لذلك ، على أن الجمع بذلك فرع التكافؤ المفقود هنا من وجوه : منها موافقة رواية الحل للعامة التي جعل الله الرشد في خلافها ، بل لا يخفى على من لاحظها الإيماء فيها لذلك.
قال زرارة في الصحيح (١) : « سألت أبا جعفر عليهالسلام عن الجريث ، فقال : وما الجريث؟ فنعته له ، فقال ( لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ ) (٢) ـ إلى آخرها ثم قال ـ : لم يحرم الله شيئا من الحيوان في القرآن إلا الخنزير بعينه ، ويكره كل شيء ليس له قشر مثل الورق ، وليس بحرام ، وإنما هو مكروه ».
ومحمد بن مسلم في الصحيح (٣) أيضا : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الجري والمارماهي والزمير وما ليس له قشر حرام هو؟
فقال : يا محمد اقرأ هذه الآية التي في الأنعام : قل : لا أجد فيما أوحي قال : فقرأتها حتى فرغت منها ، فقال : إنما الحرام ما حرم الله ورسوله في كتابه ، ولكن قد كانوا يعافون أشياء فنحن نعافها ».
ولهذين الصحيحين مال أو قال بعض متأخري المتأخرين إلى الحل جامعا بينهما وبين غيرهما من النصوص بالكراهة ، لصحيح الحلبي (٤) عن الصادق عليهالسلام « لا يكره شيء من الحيتان إلا الجري » وخبر حكم (٥) عنه عليهالسلام أيضا « لا يكره شيء من الحيتان إلا الجريث ».
لكن عن الشيخ في كتابي الأخبار إباحة ما عدا الجري من السمك وقال : « الوجه في الخبرين المزبورين أنه لا يكره كراهة التحريم إلا
_________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة ـ الحديث ١٩.
(٢) سورة الأنعام : ٦ ـ الآية ١٤٥.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة ـ الحديث ٢٠.
(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة ـ الحديث ١٧.
(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة ـ الحديث ١٨.