وأما عن الثاني فبأن الأمثلة المذكورة تكون من باب التمثيل لا اختصاص الرواية بها وعليه فكما في تسديد الاصول أصالة الحل المذكورة في الحديث إذا كانت عامة لجميع موارد الشك في الحرمة فجميع الأشياء التي لم يعلم حرمتها مشمولة له محكوم عليها بالحل فأصالة الحل كبرى كلية والأمثلة المذكورة مصاديق لها وجزئيات ولا يجب في ذكر المثال أن يذكر جميع الأنواع المتصورة إذا لم يكن المتكلم بصدد بيان الأنواع المختلفة. (١)
ويمكن أن يقال انّ الأمثلة المذكورة لو كانت من موارد أصالة الحل أمكن أن يقال اكتفى بذكر بعض مواردها ومصاديقها ولكنها أجنبية عن أصالة الحل والبراءة إذ ليس فيها شيء يمكن أن يكون مستند الحلية فيه هو أصالة الحل بل المستند هو قاعدة اليد والاستصحاب ولذا قال السيّد الشهيد الصدر قدسسره : قد حاول البعض دفع الشبهة بأنّ المذكورات إنّما ذكرت من باب التمثيل لا التطبيق.
ثم أورد عليه بأنّ هذا خلاف الظاهر جدا لأن المناسب مع التمثيل ذكر القاعدة المماثلة للقاعدة المذكورة أولا لا ذكر تطبيقات قاعدة أخرى لم تذكر كبراها.
لا يقال : بناء على جريان الاصول الطولية إذا كانت من سنخ واحد تكون البراءة جارية في هذه الموارد.
فإنه يقال هذا المقدار لا يكفي بعد ظهور الحديث في أنّ منشأ التأمين والحلية هو القاعدة وحدها لا القاعدة بضم عدم جريان الاصول الحاكمة عليها. (٢)
اللهمّ إلّا أن يكون مقصود تسديد الاصول أنّ المراد من أصالة الحل في رواية مسعدة هو الحكم بحلية كل شيء ما لم يقطع قطعا وجدانيا بالحرمة وإنّ العلم المذكور فيه لا يعم العلم التعبدي الموجود في مورد الاستصحاب واليد ولكنه مما لا يمكن الالتزام به لمعلومية تقدم أصالة اليد والاستصحاب على أصالة الحلية بأي معنى كانت.
__________________
(١) تسديد الاصول ٢ : ١٤٧.
(٢) مباحث الحجج ٢ : ٦٦.