التقدير على الوجوب مبني على عدم اعتبار الظن بدخول الوقت ، وإلاّ فلا بدّ من حمله على الاستحباب ، لأن المفروض في مورد الرواية الظن بدخول الوقت ، فإن تواري القرص وإقبال الليل وزيادة الليل ارتفاعا واستتار الشمس عن النّظر وارتفاع الحمرة فوق الجبل ـ المفروضة في السؤال ـ أمارات مفيدة للظنّ بالدخول. انتهى.
أقول : لا يتوهّم : أنه إذا كان الظنّ بالدخول حجة ، فيكون قائما مقام القطع ، فلا وجه للاحتياط حينئذ ، ولا فائدة فيه ، فلا يجوز الأمر به استحبابا أيضا.
لأنه مدفوع : بأنّ غاية ما يترتّب على حجّية الظنّ جواز الإفطار إن كان صائما ، وجواز الدخول في الصلاة إن أرادها ، لكنه لا يترتّب عليه سقوط القضاء والإعادة بعد انكشاف الخلاف على المختار من أن الأمر الظاهري لا يفيد الإجزاء ، ففائدة الاحتياط ـ حينئذ ـ رفع كلفة القضاء والإعادة على تقدير انكشاف الخلاف فيما بعد ، فيكون تلك الفائدة حكمة مقتضية لأمر الشارع به استحبابا.
ثمّ إنه لا يختصّ جواز الأمر بالاحتياط استحبابا بموارد الظنون المعتبرة ، بل يجري في موارد القطع أيضا ، فإن القاطع وإن لم يحتمل انكشاف الخلاف ، لكن الشارع يحتمله ، فيأمر بالاحتياط استحبابا لحكمة رفع كلفة الإعادة أو القضاء عن المكلّف على تقدير انكشاف الخلاف ، فإنّ القطع ـ كالظنون المعتبرة ـ لا يفيد الإجزاء.
فإن قيل : إنّ حكمة الاستحباب ثابتة في حق القاطع الّذي قطع من أسباب لا ينبغي القطع بسببها ، فإنه الّذي يمكن في حقّه انكشاف الخلاف فيما بعد بالتفاته إلى مستند قطعه ، وهو تلك الأسباب ، وأما القاطع بأسباب موجبة للقطع عادة فلا ، فلا وجه للأمر بالاستحباب بالنسبة إلى عامة المكلفين ،