بل يكون وجوب الحج هو الرافع لوجوب الوفاء بالنذر بلا عكس ، فإنّ دليل وجوب الوفاء بالنذر إذا كان ثابتا وغير مرتفع فأمّا ان يكون ثابتا في حالة عدم امتثال النذر ، أو يكون ثابتا في حالة امتثاله ، وكلاهما باطل.
أمّا الأوّل فلأنّه في حالة عدم امتثال النذر يصير وجوب الحج ثابتا بالفعل (١) ، ومع ثبوته بالفعل ينتفي وجوب الوفاء بالنذر لأنّه مقيّد بعدم ثبوت حكم على خلافه ، ووجوب الحج حكم ثابت مخالف لوجوب الوفاء بالنذر.
وأمّا الثاني فلأنّ ثبوت وجوب الوفاء بالنذر في خصوص حالة امتثاله معناه ان الحكم لا يثبت إلاّ على تقدير امتثاله وهو باطل لأنّ الامتثال فرع الحكم فلا يمكن ان يكون ثبوت الحكم فرع الامتثال وإلاّ يلزم الدور.
ومثال الثالث : ما إذا كان دليل وجوب الحج مقيّدا بعدم ثبوت الوجوب الفعلي للوفاء ، وهكذا وجوب الوفاء مقيّد بعدم ثبوت الوجوب الفعلي للحج. والورود هنا ثابت من الجانبين لأنّ كلاّ منهما مقيّد بعدم الوجوب الفعلي للآخر ولكنه مستحيل إذ كل واحد منهما ـ لو لا حظناه أولا ـ صالح لرفع الآخر ، أي صالح لأن يكون مانعا من وجود الآخر ورافعا له ، وإذا كان كلّ منهما مانعا من الآخر فيكون وجود كل واحد منهما موقوفا على عدم الآخر من باب توقّف وجود الشيء على عدم مانعه ، ومن الواضح ان ذلك مستحيل للزوم الدور لأنّ الأول إذا كان موقوفا على عدم الثاني من باب توقّف الشيء على عدم مانعه ،
__________________
ـ ويتحقّق اخرى بالتقييد بعدم وجود الحكم الآخر.
(١) لأنّ وجوب الحج مقيّد حسب الفرض بعدم امتثال النذر ، فعند عدم امتثال النذر يصير وجوب الحج فعليّا.