في المقامين على وجوب دفع الضرر المحتمل لا الحكم باتحادهما من جميع الجهات فتأمل.
لا يقال : ادّعاء عدم جريان عادة الله على خلق العلم القهري في نفوس الخلائق بصدق مدّعي النّبوّة وانحصار الطريق في الإعجاز إنّما يتم بالنسبة إلى من تأخّر من الأنبياء ، لا بالنسبة إلى النّبي السابق وأول الأنبياء ؛ ضرورة أنه لا يتصوّر هنا تكرّر حتى يدّعى بالنسبة إلى عادة ، فكيف تصح الدعوى المذكورة بإطلاقها؟
لأنّا نقول : المراد من العادة في المقام ليس ما سبق إلى بعض الأوهام من معناها المعروف الحاصل من التكرّر ، بل المراد منها عدم تعلق إرادة الله تعالى على خلق العلم القهري في النفوس بصدق مدّعي النبوة أو كذبه ، وإلاّ لم يجهل أحد بخلافه ، وهو خلاف المعلوم بالضرورة والوجدان.
لا يقال : إن معاصري النبي السّابق لا طريق لهم في الحكم بالانحصار أصلا ، لاحتمال كون الطريق لهم خلق العلم القهري ؛ إذ لم يثبت لهم نبوة أحد حتى يستدلّ بجهلهم بحال مدّعي النبوة على نفي الطريق المذكور وكونه منحصرا في الإعجاز.
لأنا نقول : ـ بعد استقلال العقل في الحكم بعدم جواز خلوّ الزمان من حجة نبيّ ، أو وليّ شاهد ، أو غائب بمقتضى اللطف الواجب على الحكيم تعالى. ومن هنا جعل أوّل خلقه نبيّا وخليفة في الأرض ( على نبيّنا وآله وعليه الصلاة والسّلام ) ـ :