______________________________________________________
الطهارة ، لامتناع زوال الحكم مع بقاء مقتضيه ، وإنما يتخلّف هذا الحكم في التيمم للاتفاق على أنه لا يرفع الحدث ، وفي دائم الحدث لمقارنة حدثه للطهارة ، وفيما عدا هذين فالامران متلازمان ، فمتى حصلت الإباحة بنيتها زال المنع والمستلزم زوال المانع ، ومتى ارتفع الحدث زال المانع فيزول المنع.
واعلم أن قوله : ( أو استباحة فعل مشروط بالطهارة ) لا يتمشى على ظاهره ، بل لا بد أن يكون المنوي استباحة مشروط بالوضوء ، وتنكيره يشعر بأن المراد : الاجتزاء بنيّة استباحة أي مشروط اتفق ، فلو نوى استباحة الطواف وهو بالعراق مثلا صح ، كما يحكى عن ولد المصنف (١) ، وصرح به شيخنا الشهيد في البيان (٢) ، لأن المطلوب بالطهارة كذلك كونه بحيث يباح له لو أراده ، ويشكل بأنه نوى أمرا ممتنعا عادة فكيف يحصل له؟
والمراد بوجه الوجوب والندب : السبب الباعث على إيجاب الواجب وندب المندوب ، فهو على ما قرره جمهور العدليين من الإمامية ، والمعتزلة : ان السمعيات ألطاف في العقليات ، ومعناه : إنّ الواجب السمعي مقرب من الواجب العقلي ، ـ أي امتثاله باعث على امتثاله ـ فان من امتثل الواجبات السمعية كان أقرب الى امتثال الواجبات العقلية من غيره ، ولا معنى للطف إلا ما يكون المكلّف معه أقرب الى الطاعة ، وكذا الندب السمعي مقرب من الندب العقلي ، أو مؤكد لامتثال الواجب العقلي ، فهو زيادة في اللطف ، والزيادة في الواجب لا يمتنع أن تكون ندبا.
ولا نعني أن اللطف في العقليات منحصر في السمعيات ، فان النبوة والإمامة ، ووجود العلماء ، والوعد والوعيد ، بل جميع الآلام تصلح للإلطاف فيها ، وإنما هي نوع من الألطاف ، وإنما كانت نيّة الوجه كافية لأنه يستلزم نية الوجوب والندب ، لاشتماله عليهما وزيادة ، فكان أبلغ.
__________________
(١) في مفتاح الكرامة ١ : ٢١٧ ( قلت : هذا الذي نقله عن ولد المصنف وجدته في حاشية الإيضاح عندي وهي نسخة عتيقة معربة محشاة عن ( من ) خطه ، ذكر ذلك ثم كتب في آخر الحاشية محمد بن المطهر ).
(٢) البيان : ٧.