ولعلّ ذلك يحرز في موارد كان رأي علماء الإماميّة على خلاف العامّة ولا يرد على هذا التقريب شيء من الإشكالات الواردة على التقريب الآتي.
ومنها أنّ الإجماع المحصّل سواء كان من القدماء أو المتأخّرين يكشف عن وجود النص إذا كان مورد الإجماع مخالفا للقواعد والاصول ولم يستندوا إلى دليل إذ معه يحصل الحدس القطعي أو الاطمئناني بتلقّيهم ذلك ممّن يكون قوله حجّة عند الجميع ويكشف الإجماع عن وجود السّنة بينهم كانت نقيّة الدلالة وتامّة السّند حتّى من جهة الصّدور بحيث لو وصلت إلى المتأخرين عن المجمعين لنالوا منه ما نالوا منه ولا يلزم في هذا الإجماع الاتفاق بل يكفيه إجماع جلّ الأصحاب ويرد عليه أوّلا : أنّه لا علم بالملازمة بين إجماع العلماء على أمر وبين تلقّيهم ذلك من المعصوم بعد احتمال وجود الأدلّة العقليّة أو كون المسألة من المسائل التفريعيّة الّتي استنبطوها من الاصول والمتلقاة من الأئمّة عليهمالسلام.
نعم لو كانت المسألة من المسائل النقلية الأصلية أمكن الحدس بأنّهم تلقوه من المعصوم عليهالسلام ولعلّ مورد الكلام هو هذا.
وثانيا : أنّ هذه الطريقة موهونة إذ من البعيد جدّا أن يقف الكليني أو الصدوق أو الشيخ ومن بعده على رواية متقنة دالّة على المقصود ومع ذلك تركوا نقلها في كتبهم وهي صارت مكشوفة بالإجماع والاتفاق.
اللهمّ إلّا أن يقال : ربّما لم يكن مورد فتاوى القدماء هي الرّواية المسندة بل هي المرسلات المعمول بها وليس دأب أرباب الكتب نقلها في الجوامع الرّوائية فتأمّل.
وثالثا : أنّ دعوى الملازمة العادية بين الإجماع وقول المعصوم بدعوى أنّ العادة تحكم بأنّ اتفاق المرءوسين على أمر لا ينفكّ عن رأي الرئيس لا تتمّ إلّا إذا كان المرءوسون ملازمين لمحضر رئيسهم وهو غير ميسور في زمان الغيبة نعم الملازمة الاتفاقيّة بمعنى كون الاتفاق يكشف أحيانا عن قول المعصوم عليهالسلام من باب الاتفاق ممّا لا سبيل إلى إنكارها ولكنّه لا يجدي في حجّيّة الإجماع بنحو الإطلاق.