واذا كان العلم المتعلق بالواقع يعيش الى جانبه الشكّ فالاستصحاب في كل واحد من الثوبين يكون قابلا للجريان لو لا المعارضة ، اذ كل طرف مادام يحتوي على الشكّ فلو لم يؤخذ باليقين السابق صدق نقض اليقين في المورد الذي يكون بقاء المتيقن فيه مشكوكا.
إن قلت : ان كل طرف اذا كان يحتوي على العلم والشكّ معا فاللازم عدم جريان الاستصحاب لأنا حينما نرفع اليد عن اليقين السابق بالطهارة فلا نرفعها بسبب الشكّ بل بسبب اليقين بالنجاسة فإنّ العاقل لا يقدم على نقض يقينه السابق بالشكّ ما دام يوجد الى جانبه ـ الشكّ ـ اليقين بل يرفع اليد عن اليقين السابق باليقين اللاحق.
قلت : إنّ هذا الكلام صحيح لو حملنا الباء في قوله عليهالسلام « بالشكّ » على السببية ، أمّا لو حملناها على الباء بمعنى المورد والمحل فلا يتم ، حيث يصير المعنى لا تنقض اليقين في المورد الذي يوجد فيه شكّ ، وحيث إنّ في كل واحد من الثوبين شكا فيشملهما حديث لا تنقض ويكون الاستصحاب فيهما قابلا للجريان لو لا المعارضة.
وقد تقول : ما هو الدليل على أنّ الباء موردية وليست سببية.
والجواب : انّ الباء لو كانت سببية فلازم ذلك أن يكون المنهي عنه حصة خاصة من النقض ، وهي نقض اليقين بسبب الشكّ ، وأمّا نقض اليقين بسبب آخر كالاستخارة أو القرعة فلا (١) ، وهذا ممّا لا يمكن الإلتزام به فإنّ اليقين السابق
__________________
(١) يمكن أن يقال ان النقض بالاستخارة أو القرعة نقض بسبب الشكّ أيضا لأنّ الاستخارة والقرعة لا يفيدان إلاّ الشكّ