وعدم الثاني حيث انه موقوف على وجود الأول ـ إذ مع عدم الوجود الفعلي لكلّ واحد منهما يكون الآخر موجودا بالفعل ـ فيلزم توقّف وجود الأول على وجود الأول ، وهو ما ذكرناه من الدور.
وعليه فيلزم التعارض بين الحكمين ويلزم تطبيق احكام التعارض ـ التي هي تقديم الأقوى سندا أو دلالة ـ لعلمنا بكذب أحد التوقفين ، إذ ثبوت كلا التوقفين مستحيل للزوم الدور فيكون أحد التوقفين كاذبا.
إن قلت : ما هو الفرق بين هذا الشكل والشكل الأول.
قلت : انه في الشكل الأول كان كل واحد منهما موقوفا على عدم ثبوت الآخر لو لا المعارض ، فالحج لو لا المعارضة بالنذر إذا كان وجوبه ثابتا فلا وجوب للوفاء بالنذر ، وهكذا النذر لو لا المعارضة بالحج إذا كان وجوب الوفاء به ثابتا لم يكن وجوب للحج. ومثل هذا الورود من الجانبين معقول ويرتفع كلا الحكمين ولا يكون هذا ولا ذاك ثابتا ، لأنّ كل واحد منهما حيث انه ثابت في نفسه لو لا المعارضة بالآخر فيكون الموضوع لارتفاع كل واحد منهما محقّقا فيرتفعان معا.
وهذا بخلافه في هذا الشكل فإنّ الموضوع لارتفاع كل واحد منهما ليس هو ثبوته في نفسه ولو لا المعارض بل هو ثبوته بالفعل ، فإذا كان الأول ثابتا بالفعل ـ أي كان ثابتا حتى بعد المعارضة لا بقطع النظر عنها ـ فالثاني مرتفع ، وإذا كان الثاني ثابتا بالفعل فالأول مرتفع ، وحيث ان كل واحد منهما لا يمكن ان يكون ثابتا بالفعل فتحصل المعارضة للعلم بعدم امكان ثبوت كلا التوقفين.
قوله ص ٣٢٩ س ١ : بالمعنى الذي تقدّم في الحلقة السابقة : أي ص ٤٥٢.