______________________________________________________
وحكى المصنف في المعتبر عن بعض فضلاء العربية أنهم قالوا : تقديره : ذلك التمتع (١). وهو جيد ، لما نصّ عليه أهل العربية من أن « ذلك » للبعيد.
وأما الأخبار الواردة بذلك فمستفيضة جدا ، بل تكاد أن تبلغ حدّ التواتر ، فمن ذلك ما رواه الشيخ في الصحيح ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهماالسلام ، عن آبائه عليهمالسلام ، قال : « لمّا فرغ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من سعيه بين الصفا والمروة أتاه جبرئيل عليهالسلام عند فراغه من السعي وهو على المروة فقال : إن الله يأمرك أن تأمر الناس أن يحلّوا إلاّ من ساق الهدي ، فأقبل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على الناس بوجهه فقال : يا أيها الناس هذا جبرئيل ـ وأشار بيده إلى خلفه ـ يأمرني عن الله عز وجل أن آمر الناس أن يحلّوا إلاّ من ساق الهدي ، فأمرهم بما أمر الله به ، فقام إليه رجل فقال : يا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم نخرج إلى منى ورؤوسنا تقطر من النساء؟! وقال آخر : يأمرنا بشيء ويصنع هو غيره؟! فقال : يا أيها الناس لو استقبلت من أمري ما استدبرت صنعت كما صنع الناس ، ولكني سقت الهدي ، ولا يحلّ من ساق الهدي حتى يبلغ الهدي محلّه ، فقصّر الناس وأحلّوا وجعلوها عمرة ، فقام إليه سراقة بن مالك بن خثعم (٢) المدلجي فقال : يا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم هذا الذي أمرتنا به لعامنا هذا أم للأبد؟ فقال : بل للأبد إلى يوم القيامة ، وشبك بين أصابعه. وأنزل الله في ذلك قرآنا ( فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) (٣).
وفي الصحيح ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : « دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة ، لأن الله تعالى يقول : ( فَمَنْ
__________________
(١) المعتبر ٢ : ٧٨٥.
(٢) في « م » : جشيم ، وفي التهذيب : جشعم ، وفي الوسائل جعشم.
(٣) التهذيب ٥ : ٢٥ ـ ٧٤ ، الوسائل ٨ : ١٧١ أبواب أقسام الحج ب ٣ ح ١.