المتعرّض لمباحث الإلهيّات وما يتعلّق بها من أحوال النبوّة والإمامة والمعاد ، وأسأل الله أن يكتبه في صحائف الحسنات ، وأوتى بيميني يوم الحساب ، فأقول : هاؤم اقرءوا كتابيه ، إنّي ظننت أنّي ملاق حسابيه ، لأكون في عيشة راضية ، في جنّة عالية ، قطوفها دانية ، (١) وأدخل في خطاب ( كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ ). (٢) وأردت أن أجمع فيه العقائد الحقّة التي أقول في حقّها : هذه سبيلي أدعو إلى الله تعالى على بصيرة أنا ومن اتّبعني. (٣)
اعلم أوّلا : أنّ المسائل العلميّة على أقسام خمسة :
الأوّل : الإجماعيّة حقيقة أو حكما.
الثاني : الاختلافيّة التي يكون المخالف فيها غير معتنى به.
الثالث : الخلافيّة التي يكون المخالف فيها معتنى به ، ولكنّ الثمرة المترتّبة عليها تكون غير معتدّ بها.
الرابع : الخلافيّة التي يكون المخالف فيها معتنى به والثمرة معتدّا بها ، ولكن لا يكون الدليل على الخلاف معتمدا عليه.
الخامس : الخلافيّة التي يكون المخالف فيها معتنى به والثمرة معتدّا بها ، والدليل على الخلاف معتمدا عليه. وهذا القسم ممّا ينبغي بسط (٤) الكلام فيه وإعمال القواعد فيه.
__________________
(١) من قوله : « هاؤم » إلى هنا اقتباس من الآيات ١٩ ـ ٢٣ من سورة الحاقّة (٦٩).
(٢) الحاقّة (٦٩) : ٢٤.
(٣) اقتباس من الآية ١٠٨ من سورة يوسف (١٢).
(٤) إشارة إلى أنّ الاستدلال على وجوه خمسة :
الأوّل : الوجه الأخصر بالاكتفاء بالدليل العقلي والنقلي اللبّي كالإجماع والسيرة ونحو ذلك.
الثاني : الوجه المختصر بذكر الدليل اللفظي ـ مثلا ـ وبيان دلالته ودفع الإيراد الوارد عليه.
الثالث : الوجه المتوسّط بذكر الدليل اللفظي والفحص عن معارضه وإعمال الترجيح سندا ومتنا ودلالة ومدلولا وخارجا.