______________________________________________________
سيأتي (١) إن شاء الله أنه لا يجوز لأحد دخول مكة إلاّ محرما بالحج أو العمرة عدا ما استثني من المتكرّر ومن دخلها لقتال ، ومقتضى ذلك أنه لا يجوز لقاصد مكة إذا كان ممن يلزمه الإحرام لدخولها مجاوزة الميقات إلاّ محرما ، لإطلاق النهي عن ذلك لكل حاج ومعتمر. ويندرج في قول المصنف ـ رحمهالله ـ : أو لم يرد النسك ، من لا يكون قاصدا دخول مكة عند مروره على الميقات ثم تجدد له قصد ذلك ، وكذا من لا يجب عليه الإحرام لدخولها كالمتكرر ، ومن دخلها لقتال إذا لم يكن مريدا للنسك ثم تجدد له إرادته ، أما من مرّ على ميقات قاصدا دخول مكة وكان ممن يلزمه الإحرام لدخولها لكنه لم يرد النسك فهو في معنى متعمد ترك الإحرام ( من الميقات مع إرادته ) (٢) بل أولى بالمؤاخذة كما لا يخفى.
وقد أجمع العلماء على أن من مرّ على الميقات وهو لا يريد دخول مكة بل يريد حاجة فيما سواها لا يلزمه الإحرام ، للأصل ، ولأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أتى بدرا مرتين ومرّ على ذي الحليفة وهو محلّ (٣).
ولو تجدد له إرادة الدخول إلى مكة ، أو تجدد لمن لا يلزمه الإحرام لدخول مكة إرادة النسك فقد قطع الأصحاب بمساواته للناسي في وجوب العود إلى الميقات مع المكنة فيحرم منه ، ومع التعذر يحرم من موضعه. أما أنه لا يجب عليه العود مع التعذر فلا ريب فيه ، لأن من هذا شأنه أعذر من الناسي وأنسب بالتخفيف. وأما وجوب العود مع الإمكان فاستدل عليه في المعتبر بأنه يتمكن من الإتيان بالنسك على الوجه المأمور به فيكون واجبا (٤) ، وما رواه الشيخ في الصحيح ، عن الحلبي قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل ترك الإحرام حتى دخل الحرم فقال : « يرجع إلى
__________________
(١) في ص ٣٨٠.
(٢) ما بين القوسين ليس في « ض ».
(٣) نقلها في الشرح الكبير لابن قدامة ٣ : ٢٢١.
(٤) المعتبر ٢ : ٨٠٨.