ولنختم الكلام فى الجاهل العامل قبل الفحص بامور.
الاول هل العبرة فى باب المؤاخذة والعدم بموافقة الواقع الذى يعتبر مطابقة العمل له ومخالفته وهو الواقع الاولى الثابت فى كل واقعة عند المخطئة ، فاذا فرضنا العصير العنبى الذى تناوله الجاهل حراما فى الواقع وفرض وجود خبر معتبر يعثر عليه بعد الفحص على الحلية فيعاقب ولو عكس الامر لم يعاقب ، او العبرة بالطريق الشرعى المعثور عليه بعد الفحص فيعاقب فى صورة العكس دون الاصل او يكفى مخالفة احدهما فيعاقب فى الصورتين ام يكفى فى عدم المؤاخذة موافقة احدهما فلا عقاب فى الصورتين وجوه.
من ان التكليف الاولى انما هو بالواقع وليس التكليف بالطرق الظاهرية الا لمن عثر عليها ومن ان الواقع اذا كان فى علم الله سبحانه غير ممكن الوصول اليه وكان هنا طريق مجعول مؤداه بدلا عنه فالمكلف به هو مؤدى الطريق دون الواقع على ما هو عليه فكيف يعاقب الله على شرب العصير العنبى من يعلم انه لن يعثر بعد الفحص على دليل حرمته.
ومن ان كلا من الواقع ومؤدى الطريق تكليف واقعى ، اما اذا كان التكليف ثابتا فى الواقع فلانه كان قادرا على موافقة الواقع بالاحتياط وعلى اسقاطه عن نفسه بالرجوع الى الطريق الشرعى المفروض دلالته على نفى التكليف فاذا لم يفعل شيئا منهما فلا مانع من مؤاخذته واما اذا كان التكليف ثابتا بالطريق الشرعى فلانه قد ترك موافقة خطاب مقدور على العلم به فان ادلة وجوب الرجوع الى خبر العادل او فتوى المجتهد يشمل العالم والجاهل القادر على المعرفة.
ومن عدم التكليف بالواقع لعدم القدرة وبالطريق الشرعى لكونه ثابتا فى حق من اطلع عليه من باب حرمة التجرى (١) فالمكلف به فعلا المؤاخذ على
__________________
١ ـ يعنى فى صورة تأديته الى اثبات حكم مخالف للاصل وهو متعلق بقوله