تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ٥

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ٥

المؤلف:

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي


المحقق: حسين درگاهى
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٨٢

قال : قلت : جعلت فداك ، فما عسى أقول فيهم؟] (١).

قال : هو [ـ والله ـ] (٢) أعلم منهما.

ثمّ قال : يا عبد الله ، أليس يقولون : إنّ لعليّ ما لرسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ من العلم؟

قلت : نعم.

فقال : فخاصمهم فيه ، أنّ الله قال لموسى : (وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ). وعلّمنا (٣) أنّه لم يبيّن له الأمر كلّه. وقال ـ تبارك وتعالى ـ لمحمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ : (وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ) (٤).

عليّ (٥) بن إسماعيل (٦) ، عن محمّد بن عمر الزّيّات ، عن عبد الله بن الوليد قال : قال لي أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : أيّ شيء يقول الشّيعة في عيسى وموسى وأمير المؤمنين؟

قلت : يقولون : إنّ عيسى وموسى أفضل من أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ.

فقال : أتزعمون أنّ أمير المؤمنين قد علم ما علم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ؟

قلت : نعم ، ولكن لا يقدّمون على أولي العزم من الرّسل أحدا.

قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : فخاصمهم بكتاب الله.

قلت : في أيّ موضع منه أخاصمهم؟

قال : قال الله [لموسى] (٧) (وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) علمنا (٨) أنّه لم يكتب لموسى كلّ شيء. وقال الله ـ تعالى ـ لعيسى : (وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ) (٩). وقال ـ تبارك وتعالى ـ لمحمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ : (وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ)

وفي كتاب الاحتجاج (١٠) : محمّد بن أبي عمير الكوفيّ ، عن عبد الله بن الوليد

__________________

(١ و ٢) ـ من المصدر.

(٣) المصدر ـ فأعلمنا.

(٤) النحل : ٨٩.

(٥) المصدر : محمد.

(٦) بصائر الدرجات / ٢٤٧ ، ح ١.

(٧) من المصدر.

(٨) المصدر : علما.

(٩) الزخرف / ٦٣.

(١٠) الاحتجاج ٢ / ١٣٧ ـ ١٣٨.

١٨١

السّمانّ (١) قال : قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : ما تقول الشّيعة (٢) في أولي العزم وصاحبكم أمير المؤمنين؟

قال : قلت : ما يقدّمون على أولي العزم أحدا.

قال : فقال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : إنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ قال لموسى : (وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً) ولم يقل : كلّ شيء. وقال لعيسى (٣) ـ عليه السّلام ـ : (وَلِأُبَيِّنَ) (٤) (لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ) (٥) ولم يقل : كلّ شيء. وقال لصاحبكم أمير المؤمنين : (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) (٦).

وقال الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) (٧). وعلم هذا الكتاب عنده.

(سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ) : المنصوبة في الآفاق والأنفس.

(الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ) : بالطّبع على قلوبهم. فلا يتفكّرون فيها ، ولا يعتبرون بها.

وقيل (٨) : سأصرفهم عن إبطالها وإن اجتهدوا ، كما فعل فرعون ، فعاد عليه بإعلائها أو بإهلاكهم.

(بِغَيْرِ الْحَقِ) : [صلة «يتكبّرون»] (٩) : أي : يتكبّرون بما ليس بحقّ ، وهو دينهم الباطل. أو حال من فاعله.

(وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ) : منزلة ، أو معجزة.

(لا يُؤْمِنُوا بِها) : لعنادهم أو اختلال عقلهم ، بسبب انهماكهم في الهوى والتّقليد. وهو يؤيّد الوجه الأوّل.

في الحديث (١٠) : إذا عظّمت أمّتي الدّنيا ، نزعت عنها سنة (١١) الإسلام. وإذا تركوا

__________________

(١) كذا في المصدر ، وجامع الرواة ١ / ٥١٥ ، وفي النسخ : السّمانيّ.

(٢) المصدر : ما يقول الناس ....

(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : عيسى.

(٤) المصدر : ليبيّن.

(٥) الزخرف / ٦٣.

(٦) الرعد / ٤٣.

(٧) الأنعام / ٥٩.

(٨) أنوار التنزيل ١ / ٣٦٩.

(٩) من المصدر.

(١٠) تفسير الصّافي ٢ / ٢٣٨. (١١) المصدر : هيبة.

١٨٢

الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ، حرمت بركة الوحي.

(وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً) : لاستيلاء الشّيطنة عليهم.

وقرأ (١) حمزة والكسائيّ : «الرّشد» بفتحتين.

وقرئ (٢) : «الرّشاد». وثلاثتها لغات ، كالسّقم والسّقم والسّقام.

(وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً).

في تفسير عليّ بن إبراهيم (٣) : قال : إذا رأوا الإيمان والصّدق والوفاء والعمل الصّالح ، لا يتّخذوه سبيلا. وإن يروا الشّرك والزّنا والمعاصي ، يأخذوا بها ويعملوا بها.

(ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ) (١٤٦) ، أي : ذلك الصّرف ، لسبب تكذيبهم وعدم تدبّرهم للآيات.

ويجوز أن ينتصب «ذلك» على المصدر ، أي : سأصرف ذلك الصّرف بسببها.

(وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ) ، أي : ولقائهم الدّار الآخرة ، أو ما وعد الله في الآخرة.

(حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ) : لا ينتفعون بها.

(هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١٤٧) : إلّا جزاء أعمالهم.

(وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ) ، أي : بعد ذهابه للميقات.

(مِنْ حُلِيِّهِمْ) : الّتي استعاروا من القبط حين همّوا بالخروج من مصر.

وإضافتها إليهم ، لأنّها كانت في أيديهم أو ملكوها بعد هلاكهم. وهو جمع ، حلي ، كثدي وثديّ.

وقرأ (٤) حمزة والكسائيّ ، بالكسر ، بالاتباع ، كدلي. ويعقوب ، على الإفراد.

(عِجْلاً جَسَداً) : بدنا ذا لحم ودم. أو جسدا من الذّهب خاليا من الرّوح.

ونصبه ، على البدل.

(لَهُ خُوارٌ) : صوت البقر.

__________________

١ ، ٢ ـ أنوار التنزيل ١ / ٣٦٩.

(٣) تفسير القمّي ١ / ٢٤٠.

(٤) أنوار التنزيل ١ / ٣٦٩.

١٨٣

نقل (١) : أنّ السّامريّ لمّا صاغ العجل ألقى في فمه من تراب أثر فرس جبرئيل ، فصار حيّا.

وقيل (٢) : صاغه بنوع من الحيل ، فتدخل الرّيح جوفه وتصوّت. وإنّما نسب الاتّخاذ إليهم ، وهو فعله ، إمّا لأنّهم رضوا به. أو لأنّ المراد اتّخاذهم إيّاه إلها.

وقرئ : «جؤار» ، أي : صياح.

وفي تفسير العيّاشي (٣) : عن ابن مسكان ، عن [الوصاف] (٤) الباقر ـ عليه السّلام ـ : إنّ فيما ناجى موسى ربّه ، أن قال : يا ربّ ، هذا السّامريّ صنع العجل ، فالخوار من صنعه؟

قال : فأوحى الله إليه : يا موسى ، إن تلك فتنتي. فلا تفحّص (٥) عنها.

وعن محمّد بن أبي حمزة (٦) ، عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ قال : يا ربّ ، ومن أخار الصّنم؟

فقال الله ـ تعالى ـ : يا موسى ، أنا (٧) أخرته.

فقال موسى : (إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ).

وفي كتاب علل الشّرائع (٨) ، بإسناده إلى جميل بن أنس قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : أكرموا البقرة ، فإنّها سيّد البهائم. ما رفعت طرفها إلى السّماء حياء من الله ـ عزّ وجلّ ـ منذ عبد العجل.

(أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً) : تقريع على فرط ضلالتهم وإخلالهم بالنّظر.

والمعنى : ألم يروا حين اتّخذوه إلها أنّه لا يقدر على كلام ولا على إرشاد سبيل ، كآحاد البشر؟ حتّى حسبوا أنّه خالق الأجسام والقوى والقدر.

(اتَّخَذُوهُ) : تكرير للّذمّ ، أي : اتّخذوه إلها.

(وَكانُوا ظالِمِينَ) (١٤٨) : واضعين الأشياء في غير موضعها. فلم يكن اتّخاذ

__________________

١ ، ٢ ـ أنوار التنزيل ١ / ٣٦٩.

(٣) تفسير العيّاشي ٢ / ٢٩ ، ح ٨٠.

(٤) من المصدر.

(٥) المصدر : تفصّحني.

(٦) تفسير العيّاشي ٢ / ٢٩ ، ح ٧٩.

(٧) ليس في المصدر.

(٨) علل الشرائع / ٤٩٤ ، ح ٢.

١٨٤

العجل بدعا منهم.

(وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ) : كناية من أن اشتدّ ندمهم. فإنّ النّادم المتحسّر يعضّ يده غمّا ، فتصير يده مسقوطا فيها.

وقرئ (١) : «سقط» على بناء الفاعل ، بمعنى : وقع العضّ فيها.

وقيل (٢) : معناه : سقط النّدم في أنفسهم.

(وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا) : باتّخاذ العجل.

(قالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا رَبُّنا) : بإنزال التّوراة.

(وَيَغْفِرْ لَنا) : بالتّجاوز عن الخطيئة.

(لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) (١٤٩).

وقرأهما (٣) حمزة والكسائي : ترحمنا وتغفر لنا بالتّاء. و «ربّنا» على النّداء.

(وَلَمَّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً) : شديد الغضب.

وقيل (٤) : حزينا.

(قالَ بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي) : فعلتم من بعدي ، حيث عبدتم العجل.

والخطاب للعبدة. أو قمتم مقامي ، فلم تكفّوا العبدة. والخطاب لهارون والمؤمنين معه.

و «ما» نكرة موصوفة تفسّر المستكنّ في «بئس». والمخصوص بالذّمّ محذوف ، تقديره : بئس خلافة خلفتمونيها بعدي خلافتكم.

ومعنى «من بعدي» : من بعد انطلاقي. أو من بعد ما رأيتم منّي من التّوحيد ، والتّنزيه ، والحمل عليه ، والكفّ عمّا ينافيه.

(أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ) : أتركتموه غير تامّ ، كأنّه ضمّن «عجل» معنى : سبق ، فعدّى تعديته. أو أعجلتم وعد ربّكم الّذي وعدنيه من الأربعين وقدّرتم موتي وغيّرتم بعدي ، كما غيّرت الأمم بعد أنبيائهم.

(وَأَلْقَى الْأَلْواحَ) : طرحها من شدّة الغضب وفرط الضّجر ، حميّة للدّين.

نقل (٥) : أنّ التّوراة كانت سبعة أسباع في سبعة ألواح. فلمّا ألقاها ، انكسرت.

فرفعت ستّة أسباعها ، وكان فيها تفصيل كلّ شيء. وبقي سبع ، كان فيه المواعظ

__________________

١ ، ٢ ـ أنوار التنزيل ١ / ٣٧٠.

(٣ ، ٤) ـ أنوار التنزيل ١ / ٣٧٠.

(٥) أنوار التنزيل ١ / ٣٧٠.

١٨٥

والأحكام.

وفي بصائر الدّرجات (١) : عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ : أنّ منها ما تكسّر ، ومنها ما بقي ، ومنها ما ارتفع.

وعن الباقر (٢) ـ عليه السّلام ـ : أنّه عرّف يمانيّا صخرة باليمن ، ثمّ قال : تلك الصّخرة الّتي [التقمت ما ذهب من التّوراة حين ألقى موسى الألواح] (٣). فلمّا بعث الله رسوله ، ردّته إليه. وهي عندنا.

وفي مجمع البيان (٤) : عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ : رحم الله أخي ، موسى.

ليس المخبر ، كالمعاين. لقد أخبره الله بفتنة قومه. ولقد عرف أنّ ما أخبره ربّه حقّ ، وأنّه على ذلك لمتمسّك (٥) بما في يديه. فرجع إلى قومه ورآهم ، فغضب وألقى الألواح.

وفي تفسير العيّاشي (٦) : عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ ما في معناه.

(وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ) : بشعر رأسه.

(يَجُرُّهُ إِلَيْهِ).

قيل (٧) : توهّما بأنّه قصّر في كفّهم. وهارون كان أكبر منه بثلاث سنين ، وكان حمولا ليّنا. ولذلك كان أحبّ إلى بني إسرائيل.

(قالَ ابْنَ أُمَ) : ذكر الأمّ ليرفقه عليه ، وإلّا كانا من أب وأمّ.

في كتاب علل الشّرائع (٨) ، بإسناده إلى عليّ بن سالم : عن أبيه قال : قلت لأبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : أخبرني عن هارون ، لم قال لموسى : يا ابن أمّ لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي. ولم يقل : يا ابن أبي؟

فقال : إنّ العدوان (٩) بين الإخوة أكثرها تكون إذا كانوا بني علّات (١٠) يكون بني

__________________

(١) بصائر الدرجات / ١٦١ ، ح ٦.

(٢) بصائر الدرجات / ١٥٧ ، ح ٧.

(٣) المصدر : حيث غضب موسى فألقى الألواح فما ذهب من التورية التقمته الصخرة.

(٤) مجمع البيان ٢ / ٤٨٢.

(٥) كذا في المصدر. وفي النسخ : لتمسّك.

(٦) تفسير العيّاشي ٢ / ٢٩ ، ح ٨١.

(٧) أنوار التنزيل ١ / ٣٧٠.

(٨) علل الشرائع / ٦٨ ، ح ١.

(٩) المصدر : العداوات.

(١٠) هكذا في المصدر. وفي النسخ : «يكون بني أمّهات» بدل : «تكون إذا كانوا بني علّات». وبنو علّات : أي أولاد أمّهات شتّى من أب واحد.

١٨٦

أمّهات. ومتى كانوا بني أمّ ، قلّت العداوة بينهم ، إلّا أن ينزغ الشّيطان بينهم فيطيعوه.

فقال هارون لأخيه موسى : يا أخي الّذي ولدته أمّي ولم تلدني غير أمّه ، لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي. ولم يقل : يا ابن أبي. لأنّ بني الأب إذا كانت [من أمّهات] (١) شتّى ، لم تستبعد (٢) العداوة بينهم إلّا من عصمه الله منهم. وإنّما تستبعد (٣) العداوة بين بني أمّ واحدة.

قال : قلت له : فلم أخذ برأسه يجرّه إليه وبلحيته ، ولم يكن (٤) في اتّخاذهم العجل وعبادته له ذنب؟ فقال : إنّما فعل ذلك ، لأنّه لم يفارقهم لمّا فعلوا ذلك ولم يلحق بموسى. وكان إذا فارقهم ، نزل بهم العذاب. ألا ترى أنّه قال لهارون : (ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي). قال هارون : لو فعلت ذلك لتفرّقوا و (إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي).

وفي روضة الكافي (٥) : عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ في خطبة الوسيلة : أنّه كان أخاه لأبيه وأمّه.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٦) ، مثله عن الباقر وعن الصّادق ـ عليهما السّلام ـ.

وعن الباقر (٧) ـ عليه السّلام ـ : أنّ الوحي ينزل على موسى ، وموسى يوحيه إلى هارون. وكان موسى الّذي يناجي ربّه ، ويكتب العلم ، ويقضي بين بني إسرائيل.

قال : ولم يكن لموسى ولد ، وكان الولد لهارون.

وقرأ (٨) ابن عامر وحمزة والكسائي وأبو بكر ، عن عاصم ، هنا وفي طه : «قال ابن أمّ» بالكسر. وأصله : يا ابن أمّي. فحذفت الياء اكتفاء بالكسرة تخفيفا ، كالمنادى المضاف إلى الياء. والباقون ، بالفتح ، زيادة في التّخفيف لطوله. أو تشبيها بخمسة عشر.

(إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي) : إزالة لتوهّم التّقصير في حقّه.

والمعنى : بذلت وسعي في كفّهم ، حتّى قهروني واستضعفوني ، وقاربوا قتلي.

__________________

(١) المصدر : أمهاتهم.

(١ و ٣) ـ المصدر : تستبدع.

(٤) المصدر : لم يكن له.

(٥) الكافي ٨ / ٢٧ ببعض التصرّف.

(٦) عنه تفسير الصافي ٢ / ٢٤٠.

(٧) تفسير القمّي ٢ / ١٣٧ ببعض التصرّف في آخره.

(٨) أنوار التنزيل ١ / ٣٧٠.

١٨٧

في كتاب علل الشّرائع (١) ، بإسناده إلى ابن مسعود قال : احتجّوا في مسجد الكوفة ، فقالوا : ما لأمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ لم ينازع الثّلاثة ، كما نازع طلحة والزّبير وعائشة ومعاوية.

فبلغ ذلك عليّا ـ عليه السّلام ـ. فنادى : الصّلاة الصّلاة جامعة. فلمّا اجتمعوا ، صعد المنبر. فحمد الله وأثنى عليه. فقال : معاشر النّاس ، إنّه بلغني عنكم كذا وكذا.

قالوا : صدق أمير المؤمنين ، قد قلنا ذلك.

قال : إنّ لي بسنّة الأنبياء أسوة فيما فعلت. قال الله ـ تعالى ـ في محكم كتابه : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) (٢).

قالوا : ومن هم ، يا أمير المؤمنين؟

قال : أوّلهم إبراهيم ـ عليه السّلام ـ إلى أن قال : ولي بأخي هارون ـ عليه السّلام ـ إسوة ، إذ قال لأخيه : يا (ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي). فإن قلتم لم يستضعفوه ولم يشرفوا على قتله ، فقد كفرتم. وإن قلتم : استضعفوه وأشرفوا على قتله فلذلك سكت عنهم ، فالوصيّ أعذر.

وفي كتاب كمال الدّين وتمام النّعمة (٣) ، بإسناده إلى سلمان الفارسيّ : عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ حديث طويل. يقول فيه لعليّ ـ عليه السّلام ـ : يا أخي ، إنّك ستبقى بعدي. وستلقى من قريش شدّة من تظاهرهم عليك ، وظلمهم لك. فإن وجدت عليهم أعوانا ، فجاهدهم وقاتل من خالفك بمن وافقك. وإن لم تجد أعوانا ، فاصبر وكفّ يدك ولا تلق بها إلى التّهلكة. فإنّك منّي بمنزلة هارون من موسى. ولك بهارون إسوة حسنة ، إذ استضعفه قومه وكادوا يقتلونه. فاصبر لظلم قريش إيّاك وتظاهرهم عليك. فإنّك بمنزلة هارون من موسى (٤) ومن تبعه ، وهم بمنزلة العجل ومن تبعه.

وفي كتاب الاحتجاج (٥) للطّبرسيّ ـ رحمه الله ـ : وفي رواية سليم بن قيس الهلاليّ : عن سلمان الفارسيّ حديث طويل. وفيه قال : قال أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ لأبي بكر

__________________

(١) علل الشرائع / ١٤٨ ـ ١٤٩ ، ح ٧.

(٢) الأحزاب / ٢١.

(٣) كمال الدّين / ٢٦٤ ، ح ١٠.

(٤) ليس في المصدر : «من موسى».

(٥) الاحتجاج ١ / ١١٠.

١٨٨

وأصحابه : أما والله ، لو أنّ أولئك الأربعين رجلا الّذين بايعوني وفوا لجاهدتكم (١) في الله حقّ جهاده. أما والله ، لا ينالها أحد من عقبكم إلى يوم القيامة. ثمّ نادى [قبل أن يبايع] (٢) يا (ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي).

وبإسناده (٣) إلى محمّد بن عليّ الباقر ـ عليه السّلام ـ قال : حجّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ من المدينة. وبلغ من حجّ مع رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ من أهل المدينة وأهل الأطراف والأعراب سبعين ألف إنسان أو يزيدون ، على نحو عدد أصحاب موسى ـ عليه السّلام ـ السّبعين ألف الّذين أخذ عليهم بيعة هارون ـ عليه السّلام ـ. فنكثوا ، واتّبعوا العجل والسّامريّ. [وكذلك أخذ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ البيعة لعليّ ـ عليه السّلام ـ بالخلافة على عدد أصحاب موسى ـ عليه السّلام ـ. فنكثوا البيعة ، واتّبعوا العجل والسّامريّ ،] (٤) سنّة بسنّة ، ومثلا بمثل. والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

(فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ) : فلا تفعل بين ما يشمتون بي لأجله.

(وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (١٥٠) : معدودا في عدادهم بالمؤاخذة عليّ ، أو نسبة التّقصير إليّ.

(قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي) : ما صنعت بأخي.

(وَلِأَخِي) : إن فرّط في كفّهم. ضمّ إليه نفسه بالاستغفار ترضية له ودفعا للشّماتة عنه.

(وَأَدْخِلْنا فِي رَحْمَتِكَ) : بمزيد الإنعام علينا.

(وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) (١٥١) : فأنت أرحم بنا منّا على أنفسنا.

(إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ) قيل (٥) : هو ما أمرهم به من قتل أنفسهم.

(وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا).

قيل (٦) : هي خروجهم من ديارهم.

__________________

(١) هكذا في المصدر ، وفي النسخ : وفوا إلى الجهاد لكم ....

(٢) من المصدر.

(٣) الاحتجاج ١ / ٦٨ بتصرّف.

(٤) ما بين المعقوفتين ليس في المتن.

(٥) أنوار التنزيل ١ / ٣٧٠.

(٦) أنوار التنزيل ١ / ٣٧١.

١٨٩

وقيل : الجزية.

(وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ) (١٥٢) : على الله. ولا فرية أعظم من فريتهم (هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى). ولعلّه لم يفتر مثلها أحد قبلهم ولا بعدهم.

في الكافي (١) : عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن القاسم بن محمّد ، عن المنقريّ ، عن سفيان بن عيينة ، عن السّديّ (٢) ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : ما أخلص عبد الإيمان لله (٣) أربعين صباحا.

أو قال : وما أجلّ (٤) عبد ذكر الله أربعين يوما ، إلّا أن هداه (٥) الله في الدّنيا ، وبصّره داءها ودواءها ، وأثبت (٦) الحكمة في قلبه وأنطق بها لسانه.

ثمّ تلا هذه الآية ، فقال : فلا ترى صاحب بدعة إلّا ذليلا ، ولا مفتريا (٧) على الله وعلى رسوله وأهل بيته ـ صلّى الله عليه وآله ـ إلّا ذليلا.

وفي تفسير العيّاشيّ (٨) : عن داود بن فرقد قال : قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : عرضت لي (٩) إلى الله حاجة ، فهجّرت (١٠) فيها إلى المسجد. وبينا أنا أصلّي في الرّوضة ، إذا رجل على رأسي.

قال : قلت : ممّن الرّجل؟

فقال : من أهل الكوفة.

قال : قلت : ممّن الرّجل؟

قال : من أسلم.

قال : قلت : ممّن الرّجل؟

قال : من الزيديّة. (١١)

__________________

(١) الكافي ٢ / ١٦ ، ح ٦.

(٢) المصدر : السندي ، وكلاهما وردا في جامع الرواة ٢ / ٤٤٦.

(٣) المصدر : بالله.

(٤) المصدر : ما أجمل.

(٥) المصدر غ «زهّره» بدل : «أن هداه».

(٦) المصدر : فأثبت.

(٧) المصدر ع «ومفتريا» بحذف «لا».

(٨) تفسير العيّاشي ٢ / ٢٩ ـ ٣٠ ، ح ٨٢.

(٩) ليس «لي» في المصدر.

(١٠) هجّرت ، أي : خرجت وقت المهاجرة ، وهي شدّة الحرّ.

(١١) هكذا في المصدر : وفي النسخ : الزهريّة.

١٩٠

قال : قلت : يا أخا أسلم ، من تعرف منهم؟

قال : أعرف صبورهم (١) ورشيدهم وأفضلهم ، هارون بن سعد.

قلت : يا أخا أسلم ، ذاك من (٢) العجليّة. أما (٣) سمعت الله يقول : (إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا).

(وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ) : من الكفر والمعاصي.

(ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِها) : من بعد السّيّئات.

(وَآمَنُوا) : واشتغلوا بالإيمان ، وما هو مقتضاه من الأعمال الصّالحة.

(إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها) : من بعد التّوبة.

(لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) (١٥٣) : وإن عظم الذّنب ، كجريمة عبدة العجل. وكثر ، كجرائم بني إسرائيل.

(وَلَمَّا سَكَتَ) : سكن. وقد قرئ (٤) به.

(عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ) : باعتذار هارون ، أو بتوبتهم. وفي هذا الكلام مبالغة وبلاغة ، من حيث أنّه جعل الغضب الحامل له على ما فعل ، كالآمر به والمغري عليه.

حتّى عبّر عن سكونه بالسّكوت.

وقرئ (٥) : «سكت» و «أسكت». على أنّ المسكّت هو الله ، أو أخوه ، أو الّذين تابوا.

(أَخَذَ الْأَلْواحَ) : الّتي ألقاها.

(وَفِي نُسْخَتِها) : وفيما نسخ فيها ، أي : كتب. فعلة ، بمعنى : مفعول ، كالخطبة.

وقيل (٦) : فيما نسخ منها ، أي : من الألواح المنكسرة.

(هُدىً) : بيان للحقّ.

(وَرَحْمَةٌ) : إرشاد إلى الصّلاح والخير.

(لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ) (١٥٤) :

__________________

(١) المصدر : خيرهم وسيّدهم.

(٢) المصدر : رأس.

(٣) المصدر : كما.

(١ و ٥) ـ أنوار التنزيل ١ / ٣٧١.

(٦) أنوار التنزيل ١ / ٣٧١.

١٩١

دخلت اللّام على المفعول ، لضعف الفعل بالتّأخير. أو حذف المفعول واللّام للتّعليل. والتقدير : يرهبون معاصي الله لربّهم.

وفي بصائر الدّرجات (١) : محمّد بن الحسين ، عن موسى بن سعدان ، عن عبد الله بن القاسم ، عن صباح المزنيّ ، عن الحارث بن حصيرة ، عن حبّة [بن جوين] (٢) العرنيّ قال : سمعت عليّا ـ عليه السّلام ـ يقول : إنّ يوشع بن نون كان وصيّ موسى بن عمران ، وكانت ألواح موسى من زمرّد أخضر. فلمّا غضب موسى ـ على نبيّنا وعليه السّلام ـ ألقى (٣) الألواح من يده. فمنها ما تكسّر ، ومنها ما بقي ، ومنها ما ارتفع.

فلمّا ذهب عن موسى الغضب ، قال يوشع بن نون : عندك تبيان ما في الألواح؟

قال : نعم.

فلم يزل يتوارثها (٤) رهط بعد رهط ، حتّى وقعت في أيدي أربعة رهط من اليمن.

وبعث الله محمّدا ـ صلّى الله عليه وآله ـ [بتهامة] (٥) وبلغهم الخبر.

فقالوا : ما يقول هذا النّبيّ؟

قيل : ينهى عن الخمر والزّنا ، ويأمر بمحاسن الأخلاق وكرم الجوار.

فقالوا : هذا أولى بما في أيدينا منّا.

فاتّفقوا أن يأتوه شهر كذا وكذا.

فأوحى الله إلى جبرئيل ـ عليه السّلام ـ : أن ائت النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ فأخبره الخبر.

فأتاه ، فقال : إنّ فلانا وفلانا وفلانا وفلانا ورثوا ما كان في (٦) ألواح موسى ـ عليه السّلام ـ. وهم يأتونك (٧) في شهر كذا وكذا ، في ليلة كذا وكذا.

فسهر لهم تلك اللّيلة.

فجاء الرّكب. فدقّوا عليه الباب ، وهم يقولون : يا محمّد.

__________________

(١) بصائر الدرجات / ١٦١ ، ح ٦.

(٢) من المصدر.

(٣) المصدر : أخذ.

(٤) هكذا في المصدر ، وفي النسخ : «نزل كذا توارثها» بدل : «فلم يزل يتوارثها».

(٥) من المصدر.

(٦) ليس في المصدر : «ما كان في».

(٧) المصدر : يأتوك.

١٩٢

قال : نعم ، يا فلان بن فلان. [و] (١) يا فلان بن فلان. [و] (٢) يا فلان بن فلان.

[و] (٣) يا فلان بن فلان. أين الكتاب الّذي توارثتموه من يوشع بن نون وصيّ موسى بن عمران؟

قالوا : نشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأنّك رسول الله. والله ، ما علم به أحد قطّ منذ وقع عندنا أحد (٤) قبلك.

قال : فأخذه النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ وإذا هو كتاب بالعبرانيّة دقيق ، فدفعه إليّ. ووضعته عند رأسي ، فأصبحت بالكتاب (٥) وهو كتاب بالعربيّة (٦) جليل. فيه علم ما خلق الله منذ قامت السّموات والأرض إلى أن تقوم السّاعة ، فعلمت ذلك.

(وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ) : أي : من قومه. فحذف الجار ، وأوصل الفعل إليه.

(سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا) : سبقت قصّتهم عند سؤال الرّؤية.

(فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ).

نقل (٧) : أنّه ـ تعالى ـ أمره بأن يأتيه في سبعين من بني إسرائيل. فاختار من كلّ بني سبط ستّة ، فزاد اثنان.

فقال : ليتخلّف منكم رجلان. فتشاحّوا (٨).

فقال : إنّ لمن قعد أجر من خرج.

فقعد كالب ويوشع ، وذهب مع الباقين. فلمّا دنوا من الجبل ، غشيه غمام.

فدخل موسى بهم [الغمام] (٩) وخرّوا سجّدا. فسمعوه يكلّم موسى ، يأمره وينهاه ، ثمّ انكشف الغمام. فأقبلوا إليه وقالوا : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ) ، أي : الصّاعقة. أو رجفة الجبل ، فصعقوا منها.

(قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ) : تمنّى هلاكهم وهلاكه قبل أن يرى ما رأى ، أو بسبب آخر. أو عنى به : أنّك قدرت على إهلاكهم قبل ذلك بحمل فرعون على إهلاكهم ، أو بإغراقهم في البحر وغيرها ، فترّحمت عليهم بالإنقاذ. فإن

__________________

(١ و ٢ و ٣) ـ من المصدر.

(٤) ليس في المصدر.

(٥) كذا في المصدر ، وفي النسخ : بالغداة.

(٦) كذا في المصدر ، وفي النسخ : بالعبرانيّة.

(٧) أنوار التنزيل ١ / ٣٧١.

(٨) المصدر : فتشاجروا.

(٩) من المصدر.

١٩٣

ترّحمت عليهم مرّة أخرى ، لم يبعد من عميم إحسانك.

(أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا) : من العناد والتّجاسر على طلب الرّؤية.

وكأنّ ذلك قاله بعضهم.

وقيل (١) : المراد (بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ) : عبادة العجل.

في كتاب التّوحيد (٢) : عن الرّضا (٣) ـ عليه السّلام ـ : أنّ السّبعين لمّا صاروا معه إلى الجبل ، قالوا له : إنّك قد رأيت الله ـ سبحانه ـ. فأرناه ، كما رأيته.

فقال : إنّي لم أره.

فقالوا : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ). واحترقوا عن آخرهم وبقي موسى وحيدا.

فقال : يا ربّ ، اخترت سبعين رجلا من بني إسرائيل فجئت بهم وأرجع وحدي.

فكيف يصدّقني قومي بما أخبرتهم (٤)؟ فلو (شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ ، أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا). فأحياهم الله بعد موتهم.

وفي عيون الأخبار (٥) ، ما يقرب منه ، كما مرّ.

وفي كتاب كمال الدّين وتمام النّعمة (٦) ، بإسناده إلى سعد بن عبد الله القمّي : عن الحجّة القائم ـ عليه السّلام ـ حديث طويل. وفيه : قلت : فأخبرني يا مولاي عن العلّة الّتي تمنع القوم من اختيار إمام لأنفسهم.

قال : مصلح ، أم مفسد؟

قلت : مصلح.

قال : فهل يجوز أن تقع خيرتهم على المفسد بعد أن لا يعلم أحد ما يخطر ببال غيره من صلاح أو فساد؟

قلت : بلى.

قال : فهي العلّة. وأوردها لك ببرهان ينقاد له (٧) عقلك.

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٣٧١.

(٢) التوحيد / ٤٢٤.

(٣) أ ، ب ، ر : الصادق.

(٤) المصدر : أخبرهم به.

(٥) العيون ١ / ١٦٠ ـ ١٦١.

(٦) كمال الدين / ٤٦١ ـ ٤٦٢.

(٧) هكذا في المصدر. وفي النسخ : ذلك.

١٩٤

[ثمّ قال ـ عليه السّلام ـ :] (١) أخبرني عن الرّسل الّذين اصطفاهم الله ـ عزّ وجلّ ـ وأنزل عليهم الكتب (٢) وأيّدهم بالوحي والعصمة ، إذ هم أعلام الأمّم وأهدى إلى الاختيار منهم ، مثل موسى وعيسى ـ عليهما السّلام ـ. هل يجوز مع وفور عقلهما وكمال علمهما ، إذ همّا بالاختيار ، أن تقع خيرتهما على المنافق وهما يظنّان أنه مؤمن؟

قلت : لا.

فقال : هذا موسى كليم الله ، مع وفور عقله وكمال علمه ونزول الوحي عليه ، اختار من أعيان [قومه ووجوه] (٣) عسكره لميقات ربّه ـ عزّ وجلّ ـ سبعين رجلا ممّن لا يشكّ في إيمانهم وإخلاصهم ، فوقعت خيرته على المنافقين. قال الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا) ـ إلى قوله ـ : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ). فلمّا وجدنا اختيار من قد اصطفاه الله ـ عزّ وجلّ ـ بالنّبوّة واقعا على الأفسد دون الأصلح ، وهو يظنّ أنّه الأصلح دون الأفسد ، علمنا أن [لا اختيار إلّا لمن يعلم ما تخفي الصدور وما تكنّ الضمائر وتتصرّف عليه السرائر ، وأن لا خطر لاختيار] (٤) المهاجرين والأنصار بعد وقوع خيرة الأنبياء على ذوي الفساد لمّا أرادوا أهل الصّلاح.

(إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ) : ابتلاؤك ، حين أسمعتهم كلامك حتّى طمعوا في الرّؤية. أو أوجدت في العجل خوارا ، فزاغوا به.

(تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ) : ضلاله بالتّجاوز عن حدّه ، أو باتّباع المخايل.

(وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ) : هداه ، فيقوى بها إيمانه.

وفي تفسير العيّاشي (٥) : عن محمّد بن أبي حمزة ، عمّن ذكره ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ).

فقال موسى ـ عليه السّلام ـ : يا ربّ ، ومن أخار الصّنم؟

فقال الله : أنا يا موسى (٦) ، أخرته.

فقال موسى : (إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ).

__________________

(١) ليس في المصدر.

(٢) المصدر : الكتاب.

(٣) من المصدر. وفي النسخ : قوم.

(٤) من المصدر. وفي النسخ : اختيار.

(٥) تفسير العيّاشي ٢ / ٢٩ ، ح ٧٩.

(٦) هكذا في المصدر. وفي النسخ : يا موسى أنا.

١٩٥

عن أبي بصير (١) ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : لمّا ناجى موسى ربّه ، أوحى الله إليه : أن يا موسى ، فتنت قومك.

قال : وبماذا ، يا ربّ؟

قال : بالسّامريّ ، صاغ لهم من حليّهم عجلا.

قال : ربّ ، إنّ حليّهم لا تحتمل أن يصاغ منها غزال [أ] (٢) وتمثال [أ] (٣) وعجل.

فكيف فتنتهم؟

قال : صاغ لهم عجلا ، فخار.

قال : يا ربّ ، ومن أخاره؟

قال : أنا.

قال موسى : (إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ).

(أَنْتَ وَلِيُّنا) : القائم بأمرنا.

(فَاغْفِرْ لَنا) : بمغفرة ما قارفنا.

(وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ) (١٥٥) : تغفر السّيّئة ، وتبدّلها بالحسنة.

(وَاكْتُبْ لَنا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةً) : حسن معيشة ، وتوفيق طاعة.

(وَفِي الْآخِرَةِ) : الجنّة.

(إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ) : تبنا إليك. من هاد يهود : إذا رجع.

وقرئ (٤) ، بالكسرة. من هاده يهيده : إذا أماله.

ويحتمل أن يكون مبنيّا للفاعل وللمفعول ، [بمعنى : أملنا أنفسنا ، أو أملنا إليك ويجوز أن يكون المضموم ـ أيضا ـ مبنيّا للمفعول] (٥) منه. على لغة من يقول : عود المريض.

(قالَ عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ) : تعذيبه.

(وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) : في الدّنيا ، المؤمن والكافر ، بل المكلّف وغيره.

__________________

(١) العياشي ٢ / ٣١ ، ح ٨٥.

(١ و ٣) ـ من المصدر. ويوجدان هكذا بين المعقوفتين.

(٤) أنوار التنزيل ١ / ٣٧٢.

(٥) ليس في أ ، ب ، ر.

١٩٦

وفي روضة الواعظين (١) للمفيد ـ رحمه الله ـ : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : أوحى الله إلى داود ـ عليه السّلام ـ : يا داود ، كما لا تضيق الشّمس على من جلس فيها ، كذلك لا تضيق رحمتي على من دخل فيها.

وفي مجمع البيان (٢) : وفي الحديث : أنّ النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ قام في الصّلاة.

فقال أعرابيّ ، وهو في الصّلاة : اللهم ، ارحمني ومحمّدا ، [ولا ترحم معنا أحدا] (٣).

فلمّا سلّم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ قال : مهلا لك ، يا أعرابيّ ، تحجّرت (٤) واسعا ، يريد : رحمة الله ـ عزّ وجلّ ـ. أورده البخاريّ في الصّحيح.

(فَسَأَكْتُبُها) : فسأثبتها في الآخرة. أو فاكتبها كتبة خاصّة منكم ، يا بني إسرائيل.

(لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) : الكفر والمعاصي.

(وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ) : خصّها بالذّكر ، لأنافتها. ولأنّها كانت أشقّ عليهم.

(وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ) (١٥٦) : فلا يكفرون بشيء منها.

(الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَ) : مبتدأ خبره «يأمرهم». أو خبر مبتدأ ، تقديره : هم الّذين. أو بدل من «الّذين يتّقون» بدل البعض أو الكلّ. والمراد : من آمن بمحمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ. وإنّما سمّاه : رسولا ، بالإضافة إلى الله ـ تعالى ـ. ونبيًّا ، بالإضافة إلى العباد.

في الكافي (٥) عنهما ـ عليهما السّلام ـ : «الرّسول» الّذي يظهر له الملك ، فيكلّمه. و «النّبيّ» هو الّذي يرى في منامه. وربّما اجتمعت النّبوّة والرّسالة لواحد.

(الْأُمِّيَ) ، أي : المنسوب إلى أمّ القرى ، وهي مكّة. [كذا] (٦) في مجمع البيان (٧) ، عن الباقر ـ عليه السّلام ـ.

__________________

(١) روضة الواعظين / ٣٨٢.

(٢) مجمع البيان ٢ / ٤٨٦.

(٣) من المصدر.

(٤) المصدر : قال للأعرابي : لقد تحجّرت ... وتحجّر ما وسعه الله : ضيّقه على نفسه.

(٥) الكافي ١ / ١٧٧ ، ح ٤.

(٦) ما بين المعقوفتين منّا.

(٧) مجمع البيان ٢ / ٤٨٧.

١٩٧

وفي تفسير العيّاشي (١) : عنه ـ عليه السّلام ـ أنّه سئل : لم سمّي النّبيّ : الأمّيّ؟

قال : نسب إلى مكّة. وذلك من قول الله : (لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها) (٢). وأمّ القرى مكّة ، فقيل : أمّيّ ، لذلك.

وفي علل الشّرائع (٣) ، بإسناده إلى جعفر بن محمّد الصّوفيّ قال : سألت أبا جعفر محمّد بن عليّ الباقر (٤) ـ عليه السّلام ـ فقلت : يا ابن رسول الله ، لم سمّي النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ : الأمّيّ؟

فقال : ما يقول النّاس؟

قلت : يزعمون أنّه إنّما سمّي : الأمّيّ ، لأنّه لم يحسن أن يكتب.

فقال : كذبوا ، عليهم لعنة الله. أنّى ذلك والله يقول : (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) (٥). فكيف كان يعلّمهم ما لا يحسن؟ والله ، لقد كان رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ يقرأ ويكتب باثنين وسبعين ـ أو قال : بثلاثة وسبعين ـ لسانا. وإنّما سمّي : الأمّيّ ، لأنّه كان من أهل مكّة ، [ومكّة] (٦) من أمّهات القرى. وذلك قول الله ـ عزّ وجلّ ـ (لِتُنْذِرَ) (٧) (أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها).

وبإسناده (٨) إلى عليّ بن حسّان وعليّ بن أسباط وغيره ، رفعوه : عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : قلت : إنّ النّاس يزعمون أنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ لم يكتب ولا يقرأ.

فقال : كذبوا ، لعنهم الله. أنّى ذلك ، وقد قال ـ عزّ وجلّ ـ : (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ).

[أفيكون] (٩) يعلّمهم الكتاب والحكمة وليس يحسن أن يقرأ ويكتب!؟

قال : قلت : فلم سمّي النّبيّ الأمّيّ؟

__________________

(١) تفسير العيّاشي ٢ / ٣١ ، ح ٦٨ ببعض التصرّف.

(٢) الأنعام / ٩٢.

(٣) علل الشرائع / ١٢٤ ـ ١٢٥ ، ح ١.

(٤) المصدر : الرضا.

(٥) الجمعة / ٢.

(٦) من المصدر.

(٧) المصدر : لينذر.

(٨) العلل / ١٢٥ ، ح ٢.

(٩) المصدر : فكيف.

١٩٨

قال : لأنّه نسب إلى مكّة. وذلك قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها). فأمّ القرى مكّة ، فقيل : أمّيّ ، لذلك.

وبإسناده (١) إلى أحمد بن محمّد بن أبي نصر : عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : كان ممّا منّ الله ـ عزّ وجلّ ـ على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أنّه كان يقرأ ولا يكتب. فلمّا توجّه أبو سفيان إلى أحد ، كتب العبّاس إلى النّبيّ. فجاءه الكتاب وهو في بعض حيطان المدينة ، فقرأه ولم يخبر أصحابه ، وأمرهم أن يدخلوا المدينة.

فلمّا دخلوا المدينة ، أخبرهم.

وحدّثنا (٢) محمّد بن الحسن الصّفّار ـ رضي الله عنه ـ قال : حدّثنا سعد بن عبد الله قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ومحمّد بن خالد البرقيّ ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : كان النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ يقرأ الكتاب ، ولا يكتب.

أبي (٣) ـ رضي الله عنه ـ قال : حدّثنا سعد بن عبد الله قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن أبان بن عثمان ، عن الحسن بن زياد الصّيقل قال : سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول : كان ممّا منّ الله ـ عزّ وجلّ ـ به على نبيّه ـ صلّى الله عليه وآله ـ [أنّه كان] (٤) أمّيّا لا يكتب ولا يقرأ الكتاب.

(الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ) : اسما وصفة.

في تفسير العيّاشيّ (٥) : عن الباقر ـ عليه السّلام ـ [في قوله : «يجدونه»] (٦) يعني : اليهود والنّصارى صفة محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ واسمه.

وفي أمالي الصّدوق (٧) : عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ في حديث طويل. قال يهوديّ لرسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : إنّي قرأت نعتك (٨) في التّوراة : محمّد بن عبد الله ،

__________________

(١) العلل / ١٢٥ ـ ١٢٦ ، ح ٥.

(٢) العلل / ١٢٦ ، ح ٦.

(٣) العلل / ١٢٦ ، ح ٧.

(٤) من المصدر.

(٥) تفسير العيّاشي ٢ / ٣١ ، ح ٨٧.

(٦) من المصدر.

(٧) الأمالي / ٣٧٦ ـ ٣٧٧ ، ح ٦.

(٨) ليس في المصدر.

١٩٩

مولده بمكّة ، ومهاجره بطيبة. ليس بفظّ ولا غليظ ولا سخاب (١) ولا مترنّن (٢) بالفحش ولا قول الخنا. وأنا أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأنّك رسول الله. وهذا مالي ، فاحكم فيه بما أنزل الله.

وفي روضة الكافي (٣) : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : إنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ عهد إلى آدم.

ـ إلى أن قال ـ : فلمّا أنزلت (٤) لتّوراة على موسى ـ عليه السّلام ـ ، بشّر بمحمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ.

قال : فلم تزل الأنبياء تبشّر به ، حتّى بعث الله المسيح عيسى بن مريم فبشّر بمحمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ. وذلك قوله ـ تعالى ـ : «يجدونه» ، يعني : اليهود والنّصاري.

«مكتوبا» ، يعني : صفة محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ. «عندهم» ، يعني : في التّوراة والإنجيل (٥). وهو قول الله ـ عزّ وجلّ ـ يخبر عن عيسى : «ومبشّرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد» (٦). وبشّر موسى وعيسى بمحمّد ، كما بشّر الأنبياء ـ صلوات الله عليهم ـ بعضهم ببعض.

وفيه (٧) : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عمرو بن عثمان (٨) ، عن عليّ بن عيسى رفعه ، قال : إنّ موسى ـ عليه السّلام ـ ناجاه ربّه ـ تبارك وتعالى ـ.

فقال له في مناجاته : أوصيك ، يا موسى ، وصيّة الشّفيق المشفق بابن البتول ، عيسى بن مريم (٩). ومن بعده بصاحب الجمل الأحمر ، الطيّب الطّاهر المطهّر. فمثله في كتابك ، أنّه [مؤمن] (١٠) مهيمن على الكتب كلّها ، وأنّه راكع ساجد راغب راهب. إخوانه

__________________

(١) كذا في المصدر ، وفي النسخ : سحاب ، يقال : وجدته مارث السخاب ، أي : وجدته مثل الطّفل لا علم له جمع سخب.

(٢) المصدر : متزيّن (متزيّن ـ خ ل)

(٣) الكافي ٨ / ١١٧ ، ضمن ح ٩٢.

(٤) المصدر : نزلت.

(٥) في المصدر بعدها : «يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر».

(٦) الصفّ / ٦.

(٧) الكافي ٨ / ٤٢ و ٤٣ ، ضمن ح ٨.

(٨) هكذا في المصدر. وفي النسخ : عمر بن سمان. وهو غلط.

(٩) المصدر : عيسى بن مريم صاحب الأتان والبرنس والزيت والزيتون والمحراب.

(١٠) من المصدر.

٢٠٠