تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ٥

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ٥

المؤلف:

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي


المحقق: حسين درگاهى
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٨٢

الحديث ما يدل على ذلك ، فقد روي عن النّبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ أنه قال : [ليس] (١) المسكين ، الّذي تردّه (٢) الأكلة والأكلتان والتّمرة والتّمرتان ، ولكنّ المسكين الّذي لا يجد غنيّا (٣) فيغنيه ولا يسأل النّاس شيئا ولا يفطن به فيتصدق عليه.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٤) : وبيّن الصّادق ـ عليه السّلام ـ من هم ، فقال : «الفقراء» هم الّذين لا يسألون وعليهم مؤنات من عيالهم. والدّليل على أنهم هم الّذين لا يسألون قول الله ـ عزّ وجلّ ـ في سورة البقرة : (لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً) (٥). و «المساكين» هم أهل الزّمانة من العميان والعرجان والمجذومين وجميع أصناف الزّمنى ، الرّجال والنّساء والصّبيان. «والعاملين عليها» [هم] (٦) السّعادة والجباة في أخذها وجمعها وحفظها ، حتّى يؤدّوها (٧) إلى من يقسمها.

«والمؤلّفة قلوبهم» قوم وحّدوا الله ، ولم تدخل المعرفة في قلوبهم أن محمّدا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ. فكان رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ يتألّفهم ويعلّمهم كيما يعرفوا.

فجعل الله ـ عزّ وجلّ ـ لهم نصيبا في الصّدقات ، لكي يعرفوا ويرغبوا.

وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : «المؤلّفة قلوبهم» أبو سفيان بن حرب بن أميّة ، وسهل (٨) بن عمرو ، وهو من بني عامر بن لؤيّ ، وهمام بن عمرو وأخوه ، وصفوان بن أميّة بن خلف القرشي ثمّ [الجشمي الجمحي] (٩) والأقرع بن حابس (١٠) التّميميّ ، ثمّ [عمر] (١١) أخو بني (١٢) حازم ، وعيينة بن حصين الفزاريّ ، ومالك بن عوف وعلقمة بن علاقة (١٣). بلغنا أنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ كان يعطي الرّجل

__________________

(١) من المصدر.

(٢) المصدر : يرده.

(٣) كذا في المصدر ، وفي النسخ : غنى.

(٤) تفسير القمي ١ / ٢٩٨ ـ ٢٩٩.

(٥) البقرة : ٢٧٣.

(٦) من المصدر.

(٧) المصدر : يردّوها.

(٨) المصدر : سهيل.

(٩) كذا في المصدر ، وفي النسخ : الحثمي بدل ما بين المعقوفتين.

(١٠) أ : فانس.

(١١) من المصدر.

(١٢) كذا في المصدر ، وفي النسخ : بن.

(١٣) كذا في المصدر ، وفي النسخ : مالك بن عوّام ، وعلقم بن علامة.

٤٨١

منهم مائة من الإبل ورعاتها ، وأكثر من ذلك وأقلّ وفي أصول الكافي (١) : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن الحكم ، عن موسى بن بكر وعليّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن رجل جميعا ، عن زرارة ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : «المؤلّفة قلوبهم» قوم وحدوا الله وخلعوا عبادة من يعبد من دون الله ، ولم تدخل المعرفة قلوبهم أن محمّدا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ. وكان رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ يتألّفهم ويعرّفهم لكيما يعرفوا ، ويعلّمهم.

عليّ بن إبراهيم (٢) ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن اذينة ، عن زرارة ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ [قال : سألته] (٣) عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : «والمؤلّفة».

قال : هم قوم وحّدوا الله ـ عزّ وجلّ ـ وخلعوا عبادة من يعبد من دون الله ، وشهدوا أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّدا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ. وهم في ذلك شكّاك في بعض ما جاء به محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ. فأمر الله ـ عزّ وجلّ ـ نبيّه أن يتألّفهم بالمال والعطاء ، لكي يحسن إسلامهم ويثبتوا على دينهم الّذي دخلوا فيه وأقرّوا به. وأنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ يوم حنين تألّف رؤساء العرب من قريش وسائر مضر ، منهم أبو سفيان بن حرب وعيينة بن حصين الفزاريّ وأشباههم من النّاس. فغضب الأنصار ، واجتمعت إلى سعد بن عبادة.

فانطلق بهم إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ بالجعرانة ، فقال : يا رسول الله ، أتأذن لي في الكلام؟

فقال : نعم.

فقال : ان كان هذا الأمر من هذه الأموال التي قسّمت بين قومك شيئا أنزله الله ، رضينا. وإن كان غير ذلك ، لم نرض.

قال زرارة : وسمعت أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ يقول : فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : يا معشر الأنصار ، أكلكم على قول سيّدكم سعد. فقالوا : سيّدنا الله ورسوله.

ثمّ قالوا في الثّالثة : نحن على مثل قوله ورأيه.

__________________

(١) الكافي ٢ / ٤١٠ ـ ٤١١ ح ١.

(٢) الكافي ٢ / ٤١١ ح ٢.

(٣) من المصدر.

٤٨٢

فقال زرارة : فسمعت أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ يقول : فحطّ الله نورهم ، وفرض للمؤلّفة قلوبهم سهما في القرآن.

علي ، (١) عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن رجل ، عن زرارة ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : «المؤلّفة قلوبهم» لم يكونوا قطّ أكثر منهم اليوم.

[عدة من أصحابنا (٢) ، عن سهل بن زياد ، عن عليّ بن حسان ، عن موسى بن بكر عن رجل ، قال : قال أبو جعفر : ما كانت المؤلّفة قلوبهم قطّ اكثر منهم اليوم] (٣) وهم (٤) قوم وحّدوا الله وخرجوا من الشّرك ، ولم تدخل معرفة محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ قلوبهم وما جاء به. فتألّفهم رسول الله ، وتألّفهم المؤمنون بعد رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ لكيما يعرفوا.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٥) ـ رحمه الله ـ : «وفي الرّقاب» قوم قد لزمهم كفّارات في قتل الخطأ ، وفي الظّهار ، وقتل الصّيد في الحرم ، وفي الأيمان. وليس عندهم ما يكفرون. وهم يؤمنون. فجعل الله ـ عزّ وجلّ ـ لهم سهما في الصّدقات ، ليكفر عنهم.

«والغارمين» قوم قد وقعت عليهم ديون أنفقوها (٦) في طاعة الله ـ عزّ وجلّ ـ من غير إسراف ، فيجب على الإمام أن يقضي ذلك عنهم ويفكّهم من مال الصّدقات.

«وفي سبيل الله» قوم يخرجون في الجهاد وليس عندهم ما ينفقون ، أو قوم من المسلمين ليس عندهم ما يحجّون به ، أو في جميع سبل الخير. فعلى الإمام أن يعطيهم من مال الصدقات ، حتّى ينفقونه (٧) على الحجّ والجهاد.

«وابن السّبيل» أبناء الطريق الّذين يكونون في الأسفار في طاعة الله ، فيقطع عليهم ويذهب ما لهم. فعلى الإمام أن يردّهم إلى أوطانهم من مال الصدقات.

والصدقات تتجزأ ثمانية أجزاء ، فيعطى كلّ إنسان من هذه الثّمانية على قدر ما يحتاجون إليه ، بلا إسراف ولا تقتير ، مفوّض (٨) ذلك إلى (٩) الإمام ، يعمل بما فيه الصّلاح.

__________________

(١) الكافي ٢ / ٤١١ ح ٣.

(٢) الكافي ٢ / ٤١١ ، ح ٥.

(٣) من المصدر.

(٤) كذا في المصدر ، وفي النسخ : منهم.

(٥) تفسير القمي ١ / ٢٩٩.

(٦) كذا في المصدر ، وفي النسخ : أنفقوا.

(٧) المصدر : ينفقوا به.

(٨) المصدر : يقوم في بدل مفوّض.

(٩) ليس في المصدر.

٤٨٣

وفي كتاب من لا يحضره الفقيه (١) : وسئل الصّادق ـ عليه السّلام ـ عن مكاتب عجز عن مكاتبته وقد أدّى بعضها.

قال : يؤدى عنه من مال الصّدقة. إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ يقول في كتابه : «وفي الرّقاب».

وفي الكافي (٢) : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن الحكم ، عن موسى بن بكر قال : قال لي أبو الحسن ـ عليه السّلام ـ : من طلب هذا الرّزق من حلّه ليعود به على نفسه وعياله ، كان كالمجاهد في سبيل الله. فإن غلب عليه ، فليستدن على الله وعلى رسوله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ما يقوت به عياله. فإن مات ولم يقضه ، كان على الإمام قضاؤه. فإن لم يقضه ، كان عليه وزره. إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ يقول : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها ـ إلى قوله ـ وَالْغارِمِينَ). فهو فقير مسكين مغرم.

محمّد بن يحيى (٣) ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن سليمان ، عن رجل من أهل الجزيرة يكنّى : أبا محمّد ، قال : سأل الرّضا ـ صلوات الله عليه ـ رجل ، وأنا أسمع.

فقال له : جعلت فداك ، إنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ يقول : (وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ) (٤). أخبرني عن هذه النظرة الّتي ذكرها الله في كتابه ، لها حدّ يعرف إذا صار هذا المعسر إليه ، لا بدّ له من أن ينتظر (٥) وقد أخذ مال هذا الرّجل وأنفقه على عياله ، وليس له غلّة ينتظر إدراكها ولا دين ينتظر محلّه ولا مال غائب ينتظر قدومه؟ قال [نعم] (٦) ينتظر بقدر ما ينتهي خبره إلى الإمام. فيقضي عنه ما عليه من سهم الغارمين ، إذا كان أنفقه في طاعة الله. فان كان أنفقه في معصية الله ، فلا شيء له على الإمام.

قلت : فما بال هذا الرّجل الّذي ائتمنه ، وهو لا يعلم فيما أنفقه في طاعة الله أم في معصيته؟

قال : يسعى له في ماله ، فيرده وهو صاغر.

وفي كتاب معاني الأخبار (٧) ، بإسناده إلى الحسين بن عمر قال : قلت لأبي

__________________

(١) الفقيه ٣ / ٧٤ ، ح ٢٥٨.

(٢) الكافي ٥ / ٩٣ ح ٣.

(٣) الكافي ٥ / ٩٣ ـ ٩٤ ، ح ٥.

(٤) البقرة : ٢٨١.

(٥) كذا في المصدر ، وفي النسخ : ينظر.

(٦) من المصدر.

(٧) المعاني / ١٦٧ ح ٢.

٤٨٤

عبد الله ـ عليه السّلام ـ : إنّ رجلا أوصى إليّ (١) في سبيل الله.

قال : أصرفه في الحجّ.

قال : قلت له : إنّه أوصى إليّ في سبيل الله.

قال : أصرفه في الحجّ ، فإني لا أعرف سبيلا من سبله أفضل من الحجّ.

حدثنا أبي (٢) ـ رحمه الله ـ قال : حدّثنا أحمد بن إدريس قال : حدّثنا محمّد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعريّ ، عن محمّد بن عيسى بن عبيد ، عن الحسن بن راشد قال : سألت أبا الحسن العسكريّ بالمدينة عن رجل أوصى بماله في سبيل الله.

قال : سبيل الله شيعتنا.

وفي عيون الأخبار (٣) : عن الرّضا ـ عليه السّلام ـ كلام طويل في الفرق بين العترة والأمّة. يقول فيه ـ عليه السّلام ـ في شأن ذي القربى : فما رضيه لنفسه ولرسوله ، رضيه لهم. قاله ـ عليه السّلام ـ بعد أن ذكر قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ) (الآية).

ثمّ قال ـ عليه السّلام ـ : وكذلك [الفيء] (٤) ما رضيه منه لنفسه ولنبيّه رضيه لذي القربى ، كما أجراهم في الغنيمة. فبدأ بنفسه ـ جلّ جلاله ـ ثمّ برسوله ثم بهم ، وقرن سهمهم بسهمه وسهم رسوله. وكذلك في الطاعة ، قال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (٥). فبدأ بنفسه ثمّ برسوله ثمّ بأهل بيته. وكذلك آية الولاية (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا) (٦) فجعل طاعتهم (٧) مع طاعة الرّسول مقرونة بطاعته ، [كذلك ولايتهم مع ولاية الرسول مقرونة بطاعته] (٨) كما جعل سهمهم مع سهم الرّسول مقرونا بسهمه في الغنيمة والفيء. فتبارك الله وتعالى ، ما أعظم نعمته على أهل هذا البيت! فلما جاءت قصّة الصّدقة ، نزّه نفسه ورسوله ونزه أهل بيته. فقال : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ ـ إلى قوله ـ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ). فهل تجد في شيء من ذلك أنّه ـ عزّ وجلّ ـ سمّى

__________________

(١) كذا في المصدر ، وفي النسخ : أبى.

(٢) المعاني / ١٦٧ ح ٣.

(٣) العيون ١ / ٢٣٨ ـ ٢٣٩.

(٤) من المصدر.

(٥) النساء : ٥٩.

(٦) المائدة : ٥٥.

(٧) كذا في المصدر ، وفي النسخ : ولايتهم.

(٨) من المصدر.

٤٨٥

لنفسه أو لرسوله أو لذي القربى؟ لأنه لمّا نزّه نفسه عن الصّدقة ونزه رسوله ، نزّه أهل بيته. لا بل حرّم عليهم ، لأن الصدقة محرّمة على محمد وآله. وهي أوساخ [أيدي] (١) الناس لا تحلّ لهم ، لأنّهم طهروا من كلّ دنس (٢) ووسخ. فلما طهرهم واصطفاهم ، رضي لهم ما رضي لنفسه ، وكره لهم ما كره لنفسه.

وفي كتاب الخصال (٣) : عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ـ عليهما السّلام ـ قال : لا تحلّ الصّدقة لبني هاشم ، إلا في وجهين : إن كانوا عطاشا فأصابوا ماء فشربوا ، وصدقة بعضهم على بعض.

وفي تهذيب الأحكام (٤) : محمّد بن يعقوب ، عن احمد بن إدريس ، عن محمّد بن عبد الجبّار ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن صفوان بن يحيى ، عن عيص (٥) بن القاسم ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : انّ أناسا من بني هاشم أتوا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فسألوه أن يستعملهم على صدقات المواشي. وقالوا : يكون لنا هذا السّهم الّذي جعله الله للعاملين عليها ، فنحن أولى به.

فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : يا بني عبد المطّلب ، إنّ الصّدقة لا تحلّ لي ولا لكم. ولكني قد وعدت الشّفاعة.

ثمّ قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : أشهد لقد وعدها. فما ظنّكم ، يا بني عبد المطلب ، إذا أخذت بحلقة باب الجنّة أتروني مؤثرا عليكم غيركم؟

سعد بن عبد الله (٦) ، عن موسى بن الحسن ، عن محمّد بن عبد الحميد ، عن الفضل بن صالح ، عن أبي اسامة ، زيد الشّحام ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : سألت عن الصدقة التي حرمت عليهم.

فقال : هي الزكاة المفروضة. ولم تحرّم علينا صدقة بعضنا على بعض.

محمد بن عليّ بن محبوب (٧) ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين ، عن النّضر ، عن ابن سنان ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : لا تحلّ الصدقة لولد العبّاس ولا لنظرائهم من

__________________

(١) من المصدر.

(٢) كذا في المصدر ، وفي النسخ : ولد.

(٣) الخصال / ٦٢ ح ٨٨.

(٤) تهذيب الأحكام ٤ / ٥٨ ، ح ١٥٤.

(٥) ما في المتن هو الصحيح كما في تنقيح المقال ٢ / ٣٦٤ ، وفي أ ، ب : عمير.

(٦) التهذيب ٤ / ٥٩ ح ١٥٧.

(٧) التهذيب ٤ / ٥٩ ح ١٥٨.

٤٨٦

بني هاشم.

(وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ) : يسمع كلّ ما يقال له ويصدقه.

سمي بالجارحة للمبالغة ، كأنّه من فرط استماعه صار جملته آلة السماع ، كما سمي الجاسوس : عينا ، لذلك. أو أشتقّ له فعل من اذن ، أذنا : إذا سمع ، كأنفّ وشلل.

نقل (١) : أنّهم قالوا : محمّد أذن سامعة. نقول ما شئنا ، ثمّ نأتيه فيصدّقنا بما نقول.

(قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ) : تصديق لهم بأنّه له أذن ولكن لا على الوجه الّذي ذمّوا به ، بل من حيث إنّه يسمع الخير ثمّ يقبله.

ثم فسر ذلك بقوله : (يُؤْمِنُ بِاللهِ) : يصدق به ، لما قام عنده من الأدلّة.

(وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ) : ويصدّقهم لما علم من خلوصهم.

و «اللّام» مزيدة للتّفرقة بين إيمان التّصديق ، فإنه بمعنى : التسليم ، وايمان الأمان.

وفي كتاب الاحتجاج (٢) للطبرسيّ ـ رحمه الله ـ ، بإسناده إلى محمّد بن عليّ الباقر ـ عليهما السّلام ـ : عن النبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ حديث طويل. يقول فيه ، وقد ذكر عليا ـ عليه السّلام ـ وما أوصى الله فيه : وذكر المنافقين والآثمين والمستهزئين بالإسلام وكثرة أذاهم لي ، حتّى سمّوني أذنا. وزعموا أنّي كذلك لكثرة ملازمته إيّاي وإقبالي عليه ، حتّى أنزل الله ـ عزّ وجلّ ـ في ذلك قرآنا (٣) (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ ، قُلْ أُذُنُ) على الّذين يزعمون أنّه (أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ) (الآية). ولو شئت أن أسمي بأسمائهم لسميت ، وأن أومئ إليهم بأعيانهم لأومأت ، وأن ادلّ عليهم لدللت (٤) ، ولكني ، والله ، في أمورهم قد تكرّمت.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٥) : قال : كان سبب نزولها ، أنّ عبد الله بن نفيل كان

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٤٢١.

(٢) الاحتجاج ١ / ٧٣ ـ ٧٤. بتلخيص من المؤلف

(٣) كذا في المصدر وفي النسخ : «بذلك» بدل «في ذلك قرآنا».

(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : «إن اذن عليهم لذلك».

(٥) تفسير القمي ١ / ٣٠٠.

٤٨٧

منافقا ، وكان يقعد إلى رسول الله (١) ـ صلّى الله عليه وآله ـ فيسمع كلامه وينقله إلى المنافقين وينم عليه. فنزل جبرئيل ـ عليه السّلام ـ على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ.

فقال : يا محمّد ، إنّ رجلا من المنافقين ينمّ عليك ، وينقل حديثك إلى المنافقين.

فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : من هو؟

فقال : الرّجل الأسود ، الكثير شعر الرأس ، ينظر بعينين ، كأنّهما قدران وينطق بلسان شيطان.

فدعاه رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فأخبره.

فحلف ، أنه لم يفعل.

فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : قد قبلت منك ، فلا تقعد.

فرجع إلى أصحابه ، فقال : إنّ محمدا أذن. أخبره الله اني أنمّ عليه وأنقل أخباره ، فقبل. وأخبرته أني لم أفعل ذلك ، فقبل.

فأنزل الله على نبيّه (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ) ، أي : يصدق الله فيما يقول له ، ويصدقك فيما تعتذر إليه في الظّاهر ولا يصدّقك في الباطن. وقوله : (وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ) ، يعني : المقرّبين بالإيمان من غير اعتقاد.

وفي تفسير العيّاشيّ (٢) : عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ ، يعني : يصدّق الله ويصدّق المؤمنين ، لأنّه كان رؤوفا رحيما بالمؤمنين.

وفي الكافي (٣) : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ حديث طويل. يقول فيه ـ عليه السّلام ـ لابنه إسماعيل : يا بنيّ ، إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ يقول في كتابه : (يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ). يقول : يصدّق الله ويصدق المؤمنين. فإذا شهد عندك المؤمنون ، فصدّقهم.

حميد بن زياد (٤) ، عن الحسن بن محمّد بن سماعة ، عن غير واحد ، عن أبان بن عثمان ، عن حمّاد بن بشير ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : إني أردت أن أستبضع بضاعة إلى اليمن ، فأتيت أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ.

__________________

(١) المصدر : لرسول الله.

(٢) تفسير العيّاشي ٢ / ٩٥ ، ذيل ح ٨٣.

(٣) الكافي ٥ / ٢٩٩ ، ضمن ح ١.

(٤) نفس المصدر ٦ / ٣٩٧ ، ضمن ح ٩.

٤٨٨

فقلت له : إنّي أريد أن أستبضع فلانا [بضاعة] (١).

فقال لي : أما علمت أنّه يشرب الخمر.

فقلت : قد بلغني من المؤمنين ، أنّهم يقولون ذلك.

فقال لي : صدّقهم. فإنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ يقول : (يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ).

(وَرَحْمَةٌ) ، أي : هو رحمة.

(لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ) : لمن أظهر الإيمان ، حيث يقبله ولا يكشف سرّه. وفيه تنبيه على أنه ليس يقبل قولكم لجهله بحالكم ، بل رفقا بكم وترحما عليكم.

وقرأ (٢) حمزة ، بالجرّ ، عطفا على «خير».

وقرئ (٣) ، بالنّصب ، على أنّها علّة فعل دلّ عليه «أذن خير» ، أي : يأذن لكم رحمة.

وقرأ (٤) نافع : «أذن» بالتّخفيف فيهما.

وقرئ (٥) : «أذن خير» على أنّ الخير صفة له ، أو خبر ثاني.

(وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٦١) : بإيذائه.

(يَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ) : على معاذيرهم فيما قالوا أو تخلّفوا.

(لِيُرْضُوكُمْ) ، أي : لترضوا عنهم. والخطاب للمؤمنين.

(وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) : أحقّ بالإرضاء بالطاعة والوفاق.

وتوحيد الضّمير ، لتلازم الرّضاءين. أو لأنّ الكلام في إيذاء الرّسول وإرضائه. أو لأنّ التقدير : والله أحقّ أن يرضوه ، والرسول كذلك.

(إِنْ كانُوا مُؤْمِنِينَ) (٦٢) : صدقا.

(أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ) : الشأن.

وقرئ (٦) ، بالتّاء.

(مَنْ يُحادِدِ اللهَ وَرَسُولَهُ) : يشاقق. مفاعلة ، من الحدّ.

(فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِداً فِيها) : على حذف الخبر ، أي : فحقّ أن له. أو على تكرير «أنّ» ، للتأكيد. ويحتمل أن يكون معطوفا على «أنّه» ويكون الجواب محذوفا.

__________________

(١) من المصدر.

(٢ و ٣ و ٤ و ٥) ـ أنوار التنزيل ١ / ٤٢١.

(٦) أنوار التنزيل ١ / ٤٢١.

٤٨٩

تقديره : «من يحادد الله ورسوله» يهلك.

وقرئ (١) : «فإنّ» بالكسر.

(ذلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ) (٦٣) : يعني : الهلاك الدّائم.

(يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ) : على المؤمنين.

(سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِما فِي قُلُوبِهِمْ) : وتهتك عليهم أستارهم.

ويجوز أن تكون الضمائر «للمنافقين». فإنّ النّازل فيهم ، كالنّازل عليهم من حيث أنّه مقروء ومحتج به عليهم. وذلك يدلّ على تردّدهم ـ أيضا ـ في كفرهم ، وأنّهم لم يكونوا على بت في أمر الرّسول بشيء.

وقيل (٢) : إنّه خبر في معنى الأمر.

وقيل (٣) : إنّهم كانوا يقولونه فيما بينهم ، استهزاء. لقوله : (قُلِ اسْتَهْزِؤُا إِنَّ اللهَ مُخْرِجٌ) : مبرز ومظهر.

(ما تَحْذَرُونَ) (٦٤) ، أي : ما تحذرونه من إنزال السّورة فيكم. أو ما تحذرون إظهاره من مساوئكم.

(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ)

في تفسير عليّ بن إبراهيم (٤) : كان قوم من المنافقين لمّا خرج رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ إلى تبوك ، يتحدثون فيما بينهم ويقولون : أيرى محمّد أنّ حرب الروم ، مثل حرب غيرهم ، لا يرجع منهم أحد أبدا.

فقال بعضهم : ما أخلفه أن يخبر الله محمّدا بما كنا فيه وبما في قلوبنا ، وينزل عليه بهذا قرآنا يقرأه النّاس. وقالوا هذا على حدّ الاستهزاء.

فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ لعمّار بن ياسر : الحق القوم ، فإنهم قد احترقوا.

فلحقهم عمّار ، فقال : ما قلتم؟

قالوا : ما قلنا شيئا ، انّما كنا نقول شيئا على حدّ اللّعب والمزاح. فنزلت وفي مجمع البيان (٥) : عن الباقر ـ عليه السّلام ـ : نزلت في اثني عشر رجلا وقفوا على

__________________

(١) نفس المصدر والموضع.

(٢) نفس المصدر والموضع.

(٣) نفس المصدر والموضع.

(٤) تفسير القمي ١ / ٣٠٠.

(٥) المجمع ٢ / ٤٦. نقله المؤلف بتصرف.

٤٩٠

العقبة ، ائتمروا بينهم ليقتلوا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ. وقال بعضهم لبعض : إن فطن ، نقول إنّما كنّا نخوض ونلعب. وإن لم يفطن ، نقتله وذلك (١) عند رجوعه من تبوك.

فأخبر جبرئيل ـ عليه السّلام ـ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ بذلك ، وأمره أن يرسل إليهم ويضرب وجوه رواحلهم.

[وعمار كان يقود دابّة رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وحذيفة يسوقها.

فقال لحذيفة : اضرب وجوه رواحلهم] (٢). فضربها حتّى نحّاهم. فلمّا نزل قال لحذيفة : من عرفت من القوم؟

فقال : لم أعرف منهم أحدا.

فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : فلان بن فلان. حتّى عددهم.

فقال حذيفة : ألا تبعث إليهم فتقتلهم.

فقال : أكره أن تقول العرب لما ظفر أصحابه أقبل يقتلهم.

وفي الجوامع (٣) : توافقوا على أن يدفعوه عن راحلته في الوادي إذا تسنّم العقبة في اللّيل. فأمر (٤) عمّار بن ياسر بخطام ناقته يقودها ، وحذيفة خلفها يسوقها. فبينا هما كذلك ، إذ سمع حذيفة بوقع أخفاف الإبل وبقعقعة السلاح. فالتفت ، فإذا قوم ملتثمون.

فقال : إليكم ، يا أعداء الله. وضرب وجوه رواحلهم حتّى نحّاهم. (الحديث).

إلى آخر ما ذكره في مجمع البيان ، أورده عند تفسير (يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا) من هذه السّورة ، كما يأتي.

(قُلْ أَبِاللهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ) (٦٥) : توبيخا على استهزاءهم بمن لا يصحّ الاستهزاء به ، وإلزاما للحجّة عليهم. ولا تعبأ باعتذارهم الكاذب.

(لا تَعْتَذِرُوا) : لا تشتغلوا باعتذاراتكم ، فإنّها معلومة الكذب.

(قَدْ كَفَرْتُمْ) : قد أظهرتم الكفر بإيذاء رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ والطعن فيه.

__________________

(١) ليس في المصدر : وذلك.

(٢) من المصدر.

(٣) الجوامع / ١٨٣.

(٤) المصدر : «بالليل فأخذ» بدل «في الليل فأمر».

٤٩١

(بَعْدَ إِيمانِكُمْ) : بعد إظهاركم الإيمان.

(إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ) : لتوبتهم وإخلاصهم ، أو لتجنّبهم عن الإيذاء والاستهزاء.

(نُعَذِّبْ طائِفَةً بِأَنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ) (٦٦) : مصرّين على النّفاق ، أو مقدمين على الإيذاء والاستهزاء.

وقرأ (١) عاصم ، بالنّون ، فيهما.

وقرئ (٢) ، بالياء ، وبناء الفاعل فيهما. وهو الله. و «إن تعف» بالتّاء والبناء على المفعول ، ذهابا إلى المعنى ، كأنّه قيل : إن ترحم طائفة.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٣) : وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قوله : (لا تَعْتَذِرُوا).

قال : هؤلاء قوم كانوا مؤمنين صادقين ، ارتابوا وشكوا ونافقوا بعد إيمانهم. وكانوا أربعة نفر. وقوله : «إن نعف عن طائفة منكم» كان أحد الأربعة مختبر بن الحمير (٤) ، فاعترف وتاب.

وقال : يا رسول الله ، أهلكني اسمّي.

فسمّاه رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : عبد الله بن عبد الرّحمن.

فقال : يا ربّ ، اجعلني شهيدا حيث لا يعلم [أحد] (٥) أين أنا.

فقتل يوم اليمامة ، ولم يعلم أحد أين قتل. فهو الّذي عفا الله عنه.

وفي مجمع البيان (٦) : (إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طائِفَةً). ويروي أنّ هاتين الطّائفتين كانوا ثلاثة نفر ، فهزأ اثنان وضحك واحد.

وهو الّذي تاب من نفاقه.

واسمه مختبر بن حمير (٧) فعفا الله عنه.

وفي تفسير العياشيّ (٨) : عن جابر الجعفيّ قال : قال أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ : نزلت هذه الآية (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ) ـ إلى قوله ـ : (نُعَذِّبْ طائِفَةً).

__________________

(١ و ٢) ـ أنوار التنزيل ١ / ٤٢٢.

(٣) تفسير القمي ١ / ٣٠٠ ـ ٣٠١.

(٤) المصدر : محتبر. أ ، ب : مختير.

(٥) من المصدر.

(٦) المجمع ٣ / ٤٧.

(٧) المصدر : مخشي بن حمير.

(٨) تفسير العياشي ٢ / ٩٥ ، ح ٨٤.

٤٩٢

قال : قلت لأبي جعفر ـ عليه السّلام ـ : ما (١) تفسير هذه الآية؟

قال : تفسيرها ، والله ، ما نزلت آية قطّ إلّا ولها تفسير.

ثمّ قال : نعم ، نزلت في [عدد بني اميّة (٢) والعشرة منهما] (٣). إنّهم اجمعوا اثني عشر ، فكمنوا لرسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ [في العقبة وائتمروا بينهم ليقتلوه فقال بعضهم لبعض ان فطن نقول انما كنا نخوض ونلعب وان لم يفطن لنقتلنه] (٤). فأنزل الله هذه الآية (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ). قال الله لنبيّه : (قُلْ أَبِاللهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ) ، يعني : محمدا ـ صلّى الله عليه وآله ـ. (كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ ، لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ) [يعني : عليا ، أن يعف عنهما في أن يلعنهما على المنابر ويلعن غيرهما فذلك قوله ـ تعالى ـ : «إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ] (٥) نُعَذِّبْ طائِفَةً».

(الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ) ، أي : متشابهة في النّفاق والبعد عن الإيمان ، كأبعاض الشيء الواحد.

وقيل (٦) : إنّه تكذيبهم في حلفهم بالله «أنّهم لمنكم» ، وتقرير لقوله : «وما هم منكم» ، وما بعده ، كالدّليل عليه. فإنّه يدلّ على مضادّة حالهم لحال المؤمنين. وهو قوله : (يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ) : بالكفر والمعاصي. (وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ) : عن الإيمان والطّاعة. (وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ) : عن المبارّ.

وقبض اليد ، عبارة عن الشّحّ.

(نَسُوا اللهَ) : أغفلوا ذكر الله ، وتركوا طاعته.

(فَنَسِيَهُمْ) : فتركهم من لطفه وفضله.

وفي عيون الأخبار (٧) ، بإسناده إلى عبد العزيز بن مسلم قال : سألت الرّضا ـ عليه السّلام ـ عن قول الله : (نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ).

فقال : إنّ الله لا يسهو ولا ينسى ، وإنّما ينسى ويسهو المخلوق والمحدث. ألا

__________________

(١) ليس في المصدر : ما.

(٢) المصدر : «التيمي والعدويّ» بدل «عدد بني اميّة».

(٣) ما بين المعقوفتين ليس في بعض نسخ المصدر.

(٤) من المصدر. وفي النسخ : «ليقتل» بدل ما بين المعقوفتين.

(٥) من المصدر.

(٦) أنوار التنزيل ١ / ٤٢٢.

(٧) العيون ١ / ١٢٥ ، صدر ح ١٨.

٤٩٣

تسمعه ـ عزّ وجلّ ـ يقول : (وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا) (١). وإنّما يجازي من نسيه ونسى لقاء يومه بأن ينسيهم أنفسهم ، كما قال ـ تعالى ـ : (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) (٢). وقال ـ عزّ وجلّ ـ : (فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا) (٣) ، أي : نتركهم ، كما تركوا الاستعداد للقاء يومهم هذا.

وفي كتاب التّوحيد (٤) : عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ : يعني : نسوا الله في دار الدّنيا فلم يعملوا بطاعته ، فنسيهم في الآخرة ، أي : لم يجعل لهم في ثوابه نصيبا ، فصاروا منسيين من الخير.

وقد يقول العرب في باب النّسيان : قد نسينا فلان فلا يذكرنا ، أي : أنّه لم يأمر لهم بخير ولا يذكرهم به.

وفي تفسير العيّاشيّ (٥) : عن جابر ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ «نسوا الله». قال : تركوا طاعة الله. «فنسيهم» قال : فتركهم.

عن أبي معمّر العمريّ (٦) قال (٧) : قال عليّ ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ تعالى ـ : (نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ) : فإنّما يعني : أنّهم نسوا الله في دار الدنيا فلم يعملوا له بالطّاعة ولم يؤمنوا به وبرسوله ، فنسيهم في الآخرة ، أي : لم يجعل لهم في ثوابه نصيبا ، فصاروا منسيّين من الخير.

(إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ) (٦٧) : الكاملون في التمرد والفسوق ، والخروج من دائرة الخير.

(وَعَدَ اللهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْكُفَّارَ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها) : مقدرين الخلود.

(هِيَ حَسْبُهُمْ) : عقابا وجزاء. وفيه دليل على عظم عذابها.

(وَلَعَنَهُمُ اللهُ) : أبعدهم من رحمته وأهانهم.

(وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ) (٦٨) : لا ينقطع.

والمراد به : ما وعدوه ، أو ما يقاسونه من تعب النّفاق.

__________________

(١) مريم / ٦٤.

(٢) الحشر / ١٩.

(٣) الأعراف / ٥١.

(٤) التوحيد / ٢٥٩.

(٥) تفسير العيّاشي ٢ / ٩٥ ـ ٩٦ ، ح ٨٥.

(٦) أ ، ب : أبي معمّر السعديّ.

(٧) تفسير العياشي ٢ / ٩٦ ، ح ٨٦.

٤٩٤

(كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) ، أي : أنتم ، مثل الّذين. أو فعلتم ، مثل الذين من قبلكم.

(كانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوالاً وَأَوْلاداً) : بيان لتشبيههم بهم ، وتمثيل حالهم بحالهم.

(فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ) : بنصيبهم من ملاذّ الدّنيا. واشتقاقه من الخلق ، بمعنى : التّقدير. فإنه ما قدر لصاحبه.

(فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ) : ذمّ الأوّلين باستمتاعهم بحظوظهم المخدجة من الشّهوات الفانية ، والتّهائهم بها عن النّظر في العاقبة ، والسّعي في تحصيل اللّذائذ الحقيقية ، تمهيدا لذمّ المخاطبين بمشابهتهم واقتفاء أثرهم.

(وَخُضْتُمْ) : دخلتم في الباطن.

(كَالَّذِي خاضُوا) ، كالّذين خاضوا. أو كالفوج الّذى خاضوا. أو كالخوض الذي خاضوه.

(أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) : لم يستحقّوا عليها ثوابا في الدّارين.

(وَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) (٦٩) : الّذين خسروا الدّنيا والآخرة.

(أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ) : اغرقوا بالطّوفان.

(وَعادٍ) : أهلكوا بالرّيح.

(وَثَمُودَ) : أهلكوا بالرّجفة.

(وَقَوْمِ إِبْراهِيمَ) : أهلك نمرود ببعوض ، وأهلك أصحابه.

(وَأَصْحابِ مَدْيَنَ) : وأهل مدين ، وهم قوم شعيب أهلكوا بالنّار يوم الظلة.

(وَالْمُؤْتَفِكاتِ) : قريات قوم لوط ائتفكت بهم ، أي : انقلبت فصارت عاليها سافلها ، وأمطروا حجارة من سجيل.

وقيل (١) : قريات المكذبين المتمرّدين. وائتفاكهنّ ، انقلاب أحوالهنّ من الخير إلى الشّرّ.

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٤٢٣.

٤٩٥

وفي الكافي (١) : عليّ بن إبراهيم ، عن عليّ بن الحسين ، عن عليّ بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : قلت : (وَالْمُؤْتَفِكاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ).

قال : أولئك قوم لوط. ائتفكت عليهم : انقلبت عليهم.

وفي من لا يحضره الفقيه (٢) : روى جويرية (٣) بن مسهر أنّه قال : أقبلنا مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ من قتل الخوارج. حتّى إذا قطعنا في (٤) أرض بابل ، حضرت صلاة العصر. فنزل أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ ونزل النّاس فقال عليّ ـ عليه السّلام ـ : أيّها النّاس ، إنّ هذه الأرض ملعونة. قد عذّبت في الدّهر ثلاث مرّات.

وفي خبر آخر : مرّتين. وهي تتوقّع الثالثة. وهي إحدى المؤتفكات.

والحديثان طويلان أخذت منهما موضع الحاجة.

(أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ) ، يعني : الكلّ.

(بِالْبَيِّناتِ فَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ) : أي : لم يكن من عادته ولم يجز له ظلم النّاس ، كالعقوبة بلا جرم.

(وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (٧٠) : حيث عرّضوها للعقاب ، بالكفر والتّكذيب.

(وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) : في مقابلة قوله : «المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض».

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٥) : عن صفوان الجمّال قال : قلت لأبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : بأبي أنت وأمي ، تأتيني المرأة المسلمة قد عرفتني بعملي وعرفتها بإسلامها وحبّها إيّاكم وولايتها لكم ، وليس لها محرم.

قال : فإذا جاءتك المرأة المسلمة ، فاحملها. فإنّ المؤمن محرم المؤمنة. وتلا هذه

__________________

(١) الكافي ٨ / ١٨١ ، ذيل ح ٢٠٢.

(٢) الفقيه ١ / ١٣٠ ، صدر ح ٦١١.

(٣) كذا في المصدر وجامع الرواة ١ / ١٦٩. وفي النسخ : جرير.

(٤) ليس في المصدر : في.

(٥) تفسير العياشي ٢ / ٩٦ ، ح ٨٧. ونقله نور الثقلين ٢ / ٢٤٠ ، ح ٢٣٣ والبرهان ٢ / ١٤٤ ، ح ٢ عنه.

٤٩٦

الآية : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ).

(يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) : في سائر الأمور.

(أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ) : لا محالة. فانّ السّين مؤكدة للوقوع.

(إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ) : غالب على كلّ شيء ، لا يمتنع عليه ما يريده.

(حَكِيمٌ) (٧١) : يضع الأشياء مواضعها.

(وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَمَساكِنَ طَيِّبَةً) : تستطيبها النّفس ، أو يطيب فيها العيش.

(فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ) : إقامة وخلود.

ومرجع العطف فيها يحتمل أن يكون إلى تعدد الموعود لكلّ واحد. أو للجميع ، على سبيل التّوزيع. أو إلى تغاير وصفه ، وكأنّه وصفه أوّلا بأنّه من جنس ما هو أبهى الأماكن الّتي يعرفونها لتميل إليه طباعهم ، أو إلى (١) ما يقرع أسماعهم. ثمّ وصفه بأنّه محفوف بطيب العيش ، معرّى عن شوائب الكدورات التي لا تخلو عن شيء منها أماكن الدنيا ، وفيها ما تشتهي الأنفس وتلذّ الأعين. ثمّ وصفه بأنّه دار إقامة وثبات في جوار العليين ، لا يعتريهم فيها فناء ولا تغيّر.

وفي مجمع البيان (٢) : عن النّبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ [أنّه قال] (٣) «عدن» دار الله التي لم ترها عين ولم تخطر على قلب بشر. لا يسكنها غير ثلاثة : النّبيين والصّديقين والشّهداء. يقول الله ـ تعالى ـ : طوبى لمن دخلك.

وفي كتاب الخصال (٤) ، في احتجاج عليّ ـ عليه السّلام ـ على النّاس يوم الشّورى.

قال : نشدتكم بالله ، هل فيكم أحد قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : من سره أن يحيى حياتي ويموت ومماتي ويسكن جنتي التي وعدني الله ربي ، جنّات عدن ، قضيب غرسه الله بيده. ثمّ قال له : كن فيكون ، فليوال عليّ بن أبي طالب وذرته من بعده ـ [إلى قوله ـ غيري قالوا : اللهم ، لا] (٥).

__________________

(١) ر : «أوّل» بدل «أو إلى».

(٢) المجمع ٣ / ٥٠.

(٣) من المصدر.

(٤) الخصال / ٥٥٨.

(٥) من المصدر.

٤٩٧

وعن أمير المؤمنين (١) ـ عليه السّلام ـ أنّه سأله يهوديّ : أين يسكن نبيّكم (٢) من الجنّة؟

فقال : في أعلاها درجة وأشرفها مكانا ، في جنات عدن.

فقال : صدقت ، والله ، انه لبخطّ هارون وإملاء موسى.

وفي من لا يحضره الفقيه (٣) ، في حديث بلال : جنة عدن في وسط الجنّان ، سورها ياقوت أحمر وحصاؤها اللّؤلؤ.

(وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ) : لأنّه المبدأ لكل سعادة وكرامة ، والمؤدي إلى نيل الوصول والفوز باللّقاء.

(ذلِكَ) ، أي : الرّضوان. أو جميع ما تقدّم.

(هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (٧٢) : الّذي تستحقر دونه الدّنيا وما فيها.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٤) : عن يونس (٥) ، عن عليّ بن الحسين ـ عليهما السّلام ـ قال : إذا صار أهل الجنة في الجنّة ودخل ولي الله جناته ومساكنه واتكى (٦) كلّ مؤمن منهم على أريكته ، حفته زوجاته وخدامه ، وتهدّلت عليه الثّمار ، وتفجرت حوله العيون ، وجرت من تحته الأنهار ، وبسطت له الزرابي ، وصفقت له النّمارق ، وأتته الخدام بما شاءت شهوته من قبل أن يسألهم ذلك.

قال : وتخرج عليهم الحور العين من الجنان ، فيمكثون بذلك ما شاء الله. ثمّ أن الجبّار يشرف عليهم ، فيقول لهم : أوليائي وأهل طاعتي وسكّان جنّتي في جواري ، الأهل أنبئكم بخير ممّا أنتم فيه؟

فيقولون : ربّنا ، وأيّ شيء خير ممّا نحن فيه؟ [نحن] (٧) فيما اشتهت أنفسنا ولذّت أعيننا من النّعم في جوار الكريم.

قال : فيعود عليهم بالقول.

فيقولون : ربّنا [نعم ، فأتنا بخير ممّا نحن فيه.

__________________

(١) نفس المصدر / ٤٧٦ ـ ٤٧٧.

(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : منكم.

(٣) الفقيه ١ / ١٩٣ ببعض التصرف.

(٤) بل في تفسير العياشي ٢ / ٩٦ ـ ٩٧ ، ح ٨٨.

ونور الثقلين ٢ / ٢٤٠ ـ ٢٤١ ح ٢٣٤ ، والبرهان ٢ / ١٤٥ ، ح ١ عنه.

(٥) كذا في نور الثقلين والبرهان. وفي المصدر : ثوير.

(٦) كذا في المصدر. وفي النسخ : أتيكم.

(٧) من المصدر. ويوجد المعقوفتان فيه أيضا.

٤٩٨

فيقول لهم ـ تبارك وتعالى ـ : رضاي عنكم ومحبتي لكم خير وأعظم مما أنتم فيه.

قال : فيقولون : نعم ، يا ربّنا] (١) رضاك عنّا ومحبتك لنا خير لنا وأطيب لأنفسنا.

ثمّ قرأ عليّ بن الحسين ـ عليهما السلام ـ هذه الآية : (وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ـ إلى قوله ـ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).

(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ) قيل (٢) : بالسّيف.

(وَالْمُنافِقِينَ).

قيل (٣) : بالزام الحجّة ، وإقامة الحدود.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٤) : حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ (جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ) : بإلزام الفرائض.

وفيه (٥) ، في سورة التّحريم : أخبرني الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، [عن أحمد بن محمّد] (٦) ، عن أحمد بن محمّد بن عبد الله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن سليمان الكاتب ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قوله ـ تعالى ـ : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ).

[قال] (٧) : هكذا نزلت : فجاهد رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ الكفار وجاهد علي ـ عليه السلام ـ المنافقين. فجاهد عليّ جهاد رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ.

وفي مجمع البيان (٨) ، في قراءة أهل البيت ـ عليهم السلام ـ : «جاهد الكفار بالمنافقين».

قالوا : لأنّ النبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ لم يكن يقاتل المنافقين ، ولكن كان يتألفهم. ولان المنافقين لا يظهرون الكفر ، وعلم الله بكفرهم لا يبيح قتلهم إذ (٩) كانوا يظهرون الإيمان.

__________________

(١) من المصدر.

(١ و ٣) ـ أنوار التنزيل ١ / ٤٢٣.

(٤) تفسير القمي ١ / ٣٠١.

(٥) نفس المصدر ٢ / ٣٧٧.

(٦) ليس في المصدر. والظاهر أنها زائدة.

(٧) من المصدر.

(٨) المجمع ٣ / ٥٠.

(٩) المصدر : إذا.

٤٩٩

وفيه (١) ، في سورة التحريم : عن الصادق ـ عليه السّلام ـ أنه قرأ : «جاهد الكفّار بالمنافقين».

قال : انّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ لم يقاتل منافقا قط ، إنّما كان يتألّفهم.

وفي أمالي شيخ الطائفة (٢) ـ قدس سره ـ بإسناده إلى ابن عبّاس قال : لمّا نزلت (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ) قال : النبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ : لأجاهدن (٣) العمالقة ، يعني : الكفّار والمنافقين.

فأتاه جبرئيل ـ عليه السّلام ـ وقال : أنت أو عليّ.

(وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ) : في ذلك ، ولا تحابهم.

(وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (٧٣) : مصيرهم.

(يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ) :

وأظهروا الكفر بعد إظهار إسلامهم.

(وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا) : من قتل الرّسول ـ صلّى الله عليه وآله ـ.

وفي تفسير عليّ بن ابراهيم (٤) : نزلت في الّذين تحالفوا في الكعبة ، أن لا يردّوا هذا الأمر في بني هاشم. فهي كلمة الكفر. ثمّ قعدوا لرسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ في العقبة وهموا بقتله ، وهو قوله : (وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا).

قال في موضع آخر (٥) : فلما أطلع الله نبيّه وأخبره ، حلفوا أنّهم لم يقولوا ذلك ولم يهموا به ، حتّى أنزل الله ـ تعالى ـ (يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا) (الآية).

وعن الصادق (٦) ـ عليه السّلام ـ : لمّا أقام رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ يوم غدير خمّ ، كان بحذائه سبعة نفر من المنافقين ، وهم أبو بكر ، وعمر ، وعبد الرّحمن بن عوف ، وسعد بن أبي وقاص ، وأبو عبيدة ، وسالم مولى أبي حذيفة ، والمغيرة بن شعبة.

قال عمر : أما ترون عينيه ، كانّها عينا مجنون ، يعني : النبيّ ـ صلّى الله عليه

__________________

(١) نفس المصدر ٥ / ٣١٩.

(٢) أمالي الطوسي ٢ / ١١٦.

(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : لأجاهد به.

(٤) تفسير القمي ١ / ٣٠١.

(٥) نفس المصدر والمجلّد / ١٧٥ بتصرف في اللفظ.

(٦) نفس المصدر والمجلد / ٣٠١.

٥٠٠