واحد من تلك الأخبار نراه محتملا للصدق والكذب ، فلا يكون هناك خبر مقطوع الصدور. (١)
ولا يخفى ما فيه فان مع تسليم عدم ثبوت التواتر المعنوي فلا وجه لانكار التواتر الاجمالي ؛ وذلك لان احتمال الصدق والكذب بالنسبة الى كل فرد لا ينافي القطع بصدور الاخص مضمونا باعتبار المجموع ألا ترى أنه اذا اخبر النفرات الكثيرة بدخالة شيء في صحة معاملة أو عبادة أو بحدوث امر مع الاختلاف في النقل لم نعلم بخصوص كل واحد مع قطع النظر عن إخبار الآخرين ، ولكن مع ملاحظة اخبار الآخرين نعلم بدخالة الاخص مضمونا فانه هو الذي اخبر عنه بخصوصه أو في ضمن المطلق ، ففي المقام اذا اعتبر في بعض الأخبار العدالة وفي بعضها الآخر الثقة وفي ثالث الامامي وفي رابع المأمون وهكذا قطعنا باعتبار خبر العدل الامامي المأمون بملاحظة مجموع الأخبار وأن لم نقطع باعتبار كل واحد واحد ، كما لا يخفى.
قال في مصباح الاصول : وبالجملة التواتر الاجمالي مما لا مجال لانكاره ؛ فان كثرة الأخبار المختلفة ربما تصل الى حد يقطع بصدور بعضها وأن لم يتميز بعينه ، والوجدان أقوى شاهد وأوضح دليل عليه ، فانا نعلم وجدانا بصدور جملة من الأخبار الموجودة في كتاب الوسائل ولا نحتمل كذب الجميع. واوضح منه أن نعلم بصدق بعض الاخبار المتحققة في هذه البلدة في يوم وليلة فضلا عن الحكايات المسموعة في ايام وليال عديدة.
فتحصّل : أن التواتر الاجمالي غير قابل للانكار ، ومقتضاه هو الالتزام بحجية الاخص منها المشتمل على جميع الخصوصيات المذكورة في هذه الأخبار ، فيحكم بحجية الخبر الواجد لجميع الخصوصيات باعتبار كونه القدر المتيقن من هذه الاخبار الدالة على الحجية. (٢)
هذا والذى ينبغى أن يقال انه لا معارض لاطلاق ما دل على اعتبار كون الراوى ثقة
__________________
(١) مصباح الاصول : ج ٢ ص ١٩٣.
(٢) مصباح الاصول : ج ٢ ص ١٩٣.