الثالث : أنّ أفعاله تعالى معلّلة بالأغراض والفائدة العائدة إلى العباد ؛ وهو أيضا من أصول المذهب ؛ ردّا على الأشاعرة (١).
الرابع : أنّ الله تعالى خلق العباد على وجه الاعتدال ، وأوجدهم قادرين ومختارين بالاختيار المستند إلى اختيار الله ، فهو عادل في إيجادهم كما أنّه عادل في سائر أفعاله ، بمعنى أنّ أمر العباد في أفعالهم الاختياريّة بين الأمرين لا على وجه الجبر والتفويض ؛ وهو أيضا من أصول المذهب ؛ ردّا على الأشاعرة والمعتزلة (٢) ؛ فالعدل الذي هو مقابل الجور من أصول الدين ، والعدل الذي هو مقابل الجبر ونحوه من أصول المذهب.
الخامس : أنّ أفعاله تعالى مترتّبة على اللطف الواجب عليه تعالى على وفق ما هو الأصلح بحال العباد ، الذي لا يكون له مانع ؛ وهو أيضا من أصول المذهب ؛ ردّا على الأشاعرة (٣).
وكيف كان ، فتفصيل الكلام في مبحث العدل أنّ
المقام الأوّل :
في بيان أنّ الله تعالى عادل منفيّ عنه الظلم ، ولا يجوز عليه الظلم ، ولا يرضى به ؛ وذلك لأنّ الفعل ـ الذي يصدر عن الفاعل ، ولا يحتاج إلى حدّ ؛ لأنّه ضروريّ ـ لا يخلو إمّا أن يتّصف بأمر زائد على الحدوث وكونه فعلا صادرا عن فاعل فاهم ـ بأن اعتبر صدوره عن فاعل خاصّ ـ أم لا ، والأوّل هو فعل
__________________
(١) « المحصّل » : ٤٨٣ ـ ٤٨٤ ؛ « الأربعين في أصول الدين » ١ : ٣٥٠ ـ ٣٥٤ ؛ « شرح المقاصد » ٤ : ٣٠١ ـ ٣٠٦.
(٢) راجع ص ٣٦٦ ، المصادر المشار إليها في الهامش ١.
(٣) « المحصّل » : ٤٨١ ـ ٤٨٣ ؛ « شرح المواقف » ٨ : ١٩٦ ؛ « شرح المقاصد » ٤ : ٣٢١ ـ ٣٢٣.