ولو تمكن من أدائه ثم مات قضي عنه من أصل تركته. ولا يقضى عنه قبل التمكن.
______________________________________________________
بعده ، وقد قطع الأصحاب بأن من نذر الحج مطلقا يجوز له تأخيره إلى أن يتضيق وقته بظن الوفاة ، بل قال الشارح قدسسره : إنه لا خلاف فيه (١).
واضح ، إذ ليس في الأدلة النقلية ما يدل على اعتبار الفورية ، والأمر المطلق إنما يدل على طلب الماهية من غير إشعار بفور ولا تراخ ، كما بيناه مرارا.
وإنما قيد المصنف التأخير بالمانع ليترتب عليه ما بعده من الفروع ، وذكر الشارح ـ قدسسره ـ أن وجه التقييد دفع توهم بطلان النذر مع المانع لكون المنذور غير مقدور عليه حينئذ ، وذلك لأن المعتبر في بطلانه سلب القدرة في جميع الأوقات التي تدخل تحت الإطلاق (٢). وهذا الوهم بعيد جدا ، ودفعه بهذا التقييد أبعد. والمتجه ما ذكرناه.
قوله : ( ولو تمكن من أدائه ثم مات قضي عنه من أصل تركته ، ولا يقضى عنه قبل التمكن ).
أما أنه لا يقضى عنه إذا مات قبل التمكن من أدائه فظاهر ، للأصل السالم من المعارض.
وأما وجوب قضائه من أصل التركة إذا مات بعد التمكن من الحج فمقطوع به في كلام أكثر الأصحاب ، واستدلوا عليه بأنه واجب مالي ثابت في الذمة فيجب قضاؤه من أصل ماله كحج الإسلام ، وهو استدلال ضعيف ، أما أولا فلأن النذر إنما اقتضى وجوب الأداء ، والقضاء يحتاج إلى أمر جديد كما في حج الإسلام ، وبدونه يكون منفيا بالأصل السالم من المعارض.
وأما ثانيا فلمنع كون الحج واجبا ماليا ، لأنه عبارة عن المناسك المخصوصة ، وليس بذل المال داخلا في ماهيته ولا في ضرورياته ، وتوقفه
__________________
(١) المسالك ١ : ٩٣.
(٢) المسالك ١ : ٩٣.