الفصل الثالث : في كيفيته :
وتجب فيه النيّة المشتملة على الاستباحة ـ دون رفع الحدث فيبطل معه ـ والتقرب ، وإيقاعه لوجوبه أو ندبه
______________________________________________________
قوله : ( الفصل الثّالث : في كيفيته وتجب فيه النيّة المشتملة على الاستباحة دون رفع الحدث فيبطل معه ، والتقرب وإيقاعه لوجوبه أو ندبه ).
وجوب النيّة في التيمّم بإجماع علماء الإسلام إلا من شذّ (١) ، ويدلّ عليه مع ذلك ظاهر الآية (٢) والحديث (٣) ، ولا ريب في اعتبار قصد الاستباحة لامتناع حصولها بدون النيّة دون الرّفع ، فلو اقتصر عليه لم يصحّ لامتناع حصوله بالتيمّم ، وإلاّ لما بطل إلاّ به ، والإجماع على أنّ المتيمّم إذا تمكن من استعمال الماء تطهر عن الحدث السّابق. ويحتمل الصّحة لاستلزامه الاستباحة ، فيدخل تحت النيّة ، وهو ضعيف. ولو ضمّه إلى الاستباحة لغا وصحت النيّة ، وظاهر قوله في الكتاب : ( فيبطل معه ) عدم الصّحة هنا أيضا.
وفي الذّكرى : لو نوى رفع المانع من الصّلاة صحّ وكان في معنى الاستباحة (٤) ، وهو عجيب ، فانّ المانع هو الحدث ، أعني النّجاسة الحكمية الّتي إنّما ترتفع بالوضوء أو الغسل ، نعم يرتفع به المنع من الصّلاة لحصول الإباحة به ، وكأنه أراد بالمانع المنع. وأعجب منه قوله في البيان : لا رفع الحدث فيبطل ، إلا أن يقصد به رفع ما مضى (٥) ، فان الفرض أنّه غير دائم الحدث ليكون له حدث ماض وغيره ، ولو فرضناه دائم الحدث لم يكن التيمّم رافعا لدثه الماضي ولا غيره ، وفي قواعده حاول كون التيمّم رافعا للحدث مطلقا (٦) ، وهو غير واضح ، وما بيّن به ضعيف لا يحصل مطلوبه.
__________________
(١) مثل الأوزاعي والحسن بن صالح ، انظر : المغني لابن قدامة ١ : ٢٨٦.
(٢) المائدة : ٦.
(٣) التهذيب ٤ : ١٨٦ حديث ٥١٩ ، أمالي الشيخ الطوسي ٢ : ٢٣١.
(٤) الذكرى : ١٠٧.
(٥) البيان : ٣٦.
(٦) القواعد والفوائد ١ : ٩٢.