فإن ما يدل على وجوب التوقف فيه إنما هي الشبهة التحريمية فيما لا نصّ فيه التي هي موضوع الخبر المذكور فحسب ، فإن وجوب التوقف في صورة تعارض النصين يثبت بأخبار التوقف ، لا به.
قوله ـ قدس سره ـ : ( فإن ما ورد فيه نهي معارض بما دل على الإباحة غير داخل في هذا الخبر ... ) (١).
هذا بناء على أن المراد بقوله عليه السلام : « حتى يرد فيه ... » هو ورود ما دل على النهي ، فمتى حصل تلك الغاية يرتفع الإباحة المستفادة من الرواية ، بل تدل الرواية على نفي إباحته حينئذ ، بناء على اعتبار مفهوم الغاية ، فالصورة المذكورة وإن كانت من صور الشبهة الحكمية التحريمية إلا أنها ورد فيها ما دل على الحرمة والنهي ، فتخرج عن مورد الخبر المذكور ، وتشمله أخبار التوقف ، فيثبت مطلوب الأخباريين بالتقريب الّذي ذكره ـ قدس سره ـ.
قال ـ دام ظله ـ : على تقدير كون الغاية في الرواية هي مجرد ورود ما دل على النهي ، فالرواية بنفسها نافية للإباحة والترخيص الظاهري في الصورة المذكورة بمقتضى مفهوم الغاية الّذي ذهب ـ قدس سره ـ إلى اعتباره أيضا ، فلا حاجة ـ حينئذ ـ إلى الالتجاء إلى أخبار التوقف ، فكان عليه ـ قدس سره ـ أن يقول : إن الصورة المذكورة خارجة عما قبل الغاية في الرواية ، وداخلة فيما بعدها ، فتدل الرواية على نفي الرخصة فيها ووجوب الاحتياط ، فيثبت فيما لا نصّ فيه بالإجماع المركب.
قوله ـ قدس سره ـ : ( فتأمل ) (٢).
لعله إشارة إلى منع الإجماع المذكور لوجود المفصل بين المقامين بالتوقف ثمة والبراءة فيما نحن فيه ، كما سيأتي في مسألة تعارض النصين ، فانتظر.
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٣٤٦.
(٢) فرائد الأصول ١ : ٣٤٦.