ولكن الأحوط مع ذلك الفحص لكن لا بملاحظة العلم الإجمالي المذكور لوضوح أن الفحص لا ينفع في رفع مقتضاه بل بملاحظة أن الأصل النافي للتكليف إما عقلي كالبراءة وإما نقلي كحديث الرفع واستصحاب العدم وعلى كل حال لا مجرى له قبل الفحص سواء في الشبهة الحكمية أو الموضوعية ولو فرض الشبهة بدوية.
أما العقلي فلوضوح أن ملاكه عدم البيان ومع عدم الفحص يشك في تحققه إذ ليس المراد بالبيان المعتبر عدمه البيان الفعلي بل الأعم منه ومما يظفر به بعد الفحص بالمقدار المتعارف ولا فرق فيه بين الشبهة الحكمية أو الموضوعية لوحدة الملاك وأما النقلي فلإمكان دعوى انصراف لفظ الشك وعدم العلم عن مورد يمكن تحصيل العلم بسهولة وبمقدار متعارف من الفحص فالأدلة المعلقة للترخيص على هذين العنوانين غير شاملة للشك الابتدائي قبل الفحص وبعد عدم المؤمن من طرف الشرع والمفروض احتمال وجود البيان على وجه يظفر به بعد الفحص يجب بحكم العقل الاحتياط أو الفحص. (١)
ويؤيد ما ذهب إليه من الاحتياط في الشبهات الوجوبية خبر زيد الصائغ قلت لأبي عبد الله عليهالسلام إني كنت في قرية من قرى خراسان يقال لها بخاري فرأيت فيها دراهم تعمل ثلث فضة وثلث مسا وثلث رصاصا وكانت تجوز عندهم وكنت أعملها وأنفقها فقال أبو عبد الله عليهالسلام لا بأس بذلك إذا كانت تجوز عندهم فقلت أرأيت إن حال عليها الحول وهي عندي وفيها ما يجب عليّ فيه الزكاة أزكيها؟ قال عليهالسلام نعم إنما هو مالك قلت فإن أخرجتها إلى بلدة لا ينفق فيها مثلها فبقيت عندي حتى حال عليها الحول أزكيها؟ قال عليهالسلام إن كنت تعرف إن فيها من الفضة الخالصة مما يجب عليك فيه الزكاة فزك ما كان لك فيها من الفضة الخاصة من فضة ودع ما سوى ذلك من الخبيث قلت وإن كنت لا أعلم ما فيها من الفضة الخالصة إلّا إني أعلم أن فيها ما تجب فيه الزكاة قال عليهالسلام فاسبكها حتى تخلص الفضة ويحترق الخبيث ثم تزكي ما خلص من الفضة لسنة واحدة». (٢)
__________________
(١) صلاة المحقق الحائري : ٤٠٥.
(٢) الوسائل الباب ٧ من أبواب زكاة الذهب والفضة ح ١.