحلّ الله (١٢) غيرك.

__________________

(١) كذا في المصدر ، وفي النسخ : الغويسق.

(٢) كذا في المصدر ، وفي النسخ : المعادي.

(٣) المصدر : عدّدتها.

(٤) كذا في المصدر ، وفي ب : عدد. وفي سائر النسخ : مدد.

(٥) من المصدر.

(٦) كذا في المصدر ، وفي ب : واعلم وفي سائر النسخ : وعد.

(٧) كذا في المصدر وفي ر : والتمس. وفي سائر النسخ : واكتم.

(٨) تفسير القمّي ١ / ٢٢٣.

(٩) كذا في المصدر ، وفي النسخ : يحيى.

(١٠) كذا في المصدر ، وفي النسخ : أتى.

(١١) المصدر : «أخبر ما» بدل «أخبرنا».

(١٢) المصدر : «ما أكل أمّته» بدل «ما أحلّ الله».

٣٥

قال : فأقبل حيّ (١) بن أخطب على أصحابه فقال لهم : «الألف» واحد ، و «اللّام» ثلاثون ، و «الميم» أربعون ، فهذه إحدى وسبعون سنة. فعجّب ممّن يدخل في دين مدّة ملكه وأجل (٢) أمّته إحدى وسبعون سنة! قال : ثمّ أقبل على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقال له : يا محمّد ، هل مع هذا غيره؟

قال : نعم.

قال : هاته.

قال : «المص».

قال : إنّها أثقل وأطول. «الألف» واحد ، و «اللّام» ثلاثون ، و «الميم» أربعون ، و «الصّاد» تسعون ، فهذه مائة وإحدى وستّون سنة.

ثمّ قال لرسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : فهل مع هذا غيره؟

قال : نعم.

قال : هاته.

قال : «الر».

قال : هذا أثقل وأطول. «الألف» واحد ، و «اللّام» ثلاثون ، و «الرّاء» مائتان. فهل مع هذا غيره؟

قال : نعم.

قال : هاته.

قال : «المر».

قال : هذا أثقل وأطول. «الألف» واحد ، و «اللّام» ثلاثون ، و «الميم» أربعون ، و «الرّاء» مائتان.

ثمّ قال : هل مع هذا غيره؟

قال : نعم.

قالوا : قد التبس علينا أمرك ، فما ندري ما أعطيت. ثمّ قاموا عنه.

__________________

(١) كذا في المصدر ، وفي النسخ : يحيى.

(٢) المصدر : أكل.

٣٦

ثمّ قال أبو ياسر لحيّ (١) أخيه : وما يدريك لعلّ محمّدا ـ صلّى الله عليه وآله ـ قد جمع هذا كلّه وأكثر منه.

فقال أبو جعفر ـ صلوات الله عليه ـ : إنّ هذه الآيات أنزلت فيهم «منه آيات محكمات هنّ أمّ الكتاب وأخر متشابهات». وهي تجري في وجوه أخر على غير ما تأوّل (٢) به حيّ (٣) وأبو ياسر وأصحابه.

(كِتابٌ) : خبر مبتدأ محذوف ، أي : هو كتاب. أو خبر «المص». والمراد به ، السّورة أو القرآن.

(أُنْزِلَ إِلَيْكَ) : صفة.

(فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ) ، أي : شكّ ، فإنّ الشّكّ حرج الصّدر. أو ضيق قلب من تبليغه ، مخافة أن تكذّب فيه أو تقصّر في القيام بحقّه.

وتوجيه النّهي إليه ، للمبالغة ، كقولهم : لا أرينّك ها هنا.

و «الفاء» تحتمل العطف والجواب ، فكأنّه قيل : إذا أنزل إليك لتنذر به ، فلا يحرج صدرك.

وفي مجمع البيان (٤) : وقد روي في الخبر : أنّ الله ـ تعالى ـ لمّا أنزل القرآن إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ قال : إنّي أخشى أن يكذّبني النّاس ويقطعوا (٥) رأسي ، فيتركوه كالجزّة (٦). فأزال الله ـ تعالى ـ الخوف عنه.

(لِتُنْذِرَ بِهِ) : متعلّق «بأنزل إليك» ، أو ب «لا يكن». لأنّه إذا أيقن أنّه من عند الله ، جسر على الإنذار. وكذا إذا لم يخف منهم ، أو علم أنّه موفّق للقيام بتبليغه.

(وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ) (٢) : يحتمل النّصب بإضمار فعلها ، أي : لتنذر به وتذكّر ذكرى. فإنّها بمعنى التّذكير.

والجرّ ، عطفا على محلّ «تنذر».

والرّفع ، عطفا على «كتاب» ، أو خبرا لمحذوف.

__________________

(١) كذا في المصدر ، وفي النسخ : ليحيى.

(٢) من بداية تفسير سورة الأنعام إلى هنا لا يوجد في نسخة «أ».

(٣) كذا في المصدر ، وفي النسخ : يحيى.

(٤) مجمع البيان ٢ / ٣٩٥.

(٥) المصدر : يثلغوا. ثلغ رأسه : شدخه وكسره.

(٦) المصدر : كالخبزة.

٣٧

(اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) : يعمّ القرآن والسّنّة ، لقوله ـ تعالى ـ : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى ، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى).

(وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ) : يضلّونكم (١) من الجنّ والإنس.

وقيل (٢) : الضّمير في «من دونه» «لما أنزل» ، أي : ولا تتّبعوا من دون دين الله دين أولياء.

وقرئ (٣) : «ولا تبتغوا (٤)».

(قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ) (٣) ، أي : تذكّرا (٥) قليلا. أو زمانا قليلا تذكّرون ، حيث تتركون دين الله وتتّبعون غيره.

و «ما» مزيدة لتأكيد القلّة. وإن جعلت مصدريّة ، لم ينتصب «قليلا» «بتذكّرون».

وقرأ (٦) حمزة والكسائيّ وحفص ، عن عاصم : «تذكّرون» بحذف التّاء. وابن عامر «يتذكّرون» بالياء ، على أنّ الخطاب بعد مع النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ.

وفي تفسير العيّاشيّ (٧) : عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : قال أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ في خطبة : قال الله : (اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ). ففي اتّباع ما جاءكم من الله الفوز العظيم ، وفي تركه الخطأ المبين.

(وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ) : وكثيرا من القرى.

(أَهْلَكْناها) : أردنا إهلاك أهلها. أو أهلكناها بالخذلان.

(فَجاءَها) : فجاء أهلها.

(بَأْسُنا) : عذابنا.

(بَياتاً) : بائتين ، كقوم لوط. مصدر وقع موقع الحال.

(أَوْ هُمْ قائِلُونَ) (٤) : عطف عليه ، أي : قائلين نصف النّهار ، كقوم شعيب.

وإنّما حذفت «واو» الحال استثقالا ، لاجتماع حرفي عطف. فإنّها «واو»

__________________

(١) ب : يضلّوكم.

(١ و ٣) ـ أنوار التنزيل ١ / ٣٤١.

(٤) كذا في المصدر ، وفي النسخ : ولا تتبعوا.

(٥) ب : تذكّروا.

(٦) أنوار التنزيل ١ / ٣٤١.

(٧) تفسير العيّاشي ٢ / ٩ ، ح ٤.

٣٨

عطف استعيرت للوصل ، لا اكتفاء بالضّمير فإنّه غير فصيح.

وفي التّعبيرين مبالغة في غفلتهم وأمنهم عن العذاب ، ولذلك خصّ الوقتين.

ولأنّهما وقت دعة واستراحة ، فيكون مجيء العذاب فيهما أفظع.

(فَما كانَ دَعْواهُمْ) ، أي : دعاؤهم واستغاثتهم. أو ما كانوا يدّعونه من دينهم.

(إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا إِلَّا أَنْ قالُوا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ) (٥) : إلّا اعترافهم بظلمهم فيما كانوا عليه وبطلانه ، تحسّرا عليه.

(فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ) : عن قبول الرّسالة وإجابتهم الرّسل.

(وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ) (٦) : عن تأدية ما حمّلوا من الرّسالة. والمراد من هذا السّؤال ، توبيخ الكفرة وتقريعهم.

والمنفيّ في قوله : (وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ) سؤال الاستعلام. أو الأوّل في موقف الحساب ، وهذا عند حصولهم على العقوبة.

في كتاب الاحتياج (١) للطّبرسيّ : عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ في حديث : فيقام الرّسل ، فيسألون عن تأدية الرّسالات (٢) الّتي حملوها إلى أممهم. [فيخبرون أنّهم قد أدّوا ذلك إلى أممهم] (٣). وتسأل الأمم ، فيجحدون (٤) ، كما قال الله : (فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ). (الحديث).

وقد مضى تمامه في سورة النّساء عند تفسير (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ) (٥).

(فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ) : على الرّسل ، حين يقولون : (لا عِلْمَ لَنا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ). أو على الرّسل والمرسل إليهم ما كانوا عليهم.

(بِعِلْمٍ) : عالمين بظاهرهم وبواطنهم. أو بمعلومنا منهم.

(وَما كُنَّا غائِبِينَ) (٧) : عنهم ، فيخفى علينا شيء من أحوالهم.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٦) : قوله : (فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ)

__________________

(١) الإحتجاج ١ / ٣٦٠.

(٢) المصدر : الرسالة.

(٣) ليس في المصدر.

(٤) المصدر : فتجحد.

(٥) النساء / ٤١.

(٦) تفسير القمي ١ / ٢٢٤.

٣٩

. قال : الأنبياء عمّا حمّلوا من الرّسالة. (فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَما كُنَّا غائِبِينَ). قال : لم نغب عن أفعالهم.

(وَالْوَزْنُ) ، أي : القضاء. أو وزن الأعمال ، وهو مقابلتها بالجزاء.

والجمهور ، على أنّ صحائف الأعمال توزن بميزان له لسان وكفّتان ينظر إليه الخلائق ، إظهارا للمعدلة ، وقطعا للمعذرة ، كما هو يسألهم عن أعمالهم فتعترّف بها ألسنتهم ويشهد لها جوارحهم.

ويؤيّده ما روي : أنّ الرّجل يؤتى به إلى الميزان ، فينشر عليه تسعة وتسعين سجّلا. كلّ سجّل مدّ البصر. فتخرج له بطاقة فيها كلمتا الشّهادة. فيوضع السّجلات في كفّة والبطاقة في كفّة ، فطاشت السّجلّات وثقلت البطاقة.

وقيل (١) : توزن الأشخاص ، لما روي عنه ـ عليه السّلام ـ أنّه قال : ليأتي العظيم السّمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة.

(يَوْمَئِذٍ) : خبر المبتدأ الّذي هو «الوزن».

(الْحَقُ) : صفة ، أو خبر مبتدأ محذوف. ومعناه : العدل السّويّ.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٢) : المجازاة بالأعمال ، إن خيرا فخير وإن شرا فشرّ.

قال وهو قوله : «فمن ثقلت» (الآية).

(فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ) : حسناته ، أو ما يوزن به حسناته. وجمعه ، باعتبار اختلاف الموزونات وتعدّد الوزن. فهو جمع موزون ، أو ميزان.

(فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (٨) : الفائزون بالنّجاة والثّواب.

(وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) : بتضييع الفطرة السّليمة الّتي فطرت عليها ، واقتراف ما عرّضها للعذاب.

(بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ) (٩) : فيكذّبون بدل التّصديق.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٣) : قال : بالأئمّة يجحدون.

وفي كتاب الاحتجاج (٤) : عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ أنّه سئل : أو ليس توزن الأعمال؟

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٣٤٢.

(٢) تفسير القمّي ١ / ٢٢٤.

(٣) تفسير القميّ ١ / ٢٢٤

(٤) الاحتجاج ٢ / ٩٨ ـ ٩٩.

٤٠