على تقدير صدور الحديث ـ إلى ما هو وظيفة السامع بالفعل ولو من أجل التقية.
وأخيراً يمكننا أن نستظهر هذا المعنى من هذه الروايات وما افترض فيها من سماع المكلف بنفسه الحديث المخالف لما كان يعرفه من رأي الإمام عليهالسلام سابقاً الّذي يعني قطعية الحديثين سنداً ودلالة المستدعي حصول القطع عرفاً بأن ما وافق منهما العامة إنما صدر مراعاة لظروف التقية المعاشة وقتئذٍ ، فيكون مساقها مساق روايات أخرى وردت بهذا الشأن من قبيل رواية أبي عبيدة عن أبي جعفر عليهالسلام قال : « قَالَ لي : يا زِيَادُ مَا تَقُولُ لَو أفتَينَا رَجُلاً مِمّن يَتَوَلاّنَا بِشَيءٍ مِنَ التّقِيّةِ؟ قَالَ : قُلتُ لَهُ : أنتَ أعلَمُ جُعِلتُ فِدَاكَ. قَالَ : إن أخَذَ بِهِ فَهُوَ خَيرٌ لَهُ وَأعظَمُ أجراً. قَالَ : وفي رواية أخرى : إن أخَذَ بِهِ أجِرَ وَإن تَرَكَهُ وَاللهِ أثِمَ ».
وما عن الخثعمي : قال « سَمِعتُ أبَا عَبدِ اللهِ عليهالسلام يَقُولُ : مَن عَرَفَ أنّا لا نَقُولُ إلاّ حَقّاً فَليَكتَفِ بِمَا يَعلَمُ مِنّا سَمع مِنّا خِلافَ مَا يَعلَمُ فَليَعلَم أنّ ذَلِكَ دِفَاعاً مِنّا عَنهُ » (١).
فالصحيح عدم صحة الترجيح بالأحدثية.
ومهم ما يستدل به على الترجيح بصفات الراوي ، مقبولة عمر بن حنظلة ومرفوعة زرارة.
أما المقبولة فقد جاء فيها : « قَالَ سَألتُ أبَا عَبدِ اللهِ عليهالسلام : عَن رَجُلَينِ مِن أصحَابِنا يَكُونُ بَينَهُمَا مُنَازعَةٌ. في دَين أو مِيرَاث فَتَحَاكَمَا إلى السّلطَانِ أو إلى القُضَاةِ أيَحلّ ذَلِكَ؟ قَال عليهالسلام :
__________________
(١) وسائل الشيعة باب ـ ٩ ـ من أبواب صفات القاضي.