الالتزامية ، حيث يثبت بها وجود المعنى المطابقي الدال على المعنى الالتزامي ، فيترتب عليه حجيته تعبداً نظير إثبات الحكم الشرعي بالبينة المحرزة لموضوعه تعبداً ، فإذا سقطت الدلالة المطابقية عن الحجية فلا يمكن إثبات حجية الدلالة الالتزامية لعدم إحراز موضوعها ولو تعبداً. ففيه : أن المعنى المطابقي ليس موضوعاً لحجية المعنى الالتزامي بل ملازماً عقلاً مع المعنى الالتزامي فالنسبة بينهما هي النسبة بين الأمرين التكوينيين المتلازمين لا نسبة الموضوع إلى حكمه الشرعي الّذي يكون مصحح جعل الحجية للأمارة الحاكية عن موضوعه.
وإن شئت قلت : إن موضوع الحجية في الأمارات تلك الدرجة من الكشف التصديقي الثابت في موارد قيامها ، وهي كما توجد بالنسبة إلى المدلول المطابقي كذلك توجد بالنسبة إلى المدلول الالتزامي ، ومجرد سقوط الكشف الأول عن الحجية لا يستوجب ارتفاع الكشف الثاني.
التقريب الثالث ـ وهو الوجه المختار ـ إن ملاك الحجية في الدلالتين واحد فلا تبقى نكتة لحجيته الدلالة الالتزامية إذا سقطت الدلالة المطابقية. وتوضيح ذلك : إن نكتة الحجية وملاكها في الاخبار والحكاية إنما هو أصالة عدم الكذب ـ بالمعنى الشامل للاشتباه ـ وفي الإنشاء والقضايا المجعولة أصالة الظهور وإرادة المعنى من اللفظ ، وإذا سقطت الدلالة المطابقية بظهور كذبها في باب الأخبار أو عدم إرادتها في باب الإنشاء فافتراض عدم ثبوت المدلول الالتزامي لها لا يستدعي افتراض كذب زائد في الاخبار أو مخالفة زائدة في الإنشاء لأن هذه الدلالة لم تكن بدال إخباري أو إنشاء مستقل وإنما كانت من جهة الملازمة بين المدلولين فتكون من دلالة المدلول على المدلول وليست دلالة واجدة لملاك مستقل للكاشفية والحجية.
وعلى هذا الأساس صح التفصيل في التبعية بين الدلالة الالتزامية البينة عرفاً ـ أي الدلالة التصورية ـ والدلالة الالتزامية غير البينة ـ الدلالة التصديقية