تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ٥

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ٥

المؤلف:

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي


المحقق: حسين درگاهى
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٨٢

أعرابا. فإنّه من لم يتفقّه في دين الله ، لم ينظر الله إليه يوم القيامة ولم يزك له عملا.

(وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ) : يصرفه في سبيل الله ، ويتصدّق به.

(مَغْرَماً) : غرامة وخسرانا. إذ لا يحتسبه [قربة] (١) عند الله ، ولا يرجو عليه ثوابه. وإنّما ينفق رياء ، أو تقيّة.

(وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ) : دوائر الزّمان ونوبه. لينقلب الأمر عليكم ، فيتخلّص من الإنفاق.

(عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ) : اعتراض بالدّعاء عليهم بنحو ما يتربّصونه. أو الإخبار عن وقوع ما يتربّصون عليهم.

و «الدّائرة» في الأصل مصدر ، أو اسم فاعل. من دار ، يدور. سمّي بها عقبة الزّمان.

و «السّوء» بالفتح مصدر ، أضيف إليه للمبالغة ، كقولك : رجل صدق.

وقرئ (٢) : بضمّ السّين.

(وَاللهُ سَمِيعٌ) : لما يقولون عند الإنفاق.

(عَلِيمٌ) (٩٨) : بما يضمرون.

(وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ عِنْدَ اللهِ) : سبب قربات. وهي ثاني مفعولي «يتّخذ». و «عند الله» صفتها ، أو ظرف «ليتّخذ».

وفي تفسير العيّاشي (٣) : عن داود بن الحصين ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : سألته عن قوله : (وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ عِنْدَ اللهِ) : أيثيبهم عليه؟

قال : نعم.

وفي رواية أخرى عنه (٤) : يثابون عليه؟

قال : نعم.

(وَصَلَواتِ الرَّسُولِ) : وسبب دعواته. لأنّه ـ عليه السّلام ـ كان يدعو للمتصدقين

__________________

(١) من أنوار التنزيل ١ / ٤٢٩.

(٢) أنوار التنزيل ١ / ٤٢٩.

(٣) تفسير العياشي ٢ / ١٠٥ ، ح ١٠٢.

(٤) نفس المصدر والموضع ، ح ١٠٣.

٥٢١

بالخير والبركة ، ويستغفر لهم.

(أَلا إِنَّها قُرْبَةٌ لَهُمْ) : شهادة لهم من الله ، بصحّة معتقدهم وتصديق لرجائهم.

على الاستئناف ، مع حرف التّنبيه و «إنّ» المحققة للنسبة. والضّمير «لنفقتهم».

وقرأ (١) ورش : «قربة» بضمّ الرّاء.

(سَيُدْخِلُهُمُ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ) : وعد لهم بإحاطة الرّحمة عليهم ، والسّين لتحقيقه.

وقوله : (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٩٩) : لتقريره.

وقيل (٢) : الأولى في أسد وغطفان وبني تميم. والثّانية في عبد الله ذي البجادين ، وقومه.

(وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ) قيل (٣) : هم الّذين صلوا إلى القبلتين. أو الّذين شهدوا بدرا. أو الذين اسلموا قبل الهجرة.

(وَالْأَنْصارِ).

وقرئ (٤) : بالرّفع ، عطفا على «والسّابقون».

قيل (٥) : أهل بيعة العقبة الأولى وكانوا سبعة ، وأهل [بيعة] (٦) العقبة الثانية [وكانوا] (٧) سبعين ، والّذين آمنوا حين تقدم عليهم أبو زرارة ، مصعب بن عمير.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٨) : هم النّقباء ، و (٩) أبو ذر والمقداد وسلمان وعمّار ، ومن آمن وصدّق وثبت على ولاية أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ.

وفي نهج البلاغة (١٠) : قال ـ عليه السّلام ـ : لا يقع اسم الهجرة على أحد ، إلّا بمعرفة الحجّة في الأرض. فمن عرفها وأقرّ بها ، فهو مهاجر.

(وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ) : اللّاحقون بالسّابقين من القبيلين. أو من اتّبعوهم بالإيمان والطّاعة إلى يوم القيامة.

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٤٢٩.

(٢) نفس المصدر والمجلّد / ٤٣٠.

(٣) نفس المصدر والموضع.

(١ و ٥) ـ نفس المصدر والموضع.

(٦) من المصدر.

(٧) من المصدر.

(٨) تفسير القمي ١ / ٣٠٣.

(٩) ليس في المصدر : و.

(١٠) نهج البلاغة / ٢٨٠ ، ضمن خطبة ١٨٩.

٥٢٢

وفي أصول الكافي (١) : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن بكر بن صالح ، عن القاسم بن بريد قال : حدّثنا أبو عمرو الزّبيريّ ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : قلت له : إنّ الإيمان (٢) درجات ومنازل ، يتفاضل المؤمنون فيها عند الله؟

قال : نعم.

قلت : صفه لي ، رحمك الله ، حتى أفهمه.

قال : إنّ الله سبق بين المؤمنين ، كما يسبّق بين الخيل يوم الرهان (٣) ، ثمّ فضّلهم على درجاتهم في السّبق إليه. فجعل كلّ امرئ منهم على درجة سبقه لا ينقصه فيها حقّه ، ولا يتقدّم مسبوق سابقا ولا مفضول فاضلا ، تفاضل بذلك أوائل هذه الأمة وأواخرها.

و [لو] (٤) لم يكن للسّابق إلى الإيمان فضل على المسبوق ، إذا للحق آخر (٥) هذه الأمة أوّلها.

نعم ، ولتقدّموهم إذا لم يكن لمن سبق إلى الإيمان الفضل على من أبطأ عنه. ولكن بدرجات الإيمان قدم الله السّابقين ، وبالإبطاء عن الإيمان أخر الله المقصرين. لأنّا نجد من المؤمنين من الآخرين من هو أكثر عملا من الأولين ، وأكثرهم صلاة وصوما وحجّا وزكاة وجهادا وإنفاقا. ولو لم يكن سوابق يفضل بها المؤمنون بعضهم بعضا عند الله ، لكان الآخرون بكثرة (٦) العمل مقدّمين على الأولين. ولكن أبى الله ـ عزّ وجلّ ـ أن يدرك آخر درجات الإيمان أوّلها ، ويقدّم فيها من أخر الله أو يؤخّر فيها من قدّم الله.

قلت : أخبرني عمّا ندب الله ـ عزّ وجلّ ـ المؤمنين عليه من الاستباق إلى الإيمان.

فقال : قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ ـ إلى قوله ـ وَرَضُوا عَنْهُ). فبدأ بالمهاجرين الأوّلين على درجة سبقهم ، ثم ثنّى بالأنصار ، ثم ثلث بالتّابعين لهم بإحسان. فوضع كلّ قوم على قدر درجاتهم ومنازلهم عنده.

والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

وفي كتاب كمال الدّين وتمام النّعمة (٧) ، بإسناده إلى سليم بن قيس الهلالي : عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ أنّه قال في أثناء كلام له في جمع من المهاجرين والأنصار في

__________________

(١) الكافي ٢ / ٤٠ ـ ٤١ ، صدر ح ١.

(٢) المصدر : للايمان.

(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : يوم البرهان.

(٤) من المصدر.

(٥) كذا في المصدر. وفي النسخ : «الحق أواخر» بدل «للحق آخر».

(٦) كذا في المصدر. وفي النسخ : يكثرون.

(٧) كمال الدين / ٢٧٦.

٥٢٣

المسجد أيّام خلافة عثمان : فأنشدكم الله ، أتعلمون حيث نزلت (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ) و (السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) (١) ، سئل عنها رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقال : أنزلها الله ـ تعالى ـ في الأنبياء وأوصيائهم. فأنا أفضل أنبياء الله ورسوله ، وعليّ بن أبي طالب [وصييّ] (٢) أفضل الأوصياء؟

قالوا : اللهم ، نعم.

وفي روضة الكافي (٣) : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمرو بن أبي المقدام قال : سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول : خرجت أنا وأبي ، حتّى إذا كنّا بين القبر والمنبر إذا هو بإناس من الشّيعة. فسلّم عليهم ، ثمّ قال : إني والله ، لأحبّ رياحكم وأرواحكم. فأعينوني على ذلك بورع واجتهاد ، واعلموا أنّ ولايتنا لا تنال إلّا بالورع والاجتهاد. ومن ائتمّ منكم بعبد ، فليعمل بعمله. أنتم شيعة الله ، وأنتم أنصار الله ، وأنتم السّابقون الأوّلون والسّابقون الآخرون والسّابقون في الدّنيا والسّابقون في الآخرة إلى الجنة.

والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

وفي مجمع البيان (٤) : واختلف في أوّل من أسلم من المهاجرين ، فقيل : أوّل من أسلم (٥) خديجة بنت خويلد ، ثمّ عليّ بن أبي طالب. وهو قول ابن عبّاس ، وجابر بن عبد الله ، وأنس ، وزيد بن أرقم ، ومجاهد ، وقتادة ، وابن إسحاق ، وغيرهم.

قال أنس : بعث النبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ يوم الاثنين ، صلّى عليّ وأسلم يوم الثّلاثاء.

وقال مجاهد وابن إسحاق : إنّه اسلم وهو ابن عشر سنين. وكان مع رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ. أخذه من أبي طالب ، وضمه إلى نفسه يربيه في حجره. وكان معه ، حتّى بعث نبيا.

وروي (٦) أنّ أبا طالب قال لعليّ : أي بنيّ ، ما هذا الدّين الذي آمنت (٧) عليه؟

قال : يا أبة ، آمنت بالله وبرسوله وصدّقته فيما جاء به وصليت معه لله.

__________________

(١) الواقعة / ١٠.

(٢) من المصدر.

(٣) الكافي ٨ / ٢١٢ ـ ٢١٣ ، صدر ح ٢٥٩.

(٤) المجمع ٣ / ٦٥.

(٥) المصدر : آمن.

(٦) المجمع ٣ / ٦٥.

(٧) المصدر ، ر : «أنت» بدل «آمنت».

٥٢٤

فقال له : إنّ محمدا لا يدعو إلّا إلى خير ، فالزمه.

وروى (١) عبد الله بن موسى ، عن العلاء بن صالح ، عن المنهال بن عمر ، عن عبّاد بن عبد الله قال : سمعت عليا ـ عليه السّلام ـ يقول : أنا عبد الله وأخو رسوله وأنا الصّديق الأكبر ، لا يقولها بعدي إلّا كذّاب مفتر. صليت قبل النّاس بسبع سنين.

وفي مسند السّيد (٢) ، أبي طالب الهرويّ ، مرفوعا إلى أبي أيّوب : عن النبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ قال : صلّت الملائكة عليّ وعلى عليّ سبع سنين ، وذلك أنّه لم يصلّ فيها أحد غيري وغيره.

وروى الحاكم ، أبو القاسم الحسكانيّ (٣) ، بإسناده مرفوعا إلى عبد الرحمن بن عوف ، في قوله ـ سبحانه ـ : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ).

قال : هم عشرة من قريش ، أوّلهم إسلاما علي بن أبي طالب.

(رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ) : بقبول طاعتهم وارتضاء أعمالهم.

(وَرَضُوا عَنْهُ) : بما نالوا منه من النّعمة الدينيّة والدّنيويّة.

(وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ).

وقرأ (٤) ابن كثير : «من تحتها» ، كما هو في سائر المواضع.

(خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (١٠٠) : البالغ في العظمة حدّ الأعظم منه.

(وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ) ، أي : ممّن حول بلدتكم ، يعني : المدينة.

(مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ).

قيل (٥) : وهم جهينة ، ومزينة ، وأسلم ، وأشجع ، وغفار. كانوا نازلين حولهم.

(وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ) : عطف على «ممّن حولكم». أو خبر لمحذوف ، صفته قوله : (مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ).

ونظيره في حذف الموصوف وإقامة الصّفة مقامه قوله :

أنا ابن جلا وطلاع الثّنايا

متى أضع العمامة تعرفوني

__________________

(١ و ٢) ـ نفس المصدر والموضع.

(٣) المجمع ٣ / ٦٥.

(٤) أنوار التنزيل ١ / ٤٣٠.

(٥) أنوار التنزيل ١ / ٤٣٠.

٥٢٥

وعلى الأوّل صفة «للمنافقين» ، فصل بينها وبينه بالمعطوف على الخبر. أو كلام مبتدأ لبيان تمرّنهم وتمهرهم في النّفاق.

(لا تَعْلَمُهُمْ) : لا تعرفهم بأعيانهم. وهو تقرير لمهارتهم فيه وتنوّقهم في تحامي مواقع التّهم ، إلى حد اخفي عليك حالهم مع كمال فطنتك وصدق فراستك.

(نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ) : نطلع على أسرارهم. إن قدروا أن يلبسوا عليك ، لم يقدروا أن يلبسوا علينا.

(سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ).

قيل (١) : بالفضيحة والقتل. أو بأحدهما وعذاب القبر. أو بأخذ الزّكاة ونهك الأبدان.

وفي الجوامع (٢) : ضرب الملائكة وجوههم وأدبارهم عند قبض أرواحهم ، وعذاب القبر.

(ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ) (١٠١) : إلى عذاب النّار.

(وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ) : ولم يعتذروا من تخلّفهم بالمعاذير الكاذبة.

قيل (٣) : وهم طائفة من المتخلّفين ، أوثقوا أنفسهم على سواري المسجد لمّا بلغهم ما نزل في المتخلّفين.

وقدم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فدخل المسجد على عادته ، فصلّى ركعتين ، فرآهم ، وسأل عنهم. وذكر له ، أنهم أقسموا ، أن لا يحلّوا أنفسهم حتّى تحلّهم. فقال : وأنا أقسم ألّا أحلّهم حتّى اؤمر فيهم. فنزلت ، فأطلقهم.

(خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً) : خلطوا العمل الصالح الذي هو اظهار النّدم والاعتراف بالذّنب ، باخر سيء هو التخلّف وموافقة أهل النّفاق.

و «الواو» إمّا بمعنى : الباء ، كما في قولهم : بعت الشّاء شاة ودرهما. أو للدّلالة على أنّ كلّ واحد منهما مخلوط بالآخر.

(عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) : أن يقبل توبتهم. وهي مدلول عليها بقوله : «اعترفوا بذنوبهم».

(إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (١٠٢) : يتجاوز عن التّائب ، ويتفضّل عليه.

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٤٣٠.

(٢) الجوامع / ١٨٥.

(٣) أنوار التنزيل ١ / ٤٣٠.

٥٢٦

وفي أصول الكافي (١) : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن عليّ بن حسّان ، عن موسى بن بكر ، عن رجل قال : قال أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ : الّذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيّئا ، فأولئك قوم مؤمنون يحدثون في إيمانهم من الذّنوب الّتي يعيبها المؤمنون ويكرهونها. فأولئك عسى الله أن يتوب عليهم.

وفي تفسير العيّاشيّ (٢) : عن محمّد بن خالد بن الحجّاج الكرخيّ ، عن بعض أصحابه ، رفعه إلى خيثمة قال : قال أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ في قول الله : [(خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) والعسى من الله واجب. وإنّما نزلت في شيعتنا المذنبين.

عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر (٣) ، رفعه إلى الشيخ في قوله ـ تعالى ـ :] (٤) «خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا».

قال : قال اجترحوا ذنوبا ، مثل قتل حمزة وجعفر الطّيار ثمّ تابوا.

ثمّ قال : ومن قتل مؤمنا ، لم يوفق للتوبة ، إلّا أنّ الله لم يقطع طمع العباد ورجاءهم منه.

قال : وقال : هو أو غيره : إنّ «عسى» من الله واجب.

عن زرارة (٥) ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قول الله : (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً).

قال : أولئك قوم مذنبون ، يحدثون في إيمانهم من الذّنوب التي يعينها المؤمنون ويكرهونها. فأولئك عسى الله أن يتوب عليهم.

عن زرارة (٦) ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : قلت له : من وافقنا من علويّ أو غيره ، توليناه. ومن خالفنا ، برئنا منه من علويّ أو غيره.

يا زرارة ، قول الله أصدق من قولك. إنّ الّذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا؟

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٧) : قوله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَآخَرُونَ ـ إلى قوله ـ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)

__________________

(١) الكافي ٢ / ٤٠٨ ، ح ٢.

(٢) تفسير العياشي ٢ / ١٠٥ ، ح ١٠٥.

(٣) نفس المصدر والمجلد / ١٠٥ ـ ١٠٦ ، ح ١٠٦.

(٤) من المصدر.

(٥) نفس المصدر والمجلد / ١٠٦ ، ح ١٠٩.

(٦) نفس المصدر والموضع ، ح ١١٠.

(٧) تفسير القمي ١ / ٣٠٣ ـ ٣٠٤.

٥٢٧

نزلت في أبي لبابة بن عبد المنذر. وكان رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ لما حاصر بني قريضة ، قالوا له : ابعث إلينا أبا لبابة نستشره في أمرنا.

فقال له رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : [يا أبا لبابة] (١) ائت حلفاءك ومواليك.

فأتاهم ، فقالوا له : يا أبا لبابة ، ما ترى ، أننزل على ما حكم به محمّد؟

فقال : انزلوا ، واعلموا أن حكمه فيكم هو الذبح ـ وأشار إلى حلقه ـ ثمّ ندم على ذلك.

فقال : خنت الله ورسوله.

ونزل من حصنهم ، ولم يرجع إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ. ومرّ إلى المسجد وشدّ في عنقه حبلا ، ثم شده إلى الأسطوانة التي تسمى : أسطوانة التّوبة. وقال : لا أحلّة حتّى أموت أو يتوب الله عليّ.

فبلغ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ذلك ، فقال : أما لو أتانا ، لاستغفرنا الله له.

فأما إذا قصد إلى ربّه ، فالله أولى به.

وكان أبو لبابة يصوم النّهار ، ويأكل بالليل ما يمسك به نفسه (٢). فكانت بنته تأتيه بعشائه وتحله عند قضاء الحاجة. فلمّا كان بعد ذلك ورسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ في بيت أمّ سلمة ، نزلت توبته.

فقال : يا أمّ سلمة ، قد تاب الله على أبي لبابة.

فقالت : يا رسول الله ، أفأؤذنه بذلك؟

فقال : لتفعلنّ.

فأخرجت رأسها من الحجرة ، فقالت : يا أبا لبابة ، أبشر فقد تاب الله عليك.

فقال : الحمد لله.

فوثب المسلمون ليحلّوه ، فقال : لا والله ، حتّى يحلني رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ.

فجاء رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقال : يا أبا لبابة ، قد تاب الله عليك توبة لو ولدت من أمّك [يومك] (٣) هذا لكفاك.

__________________

(١) من المصدر.

(٢) المصدر : «رمقه» بدل «نفسه».

(٣) من المصدر.

٥٢٨

فقال : يا رسول الله ، أفأتصدّق بمالي كلّه؟

قال : لا.

قال : فبثلثيه؟

قال : لا.

قال : فبنصفه؟

قال : لا.

قال : فبثلثه؟

قال : نعم.

فأنزل الله (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ* خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً ـ إلى قوله ـ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).

(خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً) في تفسير عليّ بن إبراهيم (١) : نزلت حين أطلق أبو لبابة وضمن ماله للتصديق.

(تُطَهِّرُهُمْ) : عن الذّنوب. أو حبّ المال المؤذي بهم إلى مثله.

وقرى (٢) : «تطهرهم». من أطهره ، بمعنى : طهره. و «تطهّرهم» بالجزم ، جوابا للأمر.

(وَتُزَكِّيهِمْ بِها) : وتنمي بها حسناتهم ، وترفعهم إلى منازل المخلصين.

(وَصَلِّ عَلَيْهِمْ) : واعطف عليه بالدّعاء والاستغفار لهم.

(إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ) : تسكن إليها نفوسهم وتطمئنّ بها قلوبهم. وجمعها ، لتعدد المدعوّ لهم.

وقرأ (٣) حمزة والكسائي وحفص ، بالتّوحيد.

(وَاللهُ سَمِيعٌ) : باعترافهم.

(عَلِيمٌ) (١٠٣) : بندامتهم.

وفي مجمع البيان (٤) : عن النبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ أنه كان إذا أتاه قوم

__________________

(١) نفس المصدر والموضع. والعبارة خلاصة من الحديث السابق. والظاهر أنّ المؤلف نقلها من تفسير الصافي ظنا بأنّها غير الحديث السابق.

(٢) أنوار التنزيل ١ / ٤٣١.

(٣) نفس المصدر والموضع.

(٤) المجمع ٣ / ٦٨.

٥٢٩

بصدقتهم ، قال : اللهم ، صلّ عليهم.

وفي تفسير العيّاشيّ (١) : عن الصادق ـ عليه السّلام ـ أنه سئل عن هذه الآية : أجارية هي في الإمام بعد رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ؟

قال : نعم.

وفي عوالي اللّئالي (٢) : وروي أن الثّلاثة الذين تخلفوا في غزوة تبوك لمّا نزل في حقهم (وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا) (الآية) وتاب الله عليهم ، قالوا : خذ من (٣) أموالنا صدقة ، يا رسول الله ، وتصدق بها وطهّرنا من الذّنوب.

فقال ـ صلّى الله عليه وآله ـ : ما أمرت أن آخذ من أموالكم شيئا.

فنزل (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً). [فأخذ] (٤) منهم الزّكاة المقررة [شرعا] (٥).

وفي تفسير العيّاشي (٦) : [عن زرارة] (٧) عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : سألته عن قول الله : (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها) : أهو قوله : (وَآتُوا الزَّكاةَ)؟

قال : قال : الصّدقات في النّبات والحيوان. والزكاة في الذهب والفضّة ، وزكاة الصّوم.

وفي أصول الكافي (٨) : حسين بن محمّد بن عامر ، بإسناده رفعه قال : قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : من زعم أنّ الإمام يحتاج إلى ما في أيدي النّاس ، فهو كافر. إنّما النّاس يحتاجون أن يقبل منهم الإمام ، قال الله ـ عزّ وجلّ ـ : (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها).

محمد بن يحيى (٩) ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن فضّال ، عن ابن بكير قال : سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول : إنّي لآخذ من أحدكم الدّرهم ، وإني لأكثر أهل المدينة مالا. ما أريد بذلك ، إلّا أن تطهروا.

__________________

(١) تفسير العيّاشي ٢ / ١٠٦ ، ح ١١١ بتصرف في صدره.

(٢) عوالي اللئالي ٢ / ٦٩ ، ح ١٧٨.

(٣) ليس في المصدر.

(١ و ٥) ـ من المصدر.

(٦) تفسير العياشي ٢ / ١٠٧ ، ح ١١٢.

(٧) من المصدر. وفي النسخ : «عن عليّ بن حنان الواسطي ، من بعض أصحابنا». وهي نفس صدر الحديث الذي مرّ آنفا ويوجد في المصدر ٢ / ١٠٦ ، ح ١١١.

(٨) الكافي ١ / ٥٣٧ ، ح ١.

(٩) نفس المصدر والمجلّد / ٥٣٨ ، ح ٧.

٥٣٠

وفي الكافي (١) : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وأحمد بن محمّد جميعا ، عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن سنان قال : قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : لمّا نزلت آية الزكاة (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها) ، وأنزلت في شهر رمضان ، فأمر رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ مناديه فنادى في النّاس : إن الله فرض عليكم الزكاة ، كما فرض عليكم الصلاة. ففرض الله ـ عزّ وجلّ ـ عليهم من الذّهب والفضّة ، وفرض عليهم الصّدقة من الإبل والبقر والغنم ومن الحنطة والشّعير والتمر والزّبيب. فنادى بهم (٢) بذلك في شهر رمضان ، وعفا لهم عمّا سوى ذلك.

قال : ثمّ لم يفرض بشيء من أموالهم حتّى حال عليهم الحول من قابل ، فصاموا وأفطروا. فأمر مناديه فنادى في المسلمين : أيها المسلمون ، زكّوا أموالكم تقبل صلاتكم.

ثمّ (٣) قال : ثمّ وجه عمّال الصدقة وعمّال الطّسوق (٤).

(أَلَمْ يَعْلَمُوا) :

الضمير إمّا للمتوب عليهم ، والمراد : إن يمكّن في قلوبهم قبول توبتهم والاعتداد بصدقاتهم. أو لغيرهم ، والمراد : بالتخصيص عليهما.

(أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ) : إذا صحت. وتعديته «بعن» ، لتضمنه معنى التّجاوز.

(وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ) : يقبلها قبول من يأخذ شيئا ، ليؤدي بدله.

وفي كتاب الخصال (٥) : عن حفص (٦) بن غياث النخعي قال : قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : لا خير في الدنيا إلّا لأحد رجلين : رجل يزداد في كلّ يوم إحسانا ، ورجل يتدارك ذنبه بالتوبة. وأنى به بالتّوبة ، والله ، لو سجد حتّى ينقطع عنقه ما قبل الله منه إلا بولايتنا أهل البيت.

عن أمير المؤمنين (٧) ـ عليه السّلام ـ حديث طويل. وفيه : إذا ناولتم السّائل شيئا ، فاسألوه أن يدعو لكم. فانه يجاب له فيكم ولا يجاب في نفسه ، لأنّهم يكذبون. وليرد

__________________

(١) الكافي ٣ / ٤٩٧ ، ح ٢.

(٢) المصدر : فيهم.

(٣) ليس في المصدر.

(٤) الطسق : كفلس : الوظيفة من خراج الأرض المقررة عليها. فارسيّ معرب.

(٥) الخصال / ٤١ ، ح ٢٩.

(٦) أ ، ب : «جعفر» بدل «حفص».

(٧) الخصال / ٦١٩.

٥٣١

الّذي ناوله يده إلى فيه فيقبلها ، فإنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ يأخذها قبل أن تقع في يده ، كما قال ـ عزّ وجلّ ـ : (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ ـ إلى قوله ـ وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ).

وفي كتاب التوحيد (١) ، بإسناده إلى سليمان بن مروان (٢) : عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ حديث طويل. وفيه يقول ـ عليه السّلام ـ : والقبض منه ـ عزّ وجلّ ـ في وجه آخر الأخذ. والأخذ في وجه القبول منه ، كما قال : «ويأخذ الصّدقات» ، أي : يقبلها من أهلها ، ويثيب عليها.

وفي كتاب ثواب الأعمال (٣) : عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : قال عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ : تصدّقت يوما بدينار.

فقال لي رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : أما علمت ، يا عليّ ، أنّ الصّدقة (٤) لا تخرج من يده حتّى تفك عنها من لحيي (٥) سبعين شيطانا كلّهم يأمره بإن لا يفعل. وما تقع في يد السّائل ، حتّى تقع في يد الرّبّ ـ جلّ جلاله ـ. ثمّ تلا هذه الآية : (أَلَمْ يَعْلَمُوا ـ إلى قوله ـ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).

وفي تهذيب الأحكام (٦) : محمّد بن يعقوب ، عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن سعدان بن مسلم ، عن معلى بن خنيس ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : إنّ الله لم يخلق شيئا إلا وله خازن يخزنه ، إلّا الصدقة فإنّ الرّب يليها بنفسه. وكان أبي إذا تصدق بشيء ، وضعه في يد السّائل ، ثمّ ارتدّه منه فقبّله وشمّه ، ثمّ ردّه في يد السائل. والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

وفي تفسير العيّاشيّ (٧) : عن محمّد بن مسلم ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ ، [، قال : ما من شيء الّا وكل به ملك الّا الصدقة فانّها تقع في يد الله.

عن أبي بكر (٨) عن السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه] (٩) عن آبائه قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : خصلتان لا أحبّ أن يشاركني فيهما أحد : وضوئي ، فانّه

__________________

(١) التوحيد / ١٦١ ـ ١٦٢ ، ح ضمن ح ٢.

(٢) المصدر : سليمان بن مهران.

(٣) ثواب الاعمال / ١٦٩ ـ ١٧٠ ، ح ١٢.

(٤) المصدر : صدقة المؤمن.

(٥) اللّحيان : العظمان اللّذان تنبت اللّحية على بشرتهما.

(٦) التهذيب ٤ / ١٠٥ ، ضمن ح ٣٠٠.

(٧) تفسير العياشي ٢ / ١٠٨ ، ح ١١٥.

(٨) نفس المصدر والموضع ، ح ١١٥.

(٩) من المصدر.

٥٣٢

من صلاتي. وصدقتي من يدي إلى يد السّائل ، فإنها تقع في يد الرّب.

عن محمّد بن مسلم (١) ، عن أحدهما ـ عليهما السّلام ـ قال : كان عليّ بن الحسين ـ صلوات الله عليهما ـ إذا أعطى السّائل ، قبل يد السائل.

فقيل له : لم تفعل ذلك؟

قال : لأنّها تقع في يد الله قبل يد العبد.

وقال : ليس من شيء إلّا وكل به ملك ، إلّا الصدقة فإنها تقع في يد الله.

قال الفضل : أظنّه يقبّل الخبز ، أو الدرهم.

عن مالك بن عطيّة (٢) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : قال عليّ بن الحسين ـ صلوات الله عليهما ـ : ضمنت على ربي أن الصدقة لا تقع في يد العبد ، حتّى تقع في يد الرّب. وهو قوله : (هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ).

وفي الكافي (٣) : عن الصادق ـ عليه السّلام ـ : إنّ الله يقول : ما من شيء إلّا وقد وكّل (٤) به من يقبضه غيري ، إلّا الصّدقة فإنّي أتلقّفها بيدي تلقّفا. حتّى أنّ الرّجل ليتصدّق بالتّمرة أو بشقّ التّمرة ، فأربيها له (٥) ، كما يربي الرّجل فلوه (٦) وفصيله (٧). فيأتي يوم القيامة وهو ، مثل احد وأعظم من احد.

(وَأَنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (١٠٤) : فإن من شأنه قبول توبة التّائبين والتّفضل عليهم.

(وَقُلِ اعْمَلُوا) : ما شئتم.

(فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ) : فإنّه لا يخفى عليه ، خيرا كان أو شرا.

(وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ).

وفي تفسير العيّاشيّ (٨) : عن محمّد بن مسلم ، عن أحدهما ـ عليهما السّلام ـ قال : سئل

__________________

(١) نفس المصدر والموضع ، ح ١١٧.

(٢) نفس المصدر والموضع ، ح ١١٨.

(٣) الكافي ٤ / ٤٧ ، ح ٦.

(٤) المصدر : وكلت.

(٥) المصدر : [له].

(٦) كذا في المصدر. وفي ب : فصله. وفي سائر النسخ : فضله.

والفلو ، والفلوّ : الجحش أو المهر يفطم أو يبلغ السنة.

(٧) الفصيل : ولد الناقة إذا فصل عن امّه.

(٨) تفسير العيّاشي ٢ / ١٠٨ ، ح ١١٩.

٥٣٣

عن الأعمال : هل تعرض على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ؟

فقال : ما فيه شكّ.

قيل : أرأيت قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : «وقل اعملوا» ما شئتم (١) ـ إلى قوله ـ «والمؤمنون».

قال : لله شهداء في أرضه (٢).

عن أبي بصير (٣) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : أن أبا الخطّاب كان يقول : إنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ تعرض عليه أعمال أمّته كلّ خميس.

فقال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : هو هكذا. ولكنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ تعرض عليه أعمال أمّته كلّ صباح ومساء (٤) أبرارها وفجارها ، فاحذروا. وهو قول الله ـ تبارك وتعالى ـ : (فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ).

عن زرارة (٥) ، عن بريد العجليّ قال : قلت لأبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قول الله : (اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ).

فقال : ما من مؤمن يموت ولا كافر يوضع في قبره ، حتّى يعرض عمله على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وعليّ ـ عليه السّلام ـ فهلم إلى آخر من فرض الله طاعته على العباد.

وقال أبو عبد الله (٦) ـ عليه السّلام ـ : «والمؤمنون» هم الأئمة ـ عليهم السلام ـ.

عن محمّد بن مسلم (٧) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ (اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ).

قال : إنّ لله شاهد في أرضه ، وأنّ أعمال العباد تعرض على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ.

عن محمّد بن حسّان الكوفيّ (٨) ، عن محمّد بن جعفر ، عن أبي عبد الله ـ عليه

__________________

(١) ليس في المصدر : ما شئتم.

(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : الله شهد في أرضه.

(٣) تفسير العياشي ٢ / ١٠٩.

(٤) ليس في المصدر : مساء.

(٥) نفس المصدر والصفحة ، ح ١٢٤.

وفيه : [عن زرارة] بدل «عن زرارة».

(٦) نفس المصدر والصفحة ، ح ١٢٥.

(٧) نفس المصدر والصفحة ، ح ١٢٦.

(٨) نفس المصدر والمجلّد / ١١٠ ، ح ١٢٧.

٥٣٤

السّلام ـ قال : إذا كان يوم القيامة ، نصب منبر عن يمين العرش له أربع وعشرون مرقاة.

ويجيء عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ وبيده لواء الحمد ، فيرتقيه ويركبه وتعرض (١) الخلائق عليه. فمن عرفه ، دخل الجنّة. ومن أنكره ، دخل النّار. وتفسير ذلك في كتاب (قُلِ اعْمَلُوا ـ إلى قوله ـ وَالْمُؤْمِنُونَ).

[قال : هو ، والله ، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ـ صلوات الله عليه ـ.] (٢).

وفي أمالي شيخ الطائفة (٣) ـ قدس سره ـ بإسناده إلى عمر بن أذينة قال : كنت عند أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ.

فقلت له : جعلت فداك ، قوله ـ عزّ وجلّ ـ : (قُلِ اعْمَلُوا ـ إلى قوله ـ وَالْمُؤْمِنُونَ).

قال : إيّانا عنى.

وفي أصول الكافي (٤) : أحمد ، عن عبد العظيم ، عن الحسين بن صباح (٥) ، عمّن أخبره قال : قرأ رجل عند أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ هذه الآية.

فقال : ليس هكذا هي. إنّما هي «والمأمونون». فنحن المأمونون.

محمّد بن يحيى (٦) ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمّد ، عن عليّ بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : تعرض الأعمال على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ، أعمال العباد كلّ صباح ، أبرارها وفجارها فاحذروه. وهو قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ) وسكت.

عدة من أصحابنا (٧) ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبيّ ، عن عبد الحميد الطّائيّ ، عن يعقوب بن شعيب قال : سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ).

قال : هم الأئمّة.

__________________

(١) كذا في المصدر. وفي النسخ : «يذكره ويعرض» بدل «يركبه وتعرض».

(٢) من المصدر.

(٣) أمالي الطوسي ٢ / ٢٣.

(٤) الكافي ١ / ٤٢٤ ، ح ٦٢.

(٥) المصدر : الحسين بن ميّاح.

(٦) نفس المصدر والمجلّد / ٢١٩ ، ح ١.

(٧) نفس المصدر والموضع ، ح ١.

٥٣٥

عليّ بن إبراهيم (١) ، عن أبيه ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : سمعته يقول : ما لكم تسوءون رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ.

فقال له رجل : فكيف نسوؤه؟

فقال : أمّا تعلمون أنّ أعمالكم تعرض عليه؟ فإذا رأى فيها معصية ، ساءه ذلك.

فلا تسوءوا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وسرّوه.

عليّ (٢) ، عن أبيه ، عن القاسم بن محمّد الزّيات ، عن عبد الله بن أبان الزّيات (٣) ، وكان مكينا عند الرّضا ـ عليه السّلام ـ قال : قلت للرّضا ـ عليه السّلام ـ : ادع الله لي ولأهل بيتي.

فقال : أو لست أفعل؟ والله ، إنّ أعمالكم لتعرض عليّ في كلّ يوم وليلة.

قال : فاستعظمت ذلك.

فقال : أما تقرأ كتاب الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ)؟ قال : هو ، والله ، عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ (٤).

أحمد بن مهران (٥) ، عن محمّد بن عليّ ، عن أبي عبد الله الصّامت ، عن يحيى بن مساور ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ أنّه ذكر هذه الآية (فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ).

قال هو ، والله ، عليّ بن أبي طالب.

عدة من أصحابنا (٦) ، عن أحمد بن محمّد ، عن الوشّاء قال : سمعت الرضا ـ عليه السّلام ـ يقول : انّ الأعمال تعرض على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أبرارها وفجّارها.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٧) : حدثني أبي ، عن حنان بن سدير ، عن أبيه ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : مقامي بين أظهركم

__________________

(١) نفس المصدر والموضع ، ح ٣.

(٢) الكافي ١ / ٢١٩ ـ ٢٢٠ ، ح ٤.

(٣) المصدر : «عن الزيات» بدل «الزيات».

(٤) يعني : عليا وأولاده الائمة ـ عليهم السّلام ـ قاله الفيض في الوافي.

(٥) الكافي ١ / ٢٢٠ ، ح ٥.

(٦) نفس المصدر والموضع ، ح ٦.

(٧) تفسير القمي ١ / ٢٧٧.

٥٣٦

خير لكم ، فإنّ الله يقول : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) (١). ومفارقتي إياكم خير لكم.

فقالوا : يا رسول الله ، مقامك بين أظهرنا خير لنا. فكيف يكون مفارقتك خير لنا؟

فقال : أمّا مفارقتي إيّاكم خير لكم ، فلأنّه يعرض عليّ كلّ خميس واثنين أعمالكم. فما كان من حسنة ، حمدت الله عليها. وما كان من سيّئة ، استغفرت [الله] (٢) لكم.

عن أبي عبد الله (٣) ـ عليه السّلام ـ : إنّ أعمال العباد تعرض على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ كلّ صباح ، أبرارها وفجّارها. فاحذروا ، فليستحي (٤) أحدكم أن يعرض على نبيّه العمل القبيح.

وفي كتاب جعفر بن محمّد الدوريستي (٥) ، بإسناده إلى أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ : عن النبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ أنه قال : تعرض أعمال أهل الدنيا على الله من الجمعة إلى الجمعة ، في يوم الاثنين والخميس ، فيغفر لكلّ عبد مؤمن ، إلّا عبدا كانت بينه وبين أخيه شحناء.

(وَسَتُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) : بالموت.

(فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (١٠٥) : بالمجازاة عليه.

(وَآخَرُونَ) : من المتخلّفين.

(مُرْجَوْنَ) : مؤخّرون ، أي : موقوف أمرهم. من أرجأته : إذا أخرته.

وقرأ (٦) نافع وحمزة والكسائي وحفص : «مرجون» بالواو. وهما لغتان.

(لِأَمْرِ اللهِ) : في شأنهم.

(إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ) : إن أصروا على النّفاق.

(وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ) : إن تابوا.

(وَاللهُ عَلِيمٌ) : بأحوالهم.

(حَكِيمٌ) (١٠٦) : فيما يفعل بهم.

__________________

(١) الانفال / ٣٣.

(٢) من المصدر.

(٣) تفسير القمي ١ / ٣٠٤.

(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : وليستحي.

(٥) نور الثقلين ٢ / ٢٦٤ ، ح ٣٣٢ عنه.

(٦) أنوار التنزيل ١ / ٤٣١.

٥٣٧

وقرئ (١) : «والله غفور رحيم».

وفي كتاب معاني الأخبار (٢) : حدثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ـ رضي الله عنه ـ قال : حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن صفوان بن يحيى ، عن حجر بن زائدة ، عن حمران قال : سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : «إلّا المستضعفين» (٣).

قال : هم أهل الولاية.

قلت : وأيّ ولاية؟

قال : إنّها ليست بولاية في الدين ، لكنّها الولاية في المناكحة والموارثة والمخالطة.

وهم ليسوا بالمؤمنين ، ولا بالكفّار. وهم المرجون لأمر الله.

وفي أصول الكافي (٤) : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيّوب ، عن عمر بن أبان قال : سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن المستضعفين.

فقال : هم أهل الولاية.

فقلت : أي ولاية؟

فقال : أما إنها ليست بالولاية في الدين ، ولكنها الولاية في المناكحة والمخالطة والموارثة. وهم ليسوا بالمؤمنين ، ولا بالكفّار. ومنهم المرجون لأمر الله ـ عزّ وجلّ ـ.

محمّد بن يحيى (٥) ، عن أحمد بن محمد ، عن عليّ بن الحكم ، عن موسى بن بكر ، عن زرارة ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ تعالى ـ : (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ).

قال : قوم كانوا مشركين ، فقتلوا ، مثل حمزة وجعفر وأشباههما من المؤمنين. ثمّ أنهم دخلوا في الإسلام ، فوحّدوا الله وتركوا الشّرك. ولم يعرفوا الإيمان بقلوبهم ، فيكونوا من المؤمنين فتجب لهم الجنّة. ولم يكونوا على جحودهم ، فيكفروا فتجب لهم النّار. فهم على تلك الحال (إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ).

__________________

(١) نفس المصدر والموضع.

(٢) المعاني / ٢٠٢ ، ح ٨.

(٣) النساء / ١٠٠.

(٤) الكافي ٢ / ٤٠٥ ، ح ٥.

(٥) نفس المصدر والمجلّد / ٤٧ ، ح ١.

٥٣٨

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (١) : حدّثني أبي ، عن يحيى بن [أبي] (٢) عمران ، عن يونس ، عن أبي الطّيّار قال : قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : المرجون لأمر الله قوم كانوا مشركين ، قتلوا حمزة. وذكر ، كما قلنا عن زرارة عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ سواء.

وفي أصول الكافي (٣) : عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن عليّ بن حسّان ، عن موسى بن بكر الواسطيّ ، عن رجل قال : قال أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ : المرجون قوم مشركون ، فقتلوا ، مثل حمزة وجعفر وأشباههما من المؤمنين. ثمّ أنّهم بعد [ذلك] (٤) دخلوا في الإسلام ، فوحدوا [الله] (٥) وتركوا الشّرك. ولم يكونوا يؤمنون ، فيكونوا من المؤمنين. ثمّ أنهم لم يؤمنوا ، فتجب لهم الجنّة. ولم يكفروا ، فتجب لهم النّار. فهم في ذلك الحال مرجون لأمر الله.

وفي تفسير العيّاشي (٦) : عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قول الله : [وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا] (٧) (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ).

قال : هم قوم من المشركين أصابوا دماء من المسلمين ، ثمّ أسلموا. فهم المرجون لأمر الله.

عن زرارة (٨) وحمران ومحمد بن مسلم ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ وأبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قالا : المرجون ، هم قوم قاتلوا يوم بدر وأحد ويوم حنين وسلموا من (٩) المشركين ، ثم أسلموا بعد تأخّره (١٠). فإمّا يعذّبهم ، وإمّا يتوب عليهم.

قال حمران (١١) : سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن المستضعفين.

قال : هم ليسوا بالمؤمن ولا بالكافر (١٢) ، وهم المرجون لأمر الله.

وعن ابن الطيّار (١٣) قال : قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : النّاس على ستّ فرق ،

__________________

(١) تفسير القمي ١ / ٣٠٤.

(٢) من المصدر.

(٣) الكافي ٢ / ٤٠٧ ، ح ٢.

(١ و ٥) ـ من المصدر.

(٦) تفسير العياشي ٢ / ١١٠ ، ح ١٢٨.

(٧) ما بين المعقوفتين ليس في المصدر.

(٨) نفس المصدر والموضع ، ح ١٢٩.

(٩) كذا في المصدر. وفي النسخ : «سألوا» بدل «سلموا من».

(١٠) المصدر : تأخّر. (١١) تفسير العياشي ٢ / ١١٠ ، ذيل ح ١٣٠.

(١٢) المصدر : بالمؤمنين ولا بالكفّار. (١٣) نفس المصدر والمجلد / ١١٠ ـ ١١١ ، ح ١٣١.

٥٣٩

يؤولون إلى ثلاث فرق : الإيمان والكفر والضّلال. وهم أهل الوعد. الّذين وعدوا الجنّة والنّار. وهم المؤمنون ، والكافرون ، والمستضعفون ، والمرجون لأمر الله إمّا يعذبهم وإمّا يتوب عليهم ، والمعترفون بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا ، وأهل الأعراف.

عن الحارث (١) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : قال : سألته : بين الإيمان والكفر منزلة؟

فقال : نعم. ومنازل لو يجحد شيئا منها ، أكبه الله في النّار. بينهما آخرون مرجون لأمر الله. [وبينهما المستضعفون] (٢) وبينهما آخرون خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا. وبينهما قوله : (وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ) (٣).

عن زرارة (٤) ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : المرجون لأمر الله قوم كانوا مشركين ، فقتلوا ، مثل حمزة وجعفر وأشباههما (٥). ثمّ دخلوا بعد في الإسلام ، فوحدوا الله وتركوا الشّرك. ولم يعرفوا الإيمان بقلوبهم ، فيكونوا من المؤمنين فتجب لهم الجنة. ولم يكونوا على جحودهم ، فيكفروا فتجب لهم النّار. فهم على تلك الحال ، إمّا يعذبهم وإمّا يتوب عليهم.

قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ يرى فيهم رأيه (٦).

قال : قلت : جعلت فداك ، من أين يرزقون؟

قال : من حيث شاء الله.

وقال أبو إبراهيم ـ عليه السّلام ـ : هؤلاء يوقفهم حتّى يتبيّن (٧) فيهم [رأيه] (٨).

(وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً) : عطف على (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ). أو مبتدأ خبره محذوف ، أي : وفيمن وصفنا «الذين اتخذوا». أو منصوب على الاختصاص.

وقرأ (٩) نافع وابن عامر ، بغير واو.

في الجوامع (١٠) : روي إنّ بني عمرو بن عوف لمّا بنوا مسجد قباء وصلّى فيه

__________________

(١) نفس المصدر والمجلّد / ١١١ ، ح ١١٣.

(٢) من المصدر.

(٣) الأعراف / ٤٦.

(٤) تفسير العياشي ٢ / ١١١ ، ح ١٣٢.

(٥) كذا في المصدر. وفي النسخ : أشباههم.

(٦) كذا في المصدر. وفي النسخ : ترى فيهم راية.

(٧) المصدر : يرى.

(٨) من المصدر.

(٩) أنوار التنزيل ١ / ٤٣١.

(١٠) الجوامع / ١٨٦.

٥٤٠