تعالى حرم عليه ذلك أهون من الأخرى معللا بعدم قدرته على الاحتياط معها غير واضح لأنه لا فرق بين الجهالتين في هذه العلة لأن الجهالة إن كانت بمعنى الغفلة فلا إشكال في عدم قدرته على الاحتياط فيهما والتفكيك بين الجهالتين بأن يجعل الجهالة بالحكم بمعنى الغفلة والأخرى بمعنى الشك في غاية البعد.
ويمكن الجواب عن الإشكالات الواردة على الرواية بأجمعها بما في الدرر من حمل الجهالة على الغفلة في كلتي الصورتين وحمل قول السائل «بجهالة أن الله حرم عليه ذلك» على الجهالة في الحكم التكليفي وقوله «أم بجهالته انها في العدة» على جهالته بأن العدة موضوعة للأمر الوضعي أعني الحرمة الأبدية.
وحينئذ وجه قدرته على الاحتياط في الثاني انه بعد الالتفات يتمكن من رفع اليد عن الزوجة بخلاف الأول فإنه عمل بالفعل المحرم شرعا ولا يتمكن عن تداركه بعد الالتفات فافهم (١)
ولكن يرد عليه بأن تخصيص الرواية بمورد الغفلة يوجب كونها أجنبية عن محل البحث وهو صورة الشك والترديد مع أنّ بحث الاصولي في حكم الشك والترديد لا حكم الغفلة هذا مضافا إلى أن ما ذكره في وجه الفرق بين الجهالة بالحكم التكليفي وبين الجهالة بالموضوع في قدرته على الاحتياط في الثانية دون الأولى محل تامل ونظر ولعل قوله : فافهم اشارة إلى ذلك فالأولى هو الجواب عنه بما حكى شيخنا الاستاذ الأراكي رحمهالله عن الاستاد الأعظم الميرزا الشيرازي قدسسره من أن الجهالة ليست في الموضعين مستعملة في معنيين بل استعملت في كليهما في العام الشامل للشك والغفلة وهو عدم العلم ولكن هذا المعنى العام يكون الغالب تحققه في ضمن الغفلة بالنسبة إلى الحكم وفي ضمن الترديد بالنسبة إلى الموضوع فالاختلاف في المحقق لا في المعنى المستعمل فيه الكلمة وأما وجه الاختلاف بينهما فلأن الحكم لغاية وضوحه مثل وجوب صلاة الظهر بين المسلمين يكون عدم علمه بنحو الترديد فيه في غاية الندرة نعم عدم علمه بنحو الغفلة ليس نادرا.
__________________
(١) الدرر : ٤٤٨.