صاحب المستند (قدس سره) والّذي ذهب إليه هنا ذلك ليس لأجل بنائه على تخصيص قاعدة تخصيص العام بالخاص ، بل إنما هو لأجل زعمه خروج هذا المورد عن عنوانهما ودخوله في العامين من وجه ، بزعم أن الدليل اللبيّ الّذي خصص العام بمنزلة المخصّص المتّصل الّذي يكون العام معه ظاهرا في تمام الباقي فتنقلب النسبة إلى العموم من وجه ، فله حكم تعارض العامين من وجه ، ولم يبق معه ظهوره في الجميع الّذي تكون النسبة بين مقتضاه وبين مقتضى المخصّص اللّفظي هو العموم مطلقا ، هذا.
لكن الّذي يقتضيه التحقيق اندفاعه بمنع كون المخصص اللبي كالمتصل ، بل إنما هو من قبيل المنفصل ، فله حكمه ، وغاية ما يترتب على المنفصل إنما هو منع العمل بظهور العام بالنسبة إلى مورده لا ظهوره في ما عدا مورده ـ كما هو شأن المتصل ـ بأن ينعقد به له ظهور آخر في ما عدا ذلك الخاصّ ، ولا ارتفاع ظهوره في العموم ـ أيضا ـ فإنّ المخصصات المنفصلة وإن بلغت ما بلغت لا تصلح لإخراج العام عن ظهوره في ما كان ظاهرا فيه بدونها حتى يكون مجملا عرفا بأن يعد في العرف من المجملات ، بل هو معها من الظواهر العرفية في ما كان ظاهرا فيه بدونها ، وهي على تقدير ورودها إنما هي أدلة على التأويل فيه ، لا التصرف ، بمعنى أن العمل على طبق ذلك الظهور ـ في تمام مؤداه الّذي هي المرتبة العليا ، أو في ما دونه من مراتب الخصوص إلى منتهى التخصيص ـ معلق على عدم بيان مخالف له بالنسبة إلى ما يراد العمل به فيه من مؤداه فكلّما جاء البيان المخالف المعبر عنه بالمخصص بالنسبة إلى أيّ مرتبة من تلك المراتب فهو
__________________
بأن التعارض على أي وجه ويعمل بمقتضاه فقد يكون الخبران متعارضان بالتساوي مثلا وبملاحظة تخصيص أحدهما بمخصص آخر من إجماع أو غيره يرجع التعارض إلى العموم والخصوص المطلقين أو من وجه وهذا فائدة جليلة لا ينبغي الغفلة عنها فلا يحكم إلا بعد ملاحظة جميع ما يجب ملاحظته من التقييدات والتخصيصات في كل من الخبرين.