وأمّا الكبرى ، فلأنّ صدور الأثر عن المؤثّر إمّا واجب ، أو ممتنع لا يخلو عن أحدهما قطّ ؛ لأنّ المؤثّر إن استجمع شرائط التأثير ، فصار علّة تامّة ، وجب صدور الأثر ؛ لامتناع تخلّف المعلول عن العلّة التامّة ، وإن لم يستجمع كان ممتنعا ، فيكون إمكان الفعل والترك معا محالا ، ومستلزم المحال محال ، فالاتّصاف بالقدرة المستلزم للإمكان المحال محال ، فلا يمكن كونه تعالى قادرا.
وأشار المصنّف إلى جوابه بقوله : ( ويمكن عروض الوجوب والإمكان للأثر بالاعتبارين ) بمعنى أنّ الكبرى ممنوعة ؛ لمنع امتناع إمكان الفعل حتّى يكون الاتّصاف بالقدرة مستلزما للمحال ؛ فإنّ الأثر باعتبار ملاحظة القدرة وحدها وملاحظة ذات القادر من غير ملاحظة الإرادة ممكن ، كما أنّه ممكن بالذات ، فالشرطيّة الثانية ممنوعة ، فإنّ الأثر بشرط عدم الاستجماع للشرائط محال لا حال العدم ، بل هو حينئذ مع ملاحظة القدرة ممكن ، كما أنّه بالذات ممكن ، وباعتبار الإرادة على النحو الأصلح واجب ، وهذا وجوب بالاختيار ، والوجوب بالاختيار لا ينافي الاختيار ، بل يحقّقه ويدلّ على أنّ المؤثّر قادر مختار ؛ لأنّ القادر هو الذي يصحّ منه أن يفعل ويترك بأن يريد الفعل فيفعل على وجه الوجوب ، ويريد الترك ، أولا يريد الفعل فيترك وجوبا ، فالأثر يعرضه الوجوب والإمكان بالاعتبارين ، بل قد يعرضه الامتناع أيضا باعتبار اشتراط عدم الشرائط كما أشرنا إليه ، فلا يكون الاتّصاف بالقدرة مستلزما للمحال حتّى يكون محالا. هكذا قرّر الشارح القوشجي (١) والعلاّمة في شرح الكتاب (٢) مع تفاوت ما.
وأورد عليه الفاضل الخفري (٣) بأنّ الوجوب الناشئ من الإرادة التي هي عين الذات ينافي القدرة التي هي بمعنى صحّة الفعل والترك كما هو مراد المتكلّمين ؛ لأنّ
__________________
(١) « شرح تجريد العقائد » : ٣١٠ ـ ٣١١.
(٢) « كشف المراد » : ٢٨٠ وما بعدها.
(٣) « حاشية الخفري على إلهيات شرح القوشجي » الورقة ٥ ، مخطوط.