التّنبيه الثّالث :
أنّه لا إشكال في النّهي عن القياس بناء على ما مرّ من عدم استفادة حجّيّة الظنّ من مقدّمات الانسداد على تقدير تماميّتها إذ لا منافاة بين عدم حجّيّة الظنّ المطلق والنّهي عن القياس.
بل لا إشكال أيضا في النّهي عن القياس مع استفادة حجّيّة الظنّ المطلق من مقدّمات الانسداد بناء على الكشف إذ للشارع أن يجعل الحجّيّة لبعض الظنون دون بعض حسبما تقتضيه المصلحة فمع إحراز نهي الشّارع عن القياس لا مجال لكشف العقل عن حجّيّة الظنّ القياسي وإن كشف حجّيّة الظنّ المطلق شرعا بدليل الانسداد.
وإنّما الإشكال في وجه خروج الظنّ الحاصل من القياس عن عموم حجّيّة الظنّ بدليل الانسداد على تقدير الحكومة وتقرير الإشكال على ما حكي عن الأسترآبادي أنّه كيف يجامع حكم العقل يكون الظنّ كالعلم مناطا للإطاعة والمعصية ويقبح على الآمر والمأمور التعدّي عنه ومع ذلك يحصل الظنّ أو خصوص الاطمئنان من القياس والشّارع لا يجوز العمل به والجواب عنه واضح وهو أنّ حكم العقل بذلك معلّقا على عدم نصب الشّارع طريقا واصلا وعدم حكمه به فيما كان هناك منصوب ولو كان أصلا بداهته أنّ من مقدّمات حكمه عدم وجود علم ولا علمي فلا موضوع لحكم العقل مع أحدهما فلا يكون نهي الشّارع عنه رفع لحكم العقل عن موضوعه بل به يرتفع موضوع الحكم العقلي كما لا يخفى.
التّنبيه الرّابع :
أنّ ظهور الألفاظ حجّة عند العقلاء ولا يرفع اليد عنه إذا حصل الظنّ غير المعتبر على خلافه وعليه فلو كان اللّفظ بنفسه ظاهرا في معنى وخالفه المشهور لا يسقط ظهوره عن الحجّيّة فيما إذا كان وجه المخالفة هو اجتهاداتهم لعدم حجّيّة اجتهاداتهم لغيرهم من المجتهدين.
هذا بخلاف ما إذا كان وجه المخالفة هو قيام دليل عندهم يدلّ على التّخصيص أو التّقييد