قال : هو الأمر من الله ، والحكم من ذي الحكم ، ثمّ تلا قوله : ( وَقَضى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ) (١). وظاهر أنّ هذا الحديث (٢) لا يوافق شيئا من المعاني المذكورة ، فإيراده للتأييد محلّ نظر.
( والإضلال : إشارة إلى خلاف الحقّ ، وفعل الضلالة ، والإهلاك ؛ والهدى مقابل له. والأوّلان منتفيان عنه تعالى ) يعني يطلق الإضلال على معان ثلاثة :
الأوّل : الإشارة إلى خلاف الحقّ.
الثاني : فعل الضلالة.
الثالث : الإهلاك.
والهدى مقابل له ، فيطلق على مقابلات المعاني الثلاثة المذكورة : الإشارة إلى الحقّ ، وفعل الهداية ، وعدم الإهلاك. والإضلال بالمعنيين الأوّلين منتف عنه ؛ لأنّه قبيح ، والله تعالى منزّه عن القبائح.
وأمّا الهدى فيجوز أن يسند إليه بالمعاني الثلاثة ، فما ورد في الآيات من إسناد الإضلال إليه تعالى فهو بالمعنى الثالث ، أعني الإهلاك والتعذيب ، كقوله تعالى : ( وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ ) (٣) وقوله : ( وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ ) (٤) وقوله تعالى : ( يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً ) (٥) وغير ذلك.
وأمّا الأشاعرة فالإضلال عندهم بمعنى خلق الكفر والضلال بناء على أنّه لا يقبح منه تعالى شيء (٦).
__________________
(١) الإسراء (١٧) : ٢٣.
(٢) « الكافي » ١ : ١٥٥ باب الجبر والقدر والأمر بين الأمرين ، ح ١ ؛ « التوحيد » : ٣٨٠ ـ ٣٨٢ باب القضاء والقدر ، ح ٢٨ ؛ « غوالي اللآلئ » ٤ : ١٠٨ ، ح ١٦٣.
(٣) الرعد (١٣) : ٢٣ ؛ الزمر (٣٩) : ٢٣ ؛ غافر (٤٠) : ٣٣.
(٤) الأعراف (٧) : ١٧٨.
(٥) البقرة (٢) : ٢٦.
(٦) « شرح المقاصد » ٤ : ٣٠٩ ـ ٣١١.