يكن ببعيد فلا تدل إلّا على إباحة الأشياء قبل تعلّق النهي بها واقعا فما شك في تعلّق النهي به وعدمه من الشبهات لا يجوز لنا التمسك بالعام فيها إلّا أن يتمسك باستصحاب عدم النهي لإحراز الموضوع وعلى هذا لا يحتاج إلى الرواية في الحكم بالإطلاق لأنه لو صح الاستصحاب لثبت به ذلك فافهم. (١)
وأوضحه شيخنا الاستاذ الأراكي قدسسره حيث قال هذا الاستصحاب نافع للتمسك بالحديث على قول من لا يرى استصحاب العدم الأزلي جاريا مثل شيخنا المرتضى فإنه قائل بأنّ مورد الاستصحاب لا بد أن يكون شيئا قابلا للجعل بالاستصحاب فلو كان مما لا يقبل الجعل فلا يجري فيه الاستصحاب إلّا بواسطة ما يقبله فالعدم الأزلي لا يصير مجرى للاستصحاب إلّا أن يكون موضوعا لأثر شرعي لأن العدم ليس قابلا للجعل وإنّما هو مسبب عن عدم الجعل فعلى هذا يستصحب عدم ورود النهي الثابت في الأزل فيترتب عليه أثره الشرعي الذي رتب عليه بمقتضى هذا الحديث وهو الإباحة والإطلاق.
وأما على ما نختاره كما يأتي في محله إن شاء الله تعالى من جريان الاستصحابات العدمية فلا يكون هذا الاستصحاب نافعا بحال الحديث لكونه مغنيا عن التمسك به وبالجملة فعلى المختار لا يكون التمسك بالحديث بناء على المعنى المذكور صحيحا لأنه مع قطع النظر عن الاستصحاب يكون من باب التمسك بالعام في الشبهة المصداقية ومع ملاحظة جريانه فلا حاجة إلى التمسك بالحديث. (٢)
ولا يخفى عليك أنّ نسبة عدم جريان الاستصحاب في الأعدام الأزلية إلى الشيخ الأعظم ممنوعة بعد ما حكي عن الشيخ في الرسائل والمكاسب من جريان الاستصحاب في الأعدام الأزلية.
نعم استشكل الشيخ قدسسره على الاستدلال على البراءة بالاستصحاب بأنّ استصحاب
__________________
(١) الدرر : ٤٥١.
(٢) أصول الفقه ٢ : ٧٨ ـ ٧٩.