منها أنّ الخروج عن محل الابتلاء لا يجدي في رفع الإجمال عن بعض أطراف العلم وإن كان مجديا في عدم تنجز التكليف على خلاف الظاهر.
اجاب عنه المحقّق الأصفهاني قدسسره بأنّ الظهور الذاتي محفوظ في الجميع وإنّما المعلوم بالإجمال أنّ بعضها غير حجة لا لارتفاع ظهوره حيث لا يرتفع الظهور بعد انعقاده. اذ الواقع لا ينقلب عما هو عليه ولا يرتفع كشفه عن المراد الجديّ الذي هو ملاك الحجية أيضا بل حجيته لحجّة أقوى وإذا كان بعض الأطراف بنفسه غير حجّة (من جهة خروجه عن محل الابتلاء) فلا جرم لا علم إجمالى بورود الحجّة على خلاف الحجة هذا في القرينة المنفصلة ... وأمّا فى المتصلة فربّما يتوهم الفرق بين المجمل وغيره نظرا إلى سراية إجماله إلى الظاهر فلا ظهور كى يكون حجّة بخلاف غيره ...
وفيه أنّ الظهور الذاتى محفوظ حتى في المجمل والظهور الفعلي مرتفع حتى فى المبيّن والفرق بينهما بانعقاد الظهور الفعلي في غير الموضوع له إذا كان المتصل مبيّنا دون ما إذا كان مجملا والميزان في اتباع الظهور هو الفعلي وهو مشكوك في كليهما فلا بدّ من دعوى بناء العقلاء على المعاملة مع هذا العلم الإجمالي معاملة الشك البدوي نظرا إلى خروج أحد الظاهرين عن محل الابتلاء فالقرينة المحتملة هنا يبنى على عدمها فيتم الظهور الفعلي كما مرّ في غير ما نحن فيه. (١)
حاصله أنّ الظهور في آيات الأحكام التي تكون مورد الابتلاء منعقد ولا دليل على ارتفاعه بعد انعقاده وهكذا لا يرتفع كشفه عن المراد الجدّي بل تقديم المخالف عند ثبوته من باب تقديم أقوى الحجّتين وإذا كان بعض الأطراف خارجا عن الابتلاء فلا علم بوجود المخالف الأقوى حتى يتقدم على الظاهر بالفعل ولا فرق في ذلك بين أن يكون احتمال المخالف احتمال المنفصل أو احتمال المتصل لبناء العقلاء على المعاملة مع هذا العلم الإجمالي معاملة الشك البدوى وعليه فالعلم الاجمالي بوجوده مع كون أحد الظاهرين خارجا عن محل
__________________
(١) نهاية الدراية : ٢ / ٦٥.