وأمّا التنزيل ، فهو أيضا مصدر مزيد فيه وأصله النزول وقد يستعمل ويراد به ما نزل ومن هذا القبيل إطلاقه على القرآن في آيات كثيرة منها قوله تعالى (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ).
وعلى ما ذكرناه فليس كل ما نزل من الله وحيا يلزم أن يكون من القرآن ، فالّذي يستفاد من الروايات في هذا المقام أنّ مصحف علي عليهالسلام كان مشتملا على زيادات تنزيلا أو تأويلا ولا دلالة في شيء من هذه الروايات على أنّ تلك الزيادات هي من القرآن إلى أن قال الالتزام بزيادة مصحفه بهذا النوع من الزيادة أي الزيادة في القرآن قول بلا دليل مضافا إلى أنّه باطل قطعا ويدلّ على بطلانه جميع ما تقدم من الأدلة القاطعة على عدم التحريف في القرآن. (١)
ولا يخفى عليك أنّ التنزيل وإن كان اصطلاحا فيما نزل من القرآن لا يدل الخبر المذكور على الزيادة لما عرفت من إمكان أن يكون المراد أنّ مصحفه مشتمل على المتن والشرح والمتن منه هو التنزيل والشرح منه هو التفسير والتأويل ، وبالجملة هذا الخبر لا يدلّ على التحريف أصلا.
رابعا : بما أفاده شيخنا الأعظم قدسسره من أنّ وقوع التحريف في القرآن على القول به لا يمنع من التمسك بالظواهر لعدم العلم الإجمالي باختلال الظواهر بذلك مع أنّه لو علم لكان من قبيل الشبهة الغير المحصورة مع أنّه لو كان من قبيل الشبهة المحصورة أمكن القول بعدم قدحه لاحتمال كون الظاهر المصروف عن ظاهره من الظواهر الغير المتعلقة بالأحكام الشرعية العمليّة التى أمرنا بالرجوع فيها إلى ظاهر الكتاب فافهم. (٢) وتبعه المحقق الخراساني في الكفاية (٣)
وقوله فافهم لعله إشارة إلى المناقشات التي تكون حول المسألة وقد أوردها المحقق الأصفهاني قدسسره مع الجواب عنها في نهاية الدراية :
__________________
(١) البيان : ١٧٤ ـ ١٧٢.
(٢) فرائد الاصول : ٤٠.
(٣) كفاية : ٢ / ٦٤ ـ ٦٣.