المشتمل على الحكمة والمصلحة ، كما أنّ الفاعل بالطبع ـ الذي هو مقابله ـ ما كان ذاته مقتضيا لفعل لا يشتمل على المصلحة من حيث هو مقتضاه وإن اشتمل ذلك الفعل عليها من جهة كون سببه مقتضي ذات يلزم أن يكون في فعله مصلحة وهو الواجب ، فإحراق النار ليس فيه مصلحة من جهة كون النار مقتضية له وإن كان فيه مصلحة من جهة كون طبيعة النار من مقتضيات ذات الواجب المقتضية للأفعال المحكمة.
وأمّا وجه حسن التكليف وكونه معلّلا بالغرض العائد إلى العباد ، فهو أنّ التكليف ـ لغة ـ عبارة عن الحمل على الكلفة والمشقّة ، وشرعا عبارة عن دعوة إلهيّة للعباد إلى أمور شاقّة دعوة مشتملة على الوعد بالثواب الأخرويّ الذي هو إيصال النفع على وجه التعظيم ، والوعيد بالعقاب الأخرويّ الذي هو إيصال الضرر على وجه الإهانة ، وهو على قسمين :
أحدهما : عقليّ ، كحكم العقل بوجوب الواجبات العقليّة ، وحرمة المحظورات العقليّة ؛ لأنّ حكمه دعوة إلهيّة حاملها العقل ، كما أنّ الشرع دعوة إلهيّة حاملها النبيّ صلىاللهعليهوآله ، ولهذا يقال : إنّ العقل شرع من الداخل ، والشرع عقل من الخارج.
وثانيهما : التكليف شرعيّ ، كحكم الشرع بالواجبات الشرعيّة والمحرّمات الشرعيّة ، ولا شبهة في كون التكليف العقليّ حسنا بالحسن العقليّ بالمعنى الأخصّ ، وهو الذي لا يحتاج العقل في إدراك جهاته إلى الكشف من الشرع ويقابله الشرعيّ الذي يحتاج العقل في إدراك جهاته إليه ، وعند التجرّد عن القيدين يحصل العقليّ بالمعنى الأعمّ.
وأمّا التكليف الشرعيّ ، فاختلف فيه القائلون بالحسن والقبح العقليّين ـ المتّفقون في كونه حسنا عقليّا بالمعنى الأعمّ على ما حكي عنهم ـ فقال بعضهم : إنّه حسن عقليّ بالمعنى الأخصّ أيضا ، وأنكره آخرون (١).
__________________
(١) « كشف المراد » : ٣١٩ ـ ٣٢١ ؛ « إرشاد الطالبين » : ٢٧٢ ـ ٢٧٣.