كيف والعقل بعد ما عرف ان الله تعالى لا يرضى بترك الشىء الفلانى وعلم بوجوب اطاعة الله لم يحتج ذلك الى توسط مبلغ ، ودعوى استفادة ذلك من الاخبار ممنوعة فان المقصود من امثال الخبر المذكور عدم جواز الاستبداد فى الاحكام الشرعية بالعقول الناقصة الظنية على ما كان متعارفا فى ذلك الزمان من العمل بالاقيسة والاستحسانات من غير مراجعة حجج الله بل فى مقابلهم (ع)
وعلى ما ذكرنا يحمل ما ورد من ان دين الله لا يصاب بالعقول واما نفى الثواب (١) على التصدق مع عدم كون العمل به بدلالة ولى الله ، فلا بد من حمله على التصدقات الغير المقبولة مثل التصدق على المخالفين لاجل تدينهم بذلك الدين الفاسد كما هو الغالب فى تصدق المخالف على المخالف كما فى تصدقنا على فقراء الشيعة لاجل محبتهم لامير المؤمنين عليهالسلام وبغضهم لاعدائه ، او على ان المراد حبط ثواب التصدق من اجل عدم المعرفة لولى الله تعالى او على غير ذلك.
وثانيا سلمنا مدخلية تبليغ الحجة فى وجوب الاطاعة لكنا اذا علمنا اجمالا بان حكم الواقعة الفلانية لعموم الابتلاء بها قد صدر يقينا من الحجة مضافا الى ما ورد من قوله (ص) فى خطبة حجة الوداع : معاشر الناس ما من شىء يقربكم الى الجنة ويباعدكم عن النار الا وقد امرتكم به وما من شىء يقربكم الى النار ويباعدكم عن الجنة الا وقد نهيتكم عنه ، ثم ادركنا ذلك الحكم اما بالعقل المستقل واما بواسطة مقدمة عقلية نجزم من ذلك بان ما استكشفناه بعقولنا صادر عن الحجة صلوات الله عليه ؛ فيكون الاطاعة بواسطة الحجة.
نعم الانصاف (٢) ان الركون الى العقل فيما يتعلق بادراك مناطات الاحكام لينتقل
__________________
١ ـ حيث كان هذا الخبر غير قابل للحمل على ما حمل الاخبار المتقدمة عليه من منع العمل بالقطعيات لكون مورده مما يستقل به العقل وهو حسن التصدق ، افرده بجواب مستقل (م ق).
٢ ـ حاصله التفصيل فى حكم العقل بان يقال بحرمة الركون الى العقل فى تحصيل