لا يكون للجاهل حكم في الواقع بل بمعنى رفع الثقل من ناحية التكاليف الواقعية مع فرض ثبوتها فقوله عليهالسلام هلا تعلمت يدل على ثبوت الأحكام الواقعية كما أن قوله عليهالسلام «كل شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه» شاهد على وجود الحكم وثبوته حال الجهل بحيث يمكن أن يصير معلوما.
هذا مضافا إلى النقل حيث عرفت الأخبار الكثيرة الدالة على الأمر بالاحتياط.
ثم الظاهر من تلك الأوامر الواردة في الأخبار هو مولوية هذه الخطابات لأن المولوية هي المنسبقة إلى الذهن بعد عدم إرادة الوجوب منها جمعا بين أخبار الاحتياط وأخبار البراءة وحمل جميع الأخبار على الإرشاد مع إمكان المولوية في بعضها لا وجه له سيما في مثل قوله عليهالسلام من ارتكب الشبهات نازعته نفسه إلى ان يقع في المحرمات وقوله عليهالسلام من ترك الشبهات كان لما استبان له من الإثم أترك وقوله عليهالسلام من يرتع حول الحمى أوشك أن يقع فيه.
لظهور كون الأمر بالاحتياط في مثل هذه الأخبار للاستحباب النفسي وحكمته كما أفاد شيخنا الأعظم قدسسره هي أن لا يهون عليه ارتكاب المحرمات المعلومة ولازم ذلك استحقاق الثواب على إطاعة أوامر الاحتياط مضافا إلى الثواب المترتب على نفسه. (١)
ولا مانع من اجتماع الاستحباب الطريقي مع الاستحباب النفسي في الاحتياط كما ذهب إليه الشهيد الصدر قدسسره حيث قال وهكذا يظهر عدم محذور في استفادة استحباب الاحتياط في الشبهات البدوية كحكم مولوي طريقي مثل أوامر الاحتياط نعم لا يبعد ظهور بعضها في أن الاحتياط لنكتة أخرى غير الواقع المشتبه مثل النبوي الدال على أن من ترك الشبهات كان لما استبان له أترك إلى أن قال الشهيد الصدر وهذه نكتة أخرى تجعل الأمر بالاحتياط في مورد الشبهة نفسيا لا طريقيا ولا بأس بالالتزام بثبوته أيضا ان صحّ سنده فيثبت استحبابان للاحتياط أحدهما طريقي والآخر نفسي. (٢)
لا يقال : لا يجتمع الطريقية والنفسية في الشيء الواحد لأنا نقول : نعم ولكن هذا فيما إذا
__________________
(١) فرائد الاصول : ٢١٦ ـ ٢١٧.
(٢) مباحث الحجج ٢ : ١١٨ ـ ١١٩.