الأوّل : مذهب الأيضائيّة (١) ، وهم أثبتوا أصلين : نورا وظلاما فالنور يفعل الخير قصدا واختيارا ، والظلام يفعل الشرّ طبعا (٢).
الثاني : مذهب المانويّة أصحاب ماني الحكيم الذي ظهر بعد عيسى عليهالسلام ، وأخذ دينا بين المجوسيّة والنصرانيّة ، وكان يقول بنبوّة المسيح دون الكليم ، وزعم أنّ العالم مصنوع مركّب من أصلين قديمين : أحدهما نور ، والآخر ظلمة ، وأنّهما أزليّان ، حسّاسان ، سميعان ، بصيران ، متضادّان في النفس والصورة ، والفعل والتدبير (٣).
الثالث : مذهب المرقوبيّة أثبتوا أصلين متضادّين : أحدهما النور ، والثاني الظلمة ، وأثبتوا أصلا ثالثا وهو المعدّل الجامع وهو سبب المزاج ؛ فإنّ المتنافرين المتضادّين لا يمزجان إلاّ بجامع وهو دون النور وفوق الظلمة ، وحصل من الاجتماع والامتزاج هذا العالم ، كذا حكي عنهم (٤).
ومنها : ما روي هشام [ بن ] الحكم أنّه قال : من سؤال الزنديق عن الصادق عليهالسلام أن قال : لم لا يجوز أن يكون صانع العالم أكثر من واحد؟ قال أبو عبد الله ـ عليهالسلام ـ : « لا يخلو قولك : إنّهما اثنان من أن يكونا قديمين قويّين ، أو يكونا ضعيفين ، أو يكون أحدهما قويّا والآخر ضعيفا ، فإن كانا قويّين فلم لا يدافع كلّ واحد منهما صاحبه ويتفرّد بالتدبير؟ وإن زعمت أنّ أحدهما قويّ والآخر ضعيف ، ثبت أنّه واحد ـ كما نقول ـ للعجز الظاهر في الثاني. وإن قلت : إنّهما اثنان لم يخل من أن يكونا متّفقين من كلّ جهة ، فلمّا رأينا الخلق منتظما ، والفلك حاويا ، واختلاف
__________________
(١) ما نسبه إلى الأيضائيّة هنا نسبه الشهرستانيّ في « الملل والنحل » ١ : ٢٥٠ إلى الديصانيّة ، فالأيضائيّة والديصانيّة إمّا مذهب واحد ، أو أنّ الأيضائيّة تحريف عن الديصانيّة.
(٢) انظر « الملل والنحل » ١ : ٢٢٠ ـ ٢٥٢ ؛ « شرح الأصول الخمسة » : ٢٩١ ـ ٢٩٨ ؛ « مناهج اليقين » ٢٢٢ ـ ٢٢٣ ؛ « شرح المقاصد » ٤ : ٤٠ ـ ٤٤.
(٣) نفس المصادر السابقة.
(٤) نفس المصادر السابقة.