______________________________________________________
الندب ، وهو مذهب صاحب المعتبر في الشرائع (١) ، وقيل بهما مع الرفع والاستباحة معا ، وهو مذهب أبي الصلاح (٢) وجماعة (٣) ، وقيل بالقربة والوجه من الوجوب والندب أو وجههما ، وأحد الأمرين من الرفع والاستباحة ، وهو اختيار المصنف وجمع من الأصحاب (٤) ، وهو الأصح.
أما القربة ، فلأن الإخلاص يتحقق بها ، وأما الوجه ، فلأن الامتثال في العبادة إنما يتحقق بإيقاعها على الوجه المطلوب ، ولا يتحقق ذلك الوجه في الفعل المأتي به إلا بالنيّة ، بدليل « إنما لكل امرئ ما نوى » (٥) ، ومنه يستفاد اعتبار أحد الأمرين من الرفع والاستباحة ، ولا يجبان معا لتلازمهما فيما عدا التيمم ، وطهارة دائم الحدث.
إذا تقرر ذلك ، فاعلم أن المراد بالقربة اما موافقة إرادة الله تعالى ، أو القرب منه المتحقق بحصول الرفعة عنده ، ونيل الثواب لديه مجازا عن القرب المكاني ، وإيثار القربة لتحصيل الإخلاص ، لتكرر ذكرها في الكتاب والسنة ، في مثل قوله تعالى ( وَيَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ عِنْدَ اللهِ وَصَلَواتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّها قُرْبَةٌ لَهُمْ ) (٦) وقوله عليهالسلام : « أقرب ما يكون العبد الى ربه إذا سجد » (٧).
والمراد برفع الحدث زوال المانع ، أعني النجاسة الحكمية المتوهم حصولها في البدن ، فانّ الحدث يطلق عليها وعلى مبطلات الطهارة بالاشتراك اللفظي ، والمتعقل رفعه ـ أي زواله ـ هو الأول دون الثاني.
وأما الاستباحة فالمراد بها طلب الإباحة ، أي : زوال المنع من العبادة التي منع من فعلها شرعا ذلك الحدث ، وإنما يزول المنع بزوال المانع إذا أمكن زواله بتلك
__________________
(١) الشرائع ١ : ٢٠.
(٢) الكافي في الفقه : ١٣٢.
(٣) منهم : ابن البراج في المهذب ١ : ٤٣ ، وابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٤٩١ ، والعلامة في التذكرة ١ : ١٤.
(٤) منهم : الشيخ في المبسوط ١ : ١٩ ، وابن حمزة في الوسيلة : ٤٠ ، والمحقق في المعتبر ١ : ١٣٩ ، والشهيد في الذكرى : ٨٠.
(٥) صحيح البخاري ١ : ٢ ، وسنن أبي داود ٢ : ٢٦٢.
(٦) التوبة : ٩٩.
(٧) الكافي ٣ : ٦٤ حديث ١ ، الفقيه ١ : ٢٠٦ حديث ٩٣٠ ، عيون أخبار الرضا ٢ : ٧ حديث ١٥.