لا يجوزان على الله عزّ وجلّ ، ووجهان يثبتان فيه.
فأمّا اللذان لا يجوزان عليه ، فقول القائل : واحد يقصد به باب الأعداد ، فهذا ما لا يجوز ؛ لأنّ ما لا ثاني له لا يدخل في باب الأعداد ، أما ترى أنّه كفر من قال : إنّه ثالث ثلاثة ، وقول القائل : هو واحد من الناس يريد به النوع من الجنس ، فهذا ما لا يجوز ؛ لأنّه تشبيه عزّ وجلّ ربّنا ، وتعالى عن ذلك.
وأمّا الوجهان اللذان يثبتان فيه ، فقول القائل : هو واحد ليس له في الأشياء شبه ، كذلك ربّنا ، وقول القائل : إنّه عزّ وجلّ أحديّ المعنى ، يعني به أنّه لا ينقسم في وجود : لا عقل ولا وهم ، كذلك ربّنا عزّ وجلّ (١) ».
ومنها : ما روي عن أبي هاشم الجعفريّ ، قال : قلت لأبي جعفر الثاني : ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) (٢) ما معنى الأحد؟ قال : « المجمع عليه بالوحدانيّة أما سمعته يقول : ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللهُ ) (٣) بعد ذلك له شريك وصاحبة (٤)؟ »
بيان :
كلامه الأخير استفهام إنكاريّ ، أي كيف يكون له شريك وصاحبة بعد إجماع العقول على خلافه وكون غرائز الخلق كلّها مجبولة على الإذعان بتوحيده إذا تركوا العناد؟!
ومنها : ما روي في جواب سؤال الزنديق رواية (٥) أبطل فيها مذاهب ثلاثة للثنويّة :
__________________
(١) « التوحيد » : ٨٣ ـ ٨٤ باب معنى الواحد والتوحيد والموحّد ، ح ٣.
(٢) الإخلاص (١١٢) : ١.
(٣) العنكبوت (٢٩) : ٦١.
(٤) « التوحيد » : ٨٢ ـ ٨٣ باب معنى الواحد والتوحيد والموحّد ، ح ١ ـ ٢ ؛ « الكافي » ١ : ١١٨ ، باب معاني الأسماء واشتقاقها ، ح ١٢.
(٥) « التوحيد » : ٢٤٣ ـ ٢٧٠ ، باب الردّ على الثنويّة والزنادقة ، ح ١ ، وأورد الكلينيّ قسما منه في « الكافي » ١ : ٨٣ ـ ٨٥ باب إطلاق بأنّه شيء ، ح ٦.